المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

تحوّلت حقيقة مشاركة عشرة صحافيين اسرائيليين في تغطية سير الحرب على العراق من داخل الاراضي العراقية والكويتية الى قضية بحد ذاتها على هامش الحرب، عندما اصبح هؤلاء "مصدر إزعاج" لقوات التحالف الامريكية – البريطانية، و"مصدر احراج" لسلطات الكويت، كونها "غضت الطرف" عن كونهم اسرائيليين ويعملون لحساب صحف تصدر في اسرائيل.


وكان التطور الاخير في هذه القضية عندما اعتقل جنود امريكيون في العراق صحفيَّين اسرائيليّين وكذلك مراسلاً صحفياً ومصوراً من التلفزيون البرتغالي، بتهمة التجسس!

وروى افراد عائلة وزملاء الصحفيين ان الجنود الامريكيين "ضربوا اثنين من المراسلين". واطلق سراح الاربعة بعد 48 ساعة في الاعتقال، ونقلوا الى الكويت.

وكان دان سيماماه مراسل القناة الاولى للتلفزيون الاسرائيلي وبوعز بيسموت مراسل صحيفة "يديعوت احرونوت" دخلا الاراضي العراقية دون ان يتزودا بالتصاريح المطلوبة، وكان سيماماه اعلن في وقت سابق انه لم يحصل على تصريح من الامريكان بدخول الكويت لأنه ممثل للتلفزيون الاسرائيلي. وانضم الصحفيان الاسرائيليان الى مراسل التلفزيون البرتغالي لويس كاسترو واستأجروا سيارة جيب ودخلوا العراق على عاتق انفسهم. وانضم الصحفيون الى قافلة للقوات الامريكية وارسلوا تقاريرهم الصحفية لاسرائيل استناداً على احاديث مع جنود امريكان ومواطنين عراقيين.

وقالت قرينة سيماماه انهم اضطروا الى التوقف في يوم الجمعة بسبب العواصف الرملية. "لم ينجحوا برؤية الشارع فنصحهم الجنود الامريكيون بعدم التحرك لأن الجيش تلقى اوامر برمي كل ما هو متحرك"، قالت. وفي يوم الاربعاء صباحاً ايقظهم الجنود الامريكان تحت تهديد السلاح ووجهوا لهم تهمة التجسس. وتم تجريد الثلاثة من ملابسهم للتأكد من انهم لا يحملون المتفجرات واحتجزوا داخل الجيب مدة 36 ساعة. وعندما طلب الصحفي البرتغالي الاتصال بالبيت تلقى الضرب من الجنود الامريكيين، وكسرت اضلاعه ونقل الى المستشفى لتلقي العلاج.

وفي مكالمة تلفونية من الكويت مع القناة الاسرائيلية الاولى (الجمعة 28/3) قال سيماماه ان الامريكان عاملوهم "كالجواسيس والمخربين". "اهانونا ساعات طويلة. لم يقدموا لنا الطعام وجردونا من كل وسائل الاتصال التي كانت بحوزتنا".

واتصلت صحيفة "يديعوت احرونوت" بوزارة الدفاع الامريكية طالبة المساعدة في تحديد مكان المراسلين، الذين نقلوا بالهليوكبتر الى قاعدة امريكية في الكويت. "هناك ايضا عاملونا كمشبوهين"، قال سيماماه. "وقف جنود امريكيون لحراستنا واهتموا بالا يتحدث احد منا الى الاخر".

وقال: "امضينا 48 ساعة من اسوأ الاوقات في حياتنا بعد ان اعتقد الجنود الاميركيون بأننا ارهابيون وجواسيس وعاملونا على هذا الاساس (..) رغم الشروحات الوافية التي قدمناها لهم، الا انهم استمروا بتهديدنا باسلحتهم ورفضوا ان يقدموا لنا الطعام وبقينا جالسين داخل سيارة عسكرية مدة 36 ساعة متتالية قبل ان يتم نقلنا الى الكويت بمروحية".

واكد ان "الاميركيين يتخذون شتى الوسائل كي لا يتمكن اي صحافي من التنقل باستقلالية في العراق. فهم يريدون ان يرافقهم ضابط ارتباط اميركي لمراقبة الصور التي يتم التقاطها وربما لذلك عاملونا اقسى المعاملة". ووصف معاملة الجنود الاميركيين بأنها "أسوأ معاملة تعرضوا لها في حياتهم".

وفي تطور اخر أوضحت سفارة الكويت في بيروت في بيان لها (الجمعة 28،3) ان الكويت "ترفض استقبال أي مراسل إسرائيلي انطلاقا من إيمانها برفض التطبيع بأي شكل من الأشكال وأنها ستلاحق أي مخالفة يمكن ان تقع بأشد العقوبات".

ونفى البيان ما تتناوله بعض وسائل الاعلام العربية عن وجود مراسلين اجانب اسرائيليين متهمة تلك الوسائل بعدم التحرى بدقة وذكرت ما سبق ان صرح به الوكيل المساعد للاعلام الخارجى فى الكويت مبارك الدعيج الصباح بأن "عدم استعداد الكويت لتواجد اى اسرائيلى على اراضيها".

يحملون جوزات سفر "اجنبية"

ويقوم عدد من الصحافيين الاسرائيليين، يحمل معظمهم جواز سفر من دولة اخرى، بتغطية الحرب من العراق لصحف ومحطات تلفزة إسرائيلية، لكن ذلك لم يمر دون طرح مشكلات على الاقل لاحد هؤلاء الموفدين الخاصين.

فالصحافي بوعز بيسموت هو احد المراسلين الاسرائيليين النادرين، وجميعهم يحملون جنسيتين، الذين تمكنوا من الدخول الى الكويت بفضل جواز سفرهم الاجنبي للالتحاق بعد ذلك بقوات التحالف الاميركي - البريطاني.

ولكن لم يخل الامر من صعوبات. فاذا كان هؤلاء الصحافيون، وهم اقل من عشرة، حصلوا بسهولة على بطاقة اعتماد من القوات الاميركية فانهم لم يتمكنوا من دخول الكويت سوى بصفتهم مراسلين لوسائل اعلام دولية ليخفوا عملهم لوسائل اعلام اسرائيلية.

ورافق عشرة صحافيين اسرائيليين القوات الاميركية والبريطانية داخل الاراضي العراقية لتغطية الحرب للقنوات التلفزيونية الاسرائيلية الثلاث وشبكة الاخبار الاذاعية وثلاث صحف كبرى.

وانتشر الصحافيون الاسرائيليون على مختلف الجبهات، ويحمل قسم منهم جوازات سفر غربية لكن ثلاثة منهم دخلوا بالجواز الاسرائيلي. ويحاول هؤلاء التكلم بلغات اجنبية وعندما ينقل احدهم تقريرًا مباشرًا فانه يبتعد حتى لا يسمع وهو يتكلم العبرية.

وروت الصحافية كارولاين غليك بالتفصيل المتاعب التي لاقتها من السلطات الكويتية لدى وصولها الى الكويت. وهي تعمل مراسلة لصحيفة "جيروزاليم بوست" الصادرة بالانكليزية في القدس الغربية، وهي موفدتها الخاصة لتغطية الحرب.

ورغم انها تحمل بطاقة اعتماد من صحيفة "شيكاغو صن تايمز" الاميركية التي تنتمي الى مجموعة الصحافة نفسها التي تنتمي اليها "جيروزاليم بوست"، فقد هددت الصحافية بالتوقيف على حد قولها وارغمت على توقيع اعلان تتعهد فيه بعدم نشر اي شيء في الصحافة الاسرائيلية. وتمكنت في اخر المطاف من الخروج من الكويت لترافق القوات الاميركية في العراق. وروى دان سيماما مراسل الاذاعة والتلفزيون الاسرائيليين العامين ان الجيش الاميركي منعه من دخول الاراضي العراقية لكنه نجح في نهاية الامر في ان يندس بين مراسلين اخرين لتغطية الحرب.

لكن ثمة صحافيين اخرين يعملون بدون اي عوائق في كردستان العراقية الخارجة عن سلطة بغداد والتي تسيطر عليها الفصائل الكردية في شمال العراق.

اما صحيفة يديعوت احرونوت الواسعة الانتشار فقد ارسلت موفدًا خاصًا الى بغداد لكنه يعمل بحسب رئاسة التحرير كصحافي فرنسي يكتب باسم مستعار اخفيت هويته بعناية كبيرة. وكانت الصحيفة في العام 1998 اول وسيلة اعلام اسرائيلية توفد مراسلاً الى بغداد، وكان الصحافي الفرنسي - الاسرائيلي امنون كابليوك. وقد وصف كابليوك آنذاك النتائج المريعة للحظر المفروض على شعب العراق بينما غضت السلطات العراقية الطرف على ما يبدو عن جنسيته الاسرائيلية.

ومن الصحف الاسرائيلية الكبرى وحدها "هآرتس" لم توفد مراسلاً ليرافق القوات الاميركية البريطانية.

وقال احد المسؤولين في رئاسة تحريرها، شموئيل ريزنر، لوكالة "فرانس برس": "حصلنا بالطبع على بطاقة اعتماد من البنتاغون لايفاد مراسل يحمل جنسيتين لكن الكويت منعته من الدخول الى اراضيها ولم نشأ اخفاء انه موفد لصحيفتنا".

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات