المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

بقلم: زئيف سيغالالأمر الصادر عن رئيس لجنة الانتخابات المركزية، قاضي محكمة العدل العليا ميشيل حيشين، وقف البث الحي للمؤتمر الصحفي مع رئيس الحكومة ارئيل شارون، كان استعراضا لعضلات سلطة القانون أمام من يشغل اعلى وظيفة عامة في السلطة الاسرائيلية. كان وقف البث جراء الدعاية الانتخابية المباشرة والنابية التي تضمنتها اقوال رئيس الحكومة، وهي دعاية ممنوعة في القانون بموجب كل الاراء، كان درسا في الديموقراطية لرئيس الحكومة، بروح مقولة توماس فولر "ليكن مركزك مهما كان، القانون اعلى منك".

اوضح القاضي حيشين في قرار للمحكمة العليا قبل عدة سنوات الفرق الاساسي بين سلطة القانون وسلطة الانسان. الاول يعتمد على انماط مستقرة، تسري على الجميع، بينما الثاني مستبد في مضمونه وتوقيته وتفعيله ايضا. هذه الفروقات بين سلطة القانون وسلطة الانسان هي التي تقع في اساس التمييز بين القضاء والسياسة. حامل الوظيفة العامة، ورئيس الحكومة بالتأكيد، ليس مخولا باتباع اعتبارات غريبة يسخر بواسطتها من القانون. عليه ان يحترم القانون ويعمل بصورة معقولة ومحسوبة وباستقامة واخلاص تجاه الجمهور الذي يخدمه.

هكذا يمسك القضاء، بأثر من قوة سلة القانون، بالسياسة. المحكمة تحاذر التدخل اكثر مما يجب بمضمون اتفاقات سياسية وبطرق الادارة الداخلية في الاحزاب. لكن قرار المحكمة العليا الذي الزم الكتل البرلمانية بنشر الاتفاقات الائتلافية، ادى الى تشريع قبلت فيه الكنيست سلطة هذا القرار على الكتل الموجودة فيها.

قضية شارون تتركز الان بالقيود التي تفرضها قواعد القانون واصول اللياقة على السياسة. رئيس حكومة يحصل او يحصل ابناؤه على ضمانة لقرض بمليون ونصف المليون دولار ومن صديق مقرب ايضا، يعمل خلافا لقواعد اللياقة (مبادىء لجنة آشير)، التي تبنتها الحكومة، وهي تلزمه باعلام مراقب الدولة والحصول على إذن بذلك.

لو ان رئيس الحكومة استشار المستشار القانوني للحكومة، الياكيم روبنشتاين، لكان من المرجح ان يحوله الاخير الى وجهة نظره في قضية الرئيس السابق عيزر فايتسمان من ايار 2000، وفيها تم التشديد على ان "جزءا من واجب الثقة المطلوب من الوزير ينعكس من خلال كونه ملزما بالامتناع عن الاعتماد على رجال اعمال عندما يشغل منصبا عاما، ومؤكد ان ذلك صحيحا في حال وجود قواعد واضحة تحظر تلقي اجر او رشوة". حدد المستشار القضائي ان المخالفة الجنائية يمكن ان تتم بمجرد عدم الالتزام بالقواعد التي تحظر تلقي أي رشوة وتتطلب نقديم التقرير حتى لو لم يكن فيها ذرة من تلقي الرشوة.

تغلبت السياسة على أي اعتبار موضوعي – قيمي في الموضوع الحساس المتعلق بشطب مرشحين وقوائم في انتخابات الكنيست، عندما انقسمت الاصوات في لجنة الانتخابات المركزية بين يسار ويمين. اثبت التصويت ان تقييد حق التنافس في الانتخابات هي مسألة اكثر جدية من ان نتركها بأيدي السياسيين، وسيكون على الكنيست ان تتطرق الى الموضوع. مثلما انفصلت الكنيست سنة 1989 عن صلاحيتها الفصل في استئنافات حول نتائج الانتخابات، التي نقلت الى المحكمة المركزية في القدس، هكذا يجدر بها ان تنفصل قريبا عن صلاحية ممثلي الكتل في الكنيست المنتهية ولايتها في تقييد اهم حق ديموقراطي وسياسي.

لم يكن قرار المحكمة العليا – الذي سمح بترشيح التجمع والنواب عزمي بشارة واحمد طيبي وكذلك باروخ مرزل – انتصارافقط لحق الترشيح للكنيست باعتباره حقا اساسيا يرجح على حق الدفاع عن قيم الدولة كيهودية وديموقراطية . تركت المحكمة ايضا بايدي السياسة مجالا واسعا للصراع في السوق الحرة على الافكار والآراء، مهما كانت مثيرة واستفزازية. تدخل المحكمة المحدود في المجال السياسي يرمي لضمان اصول لعب الزامية بدونها لا تقوم ديمقراطية لها مضمون.

(هآرتس، 12 يناير)

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات