قبل نحو عام، في 18 أيار 2021، انتشر مقطع فيديو مصوّر عبر وسائل التواصل الاجتماعي يظهر فيه شابان عربيان من يافا يهاجمان حريدياً بعنف، تبين لاحقاً أنه الحاخام إلياهو مالي، رئيس المدرسة اليهودية، أعقب ذلك اعتقال شابين في الثلاثينات من العمر بتهمة الاعتداء على الحاخام. بناءً على ما تم نشره لاحقاً في الصحف؛ فإن الحاخام مالي وصل برفقة المدير العام للمدرسة الدينية إلى مدينة يافا لشراء شقة سكنية قبل أن تحاصرهما مجموعة من الشبّان العرب وتشتمهما. والحاخام والمدير العام للمعهد اليهودي حاولا توثيق الهجوم عليهما، قبل أن تبدأ المجموعة بضربهما.
لعبت الولايات المتحدة الأميركية، وتحديداً بعد الاحتلال الإسرائيلي لما تبقّى من أرض فلسطين التاريخية، دوراً كبيراً، وما زالت، في تقديم الدعم لإسرائيل على كافة المستويات، تجلّى أبرزها في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية. على الجهة المقابلة، شكّل المجتمع المدني في الولايات المتحدة الأميركية، وعلى غرار المستوى الرسمي، جسماً داعماً لسياسات إسرائيل ومجتمعها المدني ومنظمات وجمعيات تتبنّى خطاباً وفكراً يهودياً محافظاً يلتقي مع تيار المسيحية الصهيونية في الولايات المتحدة ويتقاطع معه في مواضع كثيرة.
ينهي الكنيست الإسرائيلي، هذا الأسبوع، الأسبوع الرابع من دورته الصيفية، التي تستمر حتى نهاية تموز المقبل. وحتى مطلع هذا الأسبوع، لا تلوح في الأفق أزمة جديدة، تجعل الائتلاف الحاكم يرتكز على أقلية برلمانية. ففي الأيام الأخيرة، لم تصمد زوبعة، أوحت باحتمال حل الكنيست، أنشأتها النائبة عن ميرتس غيداء ريناوي- زعبي، 24 ساعة، كما أن الائتلاف نجح في تمرير قانون يُغدق الامتيازات المالية على الجنود بعد إنهاء خدمتهم، بسبب تراجع الليكود وفريقه عن قرارهم بالمعارضة. ومن جهة أخرى، فإن الاقتصاد الإسرائيلي بات يغوص أكثر بتبعات التضخم المالي المتفاقم، ما قد يزيد لاحقا ضغوطا على الحكومة.
قليلة هي الأصوات الإسرائيلية التي اعترفت بأن نكبة 1948 كانت السبب الوحيد لما يُعرف بـ"قضية الأقلية العربية في إسرائيل"، وذلك في مناسبة إحياء ذكراها الـ74 التي صادفت يوم 15 أيار الحالي. وظلّت الغلبة من نصيب أصوات خلُصت إلى نتيجة مسبقة الأدلجة، فحواها أن إحياء النكبة يشكل أبلغ تعبير عن التمسك بالماضي وعدم الاستعداد لمماشاة الحاضر من خلال نسيان ما كان والتطلع من ثمّ إلى ما سوف يكون.
ومن الملفت أن بعض هذه الأصوات، بمن في ذلك تلك المحسوبة على اليمين الإسرائيلي الجديد، ذهبت إلى الاستنتاج بأن مشاركة حزب عربي (إسلامي) في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الحالي (الواقف وراء حكومة بينيت- لبيد)، لأول مرة في تاريخ الأحزاب العربية التي لا تدور في فلك الأحزاب الصهيونية، يعتبر دليلاً واعداً على اصطفاف مأمول وسط صفوف الفلسطينيين في إسرائيل، بين فريق يؤثر التمسك بالماضي انطلاقاً مما حدث في إبان النكبة في الأقل، وبين فريق آخر حسم أمره بأن يتعامل مع الحاضر، ويدير ظهره إلى الماضي المرتسم تحت وطأة النكبة. وبرز بين هذه الأصوات المحلل السياسي لقناة التلفزة الإسرائيلية 12، عميت سيغل، وهو أحد الضاربين بسيف بنيامين نتنياهو وتيار اليمين الجديد، في سياق مقاله الأسبوعي الذي ظهر في صحيفة "يديعوت أحرونوت" يوم الجمعة الماضي.
الصفحة 195 من 914