تتعدّد، بالتزامن مع كتابة هذه الكلمة، الإشارات القوية إلى أن الأسبوع الحالي سيشهد تصعيداً غير مسبوق في حراك الاحتجاج على خطة الحكومة الإسرائيلية الرامية إلى إضعاف الجهاز القضائيّ. وأعتقد أن هذا الأمر بحدّ ذاته يستلزم منّا أن نتوقف عند هذه الإشارات ولو من باب الرصد، إلى جانب القيام بعرض آخر المستجدات المرتبطة بخطة الحكومة المذكورة والتي أعلنها وزير العدل الإسرائيلي ياريف ليفين قبل أكثر من نصف عام (يوم 3 كانون الثاني 2023).
هبوط حاد في نسبة المواطنين الإسرائيليين المتفائلين، مقابل ارتفاع كبير في نسبة المتشائمين، في كل ما يتعلق بالأوضاع الأمنية التي تعيشها دولة إسرائيل في الفترة الأخيرة والتي سوف تعيشها خلال الفترة القريبة القادمة في ظل المستجدات المتسارعة وفي ضوء ما يرشح عن خطط الحكومة الإسرائيلية الحالية المستقبلية، سواء على الصعيد الإسرائيلي الداخلي أو على صعيد العلاقة مع الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة أو على صعيد العلاقات الإقليمية، وخصوصاً مع بعض دول الجوار وإيران بالتحديد. هذه هي إحدى أبرز النتائج التي حملها استطلاع "مؤشر الصوت الإسرائيلي" لشهر حزيران الأخير، إن لم تكن أبرزها على الإطلاق.
شنت طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي فجر الثالث من تموز 2023 غارات استهدفت عدة مواقع في مخيم جنين للاجئين شمالي الضفة، إيذانا بانطلاق حملة عسكرية وصفت بأنها الأوسع من نوعها منذ اجتياح الضفة في العام 2002، وذلك بهدف تدمير "البنية التحية للإرهاب" وملاحقة مطلوبين واستعادة الأمن في المخيم، وفق ما لخصته سلسلة البيانات التي وزعها الناطق باسم جيش الاحتلال في أثناء العملية التي استمرت يومين وخلفت 12 شهيدا بينهم خمسة أطفال وفق الإحصائيات التي نشرتها وزارة الصحة الفلسطينية، إلى جانب أكثر من 140 إصابة جزء منها في حالة حرجة. أسفرت العملية العسكرية في الجانب الإسرائيلي عن مقتل جندي واحد وإصابة آخر بجروح، وحققت نتائج متواضعة ولم تنجح في اقتناص صورة انتصار أو الوصول إلى مطلوبين خطيرين متهمين بتنفيذ عمليات خطيرة ويتخذون من المخيم ملاذا لهم.
أنهت محاكمة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بقضايا فساد، في الأسبوع الماضي، أحد فصولها المركزية، إلا أن خط النهاية في هذه المحاكمة يبدو أنه ما زال بعيدا سنوات، في قضايا حينما تفجرت في نهاية العام 2016، ظنّ المحللون والمراقبون والمختصون، أنها ستبعد نتنياهو عن الحلبة السياسية في غضون أشهر، أو في غضون عام على الأكثر، لكن المحكمة الفعلية بدأت بعد أكثر من 4 سنوات، وهي دائرة منذ عامين و5 أشهر، والتقديرات تقول إنه ينتظرها وقت أطول، وأن خيار التسوية ما زال معقدا، وزاد من تعقيداته تصريح مشترك للقضاة الثلاثة، غير مسبوق في قضايا حساسة كهذه، أكسب نتنياهو نقاطا، تبعده كما يبدو عن التهمة الأخطر في الملفات الثلاثة، وهي قضية الرشوة. ومن الضروري الإشارة، إلى أن كل هذه القضية ثبت أنها لا تؤثر على شعبية نتنياهو انتخابيا.
الصفحة 125 من 894