المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

 طوّرت النخب اليمينية من طرقها في السيطرة على المجتمع الإسرائيلي ومنظومته الخطابية والقيمية من خلال تأسيس ودعم الجمعيات والمنظّمات التي تُقدّم نفسها متخصّصة في الشؤون البحثية، الإعلام، التربية والثقافة، القانون والقضاء وحقوق الإنسان والرياضة والاستيطان وغيرها، لكن في الحقيقة أوكلت إليها مهمّة إعادة إنتاج المجتمع الإسرائيلي من جديد؛ مجتمع يميني يهودي صهيوني عنصري يرى في إسرائيل "الوطن القومي للشعب اليهودي حصراً" في مقابل الآخر الفلسطيني. في هذه المساهمة نُسلّط الضوء على المنظّمة "الحقوقية" الإسرائيلية "شورات هدين"، ونحاول التعريف بها والوقوف على أبرز أنشطتها ومجالات عملها، بالإضافة إلى أهم ما حقّقته خلال السنوات الماضية.

منظّمة حربية قانونية

 تُعرف منظمة "شورات هدين- بالعبرية"، "خط العدالة- بالعربية"، نفسها على أنها منظمة حربية قانونية هدفها الحفاظ على أمن دولة إسرائيل، وترى في نفسها أنها تمثّل طليعة "النضال القانوني" ضد "الإرهاب" و "المنظّمات الإرهابية" والجهات التي تموّلها، وضدّ الجهات والمنظّمات التي تدعو لمقاطعة إسرائيل على كافة المستويات وتحديداً المقاطعة الأكاديمية والاقتصادية، و/أو نزع الشرعية عن دولة إسرائيل أو "الشعب اليهودي" بما في ذلك حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها- BDS. وتعمل المنظمة بالتنسيق مع كافة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في إسرائيل، بالإضافة إلى المحاكم والأجسام القضائية والتنفيذية والتشريعية والمحامين المتطوعين كافة للحصول على المعلومات اللازمة في عملها الذي لا يقتصر على القضاء الإسرائيلي؛ وإنما يمتدّ ليشمل كل المحاكم حول العالم. 

حدّدت المنظمة التي تأسست في العام 2002 على يدي المحامية الإسرائيلية نيتسانا درشان- لايتنر والتي تترأس المنظّمة منذ تشكّلها ومقرّها رمات غان، هدفها في "وقف أنشطة التنظيمات الإرهابية وإنصاف ذوي الضحايا اليهود" من خلال اتبّاع سياسة "تجفيف منابع الإرهاب" و"فرض العقوبات والتعويضات المالية للضحايا"، مستلهمين تجربة المؤسسة الأميركية اليمينية المحافظة "المركز القانوني للجنوب الفقير" الذي أخذ على عاتقه مهمة تصفية منظمة "كو كلوكس كلان" اقتصادياً.  وترتكز آلية عمل المنظمة على الاستراتيجية التي طورها رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي مائير دغان، والتي بموجبها يجب أن يتم "قطع الأكسجين عن الإرهاب ومنظّماته من خلال وقف التمويل المقدّم لها وتجفيفه".[1]


تُقوم المنظمة بتمثيل من ترى فيهم "ضحايا" للإرهاب الموجّه ضدّ اليهود الإسرائيليين و"الشعب اليهودي" ورفع دعاوى قانونية بأسمائهم في المحاكم المختلفة في إسرائيل وفي كل المحاكم المحلية والدولية بما في ذلك في لاهاي. وتستهدف بشكل رئيس الدول والكيانات "المُعادية" لإسرائيل مثل منظّمة التحرير الفلسطينية؛ السلطة الفلسطينية؛ حركتي حماس والجهاد الإسلامي؛ سورية؛ إيران؛ حزب الله؛ كوريا الشمالية، بالإضافة إلى أية شخصيات أو بنوك أو جمعيات ومنظّمات تُصنّفها بناءً على تصنيف أجهزة الأمن الإسرائيلية على أنها "إرهابية ومعادية لإسرائيل". تقول ألونا زوهر، وهي محامية إسرائيلية تبلغ من العمر 30 عاماً، تُدير "شورات هدين" في السنوات الأخيرة برفقة نيتسانا لايتنر: "مثل الشاباك، الموساد والجيش، فإن منظّمتنا تحارب الإرهاب، نفعل ذلك في المجال القانوني... لا يوجد إنسان في العالم يفعل ما نفعله، بما في ذلك دولة إسرائيل نفسها".[2]
 
أهم المجالات التي تنشط فيها "شورات هدين":
 
1. الشبكات الاجتماعية ومنصّات التواصل الاجتماعي 

ترى "شورات هدين" أن منصّات التواصل الاجتماعي أصبحت مساحة كبيرة "للتحريض على الإرهاب" وعلى إسرائيل واليهود على وجه الخصوص، وترى أن الكيانات والتنظيمات والدول المعادية لإسرائيل تستخدم الفضاء الرقمي للتحريض على إسرائيل والقيام بحملات "عدائية" دعائية ضدّها. من هذا المنطلق؛ حدّدت المنظّمة هذه المنصّات كجزء من عملها "القانوني"، وتحديداً في منصّات Facebook، TwitterوGoogle وغيرها، وترفض بشدّة تبريرات هذه المنصّات بأنها تحارب "الإرهاب" بكل أشكاله، وترى أن هذه المنصّات تختار غضّ الطرف عن مسؤوليتها في وقف "التحريض" ضد إسرائيل وإتاحة منصّات لمنظمات وكيانات معادية للحشد والتعبئة والتحريض ضد إسرائيل، ومن هنا، أطلقت "شورات هدين" استراتيجية قانونية حازمة تتحدّى هذه السياسة. 
قدّمت "شورات هدين" في العام 2016 دعوى قانونية ضدّ شركة Facebook باسم 5 عائلات يهودية كانت "ضحية لإرهاب" الفلسطينيين على حدّ تعبيرها، وطالبت الشركة بدفع مبلغ مقداره مليار دولار كونها خالفت القانون الأميركي لمحاربة الإرهاب، من خلال منح الفلسطينيين (تحديداً حماس والجهاد الإسلامي والسلطة وشخصيات محرّضة) فضاءات للحديث وتجنيد الأشخاص ونشر "التحريض" عبر الصفحات الرسمية، وكانت هذه الدعوى استمراراً لدعوى قدّمتها "شورات هدين" في تشرين الأول 2015 طالبت فيها شركة Facebook بمراقبة الخدمات التي تقدّمها والأنشطة التي تساعد "الإرهابيين" و "منظّمات الإرهاب" عبر هذه المنصّة، وقد رفضت في النهاية محكمة العدل العليا الأميركية تحميل الشركة المسؤولية عن هذا الأمر استناداً إلى الحصانة القانونية التي تتمتّع بها الشركة عن محتوى الأطراف التي تستخدم المنصّة، لكن ذلك لا يعني ألّا تقوم الشركة بالقيام بمزيد من الجهود لوقف "التحريض" عبر منصّاتها، كما قامت "شورات هدين" بنفس الأمر مع شركات أخرى مثل TwitterوGoogle وغيرهما.[3]
ظاهرياً، قد لا يحمل ذلك أي قيمة فعلية؛ لكننا نرى انعكاساته الخطيرة بشكل فعلي على المحتوى الفلسطيني الذي تتم محاربته بشدّة، والتضييق عليه، وبشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، لا سيّما خلال الأحداث التي تندلع في الأرض الفلسطينية المحتلة، وليس آخرها مثال ما حدث إبّان هبّة الكرامة- هبّة أيار 2021؛ إذ تعرّض المحتوى الفلسطيني للتضييق والمحاربة والشطب خلالها، وما زلنا نشهد آثاره حتى يومنا هذا.


2. ملف محكمة الجنايات الدولية 


لم توقّع إسرائيل حتى يومنا هذا على ميثاق روما، ولا تتعاون مع المحاكم الدولية بما في ذلك محكمة الجنايات الدولية، كي لا تُضفى "شرعية" على الإجراءات القانونية ضدّها ولتقويض الأهلية القانونية للمحكمة. لكنّها من ناحية أخرى، لم تترك هذه الساحة خالية للفلسطينيين الذين يحاولون الدفع باتجاه فتح تحقيقات دولية في جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل الدولة ومستوطنوها في الأراضي الفلسطينية، والتي كان آخرها توجّه المحكمة لفتح تحقيق في ما يحدث في الأراضي الفلسطينية الأمر الذي قوبِلَ بهجوم على المحكمة والتشكيك بصلاحياتها وأهليتها ورفض التعاون إسرائيلياً، في الوقت نفسه، أخذت "شورات هدين" على عاتقها مهمة القيام بمحاربة أية إجراءات قانونية ضدّ إسرائيل بالتعاون والتنسيق الكامل مع المستويات الرسمية الدولانية. 
تدّعي "شورات هدين" أن السلطة الفلسطينية باتت تحظى بشرعية ودعم دوليين تحديداً بعد أن حصلت على مكانة دولة مراقب غير عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 2012، وهذا الأمر مكّنها من التوجّه إلى المحاكم الدولية وتقديم دعاوى قانونية ضدّ إسرائيل وشخصيات إسرائيلية، وعدم تعاون إسرائيل بشكل رسمي قد يُعرّض الجنود والمسؤولين فيها للتحقيق والملاحقة فقط لكونهم "يخدمون الدولة ويحاربون الإرهاب" على حدّ تعبيرها، كما سيمسّ بصورة إسرائيل وسيسهم في نزع الشرعية عنها دولياً والتأثير على اقتصادها وعلاقاتها الأمنية والدولية ككل، من ناحية أخرى، فإن الاعتراف القانوني بالسلطة ككيان دولاني في الأراضي المحتلة عام 1967، وتثبيت ذلك من خلال فتح أي تحقيق سيؤدّي إلى تغيير دراماتيكي حول أراضي وحدود إسرائيل، وترى "شورات هدين" في كل هذه السيناريوهات أمراً غير مقبول وخطير وسيحمل عواقب وخيمة على إسرائيل. لذلك؛ أطلقت المنظمة في العام 2015 حملة استندت إلى استراتيجية بسيطة- تحل "شورات هدين" محل دولة إسرائيل في هذه الساحة- وهذه الحملة تجسّدت في تقديم حجج مضادّة للاتهامات الموجّهة ضد إسرائيل ومسؤوليها وجنودها، وبدأت بتقديم أدلة للمحكمة تُشير لـ "تورّط السلطة الفلسطينية وحركة حماس في جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية" في محاولة لردّ كرة النار إلى ملعب الفلسطينيين، بالإضافة إلى الاستمرار باتهام المحكمة وطاقمها بوجود أجندة سياسية منحازة في إجراءاتها والتركيز على إسرائيل دون غيرها، وفي سبيل ذلك، رفعت "شورات هدين" دعوى قضائية ضدّ تركيا في العام 2014 بحجّة ارتكاب الأخيرة جرائم حرب في شمال قبرص في قضايا واضحة ونقل السكّان الأتراك إلى تلك المناطق... إلخ، وهو ما رفضته المحكمة في البداية على الرغم من الاستئنافات المتكرّرة للمنظمة والتي استمرّت لسنوات، أثمرت في العام 2021 عن تصريح للمدعية العامة للمحكمة قالت فيه إنها ستبتّ في "المسألة التركية" قبل تقاعدها في ذلك العام. في الملف الفلسطيني، تقدّمت "شورات هدين" بدعوى ضدّ السلطة الفلسطينية، وقدّمت معلومات مفصّلة حول قيام الأخيرة بـ "تمويل الإرهاب" من خلال قيامها بدفع مخصّصات عائلات الشهداء والأسرى،[4] على حدّ تعبيرها. 
    
