المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

ليست هناك معطيات، رسمية أو غير رسمية، موثوق بها حول عدد المواطنين المصريين الذين يعيشون في دولة إسرائيل.


وتشير التقديرات، تأسيساً على تصريحات مختلفة، إلى أن عددهم يبلغ عدة آلاف تتراوح بين خمسة- سبعة آلاف بينما تفيد تقديرات بأن عددهم بلغ نحو 12 ألفاً قبل بضعة أعوام.


وأفادت تقارير صحافية مختلفة نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية عن مشاركة هؤلاء المصريين في الانتخابات الرئاسية التي جرت في أيار 2012، بأن عددهم يبلغ خمسة آلاف مواطن، بينما أشار تصريح منسوب إلى شكري الشاذلي، رئيس "رابطة المصريين في إسرائيل"، إلى أن عددهم يبلغ اليوم نحو 5700 مواطن بينما كان يبلغ 12 ألف مواطن قبل بضع سنوات - "7 آلاف منهم يعيشون في إسرائيل بأوراق رسمية أو ما يطلق عليه "هويات زرقاء" وما يقرب من 5 آلاف آخرين يقيمون بصورة غير قانونية"(!)، وهذا "بالإضافة إلى 360 آخرين يملكون جواز سفر إسرائيليا و 23 متزوجين من يهوديات و 64 آخرين مسجونون في السجون الإسرائيلية لأسباب قضائية في مشاكل عادية، ليست أمنية، وقد تم الإفراج عن بعضهم لقضائهم محكومياتهم القضائية"!


أما وزارة الخارجية المصرية فقالت، في وقت سابق، إن عدد المواطنين المصريين الذين يعيشون في إسرائيل "لا يتجاوز 600 مواطن فقط، وفقا للتقديرات (المصرية) الرسمية"، فيما أشارت إلى أن عددهم يبلغ "ألف مواطن طبقا للتقديرات الإسرائيلية". وأوضحت الخارجية المصرية أن "140 شابا فقط سجلوا أنفسهم في القنصليتين المصريتين في تل أبيب وإيلات"، علما بأن عددا كبيرا من هؤلاء ليس مسجلا لدى أي من المبعوثيات الدبلوماسية.


وفي تقرير نشره موقع "بوابة الأهرام" المصري قال د. طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية في المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط في جامعة القاهرة، إن "الجالية المصرية الموجودة في إسرائيل يتراوح عددها ما بين 34 - 36 ألف مصري، وفقاً لمصادر إسرائيلية"!
وتفيد "رابطة المصريين في إسرائيل" بأن 355 مصرياً من المقيمين فى إسرائيل "حصلوا على الجنسية الإسرائيلية وأصبحوا بذلك مزدوجى الجنسية، ومن بينهم 14 متزوجون من يهوديات"!


ويتهم المصريون المقيمون في إسرائيل السلطات الإسرائيلية بأنها تحاول التخلص منهم وخفض عددهم باستمرار، لدرجة أن عددهم انخفض إلى 5700 فقط بعد أن كان تجاوز 20 ألفاً قبل عدة سنوات، وذلك نتيجة الترحيل المستمر. فبعد أن بدأت بالمتسللين عبر الحدود الذين كانوا يعيشون بدون أي أوراق رسمية، رحّلت أيضاص عدداً من حاملي الإقامات المؤقتة.

بحثا عن عمل

الجزء الأكبر من المصريين المقيمين في إسرائيل يعيشون فيها مع عائلاتهم التي أقاموها بالزواج من عربيات فلسطينيات مواطنات في دولة إسرائيل. ويقيم هؤلاء في مناطق مختلفة في الجليل، بصورة أساسية، وخاصة في مدن الناصرة، حيفا، طمرة وعكا وعدد من القرى العربية في الجليل. كما يقيم عدد منهم، أيضا، في مناطق وسط إسرائيل، في مدينتي تل أبيب ويافا، إضافة إلى عدد قليل منهم يقيم في مدينة القدس.


ويقول هؤلاء إنهم يشكلون "مجتمعا متماسكا تسوده العلاقات الاجتماعية والإنسانية الوثيقة"، إذ تجرى لقاءات أسبوعية ثابتة فيما بينهم، يلتقون خلالها، يتبادلون الأحاديث والذكريات، كما يبحثون في أوضاعهم.


وكان معظم المصريين المقيمين في إسرائيل قد قدموا إليها أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن الفائت. وجزء كبير منهم جاء بحثا عن عمل بالأساس. ويتمتع المصريون المقيمون في إسرائيل، إجمالا، بمستوى معيشي اقتصادي ـ مادي واجتماعي جيد. وقد أكد تقرير للبنك الدولي أن تحويلات العاملين المصريين فى إسرائيل بلغت 48 مليون دولار، كما بلغت تحويلات المصريين من عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة 78 مليون دولار.


وكان شكري الشاذلي قد تحدث عن "تعرض المصريين في إسرائيل إلى مضايقات كبيرة"، وحول سبب إصرارهم على البقاء فى إسرائيل رغم هذه المضايقات التي يتحدث عنها، قال: "نحن نتعرض لمضايقات أصعب بكثير منها في مصر، وهناك الكثير منا تزوج من إسرائيليات من عرب 48 وكانوا يعيشون فى مصر ورحّلت السلطات المصرية زوجاتهم فلم يعد أمامهم سوى الحياة هناك، فأصبحنا بين فكي الرحى، علينا ضغوط إسرائيلية رهيبة وكذلك ضغوط مصرية أكثر عنفاً"، كما يقول.

معاناة، اتهامات وإسقاط الجنسية

في صيف العام 2009 ثارت ضجة كبيرة حول المصريين المقيمين في إسرائيل عامة، والمتزوجين من بينهم من "إسرائيليات" (هن، في الغالب، فلسطينيات مواطنات في إسرائيل)، إذ نشرت بعض الصحف المصرية ما يشير إلى اتهام هؤلاء بالعمالة وبأنهم "يخدمون في الجيش الإسرائيلي"، وهي اتهامات ترددت أصداؤها في أروقة البرلمان المصري لاحقا.


وتزامن هذا النشر وهذه الضجة مع إعلان السلطات المصرية آنذاك الكشف عن خلية تجسس لصالح إسرائيل، إلى جانب القرار غير المسبوق الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري في القاهرة (في أيار 2009) وألزمت من خلاله الحكومة بإسقاط الجنسية المصرية عن المصريين "الذين تزوجوا من إسرائيليات" (بمن فيهن الفلسطينيات من عرب 48)، وذلك من منطلق أن هؤلاء "يتزوجون من عميلات للموساد حتى يتم تجنيدهم لتنفيذ مخططات إسرائيلية عدوانية ضد الدول العربية"، وفق ما أكدته "إدارة شؤون المرأة" في الجامعة العربية، استناداً إلى تأكيدات "مصادر أمنية مصرية" نشرت في تقرير يشير إلى أن "مصر تكاد تستحوذ على معظم عمليات التجسس التي يقوم بها الموساد الإسرائيلي في المنطقة العربية، والدليل على ذلك أنه تم ضبط أكثر من 25 شبكة تجسس إسرائيلية في مصر وحدها خلال السنوات العشر الأخيرة فقط، وبلغ عدد جواسيس الموساد الذين تم تجنيدهم والدفع بهم داخل البلاد حوالي 64 جاسوسًا بنسبة 75% مصريين و25% جواسيس إسرائيليين"!!


وقد أثار هذا القرار موجة عالية من الجدل في الأوساط السياسية والاجتماعية والدينية في مصر، بلغت إحدى ذراها بإعلان شيخ الأزهر الشيخ محمد سيد طنطاوي تأييده للقرار، واصفًا إياه بـ"الحكم الشرعي".
ثم عاد الجدل حول قضية المصريين المقيمين في إسرائيل ليحتل عناوين الإعلام والسياسة في أعقاب القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء المصري في أيلول 2014 بشأن إسقاط الجنسية المصرية عن مواطنة حصلت على الجنسية الإسرائيلية. فقد أثار هذا القرار الكثير من الجدل حول هذه القضية وحول عدد المصريين الذين شكلت إسرائيل بالنسبة إليهم "ملاذا اقتصادياً آمنا"!


ورد المصريون المقيمون في إسرائيل على هذه الضجة معتبرينها "حملة متعمدة تهدف إلى ثنينا عن المطالبة بحقوقنا"! وهي حقوق يعتبرها هؤلاء "مضمونة بموجب اتفاقية السلام الثنائية بين مصر وإسرائيل"، وما يقضي منها بإتاحة دخول مواطني كل من الدولتين إلى الدولة الأخرى والمكوث فيها لمدة أقصاها أسبوعان بدون تأشيرة. لكن المصريين في إسرائيل يقولون إن هذا يطبق على الإسرائيليين فقط ابتداء من أواخر التسعينيات، إذ أن المصريين بحاجة إلى تصريح سفر يستغرق استصداره أسابيع، وربما أشهر في بعض الحالات، بل قد لا يصدر إطلاقا في بعض الأحيان. ويؤكد هؤلاء أن "كثيرين منهم كانت لديهم عائلات وأولاد وأماكن عمل، لكنهم فقدوا كل شيء بسبب هذا التمييز"! ويضيفون أن الأمر "اضطرهم إلى الحصول على جواز السفر الإسرائيلي بسبب هذا التعنت"!!


في أعقاب هذه الضجة في مصر، نشرت صحيفة "اليوم السابع" المصرية تقريرا موسعا حول المصريين المقيمين في إسرائيل ضمنته مقابلات (هاتفية) أجرتها مع بعض منهم، وكان من بينهم شكري الشاذلي، رئيس "رابطة المصريين في إسرائيل" الذي قال: "نحن قدمنا الى إسرائيل بعد حصولنا على الموافقة وتأشيرة الدخول من السفارة الإسرائيلية في مصر، ودخلنا عبر المطار الإسرائيلي، أي أن أمورنا قانونية وبعلم المخابرات المصرية". وأضاف: "نحن نريد حقوقنا فقط ليس أكثر... انتم ليه تلوموننا الآن، لأننا تزوجنا من عرب! طيب، أنتم من وقع اتفاقية التطبيع وعندما وقعتموها قلتم لنا علينا أن نحقق السلام، وعندما تعايشنا وصدقنا كلامكم تقولون لنا خط أحمر، لماذا لم تمنعوا الزواج من عرب 48 من وقتها؟ لماذا تركتونا نتزوج ونصدق كلامكم؟ ثم تراجعتم وحملتمونا وزر قراراتكم؟ ثم أنتم الذين تصدرون الغاز لإسرائيل وتستقبلونهم بالأحضان، وإذا كنتم تريدون سحب الجنسية منا فعليكم إلغاء اتفاقية السلام وإغلاق الحدود والتوقف عن تصدير الغاز"!


وقال: "لا يوجد قانون تستند إليه الحكومة يمنع الزواج من إسرائيليات أو فلسطينيات من الداخل، في حال أرادت حكومة مصر سحب الجنسيات من المصريين المتزوجين من إسرائيليات، فإن عليها بالمقابل إغلاق الحدود والسفارة الإسرائيلية في مصر، والعكس صحيح أيضا. عليهم أيضاً إلغاء عملية التطبيع من النواحي الزراعية والاقتصادية مع إسرائيل، وخاصة تصدير الغاز إلى داخل إسرائيل، وإغلاق معامل النسيج والتجارة وتجميد عملية السلام بين الطرفين... فمصر نفسها تمارس التطبيع مع إسرائيل على أعلى المستويات وفي مختلف المجالات"!


وتحدثت الصحيفة مع مصري آخر يقيم في إسرائيل يدعى "مجدي" قال إن "أولى المشاكل، الناس التي تتعطل في مصر ويمنعون إعطاءهم تصريح السفر ... ودائما مطالبنا تتلخص في السفر إلى مصر والعودة بأمان وسهولة، وألا يتم احتجازنا لمدة شهر، كما نطالب بسهولة تجديد جواز السفر.... في كل مرة عند زيارة بلدنا الأم مصر لا بد من الحصول على تصريح سفر يأخذ فترة ليست بقصيرة (من 3 أسابيع إلى شهر، شهرين وأربعة أشهر أحيانا) وكثيرا ما يقابل بالرفض دون سبب فتعيش الزوجة بمفردها هنا في إسرائيل دون عائل، بينما هو ممنوع من السفر يبقى في مصر دون إيلاء أية أهمية لزوجته وأولاده أو فقدان عمله".

المصطلحات المستخدمة:

الموساد

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات