تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.

تعمل الحكومة الإسرائيلية على سن قانون جديد بدلا من "قانون طال"، الذي يمنح الحريديم امتيازات وإعفاءات في الخدمة العسكرية، وقررت المحكمة العليا، قبل عدة شهور، إلغاء سريان مفعوله بحلول الأول من آب المقبل.
وجاء قرار المحكمة العليا على أثر التماسات قدمتها جهات علمانية مختلفة وجنود في قوات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي. وطالبت هذه الجهات بإلغاء "قانون طال" وفرض الخدمة العسكرية على جميع الشبان في إسرائيل، بادعاء المساواة في تحمل الأعباء.



وفي هذا السياق أشار رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى أنه سيسعى إلى فرض الخدمة المدنية على الشبان العرب أيضا، فيما أعلن رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" ووزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، أن حزبه سيطرح مشروع قانون يفرض التجنيد الإلزامي على جميع الشبان في إسرائيل، اليهود والعرب، الذين يبلغون سن الثامنة عشرة.

وكان موضوع التجنيد الإلزامي للحريديم ضمن اتفاق تشكيل حكومة الوحدة بين نتنياهو ورئيس حزب كاديما، شاؤول موفاز. كذلك فإن مجموعة من جنود الاحتياط مارست ضغوطا على نتنياهو وحكومته من أجل سن قانون يفرض التجنيد الإلزامي على الحريديم، وعدم طرح مشروع قانون يكون مشابها لـ "قانون طال" ويمنح امتيازات للحريديم. وعلى أثر ذلك شكل نتنياهو لجنة لوضع توصيات حول "تقاسم الأعباء" برئاسة عضو الكنيست من حزب كاديما، يوحنان بليسنر.

لكن أمام رفض الحريديم، بكافة طوائفهم وأحزابهم، فرض التجنيد الإلزامي على شبانهم، أعلن نتنياهو، الأسبوع الماضي، عن حل لجنة بليسنر، التي شكلها بنفسه. وأدى إعلان نتنياهو إلى نشوء أزمة ائتلافية، إذ هدد حزب كاديما بالانسحاب من الحكومة. وعلى أثر هذا التهديد، وطرح لجنة بليسنر توصياتها، يوم الأربعاء الماضي - 4.7.2012، أعلن نتنياهو يوم السبت عن عقد اجتماع استثنائي لكتلة حزب الليكود في الكنيست، صباح الأحد الماضي، وتمت فيه المصادقة على توصيات لجنة بليسنر مع تعديلات عليها. ويشار إلى أن إعلان نتنياهو السبت الماضي، جاء قبل ساعات قليلة من مظاهرة في تل أبيب شارك فيها نحو عشرين ألف شخص وطالبوا "بالمساواة في تقاسم الأعباء". وكانت هذه المظاهرة ذروة احتجاجات جنود الاحتياط.

وصادقت كتلة الليكود بالإجماع على تأييد توصيات لجنة بلسنر، لكنها عدلت البند الذي يدعو إلى تأجيل تجنيد العرب للخدمة، ووفقا لقرار كتلة الليكود فإنه "لا يوجد سبب لإرجاء تطبيق هذا البند". وفي أعقاب ذلك اتفق نتنياهو وموفاز على تشكيل لجنة لصياغة قانون التجنيد الجديد، وفي عضويتها بليسنر ووزير الشؤون الاستراتيجية، موشيه يعلون. وبدأت هذه اللجنة في صياغة مشروع القانون الجديد ويتوقع أن يتم تقديم هذه الصيغة إلى الحكومة في اجتماعها الأسبوعي، يوم الأحد المقبل. ويشارك في هذه اللجنة مندوبون عن وزارات الدفاع والمالية والعدل، ومندوبون عن مديرية الخدمة المدنية.

وقال نتنياهو لدى افتتاحه اجتماع كتلة الليكود إن "على القانون الجديد أن يغير الواقع، وأن يزيد تدريجيا عدد الذين يخدمون وأن يتم ذلك بشكل مسؤول من أجل الحفاظ على وحدة الشعب" في إشارة إلى رفض الأحزاب الحريدية تغيير "قانون طال". وأضاف "إنني أفهم جيدا الذين يؤدون الخدمة وأبناء عائلاتهم، وعلى الجميع أن يتحمل العبء، وسوف نمنح محفزات إيجابية للذين يؤدون الخدمة ومحفزات سلبية للذين يتهربون من الخدمة، والمتهربون لن يحصلوا على مقابل مثل الذين يؤدون الخدمة". وأضاف "إننا نفعل ذلك بعد 64 عاما لم تتم خلالها معالجة الموضوع وهذا تغيير تاريخي".

من جانبه قال عضو الكنيست داني دانون خلال اجتماع كتلة الليكود إن "استنتاجات لجنة بليسنر هي رشوة سياسية يمنحها موفاز للمنتسبين العرب إلى حزب كاديما" مشيرا إلى أن أكثر من ربع أعضاء حزب كاديما هم عرب وهم الذي جعلوا موفاز يفوز برئاسة هذا الحزب في الانتخابات الداخلية التي جرت في نهاية آذار الماضي. من جانبه حذر الوزير ميخائيل ايتان من أن "كل شيء هو لجان وأقوال في هذه الأثناء. وما سيقرر في نهاية المطاف هو صيغة القانون والقدرة على تطبيقه. وعلينا أن نكون واقعيين وحذرين ويحظر سن قوانين تعبر عن أمنيات وتصبح ميتة".

لكن في مظاهرة جنود الاحتياط هاجم رئيس جهاز الشاباك السابق، يوفال ديسكين، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، غابي أشكنازي، نتنياهو وحكومته وطالبا بفرض التجنيد الإلزامي على جميع الشبان في إسرائيل.

وقال ديسكين أمام المتظاهرين إن "شيئا ما أصبح عفنا في قيادتنا، وعلينا أن نطلب من منتخبي الجمهور عدم الفرار وعدم التهرب، والعمل على تصليح الوضع". وأضاف "نحن قريبون من وضع لا تتجند فيه أغلبية الجمهور. وهناك من يعتقد أنه لا ينبغي تحمل العبء بشكل متساو لأن ثمة من يفعل ذلك مكانه".

وقال أشكنازي أمام المتظاهرين "حضرت إلى هنا رغم أن ابني سيتزوج قريبا، لكني شعرت بأنه لا يمكنني ألا أكون معكم، وألا أقدم التحية العسكرية لكم جميعا". وشارك في المظاهرة عدد من السياسيين، أبرزهم موفاز، الذي قوبل بالتنديد وبشعار "استقل" من الحكومة، ورئيسة كاديما السابقة، تسيبي ليفني، ورئيس حزب "يوجد مستقبل" يائير لبيد وغيرهم.



توصيات لجنة بليسنر

دعت توصيات لجنة بليسنر إلى منح الحريديم في كل عام 1500 إعفاء من الخدمة العسكرية تكون مخصصة لطلاب الييشيفوت، أي المعاهد الدينية اليهودية، والذين يخصصون جل وقتهم لدراسة التوراة. لكن الأمر المركزي في التوصيات هو الدعوة إلى تجنيد 80% من الحريديم للجيش أو الخدمة المدنية. كذلك توصي اللجنة بإمكانية تأجيل سن التجنيد لدى الحريديم من 18 عاما إلى 22 عاما، وتقصير مدة الخدمة العسكرية لجميع الجنود النظاميين في الجيش الإسرائيلي.

ورأت اللجنة أن المسؤولية عن التجند هي مسؤولية شخصية، وأنه يجب فرض عقوبات على أي حريدي لا يتجند، وبين هذه العقوبات دفع غرامة مالية بمبلغ 7500 شيكل، وتسجيل ملاحظة جنائية في ملفه المدني، وسحب الامتيازات منه في مجال الضرائب البلدية والإسكان وإلغاء منحة الدراسة في معهد ديني، والتي تبلغ 850 شيكل شهريا، وإلغاء مكانته كشاب يدرس في الييشيفاه في سجلات التأمين الوطني ما يعني التوقف عن تلقي مخصصات مالية شهرية.

وأوصت لجنة بليسنر أن تكون مدة الخدمة العسكرية أو المدنية للحريدي 24 شهرا، علما أن فترة التجنيد الإلزامي للجيش هي ثلاث سنوات. ومن أجل المساواة اقترحت اللجنة أن تكون مدة الخدمة الإلزامية لجميع المجندين لسنتين، على أن يتم تطبيق ذلك بشكل تدريجي، علما أن اللجنة ليست مخولة بالتطرق إلى تقصير مدة الخدمة الإلزامية. ويشار إلى أن تقرير لجنة بليسنر يكاد لا يتطرق إلى النساء الحريديات.

ووفقا لتوصيات لجنة بليسنر، فإن بإمكان الحريديم تأجيل تجندهم من سن 18 عاما إلى 22 عاما. كذلك أوصت اللجنة بأن يوسع الجيش الإسرائيلي الأطر والوحدات الخاصة بالحريديم وإقامة وحدات جديدة تستجيب لعاداتهم وتقاليدهم في كل ما يتعلق بالطعام والشراب والصلوات وما إلى ذلك. كما دعت اللجنة إلى منح ميزانيات للييشيفوت وفقا لاستجابتها لغايات تجنيد طلابها، وأن الييشيفوت التي يتجند طلابها إلى أطر الخدمة يتم منحها ميزانيات أكبر من غيرها. واقترحت اللجنة منح محفزات إضافية للحريديم الذين يتجندون في سن 18 عاما.

واقترحت اللجنة أن تبدأ عملية تجنيد الحريدي لدى بلوغه سن 17 عاما، حيث يتعين عليه الامتثال في "مركز المعلومات الحريدي" ويخضع هناك لعملية فحص ويتم اقتراح مسارات التجنيد عليها ليختار أحدها. وسيكون بإمكانه الالتحاق بأحد هذه المسارات لدى بلوغه ما بين سن 18 و22 عامًا.

وأشار تقرير لجنة بليسنر إلى أن اللجنة لم تتناول موضوع تجنيد الشبان العرب. وجاء في التقرير أنه "لم يتم بحث احتمال خدمة العرب في الجيش الإسرائيلي والخدمة المدنية بصورة عميقة في النقاش العام وفي الكنيست. وشكل الخدمة المناسب للسكان العرب سيتم تحديده في إطار لجنة مهنية ستشكل فورا على يد رئيس الحكومة وستقدم توصياتها حتى شهر كانون الأول من هذا العام".

رغم ذلك دعت اللجنة إلى سن قانون يتعلق بتجنيد الشبان العرب. وأوصت اللجنة بأن يتم وضع غايات عددية واضحة للخدمة المدنية للشبان العرب، وأن يزداد عدد المجندين للخدمة المدنية بـ 600 شاب كل عام حتى يصل عددهم إلى 6000 شاب مجند بحلول العام 2018. وأوصت اللجنة بفرض عقوبات على رؤساء سلطات محلية ينشطون ضد تجند الشبان العرب إلى الخدمة المدنية.



الحريديم يعارضون التجنيد

يعارض الحريديم بكافة طوائفهم وأطيافهم وأحزابهم فرض الخدمة الإلزامية العسكرية أو المدنية على شبانهم.

وقال عضو الكنيست موشيه غفني من كتلة "يهدوت هتوراة" الحريدية الأشكنازية، لموقع "يديعوت أحرونوت" الالكتروني، إن "هذه ساعة امتحان لنتنياهو ولليكود. هل سيتخلى في لحظة الحقيقة عن شركائه التاريخيين وعن الولاء الاجتماعي تجاهنا، بسبب مظاهرة شارك فيها خمسة آلاف رجل (وسائل الإعلام الحريدية قللت من عدد المشاركين في مظاهرة جنود الاحتياط السبت الماضي). ومن الجائز أنهم (أي نتنياهو وحزب الليكود) قد اتخذوا قرارهم، لكنني كيهودي لا أفقد الأمل، وويل إذا فقدته".

وأضاف غفني "توجد لدينا، بين جمهورنا، صرخة أيضا، ضد أولئك الذين لا يدرسون (التوراة) ولا يخدمون. ونحن نريد مساواة في العبء أيضا. فعندما يكون شعب إسرائيل في خطر ينبغي أن يدرسوا التوراة وينبغي أن يخدموا في الجيش أيضا. كلا الأمرين مهمان. لكنني لم أر أنهم يريدون سحب حقوق مدنية أساسية من المتهربين من الخدمة الذين لا يدرسون التوراة". وأشار إلى حدوث تحولات داخل المجتمع الحريدي "فالحريديم الذين يخرجون إلى سوق العمل في تزايد، وهناك حريديم من يكتسبون مهنة ويخدمون في الجيش، وهذا يتم بالاتفاق. وإذا سحبوا الآن الحقوق المدنية من طلاب الييشيفوت، فليس أن هذا لن يساعد وحسب وإنما ستتوقف هذه التحولات".

وقال رئيس كتلة "يهدوت هتوراة، عضو الكنيست يسرائيل آيخلر، إن "منظمي المظاهرة (السبت الماضي) يثبتون بعدائهم للحريديم أن الهدف ليس الأمن وإنما بوتقة الصهر لتربية جديدة لأولاد الحريديم. والجمهور الحريدي يدرك جيدا أن النظام العلماني ينظر إلى أولاد التوراة والييشيفوت على أنهم ’الخطر الحقيقي’ على الدولة. وكل خطط ’التجنيد والدمج’ هدفها القضاء على جهاز التعليم الحريدي وإلغاء التوراة في إسرائيل. ومن يريد مساواة في الأعباء، فليلغ التجنيد الإلزامي للجيش".

من جانبه دعا الزعيم الروحي لحزب شاس لليهود الشرقيين، الحاخام عوفاديا يوسيف، إلى إلغاء العطلة الصيفية، وقال إنه "لن تكون هناك عطلة هذا العام. يجب تعلم التوراة والاستقواء بالتوراة". ودعا الجمهور اليهودي في إسرائيل والعالم إلى إقامة صلوات خاصة.

وقال يوسيف "نحن موجودون الآن في مصيبة كبرى. وهناك من يفكر بتقليل الاحترام للتوراة وبدارسي التوراة، لكن إسرائيل ليست موجودة إلا بفضل التوراة. ونحن محاطون بالكارهين، يوجد إيران، حزب الله، ويوجد الفلسطينيون أعداء شعب إسرائيل. من سينقذنا من أيديهم؟ التوراة! من دون التوراة، لما كان العالم قد خُلق أبدا".



"مظاهرة تحريض ضد الحريديم والعرب"

رأى رئيس تحرير صحيفة "هآرتس"، ألوف بن، في مقال نشره الأحد الماضي، أن "مظاهرة ’شعب واحد - تجنيد واحد’، بالأمس في باحة متحف تل أبيب، كانت مظاهرة تحريض ضد الأقليات في المجتمع الإسرائيلي، الحريديم والعرب. ومن صرخ ’أنا لست غشيما’ لا يبحث حقا عن طرق لزيادة اندماج مجتمعات الأقلية، من أجل تخفيف التوترات الداخلية وإنقاذ اقتصاد إسرائيل من الانهيار. وقد أراد المتظاهرون أمرا واحدا فقط وهو أن يعاني ويعاقب ’الآخرون’ على استثنائيتهم".

وأضاف أن "السياسيين والخطباء الذين يقترحون الآن ’مساواة في العبء’ يعرفون أنه لن تكون هناك أية مساواة غدا أيضا. ولا يوجد أي سيناريو يرتدي فيه أعداد كبيرة من الشبان الحريديم والعرب الزي العسكري ويخدمون ثلاث سنوات في الجيش الإسرائيلي، مثل الشبان العلمانيين والمتدينين القوميين. والدولة لن تفرض عليهم التجنيد، وزعماء ’احتجاجات الغشماء’ لا يروجون لواقع كهذا أيضا. فهم لا يعتزمون تحويل مطابخ الجيش إلى مطابخ حلال، أو إبعاد المجندات إلى وحدات منفصلة، لكي يشعر الحريديم بالراحة. و’الغشماء’ ينظرون إلى العرب على أنهم اعداء الدولة ولا يخططون لضم أبناء سخنين إلى (وحدة) غفعاتي أو إلى دورة طيران".

وأشار بن إلى أن ما يتم طرحه على الحريديم والعرب هو الخدمة المدنية، التي وصفها بأنها "اسم مغسول لأعمال سخرة، أو لعبودية تحت رعاية الدولة... والخدمة القصيرة والجزئية لا تسمح بمنحهم تأهيلا مهنيا حقيقيا، وسيكتفي المجندون بأعمال إدارية وأعمال تنظيف وطبخ".

وشدد بن على أنه "خسارة على المال والجهد. وجيش العبيد لبليسنر لن يحقق المساواة ولا الاندماج. وينبغي على الجهد الوطني أن يركز على مسألة واحدة، وهي كيفية دمج المجتمعين العربي والحريدي في أعمال منتجة. وكيف تتم إزالة الحواجز وخلق فرص ووضع محفزات وتربية الأغلبية ضد العنصرية والأفكار المسبقة. وخطابات التحريض في المظاهرة الحاشدة أمس ليست الطريق إلى هذا الهدف".

من جانبه وصف المحلل العسكري في صحيفة "معاريف"، عوفر شيلح، توصيات لجنة بليسنر بأنها "توصيات ضعيفة وغير قابلة للتطبيق"، مضيفا أن "ثمة شكا فيما إذا كان حريدي ما، في الثالثة والعشرين من عمره مع طفلين ونصف طفل، سيتم تجنيده للجيش".

ورأى المحلل أنه "بعد أن ينتهي نتنياهو من ارتكاب الأخطاء، سيبلور الحل، ويعرف الجميع أن هذا ما سيحدث: سيطرح مشروع قانون، سيكون في الواقع قانون طال تحت غطاء آخر، وسيعبر امتحان المحكمة العليا بطريقة ما وبعد ذلك سيختفي داخل البيروقراطية - السياسية الشائكة".



"الصهيونية والحريدية هما مثل الزيت والماء"

لكن كبير المعلقين في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، أشار إلى أنه "لا يوجد حلف بين حزب صهيوني وفصيل حريدي، لا يوجد حلف تاريخي ولا حلف طبيعي. والصهيونية والحريدية هما مثل الزيت والماء. وتكفي قراءة تهجمات الحريديم على الدولة والصهيونية في صحفهم ومواقعهم الالكترونية، في سياق النقاش حول ضربة التجنيد، من أجل أن نفهم أن مجرد الحديث عن حلف هو إهانة لكرامة الجانبين".

وأضاف برنياع أنه "توجد لدى الحاخامين الأشكناز، بالطبع، آراء في المواضيع التي تفصل بين اليسار واليمين. والليتوانيون (وهم أكبر تيار حريدي أشكنازي) يرفضون السيطرة على المناطق (الفلسطينية) والاستيطان فيها. وهم يرون بذلك استفزازا للأغيار (أي غير اليهود)". وأشار إلى أنه، من الجهة الأخرى، هناك تيار الحريديم الحسيديم، الذي يعارض أي انسحاب من مستوطنات حريدية في الضفة الغربية.

واعتبر المحلل أن الأمر المقرر هو أن كلا التيارين الحريديين "لا يوليان أهمية كبيرة لقضايا تمزق الجمهور غير الحريدي منذ العام 1967. وما يهمهم في العلاقة مع الدولة هو مجتمعهم. ولم يولد بعد الحاخام الحريدي الذي يبدي استعدادا للتنازل من أجل أرض إسرائيل عن إعفاء من التجنيد لطالب ييشيفاة من فصيله، ولم يولد بعد الحاخام الحريدي المستعد للتنازل من أجل السلام عن ميزانية لليشيفوت التي يتبع لها".

ووفقا لبرنياع فإن الصفقة بين حكومات إسرائيل، سواء كانت برئاسة حزب العمل أو حزب الليكود، وبين الحريديم هي كالتالي: الحريديم قالوا دائما للحزب الحاكم "أعطونا حكما ذاتيا، معفيا من الواجبات ومدعوما ماليا، ونحن سندعمكم بكل ما هو مهم لكم". ورأى المحلل أن هذا لم يعد ممكنا الآن لأن عدد الحريديم في تزايد مستمر.

وخلص برنياع إلى أن "قادة الوسط الحريدي ليسوا أولادا ويحظر التعامل معهم على أنهم أولاد. ويوجد ثمن لنجاحهم الديمغرافي. والثمن هو صفقة جديدة، مختلفة في جوهرها، مع الأغلبية غير الحريدية. وهم بإمكانهم أن يكرهوا الدولة أو أن يحبوها، لكن ما من خيار أمامهم سوى أن يكونوا جزءا منها. وهذا ما تعين على رئيس الحكومة أن يقوله لهم بدلا من تغيير مواقفه وتشكيل لجنة تلو الأخرى".









هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي



"مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"، و لا يعكس آراء الاتحاد الاوروبي".