المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

* عن جدار الفصل العنصري: أؤيد بشرط أن يكون غير نهائي * عن لجنة أور: تأييد غير مشروط * عن التصفيات: فقط في حالة "خطر مؤكد.."! * "قرار طرد ياسر عرفات يفتقر للحكمة السياسية"..

حوار: فراس خطيب

كان وزيرًا للقضاء في حكومة اسحاق شامير، ووزيرًا للمالية في عهد بنيامين نتنياهو، ورئيسًا للجنة الخارجية والأمن في حكومة إيهود براك، وضابطًا للمدرعات في الجيش الإسرائيلي. أنهى حياته السياسية (مؤقتًا؟) مع صعود اريئيل شارون للحكم للمرة الثانية، وبات خارج الصورة بعد أن وعده الأخير بالعديد من الوظائف المحترمة، لكن الوعودات ذهبت مع الريح. يجلس دان مريدور اليوم في مكتب للحقوق تأخذ الأمور فيه مسارًا مختلفا، كل شيء على ما يرام كما يبدو، منظر خلاب، واجهة زجاجية تطل على تل أبيب من الطابق الثامن عشر. على طرف المكتب الأيسر وضع دان مريدور تقرير لجنة "أور" ، "لم أقرأه حتى الآن" قال "لكني ملزم بقراءته في هذه الأيام". لم يرغب مريدور بالحديث عن مسيرته الشخصية في السياسة الإسرائيلية "أنا في عمر مبكر على هذه التقارير، لنتحدث عن الوضع القائم".

من ناحيته يؤيد مريدور "التوصل الى إتفاق حتى لو لم يكن نهائيا"، وأن تفرض القيادة الفلسطينية الإتفاق على شعبها وعلى جميع الفصائل، ويضيف: "وهذا لا يضرب الأحلام في الجانبين".

وإذا لم يكن هناك إتفاق، فإن مريدور يؤيد انسحاباً اسرائيلياً أحادي الجانب. أما أسوأ التوقعات بالنسبة له فهو ان يبقى الحال كما هو عليه. من ناحيته: "يجب أن يكون هناك حل سياسي، فمن دونه لا يمكن التوصل الى وضع أمني وإقتصادي مرضٍ في إسرائيل، هذه حقيقة".

كالجميع في التهجم على عرفات

لكن مريدور لم يترك ولو فرصة واحدة تمر من دون مهاجمة الرئيس ياسر عرفات، وحاول أن يستعيد ذكرياته في "كامب ديفيد" تطوعاً، لمهاجمتة وإتهامه بإفشال كل المحاولات! وهو يهزأ من تصريحات ياسر عرفات من على صفحات "يديعوت احرونوت" قبل اسبوع أنه مستعد لفتح صفحة جديدة مع إسرائيل، ويقول: "سمعنا هذا الحديث كثيرًا. خسارة أن موضوع أبو مازن قد إنتهى. كان من المفروض أن يكون القائد الأعلى للقوات الى جانب سلام فياض المعروف والمحترم عالميًا، ورجل الأمن محمد دحلان، لكن هذه القضية لم تتم وعرفات أفشلها، كان هناك طريق نحو حل في مراحل. فقد تحدث شارون رئيس الحكومة عن تأييده لقيام دولة فلسطينية، وهذه سابقة تاريخية بأن يصرح رئيس وزراء يميني بمثل هذه التصريحات، وبما لم يقل من قبل، حتى من الحكومات اليسارية المتعاقبة".

وحول الملفات المعقدة أصلا يقول: "أنا أعلم أن قضية اللاجئين وقضية القدس معقدتان جدًا، ولكن هناك مشكلة أكثر تعقيدًا وهي أن الفلسطنيين لا يملكون حتى الآن قيادة تتخذ قرارات وتفرضها على مختلف فصائل الشعب الفلسطيني، يجب أن تكون هناك قرارات من صنع القيادة وتفرض على الشعب كما كان في إسرائيل بعد إتفاقية "كامب ديفيد" مع مصر و "اوسلو" في فترة اسحاق رابين. في حينها قامت القيادة بفرض القرارات على الشعب. نحتاج من نتحدث معه. إعتقدنا بداية أن عرفات يستطيع فعل ذلك لكن للأسف، كان أبو مازن هو الحل، بحيث لا تمس هذه القيادة بالرمز الذي يمثله الرئيس عرفات، لكن هذه الخطوة باءت هي أيضا بالفشل، وفي طلب التنحي عن المنصب قال أبو مازن أن هناك ثلاثة عوامل دفعته للإستقالة، امريكا واسرائيل، وعرفات، الذي لم يعطه الدعم الكامل. من السهل إتهام أمريكا وإسرائيل، ولكن إتهام عرفات هذا أمر يستدعي التفكير وسابقة لم تكن من قبل".

ماذا كان سيفعل؟

"لو كنت مكانه كنت سأعمل على تفاهم من شأنه أن يوصل الطرفين الى حل غير نهائي وحدود غير نهائية وبناء جدار فاصل غير نهائي أيضا، وأعتقد انه اذا قامت اسرائيل بإنسحاب مشروط بسلام من المناطق لن يكون هناك إتفاق، أقولها وللأسف، لأن هذا سيمنح أعداء السلام فرصة ليعرقلوا من خلالها المسيرة نحو الإتفاق".

يمثل مريدور في حديثه عن "كامب ديفيد" حالة وجودية إسرائيلية مشوشة، يطرح القضية ولا يطرح البديل. من جهة، يقول انه يجب أن تكون هناك قيادة تتخذ قرارات مصيرية وتفرضها على جميع الفصائل الفلسطينية، ومن الجهة الاخرى يضيف: "هناك من لا يقبل وجود دولة يهودية هنا".

ولكن إذا عدنا قليلا الى حكومة بيرس تحديدًا، نجد أن ياسر عرفات عمل ضد حماس بعد العمليات داخل إسرائيل؟

"نعم هذا صحيح، في ذلك الوقت إنهال عليه بيرس، بالاضافة الى الرأي العام العالمي الذي كان ضده، مما أجبره على محاربة حماس.

وما سبب عدم قيامه بذلك الآن؟

"لأن الضغوطات التي تمارس ضده خفت".

والسور الواقي، والإغتيالات، والاجتياحات الاسرائيلية المتكرره، وتهديده بالابعاد، والأباتشي، ألا يعتبر هذا ضغطا؟

"ماذا تفعل ألاباتشي؟ القضية هنا شائكة جدا، عرفات لا يود محاربة "الجهاد الاسلامي" "وحماس" لأن هذا ليس من مصلحته أبدا.

كيف توصلت الى هذا؟

"لا توجد حقائق. لكن دعني أتخيل أن عرفات لا يود أن تكون هناك دولة يهودية. وأنا شخصيا لا أتنازل عن دولة تسكنها أغلبية يهودية، اليهود هم أقلية في كل دول العالم، فلماذا لا تكون هناك دولة يهودية الى جانب بلدان عربية. وأنا ضد حق العودة، لأن هذا سيهدد الأغلبية اليهودية في الدولة، هناك أمور لن أتنازل عنها.

مثلا؟

"وافقت على كل ما نصت عليه إتفاقية "كامب ديفيد"، ولكني لم اوافق على نية باراك تقسيم القدس، وهذا بالنسبة لي امر هام.

لماذا؟

"لانه من الجنون أن تقسم القدس القديمة الى قسمين، اسرائيلي وفلسطيني، هذا سيوتر الوضع أكثر وأكثر."

لماذا على الشعب الفلسطيني أن يتنازل عن القدس لصالحكم؟ هل توافق أنت على التنازل عن القدس اذا كان هذا ينقذ حياة الكثيرين من الموت وينهي الصراع؟

"في هذه الحالة أتنازل عن القدس الشرقية، لكن القضية كما ذكرت أنها ليست القدس إنما مع من نتفق؟ ومع من نتحدث؟"

إذن، إبعاد ياسر عرفات هو شرط، لكي تجدوا أحداً تتحدثون معه؟

"كلا ليس هذا ما قلته، أنا لا اؤيد قرار إبعاد عرفات، ان نترك المشاكل كلها ونتمركز في قضية عرفات هو أمر غير مقبول علي أبدا. القرار أعاد عرفات ليكون سيد الشارع الفلسطيني، مما يثبت أن صاحب القرار لا يملك حنكة سياسية. أنا مع مساعدة (ونحن لا نستطيع الا فعل المساعدة لا أكثر) في إختيار قيادة جدية تقوده الى حل وتسوية نهائية".

هل تؤيد بناء جدار فاصل بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، سألناه، "أنا مع بناء جدار فاصل" وعندما عدنا مرة أخرى لنسأله اذا ما كان يؤيد الجدار الذي باشرت الحكومة الاسرائيلية ببنائه، قال: "أنا لا أعلم من أين يمر، ولا أستطيع إتخاذ موقف من الجدار، فمن الممكن أنك تعارض الخط الذي يمر منه، لكن هذا لا ينفي فكرته التي تساهم في خلق وضعية جديدة، أنا مع بناء جدار غير نهائي متفق عليه من الجانبين، وهذا سيسهل سير الامور من ناحية أمنية. ويجب على الشعب الفلسطيني أن يعي الحقيقة التي تقضي بأن بناء الجدار حول حدود إسرائيل بعد الإنسحاب، يمحو حلم أرض إسرائيل الكاملة، ويمحو أيضا حلم الدولة الفلسطينية الكاملة بنفس المقدار. واذا وجد الجدار هذا سيجبر الفلسطينيين علىالإستقلالية. فلا يمكن العيش في ظل هذه الأوضاع، جربنا الكثير من الوسائل، ولكن لم ينفع. فليس من المقبول أن يقوم طرف ما بالدخول الى ارض الطرف الآخذ وتنفيذ عمليات، هذا مرفوضا جدا ومن الصعب العيش في ظل هذه الأوضاع.

لكن ما تقوم به اليوم الحكومة الاسرائيلية من بناء الجدار هو انتهاك لكل الحدود؟

"أعود واؤكد أنني لا أعرف من أين يمر الجدار، لكن الجدار الذي أقصده أنا هو جدار غير نهائي. انا مع الفكرة في هذه الإثناء..".

الاغتيالات: مع ولكن..

بشأن التصفيات التي تنفذها اسرائيل يقول مريدور انها "أمر متبع منذ وقت في السياسة الإسرائيلية"، "حتى أمريكا تتبعه أيضا، أتذكر الطائرة التي أرسلتها أمريكا لتصفية القذافي، كذلك التصفيات التي قامت بها في العراق".

لكن هذا المتبع ليس من الضروري أن يكون صحياً وأمريكا لا تمثل النزاهة السياسية في العالم، والإغتيالات الإسرائيلية لعبت دورا كبيرا في إنهاء الهدنة فهل تؤيد أنت هذه الإغتيالات؟

"فقط لمنع خطر مؤكد ومباشر."

وما هو المؤكد؟

"مثلا اذا كان هناك إنتحاري في طريقه لتفجير نفسه في أحد المقاهي انا مع تصفيته ولا أرغب في التوسع أكثر من ذلك، ولا أخرج عن هذا المبدأ أبدًا. هذه هي القضية. حتى القانون في هذه الحالة يؤيد ذلك".

أسأل مجدداً: هل أنت مع التصفيات التي تقوم بها حكومة شارون؟

"قلت أنني اؤيد التصفية في حالة ملحة ومباشرة من أجل منع خطر مؤكد، ودفاع مباشر عن النفس".

المساواة للعرب

مريدور يؤيد ما قامت به لجنة أور: "هناك الكثير من الأمور التي يجب معالجتها في جهاز الشرطة حتى قبل أحداث أكتوبر 2000. إذا نظرنا الى الميزانية التي يتلقاها الوسط اليهودي نجد أن هذه الميزانية تفوق ما يأخذه العرب، فحسب القانون المساواة موجودة ولكن الممارسة الواقعية تقترب الى التمييز. يجب التوصل الى المساواة، هناك الكثير من أماكن العمل من الصعب على العرب الوصول إاليها، في شركة الكهرباء، في بيزك، أنا لا اريد أن أظهر وكأنني أود أن أكسب رغبة العرب، هذا ما قلته منذ فترة. الجهاز القضائي في إسرائيل عالج بعض قضايا التمييز وعدم المساواة، ولكن القضية لم تعالج سياسيا، وأعتقد أيضا أنه غير كاف. فقضية المواطنين العرب شائكة جدًا، من ناحية هم مواطنون في هذه الدولة ولهم الحق الكامل في المواطنة، ومن ناحية أخرى، حروب إسرائيل هي ضد أقربائهم وشعبهم خارج إسرائيل، وهذا أمر معقد. وأنا أعتقد أن غالبية الجمهور العربي في إسرائيل تبتعد عن التطرف. ربما هي غير راضية عن قيام دولة يهودية، لكن الأغلبية الساحقة لا تتطرف في تعاملها تجاه الدولة. هناك بعض القياديين الذي زادوا من التطرف. وكي ننهي أقول لك أن العرب في اسرائيل هم مواطنون يجب التعامل معهم بتساو. وأنا باركت لجنة أور على عملها".

ما رأيك في اللجنة الوزارية التي وضعها شارون لبحث قرارات اللجنة؟

"لا أملك التفاصيل عن هذه اللجنة. سمعت مثلك. ولا اريد الحديث في ذلك."

ما رأيك بانعدام التوصيات ضد براك على الرغم من إتهامه بقضايا خطيرة.

"لم أقرأ التوصيات حتى الآن.. ولا أريد الاجابة بشكل عفوي".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات