"اللعبة" هنا مكشوفة تماماً لا يداني حقيقتها أي شك: الوزير أرييه درعي، زعيم حركة شاس الحريدية السفارادية، لم يكن هنا سوى المنفّذ لهذه المبادرة التشريعية الجديدة التي ترمي، عينياً، إلى تغيير طريقة الانتخابات الإسرائيلية، لكنها تأتي لإنقاذ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، من ورطاته وإخراجه من مآزقه. لا شك في أن درعي وحركته سيكسبان نقاطاً هامة غير قليلة من وراء إخراجهما هذه المبادرة إلى حيز التنفيذ، وخصوصاً في ترجمة هذا الولاء "إلى معسكر اليمين" بقيادة نتنياهو تحديداً إلى مكسب انتخابي في الانتخابات البرلمانية المقبلة، التي يبدو أن موعد إجرائها لن يتأخر كثيراً، حتى لو تكللت مبادرة درعي وشاس الأخيرة هذه بالنجاح الذي يرجوه أصحابها والمستفيدون منها.
يبدو أن المشهد الإسرائيلي بشأن تشكيل حكومة جديدة يزداد تعقيدا، ولم يتبق أمام الكنيست سوى 6 أسابيع لمنح الثقة لحكومة. ومن هذه الأسابيع ثلاثة أسابيع لبنيامين نتنياهو، إذا أراد التمديد لأسبوعين، وثلاثة أسابيع ستكون لمكلف آخر غير نتنياهو، إذا ما فشل الأخير. وفي المقابل، فإن التقارير الاقتصادية، والأوضاع الناشئة، تدل على أن الأزمة الاقتصادية ستنعكس قريبا على جيب الجمهور، الذي سيكون مطالبا بالمشاركة في تسديد العجز المتفاقم، وكذا الدين العام الذي بلغ تريليون شيكل، في حين أن وتيرة ارتفاع الأسعار للبضائع الاستهلاكية ليست مسبوقة منذ ثماني سنوات.
يبدو بعد انتهاء الأيام المئة الأولى من ولاية الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، كما يُمكن أن يُستشف من جل التحليلات الإسرائيلية في هذا الشأن، أن إسرائيل قلقة أكثر شيء من احتمال عودة إدارته إلى إرث الرئيس السابق باراك أوباما، الذي كان بايدن نائبه، ولا سيما فيما يتعلق بالملفين الإيراني والفلسطيني. وإلى أن ينقشع الضباب عن الصورة الواضحة لتفاصيل هذه العودة، في حال حدوثها، نعيد التذكير بأن أكثر ما سعى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو نحوه فور تسلم الإدارة الأميركية السابقة برئاسة دونالد ترامب مهمات منصبها هو محاولة تخليصها من ذلك الإرث في أكثر من مجال على مستوى السياسة الخارجية التي انتهجتها الولايات المتحدة وكانت ذات صلة بإسرائيل.
وهذا ما كان بالوسع التأكد منه، لمساً ورؤية، عن طريق الزيارة التي قام بها نتنياهو إلى الولايات المتحدة في مستهل ولاية ترامب، في أواسط شباط 2017، وعقد خلالها اجتماعاً مع الرئيس الأميركي وقادة الكونغرس.
في الثّاني عشر من نيسان الجاري أضرم جنديّ احتياط إسرائيليّ (26 عاماً) النّار في نفسه أمام قسم التأهيل التابع لوزارة الدفاع في بيتح تكفا؛ وبحسب القناة الإسرائيليّة، فالجنديُّ يُدعى إسحق صعيديان، وكان قد وصل إلى قسم التأهيل يحملُ زجاجتين تحتويان على مادّة قابلة للاشتعال ثمّ سكبها على نفسه. وكان الجنديّ قد تعرّض لصدمة نفسيّة قويّة خلال مشاركته في الحرب الإسرائيليّة على قطاع غزّة العام 2014، بعد عمليّة للمقاومة الفلسطينيّة في حيّ الشجاعيّة. وذكر أصدقاء الجنديّ وكذلك رئيس اتّحاد ذوي الإعاقة الإسرائيليّ أنّ الجنديّ لم يكن يتلقّى حتّى اللحظة العلاج النفسيّ الذي يتناسب ووضعه الصحّيّ من قبل قسم التأهيل، إذ لم يتلقّ غير 25% من فوائد الإعاقة النّاتجة عن المشاركة في عملٍ عسكريّ.
الصفحة 279 من 925