المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

بعد اقل من ستة اشهر بالزي المدني ادرك شاؤول موفاز ان نظرية "دعوا جيش الدفاع الاسرائيلي ينتصر" قد افلست تمامًا. ولعل تأييد موفاز لخيار الحل السياسي الان ما هو الا احد المؤشرات على ان وزير الدفاع بات يدرك ان الاحتلال لم يعد يهدد أمن سكان نتانيا فقط. على موفاز كعضو رفيع المستوى في الحكومة ان ينظر ايضاً الى البنود المتناقصة في ميزانيات التعليم والصحة. وطبقاً لشعبة البحث التابعة لبنك اسرائيل المركزي فان التقدير للخسائر الناجمة عن تكاليف الانتفاضة يتراوح بين 14,6 و 17,9 مليار شيكل. وهذا ناتج عن الهبوط في الاستثمار المحلي الخام، والهبوط في الاستهلاك الفردي والتصدير، وكذلك نتيجة ارتفاع الانفاق الامني.هذه الامور تكفي لتفسير العلاقة بين الارتفاع في معدلات البطالة في جنين وفي "اوفكيم" (بلدة اسرائيلية في النقب - المترجم) على حد سواء، بين حظر التجول في نابلس والاضراب في الناصرة. واذا استمر الصراع الحالي في الاراضي الفلسطينية لسنة اخرى او سنتين فانه لن يبق للحكومة ما تقلصه.

بدأ الوضع الاقتصادي يتسبب لليمين "الغض" بما لم يفلح الوضع الامني والسياسي والاخلاقي في عمله لهذا اليمين على مر عشرات السنوات من عمر "الاحتلال المتنور". ها هو ارئيل شارون يكرر القول – في احاديث خاصة وعلنية – بانه لا مخرج من الازمة سوى بالتوصل لتسوية سياسية. انه يعلم ان الارتياح الذي قوبلت به اشارات الطمأنة من واشنطن بشأن تأجيل اعلان "خريطة الطريق" اشبه بسرور الفقراء. كذلك فان التقديرات القائلة إن بوش سيفضل تخييب امل اصدقائه من حزب العمال البريطاني على ان لا يغضب اصدقاءه من اليمين المسيحي واليهودي، لم تجعل شارون يتنفس الصعداء. واذا كان القِدر يغلي في الداخل فلا حاجة لضغط خارجي من اجل اخماد الحريق.

المشكلة مع شارون ورفاقه في اليمين كانت ولا زالت تتمثل في ان افقهم السياسي لا يقترب من افق شخص فلسطيني معتدل مثل د. سري نسيبة. ان التركيبة الحالية للحكومة تتيح لشارون، وهذا بصعوبة ايضاً، اجراء مفاوضات حول ادخال تعديلات على "خريطة الطرق". وحتى لو وافقت الحكومة على تتويج ثلاثة كانتونات بلقب "دولة مستقلة" فان المسافة الى الحد الادنى من تطلعات الفلسطينيين ستبقى بعيدة كبُعد غزة عن جنوب افريقيا. وزراء "المفدال" الذين هددوا مؤخرًا بالانسحاب من الائتلاف بسبب قرار بإخراج مراقبي الحفاظ على حرمة السبت من مراكز التسوق، سوف يغادرون مقاعد الحكومة في اليوم الذي ستطلب فيه الاخيرة من الكنيست المصادقة على ارسال مراقبين اميركيين الى الاراضي الفلسطينية، هذا فيما سبق وان حذرت كتلة "الاتحاد الوطني" بأن بند تجميد بناء وتوسيع المستوطنات في "خطة الطرق" سيدفع الكتلة للعودة الى مقاعد المعارضة.

ولحسن حظ رئيس الوزراء فان غالبية اعضاء كتلة "العمل" في الكنيست ينتظرون بسرور التربع في المقاعد الوثيرة التي يجلس فيها الان وزراء الاتحاد الوطني والمفدال. وقد ارسل زعيم حزب العمل عمرام متسناع نداءات استغاثة تفصح عن هذا التوجه او الاستعداد، غير ان الحرب في العراق لم توفر له خشبة القفز المنشودة لـ "حكومة الطوارئ". وقد تشكل "خريطة الطريق" ومجموعة "اللفتات" الانسانية التي سترافق اعلان تشكيل حكومة "ابو مازن" فرصة لمتسناع للانضمام الى "حكومة سلام".

والسؤال ليس اذا كان شارون سيعرض في القريب على حزب العمل العودة الى حكومته، وانما بأي شروط سياسية سيستجيب الحزب لعرض شارون؟ هل سيضع الحزب جدولا زمنياً لمفاوضات جادة حول التوصل لتسوية تنهي الاحتلال، ام انه سيقع مجددًا فريسة سهلة لشعارات زائفة من نمط "تنازلات مؤلمة" ؟! وهل يمكن لحزب يتباهى بلقب حزب عمالي ان يتخلى ثانية عن الحقائب "الاجتماعية" لصالح تبوّء المنصب الذي يتولاه شاؤول موفاز، والذي بدأ، كوزير دفاع بالذات، يستوعب ويدرك الصلة الوثيقة بين الأمن والاقتصاد؟!

(هآرتس 31/3، ترجمة: "مـدار")

المصطلحات المستخدمة:

نتانيا, الكنيست, الكتلة, هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات