المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

سيدي رئيس الحكومة

سيدي وزير المالية

على الرغم من أننا أولاد، فكّرنا أنكما ستطلبان منا الاعتذار عشية عيد الغفران، واعتقدنا أنكما ستطلبان الاعتذار من 652 ألف طفل يعيشون تحت خط الفقر في إسرائيل ومعهم قرابة 350 ألف طفل على حافة الفقر، ولكن بعد أن فسّروا لنا في المدرسة انه علينا عشية عيد الغفران أن نفحص أين أخطأنا، فقد قررنا التوجه إليكما في يوم الغفران لتغفرا لنا.

اغفرا لنا لأننا ولدنا أصلا، ولم نأخذ بالحسبان كم نكلف خزينة الدولة، ونحن نطلب المغفرة باسم آبائنا وأمهاتنا، الذين على الرغم من أنهم فقراء فقد أنجبونا، ولم يفهموا مدى الضرر الذي سببوه للجهود الرامية إلى تحويل إسرائيل إلى دولة عصرية، وان يهتم كل واحد فيها بأمره، فنحن نطلب المغفرة منكما، لأن الدولة تضطر لدفع مخصصات عنا لأهالينا، وتهتم بصرف ميزانيات على تطعيمنا من الأمراض، وتبني لنا الروضات والمدارس، وتدفع للمعلمين والأطباء، ونود أيضا طلب المغفرة منكما باسم الأطفال الخدج، الذي يكلفون الدولة بسبب علاج مشاكل نموهم.

سمعنا مرّة وزير المالية يقول إن الدولة يجب أن لا تكون مسؤولة عن الأولاد، وان تكون المسؤولية على عاتق أهاليهم فقط، وفهمنا أن وزير المالية غضب بشكل خاص على أولئك الذين بيننا ولديهم أكثر من أخ واحد أو اثنين، أو الذين تعيلهم أمهم لوحدها، حينها سألنا آباءنا فيما إذا نحن لسنا مفيدين للدولة لهذه الدرجة، وعندذاك قصّ علينا أحد الآباء حكاية قديمة، وقال انه قبل 250 عاما ضرب ايرلندا جوع كبير وتوفي الكثير الكثير من الأطفال هناك جوعا، وفي ذلك الوقت أيضا قالت الحكومة الايرلندية إنه يوجد أطفال أكثر من اللزوم، واقترح الكاتب جوناثان سويفت، مؤلف قصة غوليفر الشهيرة، على الدولة أن يكون الأطفال مشروعا اقتصاديا جيدا، بحيث تدفع الدولة لأهاليهم ليطعموهم، ثم يبيعوا لحمهم إلى أغنياء ايرلندا.

وبعد أن سمعنا من والدنا عن ايرلندا، فإننا نطلب منكما، يا رئيس الحكومة ووزير المالية، المغفرة. المغفرة لأننا غضبنا من تخفيض مخصصات الأولاد إلى النصف، ولأننا غضبنا على تقليص مخصصات البطالة لأهالينا، وأيضا لتقليص ميزانيات المدارس، نحن نطلب المغفرة ونأمل أن تفهمونا، فلأننا أولاد لم نستوعب أبدًا انه علينا أن نشكركما لأنكما دفعتما بنا إلى أعمق هوة الفقر، ولأنكما لم تستجيبا لاقتراح الكاتب سويفت، وبقينا بفضلكما على قيد الحياة.

وبهذه المناسبة نود أيضًا طلب المغفرة منكما باسم أجدادنا وجداتنا، الذين يستصعبون الكتابة بأنفسهم، لأنهم مسنون ومرضى، وأياديهم ترتجف، ونحن نأمل أن تغفرا لهم لأنهم يجترعون الكثير من الأدوية (فكل جد يتناول ستة أدوية وكل جدة أربعة أدوية) وفي كثير من الأحيان يتلقون العلاج في المستشفيات، وهذا يكلف خزينة الدولة أموالا طائلة، ونحن نطلب المغفرة لأن أجدادنا وجداتنا غضبوا في البداية على تقليص مخصصاتهم التقاعدية ولأن صناديق المرضى تجبي منهم رسومًا لقاء الأدوية، والآن يدركون أن كل ما قصدتماه هو تقليص معاناتهم، ولهذا فإنهم يطلبون منكما المغفرة لأنهم لا يزالون على قيد الحياة.

حضرة رئيس الحكومة ووزير المالية، بهذه المناسبة نتمنى لكما خاتمة طيبة، على ضوء القوانين التي تمنح امتيازات سخية للأغنياء، وأيضا لقراركما بيع كل شيء يتحرك في هذه الدولة، وخاصة مدارسنا وبيوت المسنين والعجزة. إننا نعتمد عليكما بجعل كل شيء في هذه البلاد ناجعًا فقط، وأن يبقى فيها الأغنياء فقط، لأنهم وحدهم الناجحون، ولكن إذا رحلنا نحن وآباؤنا من هنا ومن هذه الحياة، فمن الذين سيجعل هؤلاء أغنياء.

مع خالص التحيات

أولاد إسرائيل

ميزانية ضد الأولاد والعاملين

مع بدء الدورة البرلمانية الشتوية ستطرح الحكومة على طاولة الكنيست ميزانية الدولة للعام 2006 لإقرارها في القراءة الأولى. وفي العامين الأخيرين، على ضوء التطورات السياسية، سجلت إسرائيل نموا اقتصاديا وازدادت مداخيل الدولة من الضرائب، ولكن كما هي الحال في الدول الرأسمالية فإن ثمار هذا الأمر بغالبيتها وصلت إلى جيوب واحد بالألف من المواطنين.

وتؤكد معطيات مؤسسة التامين الوطني (مؤسسة الضمان الاجتماعي الحكومية) في تقريرها حول الفقر في العام 2004 أن النشاط الاقتصادي، وعمليات الخصخصة وتخفيض الضرائب للأغنياء، زادت من غنى الأغنياء وزادت أعداد الفقراء وفقرهم أيضا.

إن مشروع ميزانية الدولة للعام 2006، الذي أقرته الحكومة، لا يتطرق إلى التقليصات المرتقبة في مخصصات الأولاد، وهي التقليصات المقررة منذ عامين، ولا لتآكل أجور العاملين ومخصصات التأمين الوطني على أشكالها، وهذا ما يعني إبقاء هذه الضربات الاقتصادية على حالها.

إن وزارة المالية تعتقد أن وجود 700 ألف طفل تحت خط الفقر هو رقم كبير، لكنه في نفس الوقت لا يسهم في وقف تقليص مخصصات الأولاد التي تتلقاها العائلات عن كل ولد دون الثامنة عشرة من عمره، فالقرار الأصلي كان ينص على أن تقليص مخصصات الولد الأول في العائلة يستمر حتى العام 2005، ولكن لاحقا قررت الحكومة استمرار التقليص حتى العام 2009.

إلى جانب هذا فإن الحكومة تعتزم إجراء تغييرات في رواتب القطاع العام، بحيث سترفع نسبة الخصم من الراتب لغرض تأمين التقاعد، كما أنها ستسمح بإبقاء الموظف على أنه مؤقت لمدة خمسة أعوام وليس لمدة عام واحد كما هي الحال اليوم، وفي كلتا الحالتين هناك ضربة جدية لرواتب مستخدمي القطاع العام.

والى جانب ضرب رواتب العاملين ومخصصات الأولاد فإن الحكومة تعتزم تقليص نفقاتها، فعلى الرغم من أن الدولة سجلت في العام الحالي والذي سبقه نموا اقتصاديا فإن الحكومة تقترح تقليص ميزانية الدولة للعام 2006 بنسبة 4,5% في جميع الوزارات وحتى الأكثر حيوية منها مثل التعليم والصحة وغيرهما، كما أنها قررت تخفيض الميزانية بنسبة 1% في كل سنة من السنوات الثلاث القادمة، وهذا يعني انه في العام 2009 سيكون أساس الميزانية أقل بـ 7,5% مما هو عليه اليوم، ولكن النسبة الفعلية ستكون أكبر بكثير إذا أخذنا بعين الاعتبار الزيادة السكانية في هذه السنوات.

(*) الكاتبة عضو كنيست سابقة عن لائحة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات