بقلم: غادي الغازي (*)
مؤخراً دمرت قرية بأكملها في إسرائيل.. قرية بدوية اسمها" العراقيب"، وهي إحدى "القرى غير المعترف بها" في النقب الشمالي، على مسافة بضعة كيلومترات إلى الشمال من مدينة بئر السبع. وقد شارك في حملة الهدم المئات من أفراد الشرطة والوحدة البوليسية الخاصة، فيما نجح قرابة ثلاثين من نشطاء اليسار في الوصول من أماكن مختلفة، في اللحظة الأخيرة، من أجل التعبير عن التضامن والاحتجاج. غير أن قوات الشرطة أقامت جدارا حيا فصل بين الأهالي والمتضامنين معهم وبين بيوت القرية، واعتقلت عدداً من النشطاء وقامت بإخلاء النساء والأطفال بالقوة من بيوتهم، لتشق بذلك الطريق أمام البلدوزرات التي تولت هدم وتدمير البيوت والحقول على مرأى من أهالي "العراقيب".
قبل أحد عشر عاما انتخب إيهود باراك بأغلبية ساحقة رئيسا جديداً لحكومة إسرائيل، وقد تعهد بالخروج من لبنان والتوصل إلى تسوية دائمة مع الفلسطينيين. ولكن بعد مرور 18 شهرا أقصي باراك عن سدة الحكم، ودخلت إسرائيل في مواجهة ونزاع مع العالم المحيط بها: مواجهة بقوة منخفضة مع الفلسطينيين، ومعركتان عسكريتان بقوة متوسطة في لبنان وقطاع غزة، فيما تلوح في الأفق حرب (مواجهة بقوة مرتفعة) يتحدثون عنها كما لو أنها قدر محتوم.
لا يمكن للتصريحات التي أدلى بها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في الأشهر الأخيرة حول عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، إلا أن تثير الدهشة والاستغراب. فقد بدا من تصريحاته وكأنه يبذل المستحيل من أجل الشروع في مفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين في أسرع وقت، وأن الحديث يدور، حسب قوله، على مفاوضات ماراثونية تمهيدا للتوصل إلى تسوية شاملة (موضحا أن طريقة "التسوية على مراحل" فشلت ولن يتم العودة لها). والحجة التي يسوقها نتنياهو هي أن الوضع في الشرق الأوسط "متقلب جداً"، وأن هذه اللحظة، كما قال مؤكداً، هي اللحظة المناسبة للتوصل إلى تسوية. وشدد على أنه يتعين على الفلسطينيين الكف عن الاعتقاد الواهم بأن طرفا خارجيا، أي الولايات المتحدة، سيقدم لهم تسوية جاهزة، وقال إنه لا بديل من إجراء مفاوضات إسرائيلية- فلسطينية مباشرة.
في نطاق "الموضة" الجديدة لخطب الزعماء في الشرق الأوسط، والتي استهلها الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطابه في القاهرة، ألقى رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل خطاباً في الخامس والعشرين من حزيران الماضي رد فيه على خطابي أوباما ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو. وتكمن أهمية خطاب مشعل في أنه عرض الرؤية السياسية الكاملة والمحدَّثة لحركة "حماس"، وحسم بذلك أيضاً الجدل الدائر داخل الحركة ذاتها بين الذين يوصفون بالمعتدلين وأولئك الذين يوصفون بالمتطرفين، لصالح معسكر المعتدلين.
الصفحة 722 من 894