تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.

شاؤول موفاز يؤيد استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين ويعارض ضرب إيران وسيركز على القضايا الاجتماعية

شاؤول موفاز، رئيس حزب كاديما الجديد، الذي أطاح برئيسة الحزب السابقة، تسيبي ليفني، الأسبوع الفائت، هو جنرال احتياط وسياسي يميني. وهاتان الخصلتان من شأنهما أن تمنحا، بنظر الإسرائيليين، شعبية لزعيم حزب كان في السنوات الأخيرة أكبر حزب في إسرائيل. هكذا على الأقل كانت حال الجنرالات الذين دخلوا الحلبة السياسية في إسرائيل، مثل إسحاق رابين وأريئيل شارون وايهود باراك وأمنون ليبكين شاحك. فقد وصلت شعبية هؤلاء الجنرالات إلى القمة بعد انتخابهم زعماء لأحزابهم، ولو لفترة قصيرة. لكن حال موفاز، بعد انتخابه زعيما لكاديما، وفي الأجواء اليمينية السائدة في إسرائيل اليوم، لم تكن مثل حال أسلافه الجنرالات. فقد أظهرت استطلاعات الرأي العام، التي تم نشرها في نهاية الأسبوع الماضي، أن شعبية حزب كاديما، غداة انتخاب موفاز، تنزلق من حضيض إلى حضيض.

إعداد وحدة المشهد الإسرائيلي

ويشير المحللون إلى عدة أسباب أدت إلى تدني شعبية موفاز، بينها أن أوساطا واسعة في الجمهور الإسرائيلي تنظر إليه على أنه يفتقر لأيديولوجية سياسية ومواقفه متذبذبة ويسعى وراء المناصب. وربما هناك سبب آخر، لا يشير إليه المحللون حاليا ولكنه لا يزال يلعب دورا قويا ومركزيا في إسرائيل، وهو أن موفاز شرقي الأصل، لكونه مولودًا في إيران. ولعل ثمة سبب ثالث يتعلق باهتمامات الجمهور الإسرائيلي في الوقت الراهن وفي فترة ما بعد الاحتجاجات الاجتماعية، التي جرت في إسرائيل في الصيف الماضي، وهو أن تفكير موفاز يعتبر تفكيرا عسكريا لم يلامس حتى الآن القضايا الاجتماعية والاقتصادية بشكل بارز.



طريق موفاز

ولد شاؤول موفاز في إيران في العام 1948. وهاجرت عائلته إلى إسرائيل عندما كان في التاسعة من عمره. وفي العام 1966 التحق بالجيش الإسرائيلي وانضم إلى لواء المظليين، وشارك في حرب حزيران العام 1967 وفي حرب الاستنزاف في نهاية الستينيات. وفي حرب تشرين العام 1973 كان قائدا لإحدى وحدات النخبة وهي "سرية المظليين". وشارك في العام 1976 في عملية تحرير الرهائن في مطار عينتيبة الأوغندي، وكان حينها نائبا لقائد وحدة كوماندوس النخبة "سرية هيئة الأركان العامة"، التي قادها يونتان نتنياهو، شقيق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

وتولى موفاز مناصب رفيعة في الجيش الإسرائيلي، بينها قائد القوات في الضفة الغربية وقائد الجبهة الجنوبية ورئيس شعبة التخطيط ونائب رئيس أركان الجيش. وفي العام 1988 عينه نتنياهو، خلال ولايته الأولى في رئاسة الحكومة، رئيسا لأركان الجيش الإسرائيلي.

وبعد تسريحه من الخدمة العسكرية دخل موفاز إلى الحياة السياسية، وانضم إلى حزب الليكود، الذي كان يتزعمه حينذاك أريئيل شارون. وعينه شارون وزيرا للمواصلات، في العام 2002، وفي ولايته الثانية عينه وزيرا للدفاع. وقاد موفاز تنفيذ خطة الانفصال عن قطاع غزة في صيف العام 2005.

وفي أعقاب انشقاق شارون عن حزب الليكود، على أثر المعارضة الواسعة في هذا الحزب بقيادة نتنياهو لخطة الانفصال، وتأسيس حزب كاديما، انسحب موفاز من الليكود وانضم إلى الحزب الجديد. ولم يكن موفاز منافسا لايهود أولمرت على زعامة كاديما بعد غياب شارون إثر جلطة دماغية أدخلته في غيبوبة لا يزال يغط فيها حتى اليوم. لكن عقب استقالة أولمرت بعد أن التصقت به شبهات فساد، رشح نفسه لرئاسة كاديما ضد وزيرة الخارجية في حينه، تسيبي ليفني، في الانتخابات الداخلية التي جرت في العام 2008، استعدادا للانتخابات العامة في شباط العام 2009. وخسر موفاز في الانتخابات الداخلية لرئاسة كاديما لصالح ليفني بفارق ضئيل جدا. وعلى أثر ذلك أعلن موفاز عن اعتزاله الحياة السياسية، لكن هذا الاعتزال لم يستمر لأكثر من شهر واحد، عاد بعده إلى صفوف كاديما وأصبح الرجل الثاني في الحزب.

وخرج كاديما، بزعامة ليفني، من انتخابات العام 2009 كأكبر حزب إسرائيلي، ومثله في الكنيست 28 نائبا. وكادت ليفني أن تشكل الحكومة بعد هذه الانتخابات لكنها رفضت الرضوخ لابتزازات أحزاب كانت مرشحة لأن تكون شريكة في تحالفها، وخصوصا حزب شاس الحريدي. وفي المقابل لم تكن لدى ليفني مشكلة في التحالف مع حزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة أفيغدور ليبرمان اليميني المتطرف، علما أن هذا الأخير فضّل في نهاية المطاف التحالف مع نتنياهو. وأسفر أداء ليفني في هذه المفاوضات الائتلافية عن إعادة نتنياهو إلى ولايته الثانية في رئاسة الحكومة.

وطرح موفاز في العام 2009 خطة سياسية اقترح من خلالها الإعلان عن قيام دولة فلسطينية على مرحلتين، بحيث يتم في المرحلة الأولى انسحاب الجيش الإسرائيلي من مناطق في الضفة الغربية، وبعدها تجري مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين لمدة محدودة لا تتجاوز عاما واحدا، من أجل التوصل إلى اتفاق على حل دائم، وبعدها يُعلن عن دولة فلسطينية مستقلة (اقرأ عن هذه الخطة في سياق لاحق).

وبرزت خلافات وضغائن كبيرة للغاية بين موفاز وليفني منذ الانتخابات العامة الماضية. وترددت خلال هذه الفترة أنباء عديدة عن أن موفاز يخطط، بالتنسيق مع نتنياهو، للانسحاب على رأس مجموعة مؤلفة من سبعة نواب من كاديما والانضمام إلى الليكود. وحتى أن التحالف الحكومي سعى إلى سن قانون في الكنيست يسهل على موفاز الإقدام على خطوة كهذه. لكن هذه الخطوة لم تخرج إلى حيز التنفيذ، وفي موازاة ذلك أخذ موفاز يتحدى زعامة ليفني لكاديما ويطالب بإجراء انتخابات داخلية على رئاسة الحزب. واضطرت ليفني إلى الموافقة على إجراء هذه الانتخابات، التي أسفرت عن فوز موفاز.


فوز ساحق وشعبية متدنية

بعد ظهور النتائج النهائية للانتخابات الداخلية على رئاسة حزب كاديما، التي جرت يوم الثلاثاء – 27.3.2012، تبين أن موفاز حقق فوزا ساحقا على ليفني، بفارق 25% من الأصوات. فقد حصل على تأييد 61.9% من أصوات أعضاء كاديما فيما حصلت ليفني على 37.1% من الأصوات. وشارك في التصويت قرابة 44% من أعضاء الحزب.

ووصفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" هذه النتيجة بالنسبة إلى ليفني بأنها "ليست هزيمة، وإنما تحطم، انهيار مطلق، حجب ثقة". وأضافت: "إن أي كلمة في القاموس تعبر عن سقوط كبير وهائل ملائمة لما حدث لليفني... ورغم ذلك، ربما هناك كلمة ملائمة جدا لما حدث في كاديما: إطاحة. فأعضاء حزب كاديما أطاحوا رئيسة الحزب. وقالوا لها بصورة لا لبس فيها: تسيبي، اذهبي إلى البيت".

وتبين من نتائج الانتخابات أن موفاز حصل على تأييد الغالبية الساحقة من الأعضاء العرب في كاديما، رغم أن هذا الحزب بالكاد حصل على أصوات معدودة في الانتخابات العامة الأخيرة. وعلى سبيل المثال، حصل موفاز على 240 صوتا، وليفني على 35 صوتا، في صندوق الاقتراع في قرية دير الأسد في الجليل، بينما في الانتخابات العامة الأخيرة حصل كاديما على 27 صوتا فقط في هذه القرية.

وبعد يومين من فوز موفاز جاء الاستطلاع الأول، الذي أظهر تدني شعبيته وشعبية حزبه.

وتبين أن استمرار وجود ليفني في الحزب من شأنه أن يرفع شعبية الحزب، ولو بقليل. فقد دل استطلاع نشرته "يديعوت أحرونوت"، يوم الخميس الماضي، على أنه في حال جرت الانتخابات العامة الآن، فإن كاديما سيحصل على 12 مقعدا في الكنيست (بينما حصل حزب كاديما على 13 مقعدا، وفقا لاستطلاع نشرته صحيفة "معاريف"، يوم الجمعة الماضي، واستطلاع القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي منحه 15 مقعدا). وتنبأ الاستطلاع بأن يحصل الحزب الذي سيؤسسه الإعلامي الإسرائيلي يائير لبيد على عدد المقاعد نفسه.

ولكن في حال قررت ليفني الانشقاق عن كاديما والانضمام إلى لبيد فإن الحزب الجديد سيحصل على 15 مقعدا في الكنيست، وسيتراجع كاديما إلى 11 مقعدا. وسارع لبيد، في أعقاب هذا الاستطلاع إلى الإعلان أنه لن يضم ليفني إلى حزبه، كما أعلنت ليفني، على لسان مقربين منها، أنها لا تنوي الانضمام إلى لبيد. وقال موفاز إن يأمل بأن تبقى ليفني في كاديما، لكنه رفض التعهد بمنحها المكان الثاني في قائمة الحزب في الانتخابات العامة المقبلة. وأضاف أنه مقتنع بأن لكل شخص يوجد بديل.

غير أن الفائز الأكبر والمستفيد الأول من فوز موفاز برئاسة كاديما هما حزب العمل ورئيسته عضو الكنيست شيلي يحيموفيتش. فقد تنبأ الاستطلاع بأن حزب العمل سيحصل على 18 مقعدا في الكنيست. علما أنه في الاستطلاع السابق الذي نشرته "يديعوت أحرونوت"، قبل أسبوع واحد فقط، حصل حزب العمل على 13 مقعدا. أي أن شعبية العمل ارتفعت بـ 5 مقاعد بعد تغيّر رئيس كاديما.

وتبين من هذا الاستطلاع أيضا، أن وجود ليفني إلى جانب لبيد أدى إلى خسارة كل من كاديما والعمل وحزب الليكود أيضا، مقعدا واحدا لصالح ليفني. وأظهر الاستطلاع أن حزب الليكود بزعامة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، سيكون الحزب الأكبر في الانتخابات المقبلة وسيحصل على 29 مقعدا في الكنيست.

وأشار الاستطلاع إلى أن شعبية موفاز متدنية بكافة المقاييس. فلدى سؤال المستطلعين حول الشخص الأنسب لتولي رئاسة الحكومة، أجاب 54% بأنه نتنياهو، بينما قال 16% فقط إن موفاز هو الأنسب.

وعلقت محللة الشؤون الحزبية في "يديعوت أحرونوت"، سيما كدمون، على نتائج الاستطلاع قائلة "هذه نتائج ليست جيدة" بالنسبة لموفاز، "لأنه في الاستطلاع الأول بعد الفوز في الانتخابات الداخلية، اعتدنا أن نرى أن عدد المقاعد يرتفع. هكذا حدث بعد فوز عمير بيرتس [برئاسة حزب العمل] وبعد فوز يحيموفيتش وبعد فوز ليفني. ولذلك فإنه ينتظر موفاز عمل صعب".

وأضافت كدمون أن "العمل الصعب هو آخر شيء يخيف موفاز. فقد أثبت هذا الرجل أن لا شيء كبيرا بالنسبة له، وما لا ينجح بتحقيقه في المرة الأولى، يحققه في المرة الثانية. وإذا نجح الرئيس الجديد في أن يفعل حتى الانتخابات ما فعله في كاديما، فإن ثمة احتمالا لأن يغير تاريخ الاستطلاعات".



"على نتنياهو أن يخاف"

تعمد موفاز من خلال التصريحات التي أطلقها في الشهور الأخيرة القول إنه سيفوز في الانتخابات العامة المقبلة برئاسة الحكومة. كذلك فإنه بعد أن أعلن ترشيح نفسه لرئاسة كاديما أصبح موفاز يهاجم نتنياهو بشكل مكثف. والأهم من ذلك هو أنه أطلق تصريحات واضحة تظهر الفرق بين رؤيته السياسية والأمنية وبين رؤية نتنياهو.

وفي هذا السياق لم يتردد موفاز في طرح موقف مختلف عن موقف نتنياهو فيما يتعلق بالموضوع الإيراني. وفي مقابل تعنت نتنياهو في الموضوع الفلسطيني، طرح موفاز خطة سياسية مفصلة لحل الصراع، كما هو مذكور أعلاه، ما يعني أنه يرفض على الأقل وصول العملية السياسية إلى طريق مسدودة.

ويأتي أداء موفاز السياسي مختلفا عن أداء ليفني، التي لم تعبر عن وجود فرق كبير بينها وبين نتنياهو، باستثناء الدعوة إلى استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين من أجل تحسين صورة إسرائيل في العالم وكي تتمكن إسرائيل من شن حروب وعمليات عسكرية، ضد الفلسطينيين خصوصا، من دون إثارة غضب العالم، مثلما حدث، كما تدعي، في حرب لبنان الثانية والحرب على غزة.

وتطرق موفاز خلال مقابلات أجرتها معه الصحف الإسرائيلية الثلاث، "يديعوت أحرونوت" و"معاريف" و"هآرتس"، ونشرتها يوم الجمعة الماضي، إلى شعبيته المتدنية، كما ظهر من الاستطلاعات. وقال في هذا السياق إنه "ينبغي أن يتعرف عليّ الجمهور بشكل أفضل، وهذه مسألة وقت. وعندما يتعرف عليّ الجمهور فإنه سوف يعرف كيف يهضمني".

وأشار موفاز إلى الاختلاف بين موقفه وموقف نتنياهو من الموضوع النووي الإيراني. وفيما يتحدث نتنياهو عن هجوم عسكري إسرائيلي محتمل ضد إيران، قال إن "نتنياهو يقوم بعملية تضليل سياسية في قضية التهديد النووي الإيراني. هذا تهديد وجودي [على إسرائيل]، لكن ينبغي على الأميركيين قيادة الصراع العالمي ضد إيران. وأنا مصرّ على أن تحتفظ إسرائيل لنفسها بكافة الخيارات. والخيار العسكري يجب أن يكون الخيار الأخير، ويجب أن تقوده الولايات المتحدة، كخيار أخير".

لكن موفاز أضاف أنه "إذا لم تعمل الولايات المتحدة عندما يقترب الإيرانيون من حيازة سلاح نووي وتكون هناك حاجة لعملية عسكرية، فإني سأمتثل إلى جانب رئيس الحكومة وسأساعده بكل قدراتي. لكن هذا ما زال بعيدا، مسافة سنتين على الأقل. والتصريحات غير المسؤولة التي يطلقها نتنياهو، وكأنه يجب تنفيذ ذلك خلال شهور، تؤدي إلى نشوء واقع ليس جيدا".

وأكد موفاز رفضه انضمام حزب كاديما إلى حكومة نتنياهو. وقال إن "كاديما برئاستي ستبقى في المعارضة. وهذه الحكومة تمثل بنظري كل ما هو سيء في إسرائيل. فلماذا ننضم إليها؟". وأعلن موفاز أنه "الآن، بعد انتخابي، ينبغي على نتنياهو أن يخاف".

وفيما يتعلق بالعملية السياسية والمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، قال موفاز إنه "يجب العودة إلى طاولة المفاوضات. نتنياهو أزال التعامل مع الموضوع السياسي عن الأجندة الإسرائيلية. وهو خلق أزمات واهتم بأن لا تكون علاقات مع مصر والأردن. والملك [الأردني] عبد الله جاء إلى رام الله ولم يدخل إلى ديوان رئيس الحكومة [الإسرائيلية]".



في انتظار الاحتجاجات الاجتماعية

تجدر الإشارة إلى أنه خلال هذه المقابلات لم يتطرق موفاز إلى العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين، باستثناء الفقرة المذكورة أعلاه، في المقابلة التي أجرتها معه "معاريف"، بينما خلت المقابلتان في "يديعوت أحرونوت" و"هآرتس" من أي ذكر للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني وسبل حله.

ويعتبر موفاز أنه بعد تزعمه كاديما، يتعين عليه الآن التركيز على موضوع واحد، هو الموضوع الاجتماعي – الاقتصادي، ويأمل أنه بواسطة هذا الموضوع سيتمكن من أن يشكل بديلا لنتنياهو في الحكم.

وقال موفاز "سنركز على تغيير طريقة الحكم، وقضايا المساواة في تحمل الأعباء، وعلى القضايا الاجتماعية". ولم يُخفِ موفاز أمله بتجدد الاحتجاجات الاجتماعية في إسرائيل في الصيف المقبل، مثلما حدث في الصيف الماضي. وقال "إذا تجددت الاحتجاجات في الصيف، ويحاول نتنياهو، كعادته، عدم التعامل معها بجدية، فإن هذه ستكون أم كل الاحتجاجات وأنا سأقودها. أنا سأقود الجمهور العقلاني، الديمقراطي، الليبرالي، أغلبية الشعب في إسرائيل التي تبحث عن عنوان. سأكون عنوانه. وأول شيء سأفعله لدى افتتاح الدورة الصيفية للكنيست، في أيار المقبل، هو تقديم مشروع قانون بديل لقانون طال" الذي يمنح الحريديم امتيازات ويقصر فترة خدمتهم العسكرية، وقررت المحكمة العليا الإسرائيلية، مؤخرا، إلغاء سريان مفعوله في شهر آب المقبل.

وأضاف "سوف أغير الوضع. والأمل سيتحقق. وأنا أتعهد بأن كل شاب في إسرائيل سيتمكن من الحصول على سكن بسعر معقول وبأقل من مليون شيكل. وسأخفض سعر الأراضي إلى الصفر. وسأهتم بالطبقة الوسطى والشرائح الضعيفة والشبان. إذ لا يوجد أي سبب لأن تشكل الضرائب غير المباشرة 16 إلى 17 بالمئة. وسأخفضها إلى 12 بالمئة. وسألقي تكلفة ذلك على كاهل الطبقات التي لديها مال".

ورأى أن سياسة نتنياهو هي التي تزيد الأعباء الاقتصادية على الطبقات المتوسطة والضعيفة لأن "نتنياهو ولد مع ملعقة من ذهب في فمه، والموضوع الاجتماعي لا يهمه. وهذا سبب آخر جعله يضع الموضوع الإيراني في رأس أجندته. وبالمقابل أنا أدرك ما هو النقص وأفهم ماذا يعني الفقر".

وليس صدفة أن موفاز اختار التركيز على الموضوع الاجتماعي، إذ أن لبيد عندما أعلن عن دخوله إلى الحياة السياسية طرح الحزب الذي سيؤسسه على أنه ينبثق من الاحتجاجات الشعبية. وأعلن لبيد أن شعاره المركزي هو "أين المال؟" وأن الطبقة الوسطى هي التي تتحمل أعباء إسرائيل، الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. وإلى جانب ذلك فإن لبيد مستقر نسبيا في استطلاعات الرأي في الشهور الأخيرة، التي تتنبأ بأن يحصل حزبه، رغم أنه لم يؤسس حتى الآن، على 13 – 15 مقعدا في الكنيست في الانتخابات المقبلة. كذلك فإن موفاز يرى تزايد شعبية حزب العمل في الاستطلاعات بسبب بروز رئيسته، شيلي يحيموفيتش، كداعمة للاحتجاجات والقضايا الاجتماعية، بعدما أهملت، نسبيا، القضايا السياسية، وحصل حزبها في الاستطلاعات الأخيرة على 18 مقعدا، بعدما كان آيلا إلى الانهيار.



"خطة موفاز"

كان موفاز، كما ذكر أعلاه، قد عرض في خريف 2009 "خطة سياسية" تقضي بالتفاوض مع الفلسطينيين، بما في ذلك حماس في حال فوزها في الانتخابات الفلسطينية، وإقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة في مساحة 60% من الضفة الغربية وقطاع غزة.

وقد استعرض موفاز خطته السياسية في مؤتمر صحافي عقده في تل أبيب، يوم 8.11.2009، وقال إنه "في حال فوز حماس في الانتخابات وأرادت الجلوس إلى طاولة المفاوضات فإنها تكون في تلك اللحظة قد وافقت على شروط الرباعية الدولية (القاضية بالاعتراف بإسرائيل والاتفاقيات الموقعة ونبذ العنف) وليست منظمة إرهابية".

وأضاف موفاز أنه صاغ مبادرته السياسية خلال نصف العام الذي سبق عقد مؤتمره الصحافي، وفي صلبها قيام دولة فلسطينية بحدود مؤقتة في 60% من مساحة الضفة الغربية وبدعم أميركي في المرحلة الأولى، وأنه "لدى نهاية العملية السياسية (المرحلة الثانية) سيحصل الفلسطينيون على كل مساحة الضفة الغربية، ليس حدود العام 1967 وإنما مساحة الضفة".

وتابع أنه في هذه المرحلة لا حاجة إلى إخلاء مستوطنات لكن من أجل أن تثبت إسرائيل للفلسطينيين بأنها جدية ينبغي البدء بسن قانون إخلاء وتعويض المستوطنين في المستوطنات المعزولة الواقعة شرقي الجدار العازل، والتي يقطنها نحو 70 ألف مستوطن، وأن تسمح القوانين بهذا الخصوص بإقامة مستوطنات جديدة في الكتل الاستيطانية، التي يرى موفاز أنه يجب ضمها إلى إسرائيل، وفي منطقة الجليل في شمال إسرائيل.

وفي موازاة ذلك يقترح موفاز الشروع في المرحلة الثانية من المفاوضات حول قضايا الحل الدائم بين إسرائيل والفلسطينيين، ولا يستبعد موافقة إسرائيل خلالها على الانسحاب من الأحياء الفلسطينية الواقعة في أطراف القدس، ما يعني رفضه انسحاب إسرائيل من كل القدس الشرقية وخصوصا البلدة القديمة ومحيطها.

وقال موفاز إن "دولة إسرائيل ملزمة بالجلوس مع جهة تغير أجندتها وأنا مقتنع بأن قيادة مسؤولة ستجلس مع جهة كهذه، رغم أني أعلم أيضا أن حماس تواصل إطلاق الصواريخ وتخزين صواريخ طويلة المدى والاستعداد لاستمرار المواجهة. وبودي القول لقيادة حماس إنها إذا استمرت بهذه الطريق فإنها ستحسم مصيرها".

وهاجم موفاز رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قائلا إنه "يعيق العملية السياسية ويهدر الوقت. ونحن كدولة لا نملك امتياز إهدار الوقت... وإذا لم يطبق نتنياهو هذه الخطة فإني آمل أن أحصل على الفرصة (بتولي رئاسة الحكومة) لتطبيقها. فالهدوء الحاصل كاذب. وهذا الوضع ينطوي على انعدام مسؤولية، لأن الوقت لا يعمل في صالحنا".

ورأى محللون سياسيون إسرائيليون في حينه أن طرح موفاز لخطته يعني أنه يبلور معارضة داخل حزب كاديما لعملية أنابوليس، التي ترى رئيسة الحزب ووزيرة الخارجية السابقة، تسيبي ليفني، أنها السبيل الأفضل لحل الصراع.

وقال موفاز إنه بلور خطته السياسية بعد مشاورات عديدة أجراها مع جهات مهنية في جهاز الأمن الإسرائيلي ورؤساء معاهد أبحاث وشخصيات سياسية. وشدد على أن الجمود السياسي مع الفلسطينيين، الحاصل في هذه الأثناء، يشكل خطرا ويلحق ضررا بإسرائيل من الناحية الديمغرافية وفيما يتعلق بشرعية إسرائيل في العالم.

وانتقد قياديون في حزب كاديما موفاز وخطته ونقلت عنهم الإذاعة الإسرائيلية العامة قولهم إن "موفاز ارتبك قليلا لأنه في الكنيست يعملون في عملية التشريع وسن القوانين وينشغلون بشكل أقل في الخطط السياسية". وشدد القياديون على أن "موفاز ليس عضوا في حزب شخصي له وإنما في كاديما، وإذا كانت لديه خطة سياسية فإن عليه أن يعرضها في مؤسسات الحزب".

من جانبها رفضت رئيسة حزب كاديما، تسيبي ليفني، خطة موفاز وخصوصا البند المتعلق بإجراء محادثات مع حماس. وذكرت تقارير صحافية إسرائيلية أن ليفني وصفت خطة موفاز، خلال محادثات مغلقة أجرتها مع أعضاء كنيست من حزبها، بأنها "تلحق ضررا بالحزب وتتعارض مع برنامجه السياسي". لكن من الجهة الأخرى فإن أعضاء كنيست من مؤيدي موفاز في داخل كاديما دعوا ليفني إلى إجراء "نقاش جدي" في الخطة.

وأظهر استطلاع للرأي العام نشرته صحيفة "هآرتس" أن 57% من الإسرائيليين أبدوا تأييدهم للخطة السياسية التي طرحها موفاز، وعارض الخطة 39% من الإسرائيليين.

وفي مقابلة أدلى بها موفاز إلى صحيفة "معاريف" في 9/3/2012 قال إن نتنياهو يسعى لجعل العالم منشغلاً بالموضوع الإيراني ونسيان الموضوع الفلسطيني، لكن "الوقت لا يعمل لمصلحتنا. ففي المستقبل سيصعب علينا أكثر التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين. ومن دون هذه التسوية لا يمكننا القيام بإصلاح اجتماعي داخلي".

وأضاف "إن خطتي إزاء ذلك هي إقامة دولة فلسطينية على نحو 65% من أراضي الضفة الغربية من دون إخلاء مستوطنات، ومن ثم نستطيع الاتفاق على الحدود الدائمة وتحديد الترتيبات الأمنية. وعندما سيتحقق ذلك، فإن الوضع الاقتصادي والاستراتيجي لإسرائيل سيتحسن بصورة كبيرة، وسنتمكن من تحقيق الخطة الاقتصادية التي تلبي مطالب الاحتجاج الاجتماعي".