بالرغم من أن الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن أكد أن ولايته في "البيت الأبيض" لن تكون بمثابة "ولاية ثالثة" لباراك أوباما، الرئيس الأميركي السابق (2008-2016) الذي أشغل بايدن منصب نائب له، نظراً إلى ما طرأ على الولايات المتحدة وعلى العالم من تغيرات منذ ذلك الوقت، فإن تحليلات كثيرة استندت إلى قيام هذا الأخير بتعيين عدد كبير من الأشخاص الذين كانوا في عداد طاقم أوباما في أبرز المناصب المفتاحية في الإدارة الأميركية المقبلة، كي تخلص إلى نتيجة فحواها أن احتمالات استمرارية السياسة التي انتهجتها إدارة أوباما على المستويات كافة ستظل أكبر من احتمالات تغييرها.
وعلى فرض حدوث ذلك، أتصوّر أن التعرّف إلى أبرز المعالم التي اتسمت بها رؤية أوباما حيال العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل سيكون مُجدياً أكثر في كل ما يتعلق بسؤال الرهان على إدارة بايدن.
وبرأيي، أن في وقائع الزيارة الأولى التي قام بها أوباما إلى إسرائيل في آذار 2013 إبان ولايته الثانية، ما يشكل مكاناً رحباً شاسعاً يشكل أرضية لتلك المعالم، وأرضاً لتقييم الموقف الأميركي التقليدي إزاء إسرائيل.
ضمن مسلسل الحرائق التي يشعلها رئيس الحكومة اليمينية الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، لا تزال مسألة تعيين الضابط الكبير السابق، صاحب الممارسات والمواقف العنيفة والفاشية، إيفي إيتام، لترؤس مؤسسة "ياد فشيم" مشتعلة.
وتحمل "ياد فشيم" خصوصية وحساسية، إسرائيلياً، لكونها مؤسسة إسرائيلية رسمية أقيمت العام 1953 بموجب قرار الكنيست كمركز أبحاث للهولوكوست، لذلك فإن القضيّة تشغل شرائح جديّة، سياسياً وإعلامياً وأكاديمياً. وتعود لتُبرز، سطحاً وعُمقاً، الأزمة
قد يكون في التطورات السياسية الأخيرة التي شهدتها المنطقة، وفي مقدمتها اتفاقيات السلام التي جرى التوقيع عليها بين دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، من جهة، ثم التسريبات الإسرائيلية عن زيارة سرية خاطفة قام بها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مصطحباً معه رئيس جهاز الموساد، يوسي كوهين، إلى المملكة العربية السعودية، نهاية الأسبوع قبل الأخير، واجتماعه خلالها مع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إضافة إلى التقدم الذي حصل
يروي الصحافي الإسرائيلي باراك رافيد واحدة من القصص التي تلخص بإيجاز مكثف طبيعة العلاقة المعقدة بين إسرائيل وحكوماتها المتعاقبة وقضية الجاسوس اليهودي الأميركي جونثان بولارد، ومحاولات المزاوجة في الخطاب والسلوك بين كونه بطلا في عين جزء كبير من الجمهور الإسرائيلي، وبين التنصل منه ومن أفعاله أمام الإدارات الأميركية في ذات الوقت.
الصفحة 279 من 894