المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

اعتاد الزعماء الإسرائيليون والأميركيون على امتداح الصداقة الرائعة في العلاقات الخاصة التي تربط بين البلدين. وما يؤكد ذلك كثرة اللقاءات على مستويات عالية والمساعدات العسكرية الأميركية السخية لإسرائيل والتعاون السياسي والإستراتيجي. ولكن في نظر معظم الإسرائيليين يبدو اللقاء الأول مع الإدارة (السلطات) الأميركية وممثليها أقل ودية وحرارة. فهو يتم في الطابور لاستصدار تأشيرة الدخول ("الفيزا") التي يتعين على كل مواطن إسرائيلي يرغب في زيارة الولايات المتحدة التزود بها. فإسرائيل ليست مدرجة في قائمة الـ 27 دولة المفضلة وغالبيتها دول أوروبية، التي أعفي مواطنوها من الحصول على هذه التأشيرة لزيارة الولايات المتحدة.

إن التبرير الرئيس لاستثناء إسرائيل من هذه القائمة هو أن مستوى أو حجم الرفض لطلبات "الفيزا" مرتفع جداً. فحتى تتمتع دولة بالإعفاء يجب أن تكون نسبة الرفض لطلبات مواطنيها استصدار "الفيزا" أقل من 3% على مدار عدة سنوات متصلة. إسرائيل لم ينطبق عليها هذا الشرط، لكنها تلبي شروطاً أخرى مثل منح إعفاء من تأشيرات الدخول للمواطنين الأميركيين وإتباع وسائل أمنية لمنع التزوير في جوازات السفر الإسرائيلية.

ويهدف إلزام الزائرين للولايات المتحدة بالحصول على تأشيرة "الفيزا"، إلى منع الهجرة غير الشرعية إضافة إلى استخدام هذا الإجراء في السنوات الأخيرة كوسيلة لمنع الإرهاب. التخوف الرئيس الذي يطرحه المسؤولون الأميركيون فيما يتعلق بطالبي "الفيزا" الإسرائيليين يتعلق بالمهاجرين المعدومين من دول رابطة الشعوب الذين واجهوا مصاعب استيعاب في إسرائيل، ما دفعهم لمحاولة الهجرة إلى الولايات المتحدة.

وكان مسؤولون إسرائيليون قد أثاروا في السنوات الأخيرة مسألة الإعفاء من "الفيزا" خلال محادثاتهم مع نظرائهم الأميركيين، لكن طلبهم لم يلق استجابة حتى الآن. في آذار من العام الجاري زارت إسرائيل مسؤولة القسم القنصلي في وزارة الخارجية الأميركية، جانيس جيكوبس، وأوضحت إن "إسرائيل ليست في رأس القائمة" المتعلقة بإلغاء واجب الحصول على "الفيزا". وقد تمحورت زيارتها، كزيارة سلفها في المنصب في أواخر العام 2007، حول المصاعب والعراقيل التي تضعها إسرائيل أمام دخول مواطنين أميركيين من أصل عربي، ممن يصلون إلى مطار "بن غوريون" (اللد) أو ممن يرغبون في الاستقرار في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

عضو الكونغرس، روبرت فيكسلر (يهودي من فلوريدا) قدم في آذار 2007 مشروع قانون لتغيير قواعد الإعفاء من "الفيزا" موضحاً في بيان صحافي أن الهدف من اقتراحه هو "تمكين دول حليفة مهمة للولايات المتحدة، ومن ضمنها إسرائيل وكوريا الجنوبية واليونان، من المشاركة في برنامج الإعفاء من الفيزا". وقد أحيل مشروع القانون المقترح إلى لجنة الأمن الوطني في مجلس النواب لكنه لم يطرح للنقاش حتى الآن.

هذه المسألة- إلزام الإسرائيليين بتأشيرة "الفيزا"- تلقي بظلال سلبية على العلاقات الخاصة بين إسرائيل والولايات المتحدة، والتي تعتبر إحدى ركائزها المهمة الروابط الشخصية بين أفراد العائلة والأصدقاء وشركاء الأعمال الذين يعيشون في الدولتين. وهي تجسد الفجوة بين النظرة لإسرائيل على المستوى السياسي الأميركي، كحليف مهم يستحق الدعم، وبين نظرة المستوى المهني في الإدارة الأميركية للمواطنين الإسرائيليين كمهاجرين غير شرعيين يتعين عليهم الخضوع لإجراءات بيروقراطية مضنية قبل سفرهم إلى الولايات المتحدة. إن إلغاء "الفيزا" للمواطنين الإسرائيليين كفيل بأن يبرهن لكل إسرائيلي على العلاقة الخاصة مع الحليف الأكبر لإسرائيل.

ولكن ما الذي تستطيع إسرائيل عمله في هذا الخصوص؟

تتصدر أجندة اللقاءات بين زعماء وقادة كلا البلدين مسألتي "العملية السياسية" في الشرق الأوسط و"التهديد الإيراني" وليست مشكلة تأشيرات الفيزا. غير أن زيارة الرئيس جورج بوش المرتقبة لإسرائيل خلال شهر أيار الحالي، كبادرة خاصة ليشارك الدولة العبرية احتفالها بالذكرى الستين لقيامها، يمكن أن تشكل فرصة لطرح هذا الموضوع على أعلى المستويات . بطبيعة الحال بوش لا يستطيع بنفسه إعفاء مواطني إسرائيل من استصدار الفيزا للولايات المتحدة، لكنه يستطيع إصدار بيان رئاسي ببدء الإجراءات اللازمة لضم إسرائيل إلى برنامج الإعفاء من الفيزا، ومثل هذا البيان من شأنه أن يؤشر للمستوى المهني في إدارته بأن عليه إظهار معاملة أقل تشدداً حيال الإسرائيليين وأن يباشر بخطوات عملية لتغيير السياسة المتبعة في هذا الخصوص.

إن من شأن تدخل الرئيس وربط الموضوع بتحرك أوسع لتحسين وتطوير العلاقات بين البلدين، أن يسهل مواجهة الادعاء بأن إسرائيل تطلب معاملة استثنائية بالمقارنة مع دول أخرى طالبت مثلها بإعفاء مواطنيها من تأشيرة الدخول للولايات المتحدة، خاصة وأن إسرائيل، خلافاً لدول أخرى، تحاول تشجيع مواطنيها الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة على العودة من هناك، وذلك بواسطة سلسلة من الحوافز الاقتصادية والإدارية.

ويشار إلى أن هناك هيئة خاصة في وزارة الاستيعاب تتولى معالجة إعادة الإسرائيليين من الخارج ولا سيما من الولايات المتحدة.

وبحسب معطيات وزارة الاستيعاب فقد عاد إلى إسرائيل في العام 2007 قرابة 4000 إسرائيلي من الولايات المتحدة، حصلوا على مساعدة من الوزارة ذاتها، إضافة إلى نحو 1000 آخرين عادوا من هناك من دون مساعدة حوافز حكومية. وقد أعلنت وزارة الاستيعاب، مؤخراً، على هامش احتفال إسرائيل بمرور ستين عاماً على قيامها، عن حملة لنفس الغرض تحت عنوان" ينتظرونك في البيت"، وصادقت الحكومة في إطار هذه الحملة على منح تسهيلات ضريبية للعائدين.

________________________

* الكاتب باحث في "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب. المقال ترجمة خاصة.

المصطلحات المستخدمة:

اللد, لجنة الأمن

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات