المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

جدد رئيس الحكومة الاسرائيلية اريئيل شارون التزامه ببدء عملية سياسية بين اسرائيل والفلسطينيين <<بعد الحرب في العراق>>.
وقال في جلسة حكومته الاسبوعية (الاحد 30 آذار) ان هناك <<اتصالات سياسية سرية هذه الايام بين اطراف فلسطينية واسرائيلية>>.

لكن وزير الخارجية سلفان شالوم لا يربط بدء الاتصالات السياسية بأجندة الحرب الامريكية – البريطانية على العراق، ويؤكد ان <<اسرائيل تفحص امكانية تجديد الاتصالات السياسية مع الفلسطينيين، بعد تشكيل الحكومة الفلسطينية>>.

وكان شالوم ابلغ السكرتير العام للامم المتحدة كوفي عنان بذلك خلال لقائهما في نيويورك (الجمعة، 28/3)، مشيراً الى ان اسرائيل تنتظر ان يسشتكمل "ابو مازن" مهمته في تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة، وهي عملية قد تستغرق مدة اسبوعين – ثلاثة اسابيع.

اعربت ، كما ونقلت الاذاعة الاسرائيلية العامة عن سيلفان شالوم قوله <<ان اسرائيل مستعدة لتقديم مساعدة انسانية للعراق بعد الحرب اذا ما طلبت منها الامم المتحدة ذلك>>.

وقال الوزير الاسرائيلي: <<عرضت ان تشارك اسرائيل في الاجراءات الانسانية التي ستتخذ وان تقدم اي مساعدة ممكنة لتجنب تزايد الام الشعب العراقي>>، مشيرا الى ان <<المساعدة الاسرائيلية>> قد تشمل تجهيزات طبية ومواد غذائية.

واضاف شالوم: <<لسنا طرفًا في هذه الحرب، وطالما استمرت فاننا لن نتورط فيها. وفور انتهائها، سنقدم مساعدتنا اذا ما طلبت منا>>.

وقد توقف شالوم في نيويورك وهو في طريقه الى واشنطن حيث يلتقي اعتبارًا من الاثنين مسؤولين اميركيين بينهم نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الخارجية كولن باول ومستشارة الرئيس للامن القومي كوندوليسا رايس.

وسيمثل اسرائيل ايضا باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون في المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الاسرائيلية الاميركية، ابرز مجموعة ضغط اسرائيلية في الولايات المتحدة.

ومنذ اندلاع الحرب على العراق، تعيش اسرائيل في حالة استنفار خشية هجوم عراقي وخصوصًا بالاسلحة غير التقليدية. وخلال حرب الخليج في 1991، اطلق العراق 39 صاروخًا من طراز سكود تحمل رؤوسًا تقليدية على اسرائيل مما اوقع قتيلين واصاب العديد بجروح وتسبب باضرار مادية جسيمة وخصوصا في منطقة تل ابيب.

وفي جلسة الحكومة الاسرائيلية (30 آذار) توقع رئيس المخابرات العسكرية الجنرال اهرون زئيفي فركش ان الايام القادمة <<ستشهد تطورات جوهرية في بغداد>>. ولم يفسر فركش اقواله التي ادلى بها في الجلسة، مضيفاً انه لا يوجد جدول زمني متوقع لانتهاء الحرب.

وقال فركش انه لا توج اثباتات بأن العراق لا يملك قدرة على اطلاق صواريخ ارض – ارض على اسرائيل>>.

وقال وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز في الجلسة ان <<الجهاز الامني قرر تقليل حجم قوات الاحتياط في بعض الوحدات التي استدعيت للخدمة بهد بدء الحرب على العراق>>. وقال موفاز ان التقديرات المتعلقة بالتهديدات الصاروخية العراقية في اسرائيل لم تتغير، وان اسرائيل تواصل الحفاظ على جاهزية واستنفار في قيادة الجبهة الداخلية وسلاح الجو وشعبة الاستخبارات العسكرية.

واضاف: <<الجهاز الامني يحافظ على توازن صحيح بين الحاجة للحفاظ على جاهزية واستنفار ضروريين في ضوء التهديد القائم وبين الرغبة في الامتناع عن ابقاء قوات الاحتياطي كبيرة لفترة طويلة>>. واشار الى ان الجهاز الامني الاسرائيلي متمسك بتعليماته الى الجمهور بالحفاظ على وجود غرف مأطومة وحمل الكمامات على مدار اليوم.

* الولايات المتحدة تتوقع من إسرائيل <<أن تقوّي أبو مازن>>

ومن المتوقع أن يطرح قادة النظام الأمريكي أمام وزير الخارجية الاسرائيلي، سيلفان شالوم، في محادثاتهم، مسألة توقعاتهم من إسرائيل بأن <<تقوّي مكانة رئيس الحكومة الفلسطيني الجديد، "أبو مازن"، بعد بدء شغله للمنصب>>. ويتضح من تقارير وصلت إلى القدس الغربية في نهاية الأسبوع أن الولايات المتحدة تتوقع من إسرائيل أن تعمل <<من وراء الكواليس>>، وأن تتبع خطوات مثل إزالة الحواجز والتسهيلات الانسانية وإخلاء المُستمسكات (المستوطنات "العشوائية")، <<مقابل التقدم من جانب "أبو مازن" على المسار الأمني>>.

والتقدير في القدس الغربية (بموجب "هآرتس"، 30 آذار) هو أن "أبو مازن" سيعمل في قناتين متوازيتين، الأولى في إتصالات مع "حماس" لوقف العمليات التفجيرية، والثانية من خلال نشاطات لقوات الأمن الفلسطينية لمنع العمليات (مثل خطوات لجم لاطلاق صواريخ القسام من غزة). ومقابل ذلك، سيطلب تسهيلات إقتصادية من إسرائيل وإنسحاب الجيش الاسرائيلي من المدن الفلسطينية.

وتكتب "هآرتس" أن "أبو مازن" <<يفضل تحقيق خطوات ميدانية، قد تكون مقرونة بتأخير "خارطة الطريق" الدولية لحل النزاع>>.

وقد أوضحت إسرائيل أنها ستعرض على "أبو مازن" وقفًا تدريجيًا للنار، ينقل الجيش الاسرائيلي من خلاله المسؤولية الأمنية ليد الفلسطينيين في مناطق عينية، وسيُطلب منهم، بالمقابل، منع "الارهاب" (في تلك المناطق).

وبموجب المراسل السياسي للصحيفة <<يعتقدون في النظام الأمريكي أن على إسرائيل والولايات المتحدة أن تحافظا الآن على بُعدٍ مُعين من "أبو مازن"، لئلا يؤدّي ذلك للمسّ بمكانته في السلطة. ويعتقدون في واشنطن أن تعيين وزير الداخلية الفلسطيني سيكون إختبارًا حاسمًا لـ "أبو مازن"، ولقدرته على إنتزاع الصلاحيات لنفسه، من رئيس السلطة، ياسر عرفات>>.

وقال سلفان شالوم، في لقائه مع السكرتير العام للأمم المتحدة، كوفي عنان(29/3)، في نيويورك، إن تعيين "أبو مازن" <<هو خطوة أيجابية في الطريق الصحيح>>. ولكن، وبحسب أقوال وزير الخارجية الاسرائيلي، <<فإن الحكومة الاسرائيلية برئاسة أريئيل شارون لن تسير في مسارين، يكون في الأول منهما ‘إرهاب‘ وفي الآخر مفاوضات متزامنة. وإذا اتخذ ‘أبو مازن‘ خطوات حقيقية وفعّالة للحرب على ‘الارهاب والتحريض‘، فإنه سيجد شريكًا في الطرف الاسرائيلي>>.

وكان شالوم سافر إلى واشنطن، نهاية الاسبوع، وفي برنامجه (الاحد 30 آذار) القاء خطاب في مؤتمر "اللوبي من أجل إسرائيل" ("أيباك") إلى جانب وزير الخارجية الأمريكي، كولين باول. وسيجتمع شالوم (الاثنين 31 آذار) إلى باول وإلى نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني وإلى مستشارة الأمن القومي، كوندوليسا رايس. وستتركز محادثاته في تعيين "أبو مازن" وفي دفع "خارطة الطريق". وسيطلب شالوم أن يكون بمستطاع إسرائيل طرح عدد قليل من "التعديلات الجوهرية" قبل نشر "خارطة الطريق". وسيطرح أيضًا مسألة <<الحاجة لمواجهة الخطر الأيراني>>.

وقال عضو الكنيست شمعون بيرس ("العمل")، (السبت 29/3)، في نيويورك: <<إن سيطرة رئيس الحكومة الفلسطيني الجديد، "أبو مازن"، على "الارهاب" الفلسطيني وعلى كل القوات المسلحة وطويها تحت قيادة واحدة، هي العنصر الأهم والأكثر ضرورية في الاصلاحات في السلطة الفلسطينية. وإذا لم يسيطر ‘أبو مازن‘ على ‘الارهاب‘، فإن ‘المخربين‘ سيسيطرون عليه>>، قال. وذكر بيرس أن على إسرائيل والفلسطينيين أن يبدأا الآن بالمفاوضات.

شالوم للأمريكيين: "لا تشتروا حكاية التعديلات المائة"

<<لا شك ان سلفان شالوم سيشعر بنوع من الاهتمام والمعاملة الخاصة التي يعرف الامريكيون كيف يقدمونها لمن يشخصونه علي انه رب البيت والسيد القادم>>، يكتب المراسل السياسي لصحيفة "يديعوت احرونوت"، شمعون شيفر (28/3). انه لا يريد ان يصاب بالبلبلة: <<من الواضح له ان اللقاءات المزمعة مع باول ونائب الرئيس ديك تشيني وكونداليسا رايس تهدف الي اعداد الارض لليوم التالي للمعركة في العراق حيث ستحين لحظة دفع اسرائيل للثمن بالعملة الاسرائيلية من خلال تطبيق "خريطة الطريق">>.

ويكتب شيفر ان شالوم حاول طمأنة باول خلال ثلاثة اتصالات هاتفية بينهما منذ ان دخل وزارة الخارجية الاسرائيلية من المخاوف التي تساوره بصدد الموقف الاسرائيلي في قضية "الخريطة". <<لا تشترِ حكايات "المئة تعديل" التي نطلبها علي "الخريطة">>، قال لنظيره الامريكي وأضاف: <<هذا كلام فارغ، وما نريده هو بعض التعديلات فقط>>.

ولو كان الامر متعلقا بوزارة الخارجية الامريكية لكانت خريطة الطريق بصيغتها الحالية قد طرحت على الأطراف كأمر مفروض وقسري. ولكن البيت الابيض هو الذي سيحسم في هذه المسألة، وسبق للرئيس جورج بوش أن صرّح بأنه <<سيكون مسرورًا اذا حصل علي ملاحظات الأطراف. وسيسره ايضا ان يتحاور الفلسطينيون والاسرائيليون حول مسار واتجاه حل الصراع>>.

التقدير السائد في محيط شارون ان بوش لن يفرض أي شيء غير مقبول على الجانب الاسرائيلي، أي ان الامريكيين سيرفضون المطلب الاوروبي بأن يقوم الجانب الاسرائيلي باتباع سلسلة خطوات موازية لما يقوم به الفلسطينيون، مثل تجميد الاستيطان.

أحد كبار المسؤولين في الجهاز السياسي الاسرائيلي لم يعط عملية التقدم نحو التسوية بعد الحرب احتمالية عالية: <<ما كان هو ما سيكون>>، قال. <<بوش مستعد الآن لاصدار تصريحات داعمة للفلسطينيين لأن هذا الامر مفيد لبلير. وبعد اشهر معدودات سيستعد للمعركة الرئاسية، وعندئذ لن تكون له أي مصلحة في الضغط علي شارون>>.

وعدا عن ذلك – يؤمنون في محيط شارون، كما يكتب شيفر - سيكون من الممكن الاعتماد على الفلسطينيين دائما <<في ان يقوموا بشيء ما يضر بمصلحتهم>>، كما يقول المسؤول الاسرائيلي.

ويضيف شيفر: <<في يوم الخميس الماضي وقف رئيس الوزراء فوق تلة تطل على غزة وتذكر عملياته الانتقامية في كتيبة 890 ضد القيادة المصرية التي سيطرت على المدينة قبل خمسين سنة. شارون أشار الى مسار المقاتلين ووصف بكل دقة كل شبر ارض في طريقهم الي ان وصلوا للهدف المحدد. وتذكر أسماء المقاتلين ومواقعهم علي الارض وقال ان زوجته الممرضة كانت بالانتظار لمعالجة الجرحي عند العودة من غزة. شارون اعترف انه لم يتخيل حينئذ ان تضطر اسرائيل بعد خمسين سنة للدفاع عن نفسها من خطر "العمليات الارهابية" التي تنطلق من المدينة.

<<الفارق الوحيد بين المقاتل العنيد سابقًا ورئيس الوزراء اليوم هو انه مسؤول اليوم عن مسار الخروج السياسي من الصراع والوصول الي تسوية مع الفلسطينيين. شارون يدرك ذلك ويوجد لديه استعداد لدفع عملية في الادارة الامريكية بحيث توصل الي تسوية لاقامة دولة فلسطينية مؤقتة علي قسم من اراضي حزيران (يوينو) 1967، واقامة دولة في حدود دائمة بعد سنوات من المفاوضات.

هليفي يفصل "خطة بديلة"

عندما يسألون رئيس مجلس الامن الوطني، افرايم هليفي، اذا كان قد أعد خطة بديلة لحل الصراع كما نشر في هذا الاسبوع، يرد بأنه لا ينوي بالمرة اطلاق اسمه على مثل هذه الخطة. هليفي يتعلم في هذه الايام "على جلده" ما يحدث مع الخارجين من صفوف الأذرع الاستخبارية الذين يخرجون للضوء: أشعة الشمس تؤدي في احيان كثيرة الي احتراق جلودهم. وقد شارك قبل اسابيع في نقاش مع موفاز، الذي جمع كبار المسؤولين في وزارة الدفاع للتداول في السيناريوهات المحتملة لما بعد الحرب والحلول التي ستطرح للنزاع الفلسطيني - الاسرائيلي. اقترح هليفي على الحضور الاستعداد لامكانية فشل "خريطة الطريق"، ولذلك يتوجب علي اسرائيل ان تعد خطة بديلة للتسوية مع الفلسطينيين على أساس اقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة مقابل التنازل الفلسطيني عن حق العودة واعلان نهاية الصراع.

بعد نشر اقتراحه هذا تعرّض هليفي للنيران من عدة اتجاهات: ديوان شارون سارع للتنصل من هذا الاقتراح على أساس ان شارون لم يطلع عليه ولم يبد موافقته عليه. وقالوا ان الامر الوحيد الذي يلتزم به شارون هو اقتراحات بوش.

سلفان شالوم الذي التقي هليفي بعد النشر "غسله" وأغرقه بكلمات صعبة قاسية وقال له انه ينظر بخطورة الى اجتماع قادة الاجهزة الأمنية وضباط الجيش الاسرائيلي لوضع خطة للتسوية السياسية. "غدا سأبدأ أنا بتخطيط عمليات عسكرية"، قال له غاضباً.

<<يبدو ان ليفي مع كل تجربته الواسعة لم يقرأ خارطة الوضع في الحكومة الجديدة بطريقة جيدة>>، يكتب شمعون شيفر. <<واذا كان في الحكومة السابقة مبعوثًا لشارون عند القادة العرب وقادة الاجهزة الاستخبارية الامريكية، حيث كان بيريس وزيرًا للخارجية، فقد تغيرت الاحوال والوجوه في الحكومة الجديدة بصورة تامة>>.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات