المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

بدأت اسرائيل بنشر بطاريات صواريخ الـ "باتريوت" التابعة للجيش الأمريكي، في أراضيها، في عملية متواصلة ستنتهي خلال الأيام القريبة. ومن المفترض أن تمنح هذه البطاريات الدعم لنظام "السور" الذي تزوده صواريخ "حيتس"، في الدفاع عن منطقة "دان" (تل أبيب والمركز) من إطلاق صواريخ أرض - أرض من العراق.
وستنتشر البطاريات الأمريكية في ثلاثة مواقع في منطقة "دان"، ومن بينها منطقة شمال تل أبيب ومنطقة يافا. وستُنصب بطاريات "باتريوت" إسرائيلية، وإلى جانبها البطاريتان اللتان حصلت عليهما إسرائيل من ألمانيا، في مناطق أخرى في البلاد - خاصةً من أجل الدفاع عن منطقة حيفا وأيضًا عن منطقة النقب، وبالأساس عن المفاعل النووي في ديمونه.

ومن المفترض أن يمنح نظام الـ "باتريوت" "خط دفاعٍ ثانيًا" من صواريخ الأرض - أرض، فيما لو أخطأت صواريخ "حيتس" إصابة صواريخ الـ "سكاد". وأُعِدَّ إطلاق الـ "حيتس" لإسقاط الـ "سكاد" على إرتفاع حوالي 70 كيلومترًا فوق الأرض. ويمكن لصاروخ "باتريوت" أن يصيب "سكاد" على إرتفاع يتراوح بين 15 إلى 30 كيلومترًا.

ويشير نشر البطاريات الأمريكية – التي خُزّنت حتى الآن في قواعد سلاح الجو الاسرائيلي في الجنوب، منذ إنتهاء المناورة المشتركة مع الجيش الاسرائيلي، "جونيفر كوبرا" - على ما يبدو، إلى أن الجدول الزمني لبدء الهجوم الأمريكي على العراق، آخذ في الاقتراب.

وقد أصدر الجيش الاسرائيلي، في الأسبوع الماضي، أوامر تجنيد غير عادية لعدة عشرات من جنود الاحتياط من نظام "ضد الطائرات". وسيمر جنود الاحتياط بتمرينات لهدف تشغيل وتفعيل بطارية الـ "باتريوت" الثانية التي وصلت من ألمانيا. ومن المفترض أن تجهز البطارية في غضون أسابيع عدة. وقد أعلن عن البطارية الأخرى كجاهزة وستُنشر في إطار النظام الدفاعي "ضد الطائرات" عشية بدء الهجوم.

* إقامة مقر قيادة مشترك مع الولايات المتحدة والحصول على وحدة إنذار فضائية

وتزيد الولايات المتحدة من التعاون مع إسرائيل، بحيث اقامت الاثنتان مقر قيادة مشتركًا، ملاصق للسفارة الأمريكية في تل أبيب، بحيث يكون بمقدور قيادة الجيش الاسرائيلي أن تتعقب حركة الطائرات في العراق خلال الحرب. كذلك، نُقلت إلى إسرائيل، خلال الأسابيع الأخيرة، وحدة إنذار مسبق متصلة مباشرةً بالأقمار الصناعية الأمريكية فوق العراق، بحيث تحصل إسرائيل على المعلومات عن إطلاق صواريخ الـ "سكاد" باتجاهها، مباشرةً، من دون أي تأجيل أو غربلة. وقد كتبت صحيفة "وول ستريت جورنال"، (الاثنين 3 آذار)، أن الحديث يدور عن خطوات غير مسبوقة، هدفها الاثبات لاسرائيل أن الولايات المتحدة تفعل كل شيء من أجل منع هجوم عراقي (عليها) والاقناع بأن لا مكان أو حاجة لعملية إسرائيلية ضد العراق.

وبحسب الصحيفة، فإن إسرائيل ستكون الدولة الوحيدة خارج الولايات المتحدة المتصلة بنظام الاتصال الخاص بقطاع القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، المسؤول عن إدارة الحرب في العراق. وستمكن القيادة المشتركة في تل أبيب ممثلين عن الجيش من رؤية ما يُسمى بـ “Air Common Picture”- وهو صيغة متقدمة من جهاز مراقبة الطيران، الذي يمكن من تعقب كل الأسطول الجوي الأمريكي والعراقي في وقت حقيقي. والحديث عن صورة مشابهة للتي تراها قيادة المعركة في قاعدة "سنتكوم" في قطر. "عِبرتنا من 1991 تكمن في أن الطريقة الأفضل للجم الاسرائيليين هي تمكينهم من رؤية ما نفعله لهدم التهديد العراقي، بأنفسهم"، قال مصدر أمريكي كبير للصحيفة. وعلى الرغم من أن إسرائيل ستحصل على صورة شاملة للجبهة الجوية فوق العراق، إلا أنه لن يكون باستطاعتها أن تستخدم هذه المعلومات لتنفيذ هجمة مستقلة لسلاح الجو الاسرائيلي في العراق، لأن الدخول إلى المجال الجوي يجب أن يتم عن طريق رمز تعريف (IFF) يميز بين الطائرات الودية وبين طائرات العدو.

خطوة أخرى اتخذتها الولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة هي تطوير نظام الردع المسبق قبل إطلاق الصواريخ، وتقصير المدة اللازمة للحصول على المعلومات، إلى صفر. في حرب الخليج، كان هناك تأجيل في الحصول على المعلومات، مدته ثلاث دقائق، ولكن قبل اسابيع قررت حكومة بوش أن تنقل إلى إسرائيل نظام الردع المسبق JTAGS، المتصل مباشرةً بالأقمار الصناعية التابعة للمخابرات الأمريكية، لتوفر بذلك وقت التأجيل. ومعنى هذا أن إسرائيل ستعرف بشكل فوري عن إطلاق صواريخ باتجاهها.

وفي إطار إلتزام الولايات المتحدة لإسرائيل بإعطاء أفضلية أولية للعمل ضد إطلاق الصواريخ ومخازن الأسلحة في غرب العراق، تقرر أيضًا إقامة قيادة ثانوية لغربي وجنوبي العراق، تكون مسؤولة عن القضاء على تهديد الصواريخ من تلك المنطقة. وحتى قبل العملية البرية فإن القيادة ستسيطر على مطار أو اثنين في المنطقة وستحوله إلى قاعدة الخروج إلى عمليات في المنطقة. وستُشغّل الولايات المتحدة طائرات تجسس من دون طيار، مهمتها اكتشاف بطاريات الـ "سكاد" ومهاجمتها.

* صواريخ "حيتس" و"باتريوت" ستُشغّل قبل وقوع صاروخ بأربع دقائق

يشدد قياديو الجهاز الأمني الاسرائيلي، في الأسابيع الأخيرة، مرةً بعد مرةً على <أن ما كان لن يكون>. بكلمات أخرى، إذا قرر العراق هذه المرة الهجوم على إسرائيل كرد فعل على الهجوم الأمريكي عليه، فلن يكون الوضع طبعةً ثانيةً لحرب الخليج السابقة. ومن غير المتوقع أن يجلس سكان إسرائيل، من مرة إلى أخرى، في الغرف الآمنة وفي الملاجئ خلال أسابيع، كما في مطلع 1991. في الجيش الاسرائيلي يتوقعون، كأقصى حد، أن يكون الحديث عن وضع طوارئ يدوم لأيام معدودة فقط، تنجح الولايات المتحدة من بعدها في إزالة خطر الصواريخ في غرب العراق. خلال هذه الفترة ستُطلق صواريخ (باتجاه إسرائيل) قليلة نسبية، بحسب التقديرات.

ويدعي كبار القياديين أيضًا أن تقدير المخابرات الاسرائيلية بشأن خطورة إطلاق العراق لصواريخ باتجاه إسرائيل، بقي كما هو عليه في هذه المرحلة: الاحتمال لذلك ضعيف. وحتى لو تم ذلك، يتوقع البعض، فمن المرجح أكثر أن نواجه سيناريوهات أخرى، وعلى رأسها محاولة العراق – وربما بالذات "القاعدة" - لتنفيذ "عملية كبيرة" بسلاح غير إعتيادي.

وعلى الرغم من ذلك، فإن الجهاز الأمني الاسرائيلي يستثمر في الأسابيع الأخيرة، في الاستعداد المحصور بالأساس بالسيناريو المعروف: وقوع صاروخ من العراق.

فيما يلي أهم تفاصيل هذا الاستعداد المخطط في حالة إطلاق صاروخ على اسرائيل، كما نشرتها الصحف الاسرائيلية (الثلاثاء 4 آذار):

* إطلاق الصاروخ

في هذه المرحلة، ليس في يد المخابرات الاسرائيلية أو الغربية معلومات أكيدة حول وجود صواريخ في غربي العراق. الافتراض المعقول هو أن العراق سيحاول، فيما لو حاول، أن يطلق الصواريخ من هذه المنطقة، وبالتالي يتركز الأمريكيون في مجهود الإحباط. البعد بين مواقع الاطلاق المفترضة وبين مركز إسرائيل هو بين 600 إلى 700 كم؛ يستغرق صاروخ "سكاد" من ست إلى سبع دقائق لقطع هذه المسافة. الأمريكيون يؤكدون على أن أقمارهم الصناعية ستغطي مجال الاطلاق لمدة 24 ساعة يوميًا، عشية بدء الهجوم. ومن المفترض أن تنتقل المعلومات عن إكتشاف إطلاق صاروخ فورًا على القيادة العامة في تل أبيب، بمساعدة وحدات ارتباط من الجيش الأمريكي. هذه العملية، كما قيل، ستكون ناجعة أكثر بكثير مما كانت عليه في الحرب السابقة. ومن المفترض أن تمكّن هذه المعلومات من إتخاذ قرار في القيادة العامة الاسرائيلية بتشغيل جهاز الصافرات خلال دقيقة ونصف الدقيقة. بمعنى - قبل أربع دقائق ونصف الدقيقة من وقوع الصاروخ. التوقيت الأكثر تأخرًا الذي ستُشغل فيه الصافرات، بحسب الهدف الذي وضعه الجيش الاسرائيلي، سيكون قبل وقوع الصاروخ بثلاث دقائق (ومن هنا أتى التوجيه للجمهور: الوصول إلى الملجأ في حالة تواجده على بعد ثلاث دقائق من البيت).

بموازاة تشغيل جهاز الصفارات، سيبث الجيش الاسرائيلي إشارة تشغيل لكل استوديوهات البث التابعة للمحطات الاذاعية والتلفزيونية، بما يمكّن الاقتحام الفوري للبث مع شعار "السور الحديدي"؛ في البث التلفزيوني ستظهر شريحة عليها "صافرة". هذا الاقتحام سيحدث في نفس الوقت في كل القنوات الفضائية والكوابل. بعد حوالي 5 دقائق من بث الشريحة والتوجيهات الأولية الثابتة (الدخول إلى الغرف المحمية، الملاجئ أو الغرف المأطومة، بهذا الترتيب) ينتقل البث إلى استوديو الناطق العسكري، لبلاغ قصير، ومن هناك إلى استوديو قيادة الجبهة الداخلية. في هذه المرحلة يمكن أن تختار كل شبكة ما إذا كانت ستستمر في تمرير البث من القيادة الداخلية، الذي سينقل بالأساس توجيهات وتعليمات لكيفية التصرف.

* تشخيص الصاروخ وإسقاطه

قبل حوالي أربع دقائق من سقوط الصاروخ، من المتوقع أن يتم تشخيصه برادار الـ "حيتس"، و "أورن يروك"، أيضًا. وإلى جانب المعلومات الآتية من القمر الصناعي، من الممكن أن يكون بوسع الرادار في هذه المرحلة المبكرة نسبيًا، أن يتعرف على المنطقة المفترضة لسقوط الصاروخ. عندها يكون بوسع قائد الجبهة الداخلية أن يقرر مسبقًا لأية مناطق من المناطق العشر التي قُسّمت لها إسرائيل، ستصدر توجيهات حماية. من الممكن أن ينتج وضع يُعفى فيه سكان الشمال من خطوات الحماية، لو عُرف مسبقًا أن الصاروخ في طريقه إلى الجنوب. ولكن، ولأنه من المتوقع أن تُطلق صلية صواريخ إلى عدة مناطق مختلفة، فإنه من المرجح أن تُعطى الأوامر لكل السكان في كل المناطق، في المرحلة الأولى على الأقل.

وبموازاة التشخيص عن طريق "أورن يروك"، يبدأ "مجهود دفاعي فعّال" - وهو محاولة إطلاق صواريخ "حيتس" و"باتريوت" إلى الصاروخ العراقي. اليوم، هناك بطاريتا "حيتس" منصوبتان في "بلماحيم" و "عين شيمر". ويتوقعون في الجيش الاسرائيلي نسبة نجاح تصل إلى 90%، لصاروخي "حيتس"، يُطلقان من بطاريتين، لإسقاط الـ "سكاد".

"الباتريوت" – بطاريات إسرائيلية، إلى جانب بطاريات أمريكية (الموزعة في البلاد منذ المناورة المشتركة) وبطاريات ألمانية (وصلت ألأاثنين 3 آذار إلى ميناء أشدود، والتي ستنشر في الأيام القريبة) - يشكل دعمًا لصاروخ الـ "حيتس" وسيُوجه بالأساس إلى الصواريخ الداخلة وهي في مسار منخفض نسبيًا. ومن المفترض أيضًا أن يعمل "الباتريوت"، إلى جانب أنظمة أخرى من صواريخ ضد الطائرات كصاروخ الـ "هوك"، على منع دخول طائرات مهاجمة.

* سقوط الصاروخ

منذ لحظة سقوط الصاروخ سيُفعّل نظام واسع أُعِدَّ لاستكشاف موقعه. في مركز هذا النظام شبكة إستطلاعات نشرتها قيادة الجبهة الداخلية في السنة الأخيرة، وسيشغل هذه المراكز بالأساس جنود من الاحتياط. إضافةً، سيعتمد الجيش الاسرائيلي على تقارير تأتي من الشرطة ومن السلطات المحلية ومن المواطنين. الافتراض هو أنه لن تكون صعوبة في التعرف على مكان السقوط، في المناطق المسكونة. في هذه المرحلة، يكون باستطاعة القيادة الداخلية أن تُوجّه المواطنين في المناطق البعيدة عن مكان سقوط الصاروخ، للخروج من الغرف المأطومة.

وستُرسل طواقم استكشاف وتشخيص إلى المنطقة المفترضة لسقوط الصاروخ، وخلال السفر إلى هناك سيحصلون على توجيهات مفصلة بالنسبة للموقع. الطواقم مسؤولة عن تشخيص ماهية الصاروخ (إعتيادي، بيولوجي، كيماوي أو – كما حصل في نهاية حرب الخليج - برأس من الباطون)، وعن تقدير كِبَر الحمولة والضرر للبيئة.

في حالة أن الصاروخ كيماوي، فإن عملية التشخيص ستكون أبسطَ ويمكن القيام بها في الميدان. مقابل ذلك، من الصعب التعرف على السلاح البيولوجي وعملية القيام بذلك هي طويلة نسبيًا. ولكن، يأملون في القيادة الداخلية الاسرائيلي بأنه سيكون من الممكن وعلى الأقل، التقدير بسرعة ما إذا كان رأس الصاروخ بيولوجيًا، والتصرف بما يلائم ذلك.

بموازاة وصول طواقم الاستكشاف والتشخيص، ستُستدعى إلى المنطقة طواقم طبية من قيادة الجبهة الداخلية الاسرائيلية، من "نجمة داوود الحمراء" ومن المطافئ. وبعد ذلك، ستصل أيضًا وحدة الانقاذ التابعة لقيادة الجبهة الداخلية. وستعمل القوات على إخلاء المصابين. إذا لم ينفجر رأس الصاروخ، فإن طواقم وحدة مكافحة المتفجرات ستهتم بإبطاله.

* تشخيص رأس الصاروخ

المراحل القادمة متعلقة بتشخيص رأس الصاروخ. فلو كان الحديث عن رأس إعتيادي (في القيادة الاسرائيلية يؤمنون بأنه يمكن التأكد من ذلك نهائيًا خلال 30 دقيقة)، سيقرر عندها قائد الجبهة الداخلية توجيه كل السكان في المنطقة للخروج من الغرف المحمية. المناطق البعيدة ستتلقى بتوجيهات بالخروج قبل ذلك. في حالة أن الرأس كان كيماويًا (الذي يتوقعون أيضًا النجاح في تشخيصه بنفس الفترة السابقة)، فسيجري تقييم للوضع. المعطيات المتعلقة: نوع المادة وظروف الطقس (رياح، رطوبة). وإذا كانت المواد من النوع الذي يتطاير بسهولة، فمن المحتمل أن يتلقى الاسرائيليون توجيهات بالبقاء في الغرف المحمية.

في حالة أن المواد تبقى لفترة طويلة نسبيًا، يكون السؤال عندها حول المكان الأكثر خطورة على المواطنين سكان المنطقة - في البيت أو في خارجه. قسم كبير من التوجيهات ستُعطى عن طريق التلفزيون، حيث ستُبث هناك مناطق الاصابة على خرائط محوسبة. يمكن أن تتلخص حدود منطقة مصابة بعدة شوارع، تُعالج بشكل عيني، فيما يمكن أن تعود سائر أقسام المدينة الكبيرة (مثل تل أبيب) إلى الحياة المعتادة.

في حالة أن السلاح كان كيماويًا، فإن الأهمية الأساسية تكمن في ضمان توزيع سريع للأدوية. مقابل ذلك، يمكن توزيع أدوية لعلاج الاصابات البيولوجية خلال 48 ساعة من وقت الاصابة. وقد درب الجيش الاسرائيلي وحدات قتالية على التوزيع السريع للأدوية على المواطنين. في المقابل، سيضطر الجيش الاسرائيلي، بالاشتراك مع السلطة المحلية العينية، لاتخاذ قرار بإخلاء أو بعدم إخلاء السكان من المناطق المتضررة، إلى مدن أخرى.

المصطلحات المستخدمة:

هوك

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات