المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

سجَّل رئيس الحكومة الإسرائيية أرئيل شارون، ووزير الخارجية المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، نقطة فارقة اخرى في العلاقات المتعرجة والمثقلة بسوء الظن التي تسود بينهما في السنوات الأخيرة. وبعد ثلاثة اشهر من تصريح شارون بأن نتنياهو هو وزير خارجية ممتاز وسيكون سعيدًا جدًا ان استمر في منصبه، اكتشف نتنياهو ان هذا لن يحدث. وأنه قد يكون وزير ممتازاً للمالية، على سبيل الحصر!


التصريح المدائحي الذي أطلقه شارون عن نتنياهو، كما التصريحات المماثلة التي أطلقها نتنياهو عن شارون في السنة الأخيرة، ليست الا أحد وجهي العملة فقط.

في هذه الأيام ينهي شارون ونتنياهو عقدًا كاملاً من المنافسة المتواصلة على زعامة <الليكود>. في آذار 1993، بانتهاء حقبة اسحاق شمير في الحزب، أعلن الاثنان انهما سيتنافسان على منصب رئيس الحزب. لكن شارون قرر الانسحاب من المنافسة قبل اكتمالها، مما عبّد الطريق امام نتنياهو لاحتلال المنصب.

منذ تلك الفترة كان بالإمكان ملاحظة التشكك والأزدراء ـ وخاصة من جانب شارون ـ اللذين ميّزا العلاقات بين الاثنين لاحقاً. هكذا، مثلاً، قال شارون تعقيبًا على فضيحة نتنياهو التي عرفت باسم "الشريط الملتهب": <ثمة اشخاص يضبطون وسراويلهم نازلة>. لكنهما عادا الى العمل المشترك في العام 1996 حين وقف شارون الى جانب نتنياهو في الانتخابات البرلمانية التي جرت عقب اغتيال اسحاق رابين والعمليات العسكرية الفلسطينية، فجند "حباد" (حركة دينية يهودية من "الحرديم" الاشكناز) والحاخامات لدعم نتنياهو، كما أعد اتفاقية التحالف الانتخابي مع حركتي <غيشر> و <تسومت>.

في البداية بدا ان هذا الدعم لم يؤت له الثمار المرجوة: فحين شكل نتيناهو حكومته، أبقى شارون خارجها. مؤيدو شارون نصبوا خيمة للاحتجاج قبالة مكتب نتنياهو، وفقط بعد ان هدد دافيد ليفي بالتنازل عن حقيبته الوزارية لصالح شارون، <اخترع> نتنياهو وزارة <البنى التحتية> لشارون. وأوضح آنذاك ان هذه الحقيبة الوزارية حيوية جدا وانه <من الضروري ان يكون شارون عضوًا في الحكومة بمنصب رفيع>.

في تشرين الأول 1998 تمت ترقية شارون الى منصب أرفع حين حل مكان دافيد ليفي المستقيل في وزارة الخارجية. الاتفاق بين نتنياهو وشارون على الترقية تمت صياغته في وثيقة قانونية أوضحت أنظمة العمل بينهما وتضمنت تعهدًا من نتنياهو بتعيين شارون وزيرًا للخارجية في اية حكومة يشكلها لاحقاً. وقد شارك الأثنان معا في قمة <واي ريفر> مع قياديي السلطة الفلسطينية.

في أيار 1999 هزم نتنياهو في الانتخابات لرئاسة الحكومة أمام ايهود براك. في ليلة الهزيمة، وحين أعلن نتنياهو استقالته من رئاسة <الليكود>، وقف شارون الى جانبه وسارع الى تسلم منصب القائم بأعمال رئيس الحزب واعدًا بترميمه. وبعد ستة اشهر، فاز برئاسة <الليكود>، متغلبًا على ايهود اولمرط ومئير شطريت.

بعد الفوز، وفيما كان نتنياهو بعيدا عن الحلبة السياسية ـ الحزبية، انكب شارون ومؤيدوه على اصلاح الحزب وترميمه. لكن الشائعات تعالت حول نية نتنياهو العودة الى المعترك الحزبي ـ السياسي. ومع اعلان ايهود براك عن تقديم موعد الانتخابات، اعلن نتنياهو انه سيتنافس على رئاسة <الليكود>. وفي اجتماع اللجنة المركزية للحزب، التي عقدت بعد ذلك بأيام قليلة، حظي نتنياهو بتأييد كبير. وحين سمى شارون الأشخاص الذين سيعينهم وزراء في حكومته قال، وكأنما بطريق الصدفة: <نعم، كذلك بيبي أيضا>. لكن نتنياهو اشترط تنافسه على رئاسة <الليكود> بإجراء الانتخابات للكنيست ايضاً، وليس فقط لرئاسة الحكومة. ولم يتنافس، في نهاية الأمر.

فاز شارون في الانتخابات التي جرت لرئاسة الحكومة في شباط 2001 وشكل حكومة <وحدة وطنية> مع حزب العمل، تاركاً نتنياهو خارج اللعبة ينتظر الفرصة التالية ويقيم معارضة يمينية له. ومع انسحاب حزب العمل من الحكومة، عين شارون نتنياهو وزيرًا للخارجية. عشية الانتخابات الأخيرة، في 28 كانون الثاني، تنافس شارون ونتنياهو مجددًا على رئاسة <الليكود>. حتى ان نتنياهو اعلن انه اذا ما فاز فسيعين شارون وزيرًا للخارجية. لكن شارون فاز في الانتخابات الداخلية في تشرين الثاني / نوفمبر 2002، ولم يحظ في انتخابات الكنيست الا بدعم فاتر من نتنياهو الذي انتظر المكافأة في تشكيلة الحكومة الجديدة.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات