تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.

دخلت النيابة العامة الإسرائيلية في حالة كآبة، صباح يوم الثلاثاء الماضي، في أعقاب قرار المحكمة المركزية في القدس الذي قضى بتبرئة ساحة رئيس الحكومة السابق، إيهود أولمرت، في قضيتي المغلفات المالية و"ريشونتورز"، وهما قضيتا الفساد الأساسيتان ضده، وفي الوقت نفسه قضى بإدانته بخيانة الأمانة في قضية مركز الاستثمارات. ورافقت هذه الحالة حملة إعلامية واسعة تطالب المدعي العام، موشيه لادور، بالاستقالة، بدعوى مسؤوليته عن اضطرار أولمرت إلى الاستقالة من رئاسة الحكومة، في العام 2008. وذهب بعض المحللين الإسرائيليين بعيدا، واعتبروا أن استقالة أولمرت وقطع ولايته أديا إلى تغيير مسار التاريخ، وأنه كان في إمكان إسرائيل أن تتوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، أو، على الأقل، ألا تكون معزولة في العالم، مثلما هي معزولة اليوم، بسبب سياسات حكومة بنيامين نتنياهو.


لكن النيابة العامة سرعان ما تداركت نفسها وبدأت بعد يومين من تبرئة أولمرت بشن هجوم مضاد. وعبر مسؤولون فيها عن استغرابهم من قرار المحكمة بتبرئة أولمرت. وتبين أن تبرئة أولمرت لم تكن مطلقة، وأن قضاة المحكمة أشاروا في قرارهم، الذي امتد على مئات الصفحات، إلى وجود الكثير من الحقائق في الاتهامات ضد رئيس الحكومة السابق، بينها حصوله على مغلفات مليئة بالدولارات من رجل الأعمال الأميركي اليهودي موريس تالانسكي، وسفره إلى أنحاء العالم من دون أن يدفع فلسا واحدا في قضية "ريشونتورز". وتبين أن الأدلة لم تكن كافية للإدانة وفقا للاتهامات التي وجهتها النيابة العامة.

وبدا أن تخوفات تسود في إسرائيل من حالة فوضى في تطبيق القانون الجنائي على متهمين بالفساد. وترددت أنباء عن أن النيابة العامة ستعدل لائحة الاتهام، التي ما زالت قائمة ضد أولمرت، في قضية "هوليلاند". لكن النيابة العامة أعلنت، بعدما خرجت من كآبتها القصيرة الأمد، أنها لن تجري تعديلات على لائحة الاتهام هذه. كذلك ترددت أنباء عن أن أحد أبرز انعكاسات تبرئة أولمرت قد يكون إغلاق ملف التحقيق الجنائي ضد رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" ووزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان.

وإلى جانب كل هذا، جرى الحديث عن عودة أولمرت إلى الحياة السياسية، وحتى إلى منصب رئيس الحكومة، وعن أن أولمرت هو المرشح الوحيد الذي بإمكانه أن يهزم نتنياهو في صندوق الاقتراع. لكن أولمرت أعلن في خطاب ألقاه يوم الخميس الماضي، أنه لا توجد أية نية لديه للعودة إلى الحياة السياسية. ورأى خبراء قانون أن عودة أولمرت إلى السياسة قد تكون مستحيلة في حال فرضت المحكمة وصمة "عار" بعد إدانته بخيانة الأمانة في قضية مركز الاستثمارات، التي أدين فيها بدفع مصالح متمولين كان يمثلهم صديق أولمرت، المحامي أوري ميسر.



"ليس واضحا كيف تمت تبرئة أولمرت"

بدأت النيابة يوم الخميس الماضي، بعد يومين من قرار الحكم في قضية أولمرت، هجومها المضاد. وقالت المسؤولة الرفيعة المستوى في النيابة العامة في منطقة وسط إسرائيل، المحامية عنات سافيدور، خلال مؤتمر لنقابة المحامين في تل أبيب ومنطقة وسط إسرائيل، عقد في مدينة إيلات، إنه "ليس واضحا كيف انتهى معظم ملف أولمرت بالبراءة". وأضافت أنه لا يمكن ألا يتم فرض وصمة عار عليه، على ضوء إدانته بخيانة الأمانة.

وأفادت صحيفة "هآرتس" بأن سافيدور عبرت عن دهشتها من تبرئة أولمرت من معظم الاتهامات المنسوبة إليه، رغم أن المحكمة أقرت بأنه تلقى مبالغ كبيرة. وقالت سافيدور إنه "مما جاء في ملخص قرار الحكم، يصعب عليّ أن أفهم كيف يوجد مبلغ 450 ألف دولار ولا يعرفون أين هي، ولا توجد تقارير بشأنها. كيف توجد براءة هنا؟ ليس واضحا. لا أفهم هذا. لكن ليس كل شيء بإمكاننا فهمه".

وحول قضية "ريشونتورز"، التي اتهم أولمرت فيها بأنه تلقى تمويلا لسفراته إلى خارج البلاد من أكثر من جهة لكل سفرة وأقام من هذا التمويل صندوقا لتمويل سفراته وسفرات أفراد عائلته، قالت سافيدور، وهي ابنة رئيس الكنيست الأسبق، مناحيم سافيدور، إن "والدي كان يعرف جيدا عن أي فلس تلقاه، وعلى حساب من هو يسافر إلى خارج البلاد، وكان يعرف جيدا على أي حساب يكون الصرف". وأضافت فيما يتعلق بقضية أولمرت أنه "ما هذه السخافات، بأننا نسافر إلى خارج البلاد ولا يعرفون ما جرى في حساباتهم؟ رغم كل شيء... كان يجب تقديم لائحة اتهام. ولم أر في الملخص (لقرار الحكم) انتقادات حقيقية تجاه النيابة. بل على العكس".

لكن سافيدور أشارت إلى أنه "بلا شك سيكون هناك استخلاص عبر وسيؤثر ذلك على أنه في الفترة القريبة لن يتم تقديم لوائح اتهام ضد شخصيات عامة رفيعة المستوى، لأنهم (في النيابة العامة) سيخافون".

من جانبه قال نائب المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، المحامي ايلي أبرنبيل، لـ "هآرتس" إن "ما فاجأنا فعلا، ولم يفاجئنا نحن فقط، هو التبرئة في قضية ريشونتورز. إذ لم يتوقع أحد أن تكون هناك براءة في هذه القضية. وأنا أسمع رجال شرطة يتساءلون ’هل يوجد شيء ما جديد هنا؟’. كيف يمكن ألا يسأل شخص نفسه ’كيف أسافر إلى جميع أنحاء العالم ولا أدفع مقابل ذلك؟’ وهو (أي أولمرت) لا يسأل نفسه كيف يمكن ألا ينبغي الدفع في هذه البقالة؟ لكن ليس لدي أي ادعاء ضد القضاة. فإذا شعر القاضي أنه على الرغم من كل شيء يوجد شك، فإني أتوقع منه أن يُبرئ، وأنا أعتقدت أنه لا يوجد شك".

وشدد نائب المدعي العام لمنطقة القدس والمدعي في القضية ضد أولمرت، المحامي أوري كورب، في تصريحات لصحيفة "يديعوت أحرونوت" على أن "السيد أولمرت أدين بمخالفات جنائية. وأنا لا أتجاهل البراءة ولا أنساها، لكن دعونا نتذكر أنه لأول مرة تمت إدانة رئيس حكومة سابق".

ورفض كورب الادعاء بأن النيابة العامة أسقطت رئيس حكومة خلال ولايته. وقال "إننا نعيش في دولة لا توجد فيها حصانة من التحقيق مع رئيس حكومة، ولا حتى من محاكمته، وعندما يصل الملف إلى النيابة، لا مفر أمامها سوى إجراء تحقيق، بعد تدقيق حذر لكافة الاعتبارات والمقاييس ذات العلاقة".



تأجيل الحسم في ملف ليبرمان

وتسود تقديرات بين خبراء القانون في إسرائيل بأن قرار الحكم في قضية أولمرت سيؤثر على اتخاذ قرار بشأن ليبرمان. واعترف نائب آخر للمستشار القانوني للحكومة، المحامي راز نيزري، بأن حسم مسألة تقديم لائحة اتهام ضد ليبرمان سيُدرس على ضوء قرار الحكم بتبرئة أولمرت.

لكن نيزري رفض الاعتقاد السائد، الآن، بأن النيابة العامة ستتخوف من تقديم لائحة اتهام ضد ليبرمان بسبب الخوف من تبرئة وهجوم ضد النيابة العامة، وقال إن المستشار القانوني للحكومة، يهودا فاينشتاين، سيتخذ قراره بشأن ملف ليبرمان بموجب وضع الأدلة في الملف، ومن دون خشية من انتقادات على القرار مهما تكن هذه الانتقادات.



هل سيعود أولمرت إلى الحياة السياسية؟

مسألة عودة أولمرت إلى الحياة السياسية ليست واضحة بعد، لكن توجد تكهنات حيالها. وكتب محلل الشؤون الحزبية في "هآرتس"، يوسي فيرتر، أنه منذ أن تنحى أولمرت عن رئاسة الحكومة، قبل أربع سنوات، لم ينفصل عن السياسة بمفهومها الواسع ولو للحظة واحدة. وأضاف المحلل أنه "عندما لا يكون أولمرت مشغولا بكسب الرزق (بإلقاء محاضرات)، في البلاد أو خارجها، فإنه يعمل في صيانة نفسه: يلتقي مع أعضاء كنيست، وزراء وسياسيين في دوائر مختلفة وعجيبة، ومع ضباط في الجيش برتب عالية ومع قياديين في الشاباك والموساد... وعندما يزور الولايات المتحدة، يعقد سلسلة طويلة من اللقاءات مع مسؤولين في الإدارة الحالية والسابقة، ومع صحافيين وصناع الرأي العام وهيئات مختلفة، مثل معاهد أبحاث وطواقم تفكير. وهو يحافظ على علاقة مع زعماء العالم".

وأضاف فيرتر أنه "في الأسبوع الذي سبق قرار الحكم في قضيته، التقى أولمرت مع جهات عديدة. وقدر على مسامعهم أنه ستتم تبرئته من معظم التهم وسيدان بخيانة الأمانة. وعندما تم سؤاله عن برامجه المستقبلية أجاب أنه سيسعى للمنافسة من قِبل كتلة (أحزاب) الوسط على رئاسة الحكومة". ونقل المحلل عن أولمرت قوله للجهات التي اجتمع معها إنه "لا يوجد أي أحد قادر على ذلك الآن. لا (رئيس حزب كاديما شاؤول) موفاز، ولا (مؤسس حزب "يوجد مستقبل" يائير) لبيد، وطبعا ليس (رئيسة حزب العمل شيلي) يحيموفيتش".

وأشار فيرتر إلى أنه "ستمضي شهور طويلة قبل أن يتضح ما إذا كان قادر أصلا، من الناحية القانونية، على ترشيح نفسه في الانتخابات القريبة (المزمع إجراؤها في تشرين الثاني من العام المقبل). وحتى عندها، ما هي احتمالاته في دب الحياة في كتلة الوسط - اليسار؟ إذ أنه يعتبر يساريا. فالخطة السياسية التي قدمها لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، عشية تنحيه مرغما من رئاسة الحكومة، كانت وفقا لشهادته وشهادة آخرين، بعيدة المدى وجريئة أكثر من أية خطة سبقتها".

لكن أولمرت نفى إمكانية عودته إلى الحياة السياسية. وقال في خطاب ألقاه خلال ندوة عقدها "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، بمناسبة الذكرى السنوية السادسة لحرب لبنان الثانية: "قرأت في اليومين الأخيرين عن برامجي. وأريد أن أطمئِن بأنه ليست لدي أية نية للدخول إلى نشاط سياسي. وأنا لا أتدخل ولا أنوي التدخل (في السياسة) وأنا عضو في (حزب) كاديما ولا يوجد لدي حزب على الرف ولن يكون لدي حزب كهذا". وأضاف "أنا مشغول في أمور أخرى وفقط بهذه الأمور، وأنصح ألا يحاولوا جر اسمي إلى أماكن لا توجد لدي أية نية في التواجد فيها أو بأن أكون ضالعا فيها. ويكفي أنهم حاولوا جري إلى أماكن عدة في السنوات الأخيرة".

لكن محللة الشؤون الحزبية في "يديعوت أحرونوت"، سيما كدمون، كتبت أن لا أحد يصدق إعلان أولمرت بأنه لا توجد نية لديه للعودة إلى الحياة السياسية، وأن "المسألة هي كيف ومتى فقط".

وأضافت كدمون أن "أولمرت مقتنع فعلا بأنه جرى التآمر عليه وأنه تمت الإطاحة به، ليس من جانب النيابة العامة فقط، وإنما على أيدي زملائه السياسيين أيضا. ورغم بيانه العلني بأن لا نية لديه للعودة إلى السياسة، إلا أن حافزه للعودة إلى الكرسي الذي أخِذ منه قبل الأوان أقوى من أي شيء آخر... وسيتم الإعلان عن العقوبة في القضايا التي صدرت قرارات بشأنها في أيلول. ويقدر المقربون من أولمرت أن النيابة سترسم صورة سوداء للإدانة لكي تسند عليها طلبها بفرض وصمة عار عليه. والسؤال هو أي نوع من العار سيكون هذا. عار كالذي تم فرضه على (الوزير السابق أرييه) درعي، ويتم الحكم على أولمرت بالسجن أو بالعمل في خدمة الجمهور ما سيبعده عن العودة للسياسة، أو عار كالذي تم فرضه على (الوزير السابق تساحي) هنغبي والذي لا يفرض قيودا ويسمح بأن يترشح في الانتخابات المقبلة".

وأشارت المحللة إلى أنه "من الصعب رؤية حكم على أولمرت بعار من النوع الأول. ولا توجد سابقة لعقوبة كهذه على تهمة خيانة الأمانة. ومع العار من النوع الثاني سيكون بإمكان أولمرت نظريا البدء فورا في حملة لعودته إلى السياسة". لكن أولمرت لا يزال يواجه قضية فساد أخرى، هي قضية "هوليلاند"، التي يتهم فيها بتلقي رشى. ونقلت كدمون عن مقربين من أولمرت قولهم إن ثمة أمرا واحدا مؤكدا وهو أنه "لن تكون هناك أي عودة إلى السياسة قبل إزالة جميع الشبهات ضده".

من جهة ثانية قال مقربون من أولمرت في حزب كاديما، إن تبرئة رئيس الحكومة السابق أثارت توترا لدى رئيس الحكومة الحالي، بنيامين نتنياهو. وعزا أحد القياديين في كاديما تراجع نتنياهو عن اتفاقه مع موفاز بشأن قضية تجنيد الحريديم للجيش الإسرائيلي والخدمة المدنية، وتفجير المحادثات بين الجانبين حول ذلك، إلى أن نتنياهو يخشى من عودة أولمرت إلى الحياة السياسية.

ونقلت كدمون عن أحد المقربين من أولمرت قوله إن "نتنياهو يدرك أنه ارتكب خطأ فادحا بضم كاديما إلى التحالف. وأن وضعه كان أفضل قبل دخول هذا الحزب للتحالف... ورغم ذلك فإنه ستجري معركة انتخابية قبل عودة أولمرت. إذ توجد مصلحة لدى نتنياهو بإجراء انتخابات. فقد طهّر بشكل منهجي كل من بإمكانه منافسته وهو يعيش في بيئة خالية من أي تهديد ولا يوجد فيها بديل له. وهو سيفعل كل شيء من أجل الحفاظ على هذا الوضع".

واعتبرت كدمون أنه "يحظر التقليل من مفعول أولمرت على الحلبة السياسية. وبالنسبة لجميع اللاعبين الآخرين، أولمرت قد يتحول في غضون شهور معدودة إلى مرشح لرئاسة الحكومة. وفي هذه الحالة، فإن الخاسر الأكبر من تبرئة أولمرت وعودته إلى السياسة سيكون نتنياهو. فأولمرت سيعيد إلى الحلبة السياسية ما كان غائبا عنها منذ وقت طويل، وهو البديل. وتبرئة أولمرت دفعت نتنياهو إلى إعادة التفكير مرة ثانية وحتى ثالثة في ما إذا كان محقا عندما تنازل عن تقديم الانتخابات".



"وسائل الإعلام خانت الأمانة أيضا"

كانت ردود فعل وسائل الإعلام الإسرائيلية حادة ومتطرفة، سواء عندما تم توجيه اتهامات لأولمرت، وأيدت خطوات النيابة العامة، أو عندما صدر قرار الحكم بتبرئة أولمرت، وهاجمت النيابة العامة. حول ذلك كتب المحلل القانوني في الإذاعة العامة الإسرائيلية، موشيه نغبي، أنه "لأول مرة في تاريخ إسرائيل وضعت المحكمة وصمة عار لمجرم جنائي على جبين من كان يتولى المنصب الرفيع لرئاسة الحكومة. فقد أقر ثلاثة قضاة محكمة مركزية بالإجماع أن من وصل إلى موقع القيادة الأعلى في الدولة خان أمانة جمهور المواطنين، وأن هذه الخيانة تجاوزت العتبة الجنائية لأنها مست بطهارة الأخلاق".

وأضاف نغبي حول ردود فعل وسائل الإعلام أن "صحافة لديها ضمير أخلاقي وبوصلة أخلاقية تعين عليها التنديد بالزعيم الذي فاحت منه رائحة نتنة، والاعتزاز بمُطبقي القانون، وفي مقدمتهم المدعي العام (لادور)، الذين بفضل إصرارهم واستقامتهم تم إبعاده عن قيادة الدولة، وسيدفع ثمن جرمه. لكن ليس هكذا كان سلوك الصحافيين الكبار في معظم وسائل الإعلام. بل على العكس. الكثيرون منهم حملوا المجرم المدان على الأكف، وتحدثوا بحماسة عن ’الأمل الكبير’ الكامن في عودته المتوقعة إلى القيادة السياسية، وطالبوا، خلافا لما ينبغي أن يحدث، برأس من أصر على استنفاد الحكم معه وبذلك ساهم في إقصائه عن القيادة".

ورأى نغبي أن "أداء كبار الصحافيين ليس فقط أنه جلب العار إلى مهنة الصحافة وإنما هو خطير أيضا. فالقوة، كما هو معروف، تميل باتجاه الفساد، ولذلك فإن فساد قسم من القيادة هو على ما يبدو ظاهرة لا يمكن منعها. ويتم قياس دولة القانون المتطورة بقدرتها على مواجهة من يستخدم قوة المنصب بشكل فاسد، وبإصرارها على استنفاد الحكم ضدهم، بحيث لا يكون بإمكانهم الاستمرار في إفساد أروقة الحكم. ولذلك فإن ثمة ضرورة لوجود مطبقي قانون مستقلين ولحوحين لا يخشون من مواجهة أصحاب القوة. وفقط هم بإمكانهم منع قوة أصحاب المناصب من أن تتحول إلى قوة مطلقة ومفسدة بشكل مطلق. لكن عندما تهاجم الصحافة مطبقي القانون هؤلاء (مثل دعوة لادور إلى الاستقالة بعد تبرئة نتنياهو) خاصة بعد أن واجهوا بنجاح الزعيم النتن، ونجحوا في التأدية إلى إدانته أخلاقيا وجنائيا في المحكمة، فإنها قد تضعف أيدي مطبقي القانون وتعقر قدرتهم على المواجهة مع القوة الفاسدة والمفسدة".

وخلص نغبي إلى أن "النتيجة صعبة لكن واضحة، وهي أنه لم تنكشف عورة أولمرت الأخلاقية فقط بعد قرار الحكم، وإنما انكشفت عورة كثيرين وصحافيين كبار في وسائل الإعلام أيضا. والصحافة الخالية من الضمير والبوصلة مذنبة هي الأخرى في خيانة الأمانة تجاه الجمهور".



هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي



"مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"، و لا يعكس آراء الاتحاد الاوروبي"