تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 979

وجد رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، مخرجا من ربط نفسه باتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل في قطاع غزة، لكنه ألمح إلى أن هذا الاتفاق كان إرادة أميركية، وربما نتيجة ضغط أميركي.

وقال نتنياهو، الذي خرج من المعركة العسكرية ضد القطاع ودخل، مباشرة، إلى المعركة الانتخابية، في بيان أصدره في موازاة الإعلان عن وقف إطلاق النار في القاهرة، مساء أمس (الأربعاء)، إنه استجاب لتوصية الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بمنح فرصة لوقف إطلاق النار.




وجاء في بيان صادر عن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية إن "نتنياهو تحدث قبل وقت قصير مع الرئيس باراك أوباما، واستجاب لتوصيته بمنح فرصة للاقتراح المصري بوقف إطلاق النار، وبذلك إعطاء فرصة لاستقرار الوضع وتهدئته قبل أن تكون هناك حاجة إلى ممارسة قوة أكبر".


وأضاف البيان أن "رئيس الحكومة عبّر عن تقديره العميق لرئيس الولايات المتحدة على دعمه لإسرائيل خلال العملية العسكرية وعلى إسهامه لمنظومة قبة حديدية" لاعتراض الصواريخ. وتابع البيان أن "رئيس الحكومة كرّر وشدّد على أن إسرائيل ستستخدم كافة الوسائل المطلوبة من أجل الدفاع عن مواطني إسرائيل".

بعد ذلك بقليل عقد نتنياهو مؤتمرا صحافيا بمشاركة وزير الدفاع، إيهود باراك، ووزير الخارجية، افيغدور ليبرمان، قال فيه "إنني أعرف أنه يوجد مواطنون توقعوا عملية عسكرية أكثر قوة (أي اجتياح بري) ومن الجائز أننا سننفذ ذلك في المستقبل. لكن الأمر الصحيح الآن هو استنفاد هذه الفرصة لوقف إطلاق النار بشكل متواصل. وكرئيس حكومة فإن المسؤولية ملقاة عليّ، وهي مسؤولية عليا لتنفيذ الخطوات الصحيحة من أجل الحفاظ على أمننا".

وأضاف نتنياهو أنه خلال العملية العسكرية "دمرنا آلاف الصواريخ التي تم توجيهها إلى الجنوب ومعظم الصواريخ التي تم توجيهها إلى وسط البلاد وهدمنا منشآت حكم لحماس". وقال إنه اتفق مع أوباما على العمل سوية ضد تهريب أسلحة إلى القطاع "وهو سلاح يصل بغالبيته من إيران".

من جانبه اعتبر باراك أن "أهداف عملية عمود السحاب تم تحقيقها وحماس والجهاد الإسلامي تلقتا ضربة موجعة".

وقال ليبرمان إن "هذه المعركة (ضد غزة) جرت على ثلاث جبهات، هي الجبهة العسكرية والجبهة السياسية وجبهة الحرب على الوعي، وأعتقد أننا أدرنا المعركة بشكل ملائم ومنظم في جميع الجبهات". وامتدح ليبرمان الجهود المصرية من أجل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق وقال إن الرئيس المصري محمد مرسي "يستحق الإطراء على قدرته على اتخاذ قرارات بصورة مسؤولة".

ونشرت القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي، مساء أمس، نتائج استطلاع للرأي أظهر أن 70% من الإسرائيليين يعارضون التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.



موفاز: اتفاق وقف إطلاق النار هو "انتصار لحماس"

ونقلت القناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلي عن رئيس حزب كاديما والمعارضة الإسرائيلية، شاؤول موفاز، قوله إن "اتفاق وقف إطلاق النار هو انتصار لحماس. لم يتم تحقيق أهداف إسرائيل ولا يوجد هدوء في جنوب إسرائيل، وإسرائيل خرجت أضعف من هذه العملية العسكرية".

من جانبه قال عضو الكنيست شلومو مولا، من كاديما، إن نتنياهو "اختار الاستسلام لضغوط الولايات المتحدة في الوقت الذي يتعرض فيه سكان جنوب إسرائيل للهجوم". وأضاف أنه "خلال السنوات الأربع الماضية تزايدت قوة حماس وتحسنت، بينما استمر نتنياهو في تجاهل ذلك. وفي موازاة ذلك سعى إلى إضعاف الفصائل المعتدلة والنتيجة هي أن حماس قوية وأبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) ضعيف".

ورأى محللون أنه لو تم طرح اتفاق وقف إطلاق النار على حزب الليكود للتصويت عليه لما أيده هذه الحزب.

وقال عضو الكنيست داني دانون من حزب الليكود، بعصبية واضحة، إنه "مقابل كل صاروخ سيطلق على إسرائيل، سواء على سديروت أو تل أبيب، سوف نقوم بقطع الكهرباء عن غزة ونشن عملية عسكرية أخرى".

ورحبت رئيسة حزب ميرتس، زهافا غالئون، بوقف إطلاق النار وقالت إنه "جيد أن رئيس الحكومة حكّم العقل ولم ينجر وراء انفلات أعضاء الكنيست من التحالف الذين حثوا الحكومة على مواصلة العملية العسكرية".

وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الخميس - 22.11.2012، إنه على ما يبدو أن معظم الأحزاب الإسرائيلية يتخوف من تحرك المصوتين نحو اليمين، في أعقاب تزايد الخطاب الأمني، وأن الرابح الأكبر قد يكون نفتالي بينيت، رئيس مجلس المستوطنات السابق والذي انتخب مؤخرا رئيسا لحزب "البيت اليهودي" اليميني المتطرف.

ورأت الصحيفة أن الخاسرين المحتملين من هذه التطورات هما رئيسة حزب العمل، شيلي يحيموفيتش، ورئيس حزب "يوجد مستقبل"، يائير لبيد. فكلاهما يتبنيان خطا اجتماعيا في حملتهما الانتخابية، وبعد شن عملية "عمود السحاب" العسكرية اضطرا إلى رؤية كيف أن الأجندة الأمنية تدفعها جانبا، حتى لو كان ذلك لفترة قصيرة. ونتيجة لذلك يخشى الحزبان من فقدان تأييد مصوتين.

وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من ذلك، فإن التقديرات في الحلبة السياسية هي أنه لن يلحق ضرر كبير بالحزبين، وأنه حتى موعد إجراء الانتخابات العامة، في 22 كانون الثاني المقبل، سيختفي تأثير "عمود السحاب" عليهما. كذلك فإن حزب شاس يأمل بعودة الخطاب الاجتماعي إلى المعركة الانتخابية.



"الانتصار يكمن في وحدة مواقف نتنياهو - ليبرمان - باراك"

يوجد لدى الإسرائيليين منطق خاص بهم لشرح وتفسير الانتصار. وكتبت محللة الشؤون الحزبية في "يديعوت أحرونوت"، سيما كدمون، اليوم، أنه "إذا بحثنا عن صورة انتصار في العملية العسكرية في غزة، فقد حصلنا عليها أمس، في المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس الحكومة ووزير الدفاع والخارجية. ووفقا لقائمة الارصدة التي تقاسموها أمس، فإن العملية العسكرية في غزة كانت نجاحا كبيرا. وقد اعترف القادة الثلاثة للعملية العسكرية في غزة، سوية وكل واحد على حدة، أمام العالم كله، من الرئيس الأميركي وحتى آخر المواطنين هنا، أنهم شاركوا وساهموا في نجاح العملية العسكرية".

وأوضحت كدمون أنه "طالما أن الإطراءات أكثر وأوسع، فإننا، نحن مواطنو إسرائيل، سنكون مقتنعين أكثر بأن العملية العسكرية انتهت بانتصارنا. وطالما أن الوحدة بين القيادة وثيقة أكثر، فإن الشعور بالانتصار سيتعاظم. لأن من يذكر خلافات الرأي بين القيادة التي أدارت عملية ’الرصاص المصبوب’ والتلاسن الذي تسرب من غرف الاجتماعات، لا يمكن إلا أن يعجب بطريقة إدارة الأمور هذه المرة. والسؤال هو: كم من الوقت ستصمد هذه الحال، ومتى سنبدأ بالسماع عن خلافات وانعدام تفاهم هناك بين الثلاثة، ومن كان يؤيد استمرار العملية العسكرية ومن أراد إنهاءها؟".

وتابعت كدمون أنه "حتى لو جرت تسريبات فإنه ينبغي التعامل معها بتشكيك، وعلينا أن نذكر أن لكل واحد من هؤلاء الأشخاص جمهورا ينبغي أن يثير انطباعا لديه. ولذلك، لن نستغرب إذا ما اكتشفنا في الأيام المقبلة أن نتنياهو كان في الواقع يؤيد استمرار العملية العسكرية، بالضبط مثلما يريد جمهور ناخبيه أن يسمع، بينما باراك كان ضد (استمرار العملية العسكرية) بالضبط مثلما يريد أن يسمع الجمهور الذي يتوجه إليه رئيس حزب عتسماؤوت. ورغم كل شيء فإننا لن نسقط عن الكرسي إذا وجدنا هؤلاء الأشخاص الثلاثة يعملون سوية بعد الانتخابات المقبلة".

وأشارت كدمون إلى أن أحد بنود الاتفاق الائتلافي بين حزبي الليكود و"إسرائيل بيتنا" لدى تشكيل الحكومة الحالية ينص على محاربة حكم حماس في غزة حتى انهياره. ولفتت إلى أنه خلال المؤتمر الصحافي أمس، وكما هو حاصل في المؤتمرات الصحافية التي يعقدها نتنياهو في السنوات الأخيرة، لم يسمح للصحافيين بطرح أي سؤال.



و"باراك سيعبر نسبة الحسم في الانتخابات"

لفت محلل الشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس"، يوسي فيرتر، إلى أن نتنياهو لم يجرؤ على النطق بكلمة "انتصار" خلال المؤتمر الصحافي أمس، "لأنه يعرف أننا لم ننتصر".

لكن المحلل اعتبر أن "هذه الأمور تتطلب وقتا، فقد بدت حرب لبنان الثانية على أنها فشل ذريع، عسكريا وسياسيا، لكن منذ شهر آب العام 2006 أوقف حزب الله إطلاق النار. وبدت عملية ’الرصاص المصبوب’ نجاحا، لكن جميع البنود الأربعين للاتفاق الذي أنهى هذه العملية العسكرية ذابت بعد وقت قصير" من خلال استئناف إطلاق الصواريخ من غزة.

ورأى فيرتر أنه "في الميزان السياسي، يوجد هنا رابح محتمل، وخاسر مؤكد، وواحد لن يربح ولن يخسر. إن الرابح هو باراك، لأنه بالإمكان الاعتقاد أنه سيعبر نسبة الحسم برئاسة حزب عتسماؤوت. ويصعب رؤية نتنياهو وليبرمان، اللذين كالا الإطراء له أمس على أدائه خلال العملية العسكرية، يطردانه من وزارة الدفاع في شباط المقبل وقبل شهور من المواجهة التي لن يكون بالإمكان منعها مع إيران، والتي خلالها سيبدو كل ما حدث هنا خلال الأيام الثمانية الماضية كأنه رحلة في متنزه".

وأضاف فيرتر أن "الخاسر هو ليبرمان. فلو لم يكن اليوم في قائمة واحدة مع الليكود، لاجتذب حزب إسرائيل بيتنا إليه المحبطين من الليكود. وكان جميع الساذجين والأغبياء الذين اعتقدوا أن رئيس الحكومة نتنياهو سيتصرف مثل رئيس المعارضة نتنياهو سيجدون بيتا سياسيا في حضن ليبرمان الدافئ".

وتابع فيرتر أن "الثالث هو نتنياهو. وبالنسبة إليه فإن الكثيرين من ناخبيه غاضبون عليه اليوم. فقد أرادوا رؤية الدبابات تسير في أزقة غزة، تدوس وتطلق النار وتدمر كل شيء في طريقها. وعندما تبدأ جثث الجنود تعود إلى البلاد من دون تحقيق إنجاز هام، ستنقلب مواقفهم. وتمكن نتنياهو، بتشجيع من باراك، الذي تحفظ دائما من حروب طويلة ودامية، من رؤية الصورة الشاملة ومنع تورطا لا حاجة له، حتى بثمن فقدان مكانته بين جمهور ناخبيه. وبإمكان نتنياهو امتصاص ذلك. وفي ظل غياب خصم جدي، يتحداه، يصعب تخيل سيناريو عدم انتخاب نتنياهو ثانية، في رئاسة كتلة اليمين، لرئاسة الحكومة، في 22 كانون الثاني 2013".

من جانبها رأت محللة الشؤون الحزبية في صحيفة "معاريف"، مازال مُعلم، أن "الإنجاز الأكبر" الذي حققه نتنياهو أمس هو ترميم علاقاته مع أوباما، بعد أن سادتها أزمة لفترة طويلة.

كذلك رأى الكاتب في الصحيفة نفسها، أبراهام تيروش، أن "عملية ’عمود السحاب’ العسكرية ليس فقط أنها غيرت الأجندة القومية، وإنما أعادت التقدير (لوزير الدفاع السابق وعضو الكنيست عن حزب العمل) عمير بيرتس، ومنحت إيهود باراك إمكانية حقيقية لعبور نسبة الحسم". واعتبر أن إعادة التقدير لبيرتس ناجم عن النجاح الكبير الذي حققته منظومة "القبة الحديدية" لاعتراض الصواريخ خلال التصعيد الأخير.



المكاسب السياسية لنتنياهو وباراك من العملية العسكرية

تطرق المحاضر في قسم تاريخ إسرائيل في جامعة حيفا، البروفسور يحيعام فايتس، في موقع "يديعوت أحرونوت" الالكتروني، أمس الأول الأربعاء، إلى الدوافع السياسية من وراء قرار نتنياهو شن العملية العسكرية ضد القطاع. ورأى أنه "لا يمكن تجاهل المكاسب السياسية لنتنياهو وباراك. وبالنسبة إلى نتنياهو، فإن العملية العسكرية من شأنها أن تمس بشكل شديد بأجندة الأحزاب الاجتماعية. إن مسائل صغيرة مثل غلاء المعيشة ونقص المساكن تتقزم أمام الصورة البطولية لرئيس الحكومة الذي يرتدي بزة عسكرية، والتي ربما تلقاها من (الرئيس الإسرائيلي) شمعون بيريس الذي استخدمها إبان عملية ’عناقيد الغضب’ البائسة"، في إشارة إلى العملية العسكرية التي شنها بيريس خلال توليه رئاسة الحكومة ضد لبنان في العام 1996، وارتكب خلالها مجزرة قانا التي راح ضحيتها نحو 100 لبناني بعد سقوط صاروخ إسرائيلي في قرية قانا اللبنانية.

وأضاف فايتس أنه "بالنسبة إلى باراك، فإن المكاسب أكبر. فهذه العملية العسكرية هي بمثابة أن يكون أو لا يكون. وبواسطة العملية العسكرية قد يتجاوز حزبه نسبة الحسم". وتابع متهكما أنه "قد يصل باراك ’رئيس حكومة الجميع’ الذي وعدنا جميعا بفجر جديد، إلى الكنيست المقبل مع حزب هش، ومع زعماء عظماء مثل أوريت نوكيد".

وأشار فايتس، وهو أحد أبرز المؤرخين الإسرائيليين، أن نتنياهو وباراك "لم يكونا الوحيدين والأولين اللذين يستغلان الوضع الأمني من أجل مصالح سياسية. ويوفر (رئيس حكومة إسرائيل الأسبق) مناحيم بيغن مثالا سافرا من الماضي لدى قصف المفاعل النووي في العراق في العام 1981، وعشية الانتخابات للكنيست العاشر. وبالنسبة لبيغن كان قصف المفاعل خطوة من شأنها إنقاذ أولاد إسرائيل من مصير آبائهم الذين اختنقوا في (معسكر الإبادة النازي) تريبلينكا. وقد تحدث عن ذلك أكثر من مرة. وأعلن بنفسه من خلال الإذاعة عن القصف، وأعلن أن إسرائيل فعلت ذلك، وبذلك كسر مبدأ التعتيم الذي يكاد يكون مقدسا".

وأضاف فايتس أنه "في تلك الانتخابات فاز بيغن وحزب الليكود بأغلبية ضئيلة وشكل الحكومة المقبلة. وكان هذا بمثابة انتصار باهظ الثمن، فبعد سنة واحدة قررت حكومته شن حرب لبنان الأولى، التي دفنت مسيرة بيغن السياسية. وبتشكيل ’الليكود بيتنا’ لم يأخذ نتنياهو بيغن كمثال يحتذى لكن من حيث الاستخدام المتذاكي والمستهتر بالحدث الأمني، يمكن رؤية نتنياهو على أنه تلميذ لبيغن".



هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي



"مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"، و لا يعكس آراء الاتحاد الاوروبي"