المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

اعتبرت دولة إسرائيل في العام 1949 من الدول المتقدمة في العالم من ناحية تمثيل النساء في البرلمان: كان عدد النساء في الكنيست الأولى 11 امرأة، أي ما يعادل نسبة 91٪ من مجموع المشرّعين. في هذه السنة كان عدد النساء في الكنيست 17 امرأة، أي 14.2٪ من مجموع أعضاء الكنيست، وبرغم ذلك فقد تم إدراج دولة إسرائيل في المكان الـ 45 من بين 124 دولة ظهرت في قائمة التمثيل النسوي التي أعدّها اتحاد البرلمانات الدولي. على الرغم من تقدم إسرائيل نسبة لما كانت عليه قبل 50 سنة، وبرغم أن عدد النساء في الكنيست بلغ السنة عدداً غير مسبوق، إلا أن دولاً أخرى تقدمت عشرات المرات وأكثر في السنوات السابقة بهذا الشأن. تُرجع الكثير من النساء في الكنيست هذه "القفزة" من 9 مقاعد نسوية في الكنيست الـ 14 الى 15 مقعدا نسويا في الكنيست الـ - 15، إلى الأحزاب نفسها، والتي خصصت مقاعد للنساء ضمن قوائمها للكنيست – على سبيل المثال حزب العمل حيث رفع نسبة تمثيل النساء ضمن قائمته الانتخابية من 10٪ الى 25٪.


"طرأ تحسن ملحوظ بعد سنوات طويلة من النضال"، كما تقول عضو الكنيست ياعيل ديان (من حزب العمل سابقا والمنضمة الى "ميرتس" مع يوسي بيلين حديثا)، والتي ترأس لجنة الكنيست لرفع مكانة المرأة. لكن هناك عضوات كنيست أخريات يعتقدن بأن الزيادة في حجم التمثيل كانت ستتم أصلاً كنتيجة طبيعية للمساواة بين الجنسين، وتوجد عضوات كنيست يدّعين بأن نظام "تخصيص المقاعد" ليس فقط غير مفيد بل مضر ايضاً.

" تخصيص المقاعد هو نظام يسجنون النساء فيه داخل مربع ويطلبون منهن التصارع داخله"، تقول عضو الكنيست يهوديت نأوت (حزب "شينوي")، التي كانت العضوة الوحيدة الممثلة لحزبها، الى جانب خمسة رجال في دورة الكنيست الـ 15. "تعوّد الرجال، مع مر السنين، على النظرة الشمولية القائلة بأن هناك مربعا خاصا للنساء، وهكذا لم يزدد عددهن بشكل ملحوظ. هذه الطريقة تكرّس دونية المرأة من ناحية التمثيل. أنا مؤمنة بأن المساواة في التمثيل تأتي نتيجة الاعتراف بالمساواة بين الجنسين".

في حزب "شينوي" لا يوجد تخصيص مقاعد لنساء – فقط يوجد مقعد مخصص لممثلي اليمين: المكان الخامس في القائمة مخصص لعضو الكنيست اليعزر زاندبرج، ووظيفته جلب اكبر عدد من الأصوات من أنصار اليمين. بالرغم من عدم وجود تخصيص مقاعد للنساء، يؤمن رئيس الحزب، عضو الكنيست يوسف لبيد، بأن ثلاث نساء ضمن الأماكن العشرة الأولى في القائمة. نأوت تأمل بأن تكون أربع نساء من ضمن الاثني عشر عضوا الذين سينتخبون لتمثيل القائمة في الكنيست (كتبت المقالة قبل البرايمريز في "شينوي"، وقد اعطيت النساء ثلاث مقاعد ضمن المرشحين الاثني عشر الاوائل – على النحو التالي: يهوديت نأوت – الثالث، طالي بوليشوط بلوخ – الثامن، و ايتي لفني – الثاني عشر). في حزب العمل، تقول نأوت، بالرغم من تخصيص المقاعد، هناك فقط 3 نساء من 23 عضواً انتخبوا لدورة الكنيست الـ 15. مع هذا تضاعف عدد النساء في الكتلة، في نهاية دورة الكنيست، نتيجة لانضمام ثلاث عضوات جديدات إليها – كوليت أفيطال، دالية رابين - فيلوسوف وأوريت نوكيد.

ولكن عدد النساء في كتلة العمل سيقل، ولكي يتم تقليص الضرر، تصرّ ديان وزميلاتها كي تُؤَمَّن طريقة جديدة لتخصيص المقاعد. في خضم الاستعدادات لانتخابات دورة الكنيست الـ 15، تقَرر تخصيص ثلاثة مقاعد للنساء من كل عشرة مقاعد – حسب دستور الحزب الذي ينص على تخصيص 30٪ للنساء. لكن ما تم هو "تخصيص مقاعد مضاعف": فعندما انتخبت عضو الكنيست صوفا لاندفر كممثلة للقادمين الجدد، وهو وسط يوجد له مقعد مخصص أصلاً، اضطرت النساء للتنازل عن مقعد، خصص في الأصل لهن كنساء. "كان الادعاء بأن المرأة هي امرأة هي امرأة"، أوضحت ديان. في ظل الطريقة الحالية، تقترح ديّان وزميلاتها تأمين تمثيل ثلاثة نساء حتى المكان الـ 15 في القائمة، هذا هو أقل ما يمكن إذا ما انخفض تمثيل الحزب في الكنيست وكانت المقاعد الأربعة الأولى من العشرة الأولى مخصصة لرؤساء الحزب. (نتائج برايمريز "العمل" معروفة وقد استبعدت ديان عن الاماكن الفعالة في القائمة، ما اضطرها الى ترك حزبها كما اسلفنا). في المقابل وضع النساء في حزب الليكود من المحتمل أن يتحسن بصورة ملحوظة. وزيرة المعارف، ليمور ليفنات، تتوقع تضاعف قوتهن – من ثلاث في دورة الكنيست الحالية الى ست نساء في الدورة القادمة. يعود هذا الى اتفاقيات تخصيص مقاعد التي ستساعد النساء في "القفز" الى أماكن أعلى في القائمة، في حالة عدم انتخابهن ضمن المربع المخصص لهن. مثلاً، إذا لم تنتخب امرأة حتى المكان العاشر، ويوجد مرشحة تصل الى مكان أقل من هذا، سيتم تقديمها الى هذا المكان في القائمة. (النتيجة كانت انتخاب النساء في الاماكن الفعالة التالية: ليمور لفنات – السادس، نعومي بلومنتال – التاسع، غيلة غمليئيل – الحادي عشر، تسيبي لفنه – الرابع عشر، روحاما ابراهام – الثامن عشر، عنبال غفريئيلي – الحادي والثلاثون، ليئه نس – السلدس والثلاثون).

نسبة تخصيص المقاعد لنساء حزب ميرتس هي الأعلى – 30٪ على الورق. هذا الأسبوع قررت إدارة الحزب تأمين أربعة أماكن للنساء، على الأقل، من ضمن الـ 12 مقعداً الأولى – واحدة من النساء على الأقل ستكون من ضمن الخمسة الأوائل. على عكس حزب العمل لا يوجد في ميرتس "تخصيص مقاعد مضاعف" – عضو الكنيست حسنيه جبارة انتخبت لدورة الكنيست الحالية (الـ 15) كممثلة للوسط العربي، وهكذا ضمت للنساء ثلاث مقاعد خصصت لهن ضمن العشرة الأولى. (في انتخابات "ميرتس" جاء تدريج النساء على النحو التالي: زهافا غالئون – الرابع، نعومي حزان – التاسع وحسنية جبارة – العاشر، اضافة الى ياعيل دايان القادمة من "العمل" – في المكان الثاني عشر). على الرغم من عدم وجود نظام تخصيص مقاعد في حزبي "اسرائيل بعالياه" و "هئيحود هاليؤومي – يسرائيل بيتينو"، فأنه سيتم انتخاب امرأة واحدة على الأقل في "مكان مضمون" في قائمة الحزب (بعد الانتخابات فازت استرينا تراسمن في المكان التاسع). في حزب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، تقرر، بحسب قرار مجلس الحزب، بأن تمثيل النساء سيكون 20٪ في جميع المؤسسات، ولكن لم يخصص الحزب مكاناً "فعالا" لنساء في قائمته، وبعد التحالف مع "الطيبي" تأخر موقع المرشحة تغريد منصور الى المكان الخامس بدلا من الرابع). في حزب المفدال تقرر هذا الأسبوع تخصيص المكان الخامس في القائمة للنساء – ليس قبل أن يهدد تنظيم "إموناه" (عقيدة)، والذي يبلغ عدد الأعضاء فيه 100 ألف عضو، بالتنافس بقائمة أخرى، أو بمقاطعة الفعاليات الخاصة بيوم الانتخابات، إذا لم يتم تأمين "مكان مضمون" في القائمة لإحدى نساء الحزب (بالتالي انتخبت غيله فنكلشتاين في المكان الخامس).

إذا ما تحققت جميع التنبؤات و"تخصيصات المقاعد" الموعودة ، سيقطع عدد النساء في الكنيست الـ 16 الرقم القياسي الذي تمّ تحقيقيه في الدورة الحالية للكنيست. "وصل عدد النساء في هذه الدورة إلى عدد غير مسبوق. هكذا سيزيد عددنا أكثر وأكثر في كل مرة، إلى أن يعتاد الجميع رؤية عدد أكبر من النساء في الكنيست. نحن كمن يركض في سباق"، تقول زهافا جالئون (ميرتس). " النساء يتعوّدن على انتخاب النساء، والرجال يتعوّدون انتخابهنَّ ايضاً. في البداية ستفعل الأحزاب هذا كي ترفع عن كاهلها هذا الواجب، وليس من خلال رؤية مبدئية وحقيقية"، تقول جالئون، "ولكن باعتقادي أن هذه الآليّة شرعية. أحدهم قال بأنه يجب أن يتم الاختيار بين الفضيحة الكبرى – بأنّه يوجد في الكنيست عدد قليل من النساء، وبين الفضيحة الصغرى – بأنّه يجب تخصيص مقاعد لهنَّ".

تعتقد جالئون بأنّ الحد الذي وضعه حزب ميرتس لنفسه، نشَّطَ بقية الأحزاب وجعلها تخصص مقاعد للنساء ضمن قوائمها. وتضيف بأنّها تفضّل استعمال المصطلح المحايد "تأمين تمثيل"، لأن المصطلح "تخصيص مقعد" يصغّر من إنجازات المرشحات، وكأنهن لم ينتخبن للكنيست بجدارة.

"حتى في اسكندنافيا المتنوّرة، وكلّنا يأمل بأن نحذو حذوها، وصلوا هناك إلى نسبة تمثيل عالية للنساء في البرلمان، فقط بمساعدة "التفضيل الموجّه" الذي تم العمل به مدّة 20 عاماً"، تقول المحامية ليئا جارا، مديرة لوبي النساء، "المجتمع تعوّد على ذلك، ومع مرور الوقت قَلَّت الحاجة لاستعمال آلية تخصيص المقاعد".

مع هذا، حتى لو طرأ تحسّن في الوضع، فأنّه لا يمكن الوصول إلى مثل الوضع القائم في اسكندنافيا، تقول جارا. ذلك لأنّ الأحزاب الدينية والعربية ترفض فكرة تمثيل النساء في قوائمها.

أي أنّ النساء يتنافسن في الواقع فقط على 60٪ من مقاعد الكنيست، واذا زاد تمثيل النساء إلى 50٪ فلن يزيد عدد المقاعد التي تشغلها النساء في الكنيست إلى أكثر من 36 مقعداً.

المصطلحات المستخدمة:

الكنيست, لجنة الكنيست, شينوي, الكتلة, الليكود

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات