المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

مع تزايد الحديث عن اقتراب نشر "خارطة الطريق" للتسوية السياسية الاسرائيلية – الفلسطينية، يتولى وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز، بعيداً عن "الأضواء"، عملية تطبيق مخطط اعدته وزارته بالتنسيق مع عناصر استيطانية كثيرة، لتشريع عشرات "المناطر العشوائية" التي طفت على السطح في السنوات الأخيرة، في السر على الغالب، وإن كان بعضها قد اثير في المحافل المختلفة ووسائل الاعلام.


ويدرك شاؤول موفاز، كسابقَيه في وزارة الدفاع الاسرائيلية، بنيامين بن العيزر وايهود باراك، ان مفهوم "مواقع غير قانونية" في سياق الحديث عن "المستوطنات العشوائية" في الأراضي الفلسطينية، هو مفهوم نسبي. وقد اضفى باراك الشرعية على عشرات مواقع الاستيطان غير القانونية وسعى الى تسوية مكانتها في لجان التخطيط. وفي مقابل كل موقع امر باخلائه، قام باراك باضفاء الصبغة القانونية على ستة او سبعة مواقع اخرى.

وبدوره، اتبع بن العيزر ايضًا سلوكا مماثلا. ولا يزال وزير الدفاع الحالي، شاؤول موفاز، يتذكر فترة عمله كرئيس للاركان:

موقع "حورشاه" الاستيطاني في منطقة رام الله (غرب المجلس الاستيطاني "بنيامين") اقيم بدعم وتشجيع غير محدودين من جانب نائب موفاز في حينه، ورئيس الاركان الحالي، موشيه يعلون. وموقع "ميغرون" اكبر المواقع الاستيطانية "العشوائية"، في منطقة "بيت ايل" (شمال رام الله) اقيم وطور بدعم من قائد المنطقة السابق اسحق ايتان، ورئيس الاركان يعلون. ويعد الموقعان (حورشاه وميغرون) مثالا على اماكن السيطرة الاستراتيجية على الارض، التي توليها سلطات الجيش الاسرائيلي ايضاً أهمية عسكرية، ما يوضح هنا ان "رغبة المستوطنين تلاقت مع "مصلحة" الجيش في اقامة هذين الموقعين الاستيطانيين غير القانونيين"، كما يكتب نداف شراغاي في "هآرتس" (28/4).

وقد تم اخلاء العديد من المواقع الاستيطانية غير القانونية، في نطاق تفاهم باعادة اقامتها وتسوية مكانتها القانونية بعد مرور فترة من الوقت. ومن هذه المواقع "متسبيه حجيت" و"متسبيه ايرز" (اخليا في عهد باراك) و"نوفي نحميا" (في عهد بن العيزر) وهو موقع اقيم مجددًا قبل فترة قصيرة.

الى ذلك فقد تحول جزء من المواقع الاستيطانية هذه خلال السنوات الاخيرة الى مستوطنات دائمة، او انها في طريقها لتتحول الى مستوطنات بكل ما تعنيه الكلمة. ومن المواقع التي تحولت الى مستوطنات، هناك مثلا "عمونه" قرب مستوطنة "عوفره" (شرق رام الله) وعدد من المواقع الاخرى المقامة على مقربة من مستوطنة "شيلو" ( شمال رام الله).

وطبقاً لرواية المستوطنين فإن "المواقع" حصلت على تصاريح من المستوى العسكري، كما ان مكان كل موقع استيطاني حدد بالتنسيق مع الجهات المسؤولة المختصة في وزارة الدفاع الاسرائيلية.

اضافة الى ذلك فان مسؤولي "الادارة المدنية" الاسرائيلية وشعبة الاستيطان في الهستدروت الصهيونية وشركة "مكوروت" (للمياه) وشركة الكهرباء القطرية وعدداً من مستشاري وزير الدفاع لشؤون الاستيطان، جميعهم قدموا كل مساعدة ممكنة في الصدد ذاته.

مؤخراً زار نائب وزير الدفاع زئيف بويم، برفقة رئيس مجلس "غوش عتصيون" الاستيطاني شاؤول غولد شتاين، مواقع الاستيطان غير القانونية في المنطقة. وصرح بويم: "لن يتم تفكيك سوى بعض المواقع الاستيطانية غير القانونية التي لا يوجد منطق مقبول وراء اقامتها"، على حد تعبيره.

وكان وزير الدفاع شاؤول موفاز امر حتى الان بتفكيك موقعين استيطانيين فقط، وكلاهما في منطة الخليل: موقع " تلة 26 " الذي من المتوقع العودة اليه مجددًا في المستقبل، وموقع "هغيبوريم" بين "كريات اربع" والحرم الابراهيمي في الخليل. هناك موقعان آخران قرر موفاز اخلاءهما، وهما موقعان خاليان اصلا من المستوطنين، جنوب جبل الخليل، احدهما في منطقة دورا والثاني "غبعات هأنتينوت" على مقربة من "بني حيفر".

وكانت قائمة نشرتها حركة "السلام الان" قد اشارت الى وجود 108 مواقع استيطان غير قانونية اقيمت عشوائياً في انحاء مختلفة من اراضي الضفة الغربية، وقامت السلطات الاسرائيلية بإضفاء الصبغة القانونية على العشرات منها، فيما لا تزال عشرات المواقع الاخرى قيد اجراءات التنظيم.

قبل عدة اشهر صرح زئيف حيفر احد المتزعمين لخطط اقامة المواقع الاستيطانية هذه، ومن رؤساء حركة "أمناة" الاستيطانية، بأن جميع المواقع اقيمت بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة في وزارة الدفاع، ابتداء من وزير الدفاع وحتى ادنى الرتب العسكرية المسؤولة. واضاف: "لكل شيء حل قانوني، بشرط ان تكون هناك نية للتوصل الى حلول".. ومن المنتظر ان يقوم وزير الدفاع شاؤول موفاز، الذي سيقدم له قريبا تقرير حول مسألة المواقع الاستيطانية، بالبت في شأن "المواقع التي يوجد لها حل قانوني" و "المواقع غير القانونية التي لا يوجد وراء اقامتها منطق مقبول " حسب تعبير نائبه.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات