المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

يبدو ان أرئيل شارون سيوافق على تشكيل حكومة علمانية بدون اليميم والحرديم، اذا تيقن بأن حزب العمل مستعد للانضمام اليها.
هذه التقديرات تسود الاوساط القريبة من رئيس الحكومة الاسرائيلية، في ضوء ما اسفرت عنه الاتصالات بين "العمل" و "الليكود" في الايام القليلة الماضية.

وسيلتقي في نهاية الأسبوع رئيس حزب "العمل" عمرام متسناع، مع رئيس الحكومة الاسرائيلية، أريئيل شارون، من أجل الاستمرار في المحادثات حول إمكانية إقامة حكومة وحدة قومية.

ومن المتوقع أن يلتئم المكتب السياسي لحزب "العمل"، يوم الأحد القادم، وهناك يقدّرون أنه سيُقام طاقم مفاوضات مح "الليكود"، في حال أسفر اللقاء بين الاثنين عن نتائج مرضية، وذلك خلافًا لقرار سابق بعدم الدخول في مفاوضات.

وسادت التقديرات، بين المحيطين بشارون ومتسناع، أن احتمالات حكومة مشتركة <<ما زالت بعيدة جدًا حاليًا>>. وقال مقربون من شارون إن الاحتمال الوحيد لإقامة حكومة مع "العمل" يكمن في التنازل عن مشاركة الأحزاب الحريدية: <<إذا وافقنا على إخلاء المستوطنات، فإنهم سيدخلون؛ إذا وافقنا على حكومة من دون ‘شاس’ و‘يهدوت هتوراه’، فإنهم سيدخلون. على واحد من هذين الشرطين أن يحصل على ما يبدو>>، قال مصدر في "الليكود". وأضاف مع ذلك، ان شارون لن يعلن عن إخلاء المستوطنات في المفاوضات الائتلافية، أبدًا.

* تفاصيل اخرى عن لقاء شارون – متسناع الثاني

ونشرت في اليومين التاليين على اللقاء بين متسناع وشارون (17 شباط) تفاصيل جديدة، وقالت "معريف" ان أوري شاني، رئيس طاقم المفاوضات، ألمح بأن <<حكومة ثلاثية الرؤوس، هي أمر ممكن>>. في "العمل" فسروا هذا التصريح على أنه إعلان نوايا لإقامة حكومة وحدة علمانية - "الليكود"، "العمل"، "شينوي". في "الليكود"، مقابل ذلك، أوضحوا أنهم لا ينفون ضم "المفدال" وربما حتى "يهدوت هتوراه" إلى إئتلاف كهذا، ما دامت الخطوط العريضة ستوضع باتفاق الأحزاب الثلاثة الكبيرة.

وقد ترددت في حزب "العمل" إنتقادات لاذعة على تصرفات متسناع منذ الانتخابات، وعرض شارون للمفاوضات: <<يجب وقف التذبذبات>> قال متان فلنائي. مصدر كبير آخر قال إن <<متسناع لا يملك أية أجندة. هو لا يعرف ما يريده، وهذا ما يبدو>>.

ومع ذلك يوافق كل الكبار في "العمل" تقريبًا، على ضرورة البدء بمفاوضات فورية مع "الليكود" لإقامة الحكومة، في حالة موافقة شارون على "وحدة علمانية".

وخلافًا لما يقوله مستشارو رئيس الحكومة الإسرائيلية، فإن واحدًا من المتحدثين الأساسيين في لقاء يوم الاثنين مساءً (17 شباط) مع عمرام متسناع، كان أريئيل شارون نفسه. وقد استعرض شارون نواياه أمام متسناع، وتحدث بصراحة، وكان مقنعاً، وجعل متسناع يفهم أن الحديث لا يدور عن لعبة أخرى أو خدعة من إبتداعه. متسناع، كما حدث مع أوفير بينس الذي جلس إلى جانبه، ذُهلَ. شارون قال أمورًا حاسمة: <<سلام حقيقي. دولة فلسطينية حقيقية. إخلاء المستوطنات في الحل النهائي. خطة شجاعة بتنسيق تام مع الولايات المتحدة، مع جدول زمني. تنسيق تام مع الأردنيين، مساعدة مصرية. كل العالم في الصورة، كلهم سيساعدون، أنتم فقط تنقصوننا. أنا ماضٍ في هذا بجدية، أنا أقصد ما أقول>>، قال شارون.

على هذه الأرضية نشأ التحوّل في موقف زعيم "العمل" من الشراكة في حكومة وحدة وطنية. مع انها "تفاهمات" غير معلنة، تنشرها الصحافة من مصادرها الأولى، دون أن يكون لها تصديق رسمي على السنة قائليها. وفي هذه النقطة بالذات يكتب بن كسبيت، الذي كشف في صحيفته "معريف" (الاربعاء 19 شباط) ان شارون ليس راغبا، في هذه المرحلة على الأقل، بنشرها على الملأ. حتى يتصاعد الدخان الأبيض من المفاوضات غير الرسمية وغير المعلنة أيضا بين الطرفين: <<في نهاية أقواله، يبدو أنه ذُهل من نفسه، فقال شارون لمتسناع: كل هذه الأمور ليست للاقتباس أو لأي إستخدام. هذه محادثة مغلقة وغير رسمية. في وضع كهذا، عرف رجال متسناع أن لا معنى حقيقيًا لأقوال شارون. لنفرض أنه قال، وماذا يعني ذلك؟ يمكنه أن ينكر. الحاضرون اتفقوا على عدم تسريب شيء من أقوال رئيس الحكومة. وما سيُسرّب، سيُنكر.>>.

وحقّا، يكثر المتحدثون منذ يوم الاثنين (17 شباط) مساء من التحدث حول العرض الهام الذي قدمه رئيس مكتب شارون، المحامي دوف فايسغلاس، حول اتصالاته السياسية مع الفلسطينيين وخطته المعروفة بإسم <<مرحلة بعد مرحلة>> لوقف تدريجي للنار، والعرض الذي لا يقل أهمية والذي قدمه مدير عام مكتب رئيس الحكومة الاسرائيلية، أفيغدور يتسحاكي (الذي كان يمكن أن يُفهم منه إلى اية درجة انهار الاقتصاد الاسرائيلي). كسبيت: <<لا أحد يتحدث عن أريك، لأن شارون تحدث وتحدث، ولكن في نهاية المحادثة تحفظ من أقواله المثيرة التي قالها وحوّلها إلى غير صالحة للاستعمال. ستقولون؟ وسأنكر>>.

واحد من الحاضرين في الغرفة (من حزب "العمل") سجل لنفسه بروتوكولاً، وفي اليوم التالي طبعه. ليكن، قد ينفع في يوم غائم. سيأتي هذا اليوم في حال إفشال هذه الخطوة على يد شارون. في حالة تملكه الخوف وحاول إلقاء الذنب على حزب "العمل". في تلك اللحظة سيُخرج البروتوكول وسيُحرج شارون جدًا.

حاليًا، ينتظر الطرفان اللقاء القادم، المضروب ليوم الجمعة أو الأحد. الطابة في ملعب شارون. عليه هو أن يعطي الجواب، وليس متسناع. رئيس حزب "العمل" يعرف أنه لن يملك الخيار، في ضوء ما عُرض عليه، سوى في الانضمام. على شارون أن يوضح ما إذا كان يقصد ما قاله، ما إذا كان يقصد خطته، ما إذا كان سيمضي مع الأمور. إذا كان سيفعل ذلك، فإنه سيحصل على حكومة وحدة.

الحديث يدور عن لعبة "بوكر" باردة وقاسية. متسناع وصل إليه ليلقي بتهمة عدم الوحدة على شارون. ما سمعه "أوقعه عن الكرسي". الآن، مستشارو شارون منضغطون. إذا تسربت الأقوال، فإن اليمين سيغلي. وعندها، يمكن أن يشعر "العمل" أنه "بيضة القبّان" ويمكن أن يرفع من طلباته حتى السماء. من جهة ثانية، شارون لم يقرر بعد. من الممكن أن يجبُنَ في نهاية الأمر.

واحد من مقربي رئيس الحكومة، الضالع في المفاوضات الائتلافية، قال لـ "معريف" (18 شباط) إن شارون مرّر لمتسناع خلال اللقاء بلاغًا واضحًا، يكون مستعدًا بموجبه للدخول إلى حكومة وحدة تعتمد على الأحزاب الثلاثة الكبيرة: "الليكود"، "العمل" و "شينوي"، مع "إضافة" ("المفدال"، "هئيحود هليئومي" أو حزب آخر). بكلمات أخرى: إقامة وحدة علمانية من دون تسميتها كذلك.

في حال إقامة حكومة وحدة في نهاية المطاف (حاليًا، تبدو إحتمالات ذلك مناصفة)، فإن اللقاء يوم الاثنين مساءً في مكتب شارون سيُسجل كفاتح الطريق المسدود، ومقرب القلوب وكاسر الجليد. وقد قال متسناع، في أحاديث مع مقربيه بعد ذلك: <<سمعت أمورًا جديدة، شيء ما تغيّر هناك، ما زالت هناك فجوة، الأمور لم تكتمل، لكن هناك ما يمكن الحديث عنه>>.

البداية كانت بالقدم اليسرى. بحسب الخطة، كان من المفترض بشارون أن يجلب معه شاؤول موفاز وسيلفان شالوم. ومتسناع، هكذا أملوا في مكتب شارون، سيجلب معه شمعون بيرس وبنيامين بن اليعيزر (هكذا أمل الاثنان ايضًا). متسناع لم يتعاون وقرر أن يصل لوحده، مع أوفير بينس ومجموعة مقلصة من المساعدين فقط. بيرس استشاط غضبًا. اتصل بمتسناع غاضبًا، وصرخ عليه عاليًا. كيف يسمح لنفسه، من دون أية تجربة حقيقية في السياسة - قال مقربو بيرس - أن يذهب إلى لقاء كهذا لوحده. ماذا، اليس هناك حزب من ورائه؟ في كل الأحوال، متسناع سمع بيرس والتقى به للتشاور. بعد ذلك اتصل ببن إليعيزر. "أنا في البيت، إذا اردتَ، تعالَ"، قال له فؤاد. متسناع ذهب إلى فؤاد، في طريقه إلى شارون.

عمرام متسناع وصل إلى اللقاء من أجل إفشال إقامة الوحدة، من دون أن يبدو كمن أفشلها، وبكلمات أخرى، من أجل إلقاء اللوم على شارون. متسناع خرج من اللقاء مبلبلا. فقد حضّر رجال شارون - أوري شاني وإيال عراد - لهذا اللقاء جيدًا، مثل الحملة العسكرية. حتى على المستوى النفساني. فقد حظي متسناع، الذي قيلت عنه تعابير غير مطرية بالمرة في الأسابيع السابقة ("الغريب" كان التعبير الشائع)، بمعاملة مختلفة كليةً: <<رجل جدي، كان رئيس قسم الصيانة، يعرف كيف يقرأ الوثائق، يمكن التحدث معه>>. وحقًا، شارون تحدث معه. قال رئيس الحكومة لمتسناع أمورًا تلائم أكثر برنامج حزب "العمل" من ملاءمتها لبرنامج "الليكود". شارون يستطيع، لو رغب في ذلك، أن ينكر هذه الأمور. الآن، السؤال المطروح هو إذا كان يرغب في إنكارها. مشكلة شارون، هذا الصباح، هي عبء الاثبات. الآن، هذا العبء ملقى عليه. متسناع أثبت للجميع، في الرهان على مصداقيته، أن هناك شريكًين في حال رغب شارون في وحدة علمانية حقًا. السؤال الآن ما إذا كان شارون يريد ذلك حقًا. يوم الجمعة، وفي اقصى حد - يوم الأحد، سنعرف الجواب.

المصطلحات المستخدمة:

رئيس الحكومة, الليكود, شينوي

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات