هذا الأسبوع ارتأينا تسليط مزيدٍ من الأضواء على اليمين الإسرائيلي المتطرّف والمتمثّل تحديداً في مثلث الأحزاب الذي شكّل تحالف "الصهيونية الدينيّة" (والقصد أحزاب الصهيونية الدينية بزعامة بتسلئيل سموتريتش، وعوتسما يهوديت بزعامة إيتمار بن غفير، ونوعام بزعامة آفي ماعوز) والذي فاز في الانتخابات العامة الأخيرة (جرت يوم 1/11/2022) بـ 14 مقعداً في الكنيست المنتخب (الـ 25). وبسبب هذا اليمين المتطرّف وما يحمله من أفكارٍ وما يقوم به من ممارسات ميدانية، توصف الحكومة التي أقامها بنيامين نتنياهو معه، ومع أحزاب اليهود الحريديم (المتشددون دينياً)، وهي حكومته السادسة، بأنها الأكثر تطرفّاً دينياً وقوميّاً حتى من طرف أقرب أصدقاء إسرائيل وحلفائها، كما عبّر عنهم الرئيس الأميركي جو بايدن.
قال بحث أكاديمي إسرائيلي جديد إن جمهورا واسعا، قد يكون الأغلبية، من أتباع التيار الديني الصهيوني لم يعد يجد بيتا سياسيا مناسبا له، إذ إن من يدّعي تمثيل هذا التيار في الكنيست، التحالف الانتخابي السابق "الصهيونية الدينية"، الذي جرف 51% من أصوات هذا الجمهور، حسب البحث، لا يمثل هذا الجمهور، بسبب نهجه الديني المتزمت، وتعامله مع مؤسسات الحكم. كما يضيف البحث أن نسبة التأييد الأكبر في هذا التحالف الانتخابي كانت لحزب "قوة يهودية" بزعامة إيتمار بن غفير، إلا أنه في استطلاعات الأشهر الأخيرة، خسر هذا الحزب نصف شعبيته. وفي سياق متصل يقول بحث آخر، إن 45% من اليهود الإسرائيليين يعرّفون أنفسهم بالمحافظين، لكن غالبيتهم تؤيد التعددية المجتمعية، وترفض قوانين وأنظمة الإكراه الديني.
"من يحترق الآن؟ حوّارة؛ بيوت وسيارات – حوّارة؛ مسنّات نساء وطفلات – حوّارة؛ تحترق كل الليل – حوّارة"، سمعت كلمات هذه الأغنية البغيضة، المركّبة على لحن مألوف، عبر مكبرات الصوت في المظاهرات المضادة التي نظمها اليمينيون في أمسيات السبت في بيت شيمش، أمام المظاهرات الاحتجاجية ضد الانقلاب القضائي. من المفترض أننا سنسمعها في الأيام القادمة في أماكن أخرى أيضاً. يجب أن نقرأها مرة أخرى، نقرأها ولا نصدق؛ أو، في الواقع، نعم نصدّق. فقبل أسابيع تسبب مستوطنون يرتدون القلنسوات بأعمال شغب في أم صفا وعوريف، أعمال شغب تابعت سابقاتها في حوارة وترمسعيا.
تجد موجة الاحتجاجات التي تجتاح شوارع إسرائيل منذ أكثر من ثلاثين أسبوعا تفسيرا لها في تفشي شعور جمعي بالتهديد وحالة من عدم اليقين والثبات واقتراب النهاية، عبر عنها المفكر الشهير يوفال نوح هراري في خطابه أمام المتظاهرين في تل أبيب في الثامن من تموز 2023 حيث اعتبر أن هذه المجموعة المتطرفة والظلامية ستحول إسرائيل "إلى أكبر دولة معادية للسامية في العالم" وأن وجود هذه المجموعة التي تجمع بين تأييد "الاحتلال وكراهية النساء والعنصرية والتطرف القومي والعداء للمثليين" سينتج "منظومة ديكتاتورية" لا يمكن التعايش معها.
الصفحة 122 من 894