3. محاربة حملات مقاطعة إسرائيل 


ترى "شورات هدين" أن إسرائيل تواجه هجوماً عالمياً خطيراً هدفه نزع الشرعية عنها ومقاطعتها اقتصادياً وأكاديمياً وثقافياً وتحويلها لدولة "منبوذة" بقيادة حركة المقاطعة BDS، وترى بأن هذه الحملة جاءت في أعقاب فشل الفلسطينيين و"المعادين للسامية" بهزيمة إسرائيل بواسطة "الإرهاب"، من خلال الترويج لسياسة المقاطعة التي استندت بالأساس لـ "استراتيجية ديربن" التي حيكت في العام 2001 بعد اجتماع لمنظّمات غير حكومية في إطار اجتماعات لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ضد العنصرية على حد زعم المنظّمة، وهو الأمر الذي استغلّه نشطاء BDS تحت مسوّغ مساعدة الفلسطينيين لمحاربة إسرائيل و"معاداة السامية". 
تستند "شورات هدين" إلى رأي "رابطة مكافحة التشهير" في الولايات المتحدة الأميركية التي ترى في حركة المقاطعة حركة "معادية للسامية"، وأن سياسات المقاطعة الكاملة التي تتبنّاها بما في ذلك الاقتصادية والأكاديمية والثقافية لا يُمكن أن تكون وسيلة للتأثير السياسي كما يسعى أعضاؤها. استناداً لذلك، وبالتنسيق الكامل مع الوزرات المعنية في إسرائيل، تقوم استراتيجية "شورات هدين" على الدفع باتجاه سنّ تشريعات لمحاربة "العنصرية ومعاداة السامية" في البلدان التي تنشط فيها حركة المقاطعة، وملاحقة الأجسام والكيانات الداعمة للحركة والتقدّم بدعاوى قضائية ضدّها استناداً إلى القوانين المحلية في كل دولة، وللقوانين الدولية تحت مسوّغات العنصرية ومعاداة السامية ومعاداة اليهود وغيرها، وهو ما حصل حينما تقدّمت المنظمة بمراسلات لشركات التأمين البحرية وشركات النقل البحرية هدّدتها برفع دعاوى قضائية عليها في بلدانها في حال استخدمت سفنها في أساطيل كسر الحصار على قطاع غزة بحجّة أن هذا الأمر "يُعد مساعدة للإرهاب". من ناحية أخرى، تركّز "شورات هدين" في عملها على المؤسسات الأكاديمية التي تنشط فيها حركة المقاطعة، وتستخدم القوانين المحلية وقانون "معاداة السامية" كحجج قضائية في عملها، حيث تبعث برسائل تحذيرية إلى الجامعات والمعاهد والكليات تطالبها بتحمل المسؤولية القانونية ومراقبة "انتشار معاداة السامية" في أروقتها، ومسؤوليتها عن ضمان توفير بيئة تعليمية آمنة لكل الطلاب في الوقت الذي تنشر فيه حركة المقاطعة التحريض والعداء ضدّ الطلاب الإسرائيليين واليهود، وهو ما سيضع هذه المؤسسات أمام المساءلة الجنائية والقانونية، بالإضافة إلى استخدام القوانين الأميركية تحديداً مثل "قانون مكافحة الإرهاب" الأميركي ATA لمحاربة المنظّمات والكيانات التي تتبنّى المقاطعة وفرض عقوبات اقتصادية عليها كحرمانها من الإعفاءات الضريبية وغيرها. 
تعمل "شورات هدين" على تمثيل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية في محكمة العدل العليا بصفتها "منظّمة صديقة للمحكمة"، وهدفها هو "حماية حقوق الإنسان بشكلٍ عام"، و"محاربة معادة السامية والعنصرية"، كما تشكل جسماً قانونياً يستند إليه الإسرائيليون في البلدان المختلفة الذين يحاربون حركة المقاطعة؛ إذ تقدّم لهم استشارات قانونية وتقوم بتوجيه رسائل تحذيرية إلى الجهات المعنية ويصل ذلك إلى حدّ تمثيلهم في المحاكم المحلية وتقديم الدعاوى باسمهم إذا لزم الأمر.[5]


4. تجفيف التمويل 


كما أوردنا أعلاه، فإن عمل "شورات هدين" المركزي يستند إلى فلسفة رئيس جهاز الموساد السابق مائير دغان- "تجفيف منابع التمويل" للمنظمات التي تُصنّفها إسرائيل "إرهابية"، وفي سبيل ذلك، تعمل "شورات هدين" على توظيف واستغلال القوانين التي سنّتها الدول الأوروبية، والولايات المتحدة الأميركية، إبان تسعينيات القرن المنصرم حول ملاحقة ومراقبة الحسابات المصرفية وحركة تدفّق الأموال خصوصاً في الشرق الأوسط تحت حجج "مكافحة الإرهاب" من أجل ملاحقة ومحاربة مصادر التمويل الفلسطينية سواءً أكان هذا التمويل قادماً من أفراد أو مؤسسات حكومية أو غير حكومية. وترى "شورات هدين" أن أكثر المنظّمات سريّة لديها نقطة ضعف مركزية تتمثّل في المال والحصول على التمويل، لذلك، من السهل تتبّع مصادر ومنابع التمويل هذه والعمل على وقفها وتجفيفها استناداً لشبكة القوانين آنفة الذكر. 
تستحضر "شورات هدين" عبر موقعها الرسمي مثال الوثائق السريّة التي حصلت عليها أجهزة الأمن الإسرائيلية خلال عملية "السور الواقي" في الضفة الغربية العام 2002، والتي تدّعي أنها تتضمّن إثباتات ودلالات على أن التمويل الذي تحصل عليه المنظّمات الفلسطينية المعادية لإسرائيل، بما في ذلك منظّمة التحرير، لا يتم توجيهه بشكل مباشر لـ "أعمال الإرهاب"؛ وإنما أيضاً يتم بواسطته بناء شبكة من المنظّمات المدنية والجمعيات الخيرية التي تُشكّل بنية تحتية تنظيمية واقتصادية لأعمالها، لذلك، فإن تجفيف منابع التمويل لهذه المنظّمات يُعد أيضاً خطوة مركزية في سبيل محاربة "الإرهاب" و "المنظّمات الإرهابية" الفلسطينية ووغير الفلسطينية، وتنقل المنظّمة عن أجهزة الأمن الإسرائيلية بأن عملها في هذا المجال استطاع إيقاف ما نسبته 60% من التمويل للمنظّمات والكيانات "الإرهابية المعادية". [6]
 
لمحة عن أبرز ما حقّقته "شورات هدين" في السنوات الماضية 
 
1. في العام 2010، تمكّنت المنظّمة من استصدار قرار بإلزام كوريا الشمالية بتعويض عائلتين إسرائيليتين قُتل أبناؤهما في عملية مطار اللد عام 1972 بقيمة 378 مليون دولار من خلال محكمة أميركية، إذ يُتيح القانون الأميركي للمواطنين الأميركيين مطالبة دولة أجنبية بالتعويض عبر المحاكم الأميركية، وقد جاء هذا القرار بعد أن قامت "شورات هدين" بتمثيل العائلات من خلال رئيستها المحامية نيتسانا وبمعاونة محاميَيْن أميركيين، وقد استطاعت انتزاع هذا القرار بعد أن تمكّنت من الحصول على وثائق زودّتها بها أجهزة الأمن الإسرائيلية على ما يبدو تُثبت وجود صلة بين حكومة بيونغ يانغ وبين الجيش الأحمر والمنظّمات الفلسطينية وحزب الله من حيث التدريب والتسليح والدعم المالي.[7]
 
2. في العام 2011، انتزعت "شورات هدين" قراراً من شركة التأمين العالمية المعروفة "لويدز" بعدم تأمين السفن المتجهة إلى قطاع غزة في إطار أسطول كسر الحصار المفروض على قطاع غزة، ومن المعلوم أن السفن لا تتحرك بدون أن يتم تأمينها من قِبَل شركات التأمين تحسّباً للحوادث البحرية. وقد جاء هذا القرار في أعقاب توجّه "شورات هدين" للشركة المذكورة وتحذيرها من أن تأمين هذه السفن يُعد "تمويلاً للإرهاب" ممثلةً مجموعة من عائلات المستوطنين اليهود الذين يسكنون في مستوطنة سديروت في غلاف قطاع غزة تضرّرت منازلها خلال العمليات العسكرية التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزة للقصف من قِبَل صواريخ المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.[8]  
 
3. في العام 2013، أفشلت "شورات هدين" توجّهات أحد أكبر صناديق التقاعد في الولايات المتحدة الأميركية TIAA-CREF لمقاطعة إسرائيل وسحب استثماراته منها بعد محاولات بعض أعضاء الصندوق بالتعاون والتنسيق مع حركة المقاطعة تمرير هذا القرار لعرضه للتصويت أمام المساهمين ، وقد تمكّنت "شورات هدين"  من الضغط على هذا الصندوق- وهو من أكبر الصناديق في الولايات المتحدة الأميركية وتبلغ أسهمه مئات مليارات الدولارات ومُصنّف في المرتبة 50 في قائمة Fortune 500 الأميركية- وتحذيره من أن مثل هذه الخطوة تتعارض مع القانون المحلي لولاية نيويورك والقانون الأميركي الذي يمنع الشركات من مقاطعة دولة صديقة للولايات المتحدة الأميركية، كما توجّهت أيضاً "شورات هدين" إلى هيئة الأوراق المالية والبورصة الأميركية SECبدعوى طالبتها بالسماح للصندوق بعدم طرح الموضوع للتصويت بين مساهميه على الرغم من لوائح الشركة/ الصندوق الذي يُلزمه بذلك كون المحتوى مناهضاً لإسرائيل وهي دولة صديقة للولايات المتحدة الأميركية، وقد استطاعت بالفعل الحصول على هذا الاستثناء الأمر الذي عطّل الأمر برمّته، وقد وصفت رئيسة "شورات هدين" هذا الأمر بـ "النصر الكبير".[9]
 
4. في العام 2014، انتزعت "شورات هدين" قراراً من المحكمة الفيدرالية في واشنطن بأن كوريا الشمالية وإيران قامتا بمساعدة منظّمة حزب الله وبتقديم الدعم المالي والعسكري لها ما قبل، وخلال، حرب لبنان الثانية العام 2006، وقد فرضت المحكمة على كوريا الشمالية وإيران تقديم تعويضات مالية تصل إلى مئات ملايين الدولارات لعائلات إسرائيلية قُتل أبناؤها بفعل صواريخ حزب الله، حيث سيتم اقتطاعها من الأصول الكورية في الولايات المتحدة، وقد مثّلت "شورات هدين" هذه العائلات في المحكمة الفدرالية.[10]
 
5. في العام 2017، قضت محكمة أميركية بتغريم كل من سورية وإيران بمبلغ 178 مليون دولار ومنحه لعائلة يهودية قُتلت ابنتها في عملية دهس نفّذها فلسطيني ينتمي لحركة حماس في القدس، على أن يتم استقطاع هذا المبلغ من الأصول السورية والإيرانية في الولايات المتحدة وفي أي مكان يخضع للقانون الأميركي.[11]
 
6. في العام 2018، قضت محكمة الصلح الإسرائيلية في القدس بتغريم شابتين من حركة المقاطعة في نيوزيلندا وإجبارهما على دفع مبلغ 45 ألف شيكل لثلاث فتيات إسرائيليات ادّعت "شورات هدين" في المحكمة بأنهنّ تعرّضن لأذى معنوي بعد أن تمكّنت الشابتان من إقناع المغنية لورد بعدم التوجّه إلى إسرائيل، ما تسبّب بإلغاء الحفل الموسيقي الذي كان من المنوي إقامته في تلك السنة، وبموجب اتفاقية التعاون بين إسرائيل ونيوزيلندا، فإن الغرامة بالإمكان تحصيلها من الشابتين بسهولة بحسب "شورات هدين" على الرغم من أن الشابتين رفضتا الحكم وهاجمتا إسرائيل بقوة وأكدتا على نيّتهما التبرّع بهذا المبلغ للمنظمات الإنسانية في قطاع غزة.[12]
 
يُشرف على إدارة المؤسسة طاقم من المحامين والمحاميات الإسرائيليين والإسرائيليات الذين يرون أن دورهم كمؤسسة قانونية هو دور حربي وقتالي، الهدف منه حماية إسرائيل من كل محاولات نزع الشرعية عنها أو المساس بصورتها دولياً، من خلال المسار القانوني في إسرائيل، وعلى مستوى القانون المحلي للدول، وعلى مستوى المحاكم الدولية. وقد تمكّنت بالفعل "شورات هدين" من تحقيق العديد من "الإنجازات" في هذا الملف بالتعاون والتنسيق الكامل مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي تزوّدها بالمعلومات اللازمة في عملها، ومع كافة الجهات الرسمية في إسرائيل، وفي الولايات المتحدة الأميركية أيضاً التي تُتيح لها هامشاً واسعاً من تبادل المعلومات والوثائق المتعلّقة بحركة المقاطعة وأنشطتها والناشطين/ الناشطات فيها. كما يحظى طاقمها أيضاً بدعم وتشجيع من الحكومة والمجتمع في إسرائيل، وقد حظيت مؤسستها ومديرتها نيتسانا لايتنر بجائزة موسكوفيتش للصهيونية في العام 2012.
إن "شورات هدين" التي تُعدّ من أهم منظّمات اليمين الجديد في إسرائيل، تُعطي لمحة عن دور وتأثير جمعيات ومنظّمات اليمين الجديد في إسرائيل وخارجها خلال السنوات الأخيرة، وتحديداً منذ أن اتخذ اليمين في إسرائيل قراراً ينص على أن يُترجم هيمنته على الحكم بهيمنة مُحكمة على مفاصل المجتمع المدني الإسرائيلي ومؤسساته، استناداً إلى فرضيته التي تدّعي بوجود هيمنة لليسار الإسرائيلي على هذه المؤسسات تقترب من كونها "دولة عميقة" داخل الدولة الإسرائيلية. 

 

المراجع:


[1] Harpoon: Inside the Covert War Against Terrorism's Money Masters Hardcover November 7, 2017, Nitsana Darshan-Leitner, Samuel M. Katz. 
[2] أوريت مارلين، "ألونا زوهار، ابنة يردينا أرازي، تُطالب إيران بدفع الملايين"، Xnet العبري، 06.02.2019، https://bit.ly/3mhbyDf. 
[3] للاستزادة، أنظر/ي قسم "وسائل التواصل الاجتماعي" على موقع منظّمة "شورات هدين" على الشبكة: https://bit.ly/3KHqX9j. 
[4] للاستزادة، أنظر/ي قسم "جرائم الحرب" على موقع المنظّمة على الشبكة: https://bit.ly/3UlagUm. 
[5] للاستزادة، أنظر/ي قسم "منظّمات المقاطعة" على موقع المنظّمة على الشبكة: https://bit.ly/41cHDuz. 
[6] للاستزادة، أنظر/ي قسم "تمويل الإرهاب" على موقع المنظّمة على الشبكة: https://bit.ly/3nUpDH8. 
[7] عميحاي أتالي، "بيونغ يانغ مطالبة بتعويض المتضررين من الهجوم الإرهابي على مطار بن غوريون"، مكور ريشون، 21.07.2010، https://bit.ly/3Mm9dS9. 
[8] روتم سيلع، "ضربة قانونية للأسطول: شركات التأمين ترفض تأمين سفن متوجّهة إلى قطاع غزة"، مكور ريشون، 23.05.2011، https://bit.ly/3UlRSuk. 
[9] شلومو فيوتريكوفيسكي، "الولايات المتحدة: تم إفشال محاولة مقاطعة إسرائيل قضائياً"، القناة السابعة العبرية، 02.06.2013، https://bit.ly/3MrURj9.  
[10] حن معنيت، "الولايات المتحدة: كوريا الشمالية ساعدت حزب الله في حرب لبنان الثانية"، غلوبس، 31.07.2014، https://bit.ly/40RiE06. 
[11] مارلين، "ألونا زوهار...".
[12] أفنير شفيت، "إسرائيل متغطرسة، لن ندفع: ناشطات حركة المقاطعة المطالبات بدفع تعويضات بسبب إلغاء حفل غنائي للمغنية لورد توجّهان رداً عنيفاً"، واللا العبري، 12.10.2018، https://bit.ly/3MqDPSk. 

المصطلحات المستخدمة:

الموساد, اللد, مكور ريشون, القناة السابعة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات