المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

حين يتكلم وزير الدفاع في هذه الأيام، فماذا يتوقع الجمهور ان يسمع؟ معلومات. أو، على الأقل، تقديرات تستند على معلومات؟ لأن الجمهور يكنّ الاحترام لوزراء الدفاع، وبخاصة من كان منهم رئيساً سابقاً لأركان الجيش. الجمهور، بغالبيته الساحقة، مقتنع بأنه اذا ما قال وزير الدفاع، مثلا، ان الحرب ستطول اسبوعًا بالتقريب، فهو لا يتكلم عبثاً. الجمهور يؤمن بأن وزير الدفاع يعرف ما يقول. الجمهور، كله، لا يقبل احتمال ان يكون الأمر غير ذلك، وان ثمة امكانية بأن ما يقوله وزير الدفاع هو مجرد لغو، ليس إلا.في مقابلة نشرتها معه "يديعوت احرونوت" ( 28/3/03) سأل الصحفي وزير الدفاع شاؤول موفاز :" كانسان مهني، في أي مرحلة الحرب في العراق الآن؟". الانسان المستقيم كان سيقول:

" ليست لدي اية فكرة". لكن شاؤول موفاز، "كانسان مهني"، قال ما يلي: " كما أفهم الأمور، فان مركز الثقل اليوم هو الحرس الجمهوري".

أحقاً؟ من حسن حظنا ان لدينا اشخاصًا مهنيين يجيدون، مثل الببغاوات، تكرار ما نسمعه جميعنا يوميًا، بضع مئات من المرات، في كل شبكات الأخبار. أمِن أجل هذا ينبغي ان تجرى مع موفاز مقابلة أخرى، ليقول الأمورَ نفسها للمرة الألف وسبعمائة؟ ليقول لنا الأشياء "كما أفهمها"؟ من أجل ماذا؟ الأننا ربما، نحن الذين لسنا رجال مهنة، لم نفهم "الأمور"؟

لكن حكمة وزير الدفاع لا تتلخص في ذلك. "حسب ما أفهم، قوات الحرس الجمهوري لا تنوي الانتحار من أجل صدام". هذه الجملة قالها وزير الدفاع، الانسان المهني، قبل ان يقتل انتحاري عراقي أربعة جنود أمريكيين. الانسان المهني موفاز قال ذلك ايضًا قبل ان يوضح نائب وزير الدفاع الأمريكي "لقد قللنا من قيمة الجنود العراقيين". وقبل ان يتوقف القتال، او يهدأ، بسبب القتال الضاري من قبل قوات الحرس الجمهوري. وقبل ان يقول الرئيس الأمريكي وطاقم مساعديه الكبار أنفسهم ان الحرب على العراق ، بما في ذلك ضد الحرس الجمهوري، ستكون قاسية وطويلة.

اذن، ورغم كل شيء: استناداً الى أي شيء يقول وزير الدفاع، رئيس الأركان السابق، مثل هذا الكلام؟ سيجد الجمهور صعوبة في قبول التفسير، لكن الحقيقة هي انه يقولها استنادًا الى لا شيء. ليست لدى أي احد، ولم تكن، اي معلومات حول ما اذا كان الحرس الجمهوري سيقاتل وكيف. كان هنالك معلقون قالوا ان قوات الحرس الجمهوري ستلوذ بالفرار من المعركة، وآخرون قالوا انها لن تستسلم. لا بأس، هؤلاء معلقون، انهم ليسوا وزراء دفاع، وليسوا رؤساء اركان سابقين، وليسوا اشخاصًا مهنيين. الجمهور يعرف هذه الحقيقة حين يقرأ ما يكتبون ويسمع ما يقولون. ولكن شاؤول موفاز؟ وزير الدفاع؟ رئيس الأركان السابق؟

لقد تعودنا على الجنرالات السابقين الذين يحللون ويقيّمون دون ان تكون لديهم اي فكرة عما يجري. لكن هذا الوباء تفشى في هذه الحرب بين اصحاب المناصب العليا، ايضاً، وهم يقومون، ببساطة، بتضليل الجمهور الذي يصدّق انهم مهنيون جديون. كل هذا بسبب شهوة الكلام وشبق الظهور الاعلامي. يوجهون لهم سؤالا فيجيبون. لا يستطيعون القول: لا أعرف. لا يستطيعون رفض الدعوة الى الميكروفون. اشخاص عديمو المسؤولية يديرون حياتنا.

(" غلوبس" ـ 4/4، ترجمة: "مـدار")

المصطلحات المستخدمة:

نائب وزير

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات