المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

اقترح قائد سلاح الجو الاسرائيلي، الجنرال دان حلوتس، إلغاء القيادة الداخلية بعد الانتهاء من حالة الاستنفار في إسرائيل، المعلنة جراء الحرب في العراق. وبحسب رأيه، <<مع زوال خطر الهجوم الكيماوي والبيولوجي العراقي على إسرائيل، فإنه سيكون بالامكان الاكتفاء بالأطر المقلصة التي كانت معدة للدفاع المدني، أمام تهديد مشابه من طرف سوريا ودول أخرى، إلى حين إندلاع الحرب في الخليج في العام 1991>>.


ويأتي إقتراح حالوتس في رسالة وزعها هذا الأسبوع بين مسؤولين رفيعين في الجهاز الأمني الاسرائيلي، من بينهم قائد الأركان، موشيه يعلون، والسكرتيرين العسكريين لرئيس الحكومة أريئيل شارون، ووزير الدفاع، شاؤول موفاز. وتكتب "هآرتس" (28/3) ان الرسالة <<تعكس توجه حالوتس للبيئة الاستراتيجية والموازنية الجديدة، في أعقاب الهجوم الأمريكي على نظام صدام حسين، وقرار الحكومة التقليص في المصروفات الأمنية>>. وقال المستشار الاعلامي لوزير الدفاع إن إقتراح حالوتس وصل إلى مكتب موفاز وهو لم يقرأها بعد.

وقدَّر عنصر أمني مخوّل في اسرائيل أنه بحسب وتيرة عمل القوات الأمريكية في غربي العراق، التي تمسح المنطقة بحثًا عن مواقع يُشك في أنها تمكّن إطلاق صواريخ "أرض - أرض" صوب إسرائيل، فإن ترسيم المنطقة كنظيفة سينتهي بعد حوالي أسبوع. وقد مُسح أكثر من نصف المواقع في الأسبوع الأول من عمل هذه القوات الخاصة.

وبحسب رأي حالوتس، فإنه <<من المتوقع بعد الحرب على العراق، أن يطرأ تحسّن على الوضع الأمني، ولكن الحاجة لوجود جيش قوي، ستبقى قائمة، من أجل التهيؤ لأخطار مختلفة، منها إنهيار أنظمة صديقة لإسرائيل>>. وبحسب تقديره، فإن الخطر الأكبر في السنوات القادمة كامن في <<الإرهاب>>، وبعده، في الأسلحة غير التقليدية، وفي المكان الثالث فقط، في الجيوش النظامية في الدول العربية. لذلك، برأيه، <<على الجيش الاسرائيلي أن يستغل الفرصة لتغييرات أساسية في المبنى وتتنظيم القوات>>. ومن ضمن ذلك، يدعم حالوتس تقليص جزء كبير من القوة المدرعة، والتي تحوي، بحسب الصحافة الأجنبية، آلاف الدبابات في فرق منظمة وفي الاحتياط. ويدعم حالوتس أيضًا تحديد مهمات السلاح البحري في الحلبة البحرية المجاورة للشواطئ الاسرائيلية.

ويعتقد قائد سلاح الجو الاسرائيلي أنه من الأفضل للجيش الاسرائيلي أن يستثمر أكثر في تطوير قوات برية خفيفة ومتحركة، تكون قوتها الضاربة الأساسية قوة جوية، وقوات خاصة، تُنظّم في قيادات "جناح" أو كتائب. وفي ضوء مطالب من قسم الميزانيات في وزارة المالية ومن قيادة الذراع البرية بإلغاء أنظمة أسلحة مخططة، من المفروض أن تنشط ضد قاذفات متحركة في جبهات بعيدة، فإن حالوتس يعتقد أن عطاء هذه الأنظمة سيبقى ساريًا حتى في حالة دمّر الأمريكان كل بطاريات الصواريخ العراقية.

وخطة حالوتس هي الخطة الأبرز من بين سلسلة خطط يُبحث فيها في الجهاز الأمني الاسرائيلي، بمبادرة جهات داخلية وخارجية، في الأسابيع الأخيرة. وقد اقترح رئيس قسم العمليات في القيادة العامة، الجنرال دان هرئيل – الذي سينهي وظيفته قريبًا وسيُعيّن لقائد المنطقة الجنوبية - أن يتم العمل على تقوية قسم العمليات في القيادة العامة، عن طريق إضافة عناصر ثالثة، كواحد من الأمور. ويتعامل يعلون مع مقترح هرئيل بالأيجاب.

وقد أبرز قرار التقليص في ميزانية الأمن الاسرائيلية التنافس بين الجيش الاسرائيلي وبين وزارة الدفاع. وفي الجيش الاسرائيلي يطلبون زيادة حصة الوزارة في التقليصات. وقد سمت القيادة العامة الاسرائيلية ستة مجالات – مثل البناء، الشراء والعلاقات العامة - التي تحتوي على إزدواجيات في عمل الأقسام العسكرية والمدنية في الجهاز الأمني. فمثلا، يدعون في الجيش الاسرائيلي أن عطاء مديرية المشتريات في وزارة "الأمن" هو قليل، لأن الضباط الشباب والمطلعين الذين يمثلون الأذرع العسكرية في المديرية، هم الضالعون في المتطلبات العسكرية والمهنية، وليس موظفي الوزارة.

وكان الجنرال حالوتس أقام في 1999 قسم العمليات في القيادة العامة في 1999 وترأسه، بهدف بلورة بنية مشابهة لتلك الموجودة في سلاح الجو الاسرائيلي، حيث يكون رئيس مركز القيادة مسؤولا عن بنية القوة بينما يكون رئيس الأسراب الجوية مسؤولا عن تشغيله. ويقترح حالوتس الآن إلغاء قسم التخطيط في القيادة العامة، ونقل كتيبة التخطيط التابعة له إلى إمرة نائب قائد الأركان المباشرة، والمسؤول عن بنية القوى. وتتعامل هذه الكتيبة – برئاسة مساعد رئيس قسم التخطيط، أوفير شاهم من السلاح البحري - بتحضير الخطة متعددة السنوات للجيش الاسرائيلي. وقد أوشكت الخطة الخمسية، حتى سنة 2007، على الانتهاء في نهاية 2002، لكنها جُمدت إلى حين توضيح حجم الميزانيات.

وبحسب خطة حالوتس، يمكن لنائب رئيس الأركان أن يكون مسؤولاً عن الكتيبة الاضافية في قسم التخطيط - كتيبة التخطيط الاستراتيجي، ولكن من الممكن نقل غالبية المسائل المتعلقة بالأمن القومي من الجيش الاسرائيلي إلى مسؤولية الجهات السياسية التي فوقه. وقد كشف قائد الأركان السابق، شاؤول موفاز، المقرب من حالوتس، عند تسلمه منصب وزير الدفاع أن المستوى السياسي يفتقر لعنصر منه، غير متعلق بالقيادة العامة، لتركيز عمل القيادة في الجهاز الأمني. وفي السبعينيات حوّل الجنرال أفرهام طمير، مؤسس قسم التخطيط في العام 1974، هذا القسم إلى قسم مشترك للجيش الاسرائيلي ولوزارة الدفاع. وفي فترة ولاية وزير الدفاع عيزر فايتسمان، أقام طمير وحدة الأمن القومي، وترأسّها أيضًا تحت مسؤولية الوزيرين مناحيم بيغن وشارون. وبعد عزل شارون ألغى موشيه آرنس هذه الوحدة.

ومن المتوقع أن يشغل مدنيٌ رئاسة المركز الذي سيساعد موفاز، وسيكون هذا المدني صاحب تجربة في مجال الأمن القومي، أو ضابطًا كبيرًا متقاعدًا. وعندما كان قائدًا للأركان، عارض موفاز تعيين الجنرال عوزي ديان، في منصب رئيس مجلس الأمن القومي. وفي منصبه كرئيس لوحدة الأمن القومي كان طمير جنرالاً في الخدمة الدائمة، ولكنه فعليًا لم يكن تابعًا لقائدي الأركان في تلك الفترة - مردخاي غور وبعده رفائيل أيتان.

وفي فترة ولايته الثانية كوزير لللدفاع في العام 1990، إفتقد آرنس لعنصر من القيادة العامة وعيّن سكرتيره العسكري، يكوتيئيل مور، رئيسًا لمركز الوزير. ولكن هذه المبادرة انتهت بسرعة. وفي العقد الأخير، منذ تحرره من الجيش الاسرائيلي في نهاية فترة خدمته كرئيس قسم البحوثات في المخابرات العسكرية، يتولى مور مسؤولية العلاقات الخارجية والتخطيط في وزارة الدفاع، ومؤخرًا كنائب للمدير العام في الوزارة. ومع سفره في الصيف القريب إلى نيويورك، كرئيس لوفد عن وزارة الدفاع إلى الولايات المتحدة، من الممكن أن يتقل البعض من مسؤوليات قسم العلاقات الخارجية والتخطيط الأمني إلى عنصر مساعد للوزير، في إطار مصغر عن وحدة الأمن القومي.

ومن المفترض أن يعود رئيس المركز التابع لموفاز، الجنرال عامي شفران، إلى منصبه كرئيس البحوثات والتطوير في الجيش الاسرائيلي. وقد أنيطت "إعارة" شفران بتوجيهات المدعي العسكري الرئيسي، إستمرارًا لأوامر المستشار القضائي للحكومة قبل سنتين، يتقييد "إعارة" رئيس مركز بنيامين بن إليعيزر، يوسي بينهورن.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات