المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

الجدل بين البيت الأبيض وبين وزارة الخارجية الأمريكية بشأن خريطةالطرق، يذكر كثيرًا بأيام حكومة الوحدة السيئة. من الجانب الأول، اليوت ابرامس، مستشار بوش الجديد لشؤون الشرق الأوسط، قام بعزل ثلاثة من كبار الموظفين في دائرته: بلينت ليفرت، بن ميلر، وهيلاري مان. الثلاثة خريجو "سي .آي. ايه" وتم تعيينهم لاعتبارات مهنية، كما ثارت حولهم جميعاً شكوك بأنهم أيدوا خريطة الطرق التي وضعتها "مجموعة الأربعة" (من المهم التذكير بأن المجموعة تشمل، أيضا، الولايات المتحدة). ابرامس هو المراقب الرئيسي على صلاحية خريطة الطرق، ممثلا عن جماعة المحافظين الجدد التي تحيط ببوش. وفي الوقت نفسه بالضبط يتعهد وزير الخارجية كولن باول لكل من يريد - لإيهود براك الذي زاره في مكتبه مثلا - بأن ادارة بوش ستقدم خريطة الطرق الى ارئيل شارون، غداة الهجوم على العراق.هبت مجموعة لنجدة معسكر باول، ضمت مسؤولين كبارًا في الإدارات السابقة، ورؤساء دمقراطيين وجمهوريين. وقد أعد هؤلاء وثيقة، في ختام "مائدة مستديرة" نظموها في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك، تحُثّ الرئيس بوش على تقديم خطة عاجلة لإقامة دولة فلسطينية. "وحدة المهمات" في المجلس، برئاسة هنري زيغمان، تلمح الى ان استجابة الرئيس للضغط الإسرائيلي بتأجيل استئناف مفاوضات السلام لا يربطها أي رابط مع مصالح الأمن القومي الأمريكي.

هذه المجموعة تضم برنت سكوكروفت، المستشار لشؤون الأمن القومي لرئيسين سابقين - جيرالد فورد، وجورج بوش الأب، كما عينه بوش الابن رئيسًا للمجلس الرئاسي لشؤون الاستخبارات. والى جانبه جلس زبيغنييف بججينسكي، الذي كان مستشار الأمن القومي للرئيس جيمي كارتر (معاً نشرا ملخصا للتوصيات في مقال في "وول ستريت جورنال" يوم 13 شباط/فبراير). وحول الطاولة جلس ايضًا كل من: توماس بيكرينغ، نائب وزير الخارجية في عهد كلينتون؛ لي هاملتون، الذي اشغل منصب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب (من الحزب الدمقراطي)؛ فريد هوف، الذي كان سكرتيرًا للجنة ميتشل؛ جيفري كمب، من قادة مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس نيكسون (من الحزب الجمهوري)؛ روب مالي، من مستشاري كلينتون لشؤون الشرق الأوسط.

* فرسان "المائدة المستديرة" ضد بوش

اضافة الى الاستخدام الصريح لمصطلح "المعيار المزدوج"، يقول أعضاء الطاقم ما يعتقدونه عن الفجوة بين الأصرار الذي يبديه بوش في جزء من الشرق الأوسط، وبين العجز الذي يبديه في جزء آخر. "الدول العربية وجزء كبير من العالم الإسلامي، كما الدول الأوروبية ايضًا، يرون علاقة مباشرة ووثيقة بين قدرتهم على التساوق مع الولايات المتحدة في ما يتعلق بالحلبة العراقية، وبين مدى التزام الولايات المتحدة بالعمل من أجل التوصل الى تسوية عادلة للنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني"، كما يكتب المسؤولون الأمريكيون. ويختتمون هذا الفصل بالكلمات التالية: "ليس لدى الولايات المتحدة أي سبب نابع من اعتبارات الأمن القومي يمنع تنفيذ هذا الاقتراح. العكس هو الصحيح: اعتبارات الأمن القومي تدفع بقوة نحو وضع اطار شامل لاتفاقية سلام، فورًا ودون أي تأجيل. سياسة كهذه ستتيح ايضًا التعاون مع الولايات المتحدة في الحرب ضد الأرهاب وفي تشجيع الدمقراطية في مختلف انحاء العالم".

وتدعو المجموعة بوش الى النزول عن الشجرة في كل ما يتعلق بعزل عرفات. "كما اعلن الرئيس، فان الشعب الفلسطيني جدير بقيادة ومؤسسات غير مدموغة بالإرهاب والفساد"، يكتب اعضاء المجموعة، لكنهم يسارعون الى الزيادة: "ومع ذلك، لا يجوز اشتراط استئناف عملية السلام بتغيير هذا الشخص او ذاك". لأن طلباً كهذا، كما يقولون، يمنح ذلك الشخص قوة وتأثيرًا لا ينسجمان وطموح الولايات المتحدة بوضع حد للعنف في اسرع وقت. "هذا الأشتراط سيولد ايضًا معارضة من جانب اولئك الفلسطينيين الذين يطمحون الى تغيير في القيادة وفي السلطة، لكنهم لا يريدون الظهور بمظهر المؤتمرين بأوامر دولة أجنبية". وتؤكد المجموعة انه بدلا من الأنشغال بعرفات، من الأفضل تشجيع التخلي عن الأرهاب والتغييرات في المجتمع الفلسطيني بواسطة عملية سلام "تحمل في ثناياها تعهدًا صادقاً بأقامة دولة فلسطينية تكون قادرة فعلا وحقا على الوجود والاستمرار".

الوثيقة الجديدة ترفض ايضا الشرط الأحادي الجانب الذي وضعه الثنائي بوش - شارون في شأن وقف العمليات العسكرية الفلسطينية. وهي تقترح الأكتفاء بمطالبة السلطة الفلسطينية مطالبة حازمة ووضع شروط عليها "ببذل 100% من الجهود لوضع حد للعنف". وسوية الى جانب ذلك، "على الولايات المتحدة وشركائها المطالبة بالوقف الفوري وغير المشروط لأي نشاط استيطاني اسرائيلي (<"بما فيه المسمى "الزيادة الطبيعية">) ودون علاقة بما هو مطلوب من الفلسطينيين".

وزارة الخارجية الأسرائيلية تسلمت مؤخرا تقارير تحذر من ان ابرامس، المستشار الرفيع الموالي لأسرائيل، لن يستطيع مواصلة الصمت في كل ما يتصل بتوسيع المستوطنات. ولكن المسافة تظل بعيدة حتى الوصول الى فرض خريطة الطرق، قبل الحرب على العراق. واذا ما فتحت "نافذة الفرص" بعد الحملة العسكرية، فان المستشارين السياسيين، اولئك الذين اداروا الحملة الأنتخابية الرئاسية، سيهتمون بأن لا تغلق هذه النافذة على أصابع الرئيس. هذا ما يمكن استشفافه من الجدال الحاد الذي دار في اللقاء الذي عقد امس بين ممثلي المجموعة الرباعية من الأتحاد الأوروبي، روسيا والأمم المتحدة، وبين السفير الأمريكي في اسرائيل دان كرتسر. في هذه المرة ايضاً كانت الولايات المتحدة هي التي لجمت المجموعة وصدت اية اشارة الى ضغط محتمل على شارون.

* مسيرة لندن

فيما يلي البنود الأساسية في الوثيقة التي وضعها طاقم "المائدة المستديرة" في مجلس الشؤون الخارجية في نيويورك:

• دولتان مستقلتان تفصل بينهما حدود هي، تقريباً، حدود حزيران 1967 مع بعض التعديلات الأقليمية التي يتم ادخالها في مفاوضات بين الطرفين، وليس بالضم من جانب واحد. يجب استبدال "حق العودة" الفلسطيني الى اسرائيل بتخلي اسرائيل عن المستوطنات، باستثناء تلك الواقعة في المناطق التي سيتم تبادلها في اطار اتفاقية السلام المشتركة.

• ترتيبات في القدس تضمن سيادتين مستقلتين، سوية مع المحافظة على الوحدة الجغرافية في المدينة، قدر المستطاع.

• المساعدة والعدل للاجئين الفلسطينيين بطرق لا تمس الميزان الديموغرافي في اسرائيل (أي، تطبيق حق العودة على مناطق الدولة الفلسطينية الجديدة وتمويل دولي سخي لأعادة اللاجئين وتوطينهم من جديد ودفع التعويضات).

• نظام دفاعي خاص للأماكن المقدسة لليهود، للمسلمين وللمسيحيين.

• اتفاقية بشأن ترتيبات الأمن الداخلي والخارجي.

ملاحظة: وفقاً لتوصيات الطاقم، ينبغي التخلي عن المرحلة الثانية من خريطة الطرق التي وضعتها "المجموعة الرباعية"، والمتعلقة باقامة دولة فلسطينية في "حدود مؤقتة". ويعتقد الطاقم بأن تسوية مرحلية مؤقتة كهذه قد تحول دون وصول الطرفين، ابداً، الى المرحلة الثالثة التي يفترض ان يتم فيها حل مسائل الوضع النهائي. ويقولون: "من الأفضل استغلال الوقت والجهد والأموال التي ستخصص لـ "الحدود المؤقتة" في مفاوضات حول الحدود النهائية والدائمة".

هذه المبادىء تذكر، كثيرًا، بالمبادىء التي تجري بلورتها في اتفاق يوسي بيلين - ياسر عبد ربه، والذي يشكل امتدادًا لمحادثات طابا. بيلين، معزَّزًا برئيس اركان الجيش الأسرائيلي الأسبق، أمنون ليبكين - شاحك ، وعبد ربه، مُعزَّزاً بوزيرين ونائب وزير من السلطة الفلسطينية، اجتمعوا في لندن الأسبوع الماضي لمواصلة المحادثات. هذه الأتصالات تجري بموافقة ومباركة ياسر عرفات وأبومازن. ويأمل الطرفان باعلان الأتفاق في غضون شهر - شهرين، بحضور ورعاية الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، الحائز على جائزة نوبل للسلام. عامي أيالون وسري نسيبة قد يؤجلان جولتهما لتجنيد الدعم لاتفاقهما الذي حظي بمباركة بيل كلينتون، الى ما بعد الحرب في العراق.

("هآرتس" ـ 4/3 ترجمة: "مدار")

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات