المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
حاخامات يدعون لمنع تشكيل “حكومة تغيير نتنياهو” بأي طريقة
حاخامات يدعون لمنع تشكيل “حكومة تغيير نتنياهو” بأي طريقة

بغض النظر عن أي نتائج ناجزة، من المؤكد أنها لن تظهر إلا في المستقبل، سجلت القائمة العربية الموحدة تحت قيادة النائب منصور عباس سابقة خطرة بتوقيعها في الأيام الأخيرة اتفاقاً ينصّ على دخولها إلى الحكومة الإسرائيلية الأكثر هُجنةً التي توشك أن تتسلم مقاليد الحكم، في حال عدم ظهور عقبات تعرقل ذلك في آخر لحظة، وهي حكومة لا يجمعها جامع أكثر من هدف إطاحة بنيامين نتنياهو، ووضع حدّ لحكمه المستمر منذ العام 2009.

وتؤكد القائمة الموحدة أن دوافعها براغماتية، غير أن سلوكها ينطوي في العمق على تجاهل لخصوصية الفلسطينيين في إسرائيل حتى لدى التعامل معهم باعتبارهم أقلية، وهي خصوصية ناجمة عن كونهم أقلية وطن وليسوا أقلية مهاجرين، وعن كونهم جزءاً من الشعب الفلسطيني، والحل العادل لقضيتهم لا يمكن أن يكون سوى جزء من الحلّ الكليّ لقضية فلسطين.

تجدر الإشارة هنا إلى أن المشاركة في الائتلافات الحكومية الإسرائيلية من طرف القوى السياسية التي تمثل القضية القومية للفلسطينيين في الداخل، لم تكن يوماً نهجاً لهذه القوى، بل كانت موضع استنكار وطنيّ نظراً إلى تقييم عام فحواه أن مشاركة كهذه لم تتوفر أسبابها بعد. وفي الأعوام الأخيرة تعمقت الأسباب التي تحول دون ذلك، على خلفية المزيد من تطرف سياسة إسرائيل حيال قضية فلسطين عموماً والمزيد من توحش هذه السياسة حيال الإنسان الفلسطيني في الداخل خصوصاً. وحدث ذلك مع مراعاة الفارق بين المشاركة في الانتخابات البرلمانية والشراكة في السلطة، مع ضرورة الالتفات إلى حرص أغلب القوى السياسية الفلسطينية في الداخل التي تؤيد المشاركة في تلك الانتخابات على عدم عقد صفقات تقايض فيها حقوقها المدنية التي تستحقها بقوة المواطنة بحقوقها القومية المستمدة من كونها جزءاً من أهل الوطن الأصلانيين.

وعندما نشير إلى الأعوام الأخيرة على وجه التحديد لا بُدّ من استقراء تغيّرات طرأت على علاقة السكان الفلسطينيين ودولة إسرائيل في تلك الأعوام أوضحت بجلاء أن هذه الأخيرة لا ترى في السكان الفلسطينيين مواطنين متساوي الحقوق مع المواطنين اليهود، بل تعتبرهم أعداء في معظم الحالات، وهذا التعامل يعكس مواقف أصحاب القرار، والسواد الأعظم من شرائح المجتمع الإسرائيلي، فضلاً عن كونه يجسّد إجماعاً صهيونياً واضحاً. ومن أبرز إسقاطات حالة الإجماع الصهيوني تلك يمكن إبراز محاولات المؤسسة الحاكمة المتواترة فرض قواعد لعبة جديدة على المواطنين العرب تهدف الى تكريس حالة المواطنة المشروطة والمهددة، وفرض قواعد صارمة لقواعد الديمقراطية المُتاحة أمام الأقلية تُحَدّد فيها حدود المسموح والممنوع وسقف المطالب الجماعية وفقاً لحاجات وضرورات المشروع الصهيوني بحيث يمكنها، في أفضل الأحوال، المطالبة بحقوق فردية وتحسين الأحوال المعيشية من دون ربطها بالبعد السياسي القومي.

ولا شك أنه ستكون لنا أكثر من عودة إلى هذا الموضوع في المستقبل المنظور.
أمّا في الوقت الحالي فإن السؤال المطروح يدور حول مستقبل ما أسميناه "حكومة تغيير نتنياهو"، في حال انطلاقها فعلاً.

برأيي أن مستقبلها بعد أدائها اليمين القانونية، سيكون مرهوناً أكثر من أي شيء آخر بنتنياهو نفسه.

ومن السيناريوهات المطروحة يمكن أن نشير بالأساس إلى ما يلي:
أولاً، أن يعلن نتنياهو نفسه استقالته من رئاسة الليكود كي يُتاح إمكان انتخاب رئيس آخر لهذا الحزب. وإذا ما حدث سيناريو كهذا فمن المتوقع أن تعلو الأصوات التي تدعو إلى إقامة حكومة يمينية صافية ومستقرة بقيادة الليكود. ومثل هذه الحكومة، كما هو معروف للقاصي والداني، تمتلك قاعدة مكينة في الكنيست الحالي، لكن وجود نتنياهو على رأس الحزب الأكبر هو ما منع إقامتها حتى الآن.

ثانياً، أن يستمر نتنياهو في قيادة حزب الليكود من صفوف المعارضة. وتشير التقديرات إلى أن استمرار وجوده في قيادة الحزب بالرغم من كل ما حدث، من شأنه أن يعزّز قوة جيوب المعارضة الداخلية له مع ما يعنيه ذلك من احتمال الذهاب نحو انتخابات تمهيدية لرئاسة الحزب ستسفر في حال إجرائها إما عن فوز نتنياهو أو عن خسارته لمصلحة زعيم آخر. ويمكن أن تؤدي خسارته إلى نفس النتيجة التي قد تؤدي إليها استقالته من زعامة الحزب، وهي كما ذكرنا إقامة حكومة يمينية صافية، في حين أن فوزه سيبقي الوضع على ما هو عليه إلى أن تنفجر الأزمة المقبلة في صفوف "حكومة تغيير نتنياهو" التي ثمة بين مركباتها خلافات لا يمكن حتى للاتفاق على ضرورة إطاحة نتنياهو أن يحيّدها.

المصطلحات المستخدمة:

بنيامين نتنياهو, الليكود, الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات