المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
حزب العمل... هل تعود الحياة إلى الجثة الهامدة؟
حزب العمل... هل تعود الحياة إلى الجثة الهامدة؟

ما زال موضوع عودة حزب العمل الإسرائيلي، منذ انتخاب عضو الكنيست ميراف ميخائيلي رئيسة له، إلى لائحة الأحزاب التي ستنجح وفقاً لاستطلاعات الرأي العام، في تجاوز نسبة الحسم، يحتل حيّزاً بارزاً في تغطية وسائل الإعلام الإسرائيلية للانتخابات العامة التي ستجري يوم 23 آذار الحالي.

وتنشغل هذه التغطية أكثر من أي شيء آخر في جانبين يبدو أنهما ترتبا على ما يوصف بأنه استفاقة حزب العمل من موت كان شبه محقق: الأول، نجاح الحزب في أن يستقطب مصوتين من معسكر ما يسمى الوسط- اليسار، والثاني، ما قد يؤدي إليه هذا الاستقطاب من إضعاف لحظوظ حزبين آخرين من المعسكر نفسه في اجتياز نسبة الحسم، وهما "أزرق أبيض" وميرتس.

وثمة في هذا الانشغال ما يستدعي الإشارة إلى كونه، في العُمق، بمثابة برهان على فقدان حزب العمل أي مكانة متقدمة في الحلبة الإسرائيلية، بالرغم من كونه الاستمرار للحزب المؤسّس لإسرائيل، فضلاً عن كونه مؤشراً إلى هيمنة اليمين وسياسته العامة على هذه الحلبة حتى إشعار آخر.

وقد أشرنا في سياق ورقة تقدير موقف صدرت مؤخراً عن مركز مدار ("تقدير موقف: انتخاب ميراف ميخائيلي ومكانة حزب العمل في المشهد السياسي الإسرائيلي"، مركز مدار، 14/2/2021) إلى أن العقدين الماضيين شكّلا المرحلة التي تآكل فيها حزب العمل وفقد مكانته كحزب سلطة، وتوقفنا عند جملة من الأسباب الخارجية (الموضوعية؟) التي تسببت بتراجع مكانته هذه إلى درجة كادت تؤدي إلى اختفائه من الحلبة السياسية. ولفتنا إلى أن ذلك يعود إلى عوامل كثيرة لعل أهمها تداعيات الانتفاضة الفلسطينية الثانية على المجتمع الإسرائيلي، وفشل خيار المفاوضات، إلى جانب حدوث تغيّرات ديمغرافية، وتحوّلات في البيئتين الإقليمية والدولية، وارتفاع مستوى الحياة الاقتصادي في العقد الأخير نتيجة السياسات الاقتصادية النيوليبرالية اليمينية، وكذلك حالة الاستقرار الأمني والاستراتيجي النسبي في تلك الفترة، ما جعل منظومة اليمين بمثابة الخيار الأفضل بالنسبة إلى المجتمع الإسرائيلي.

في الوقت عينه لا يجوز إغفال أن هناك أسباباً ذاتية تقف وراء هذه السيرورة، وفي مقدمها أداء الحزب على صعيد السياستين الداخلية والخارجية، ودخول جيل جديد إلى الحزب اعتبر أن المشروع الاقتصادي- الاجتماعي هو المشروع الأهم للحزب وهو ما يمكن أن يميزه عن حزب الليكود، ولا سيما بعد فشل المفاوضات مع الجانب الفلسطيني بجريرة أحد رؤساء العمل والحكومة السابقين (إيهود باراك).

وينبغي أن نشير كذلك إلى أن ميخائيلي تكرّر منذ انتخابها أنها "رابينية (نسبة إلى إسحاق رابين) في توجهاتها السياسية"، وأنه "إذا أردنا أن نحافظ على دولة إسرائيل (يهودية وديمقراطية) يتوجب أن تكون هناك حدود بيننا وبين الفلسطينيين ولا يمكن أن تكون دولة واحدة لشعبين ولثلاثة أديان"، كما تعرب عن اعتقادها بـ"أن حل الصراع من خلال دولتين لشعبين يعتبر أولاً مصلحة إسرائيلية محضة، وحتى لو لم تكن هناك دولتان فوراً، على الأقل نبدأ بالاعتراف بأنه لا يمكن ضم الفلسطينيين الذين يعيشون في الأرض وأيضاً لا يمكن ضم المناطق (المحتلة)".

وإلى جانب هذا كله تؤكد ميخائيلي أنها ذات باع طويل في الشؤون الأمنية بما يؤهلها لمواجهة التحديات الأمنية الماثلة أمام إسرائيل، وعندما تتطرّق إلى التحدّي الأمني الذي يحاول رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو جعله الأبرز والمرتبط بالخطر النووي الإيراني، تؤكد "أن رابين كان أول من أدرك أن إيران تتجه لأن تكون الخطر المقبل قبل نتنياهو، وشدّد على وجوب أن توفّر إسرائيل لنفسها ظروفاً أفضل من أجل مواجهة هذا التحدي"!

وفي الأيام الأخيرة، وفي مناسبة احتفال إسرائيل بعيد البوريم (عيد المساخر)، كتبت ميخائيلي في تغريدة نشرتها في حسابها الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أن الملكة إستير تعتبر "الرهان على أن في وسع النساء أيضاً الانتصار على التهديدات القادمة من جهة بلاد الفُرس"!

وللعلم فإن سفر إستير من كتاب العهد القديـم، الذي يعود إليه مصدر الاحتفال بعيد المساخر، هو أحد الأسفار التي تنادي عناصر إسرائيلية مناهضة للصهيونية وسياستها حيال الشعب الفلسطيني وحقوقه بعدم إدراجه في عداد النصوص التوراتية المرجعية التي يوجد في صددها "إجماع قومي يهودي"، نظراً إلى ما اشتمل عليه من فظائع ارتكبها اليهود في مملكة فارس القديمة ضد من جرى وصفهم بأنهم "أعداء"، شأنه شأن سفر يهوشع الذي أورد وقائع الاحتلال الآثم لما يُسمى بـ"أرض الميعاد".

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات