في العاشر من شهر آب الحالي، اتخذت المحكمة الإسرائيلية العليا موقفا نادرا من سياسة هدم منازل منفذي العمليات الفلسطينيين ضد جيش الاحتلال، وهو ما وضعها ووضع القرار في قلب عاصفة من ردود الأفعال الغاضبة، وأعاد إلى الواجهة سؤال جدوى الردع، ومدى أخلاقية وقانونية هذه السياسة، التي لازمت إسرائيل منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية في العام 1967.
عبّر العاملون والعاملات في قطاع الفن والثقافة في إسرائيل عن خيبة أملهم من الخطة التي وضعتها الحكومة لمعالجة الأزمة الاقتصادية والتشغيلية التي لحقت بهم. وقد اتهموها في احتجاجاتهم بـ"تدمير قطاع الثقافة في إسرائيل" على خلفية القيود التي فرضتها في إطار مواجهة مخاطر اتساع تفشي وباء فيروس كورونا. وهي قيود تم رفعها وإعادتها جزئياً أو بأشكال جديدة، فيما لا يتوافق مع النهج الذي عوملت به قطاعات أخرى، كما سيتضح فيما يلي.
تؤكد التقارير الصحافية الإسرائيلية أن الاستثمارات الإسرائيلية في الإمارات العربية المتحدة سبقت الإعلان عن اتفاق التطبيع مع إسرائيل بسنوات طويلة جدا، ومنها من يذكر العام 2008، ولكن فتح مكتب المصالح في سنوات التسعين من القرن الماضي يدل على أن إسرائيل موجودة هناك قبل سنوات طويلة. واليوم يجري الحديث عن 300 شركة إسرائيلية تنشط هناك، إنما من خلال شركات عالمية، أما الآن فإن العلاقات الاقتصادية ستكون مباشرة.
كانت نهاية الأسبوع الماضي بهيجة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، فقد حقق ما يراه إنجازا سياسيا إقليميا كبيرا، بإبرام اتفاق التطبيع مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ولكن ما أن نزل عن منصة المؤتمر الصحافي الاحتفالي، وبعد إعلانه عن تأجيل الضم، مقابل ادعاء الإمارات بإلغائه، وبيان دونالد ترامب بأن الضم لم يعد على الأجندة حاليا، واجه هجوما حادا ضده من معاقل المستوطنين، التي يتمدد الليكود فيها خلال السنوات الأخيرة، وقد تتأثر قوة الليكود بينهم الآن في أعقاب تأجيل مخطط الضم. إلا أن أي خسارة محتملة لنتنياهو والليكود بين المستوطنين قد يتم تعويضها لدى جمهور يصدّق الإنجاز السياسي هذا. وما يقلق نتنياهو حاليا هو اتساع دائرة القلق بين الجمهور، جراء استفحال سوء الأوضاع الاقتصادية. ولكن نتنياهو الذي كما يبدو سيقرر لاحقا انتخابات مبكرة، ما زال مطمئنا لفوزه بسبب استمرار غياب البديل.
منذ بدايات وصول وباء كورونا إلى إسرائيل وظهور الحالات الأولى منه فيها، ثم ظهور المؤشرات على انتشاره فيها، كان من الواضح لدى قطاعات واسعة في الدولة، سياسية ـ حزبية وإعلامية وقانونية بوجه خاص، أن ظروف ظهور الوباء في إسرائيل تهيئ لقيادتها السياسية فرصة مواتية، ذهبية ونادرة، لمحاولة تجيير هذه الجائحة واستثمارها في "معالجة" الأزمة السياسية، الحزبية، الخانقة التي تمسك بخناق إسرائيل منذ فترة غير قصيرة وجرّتها إلى ثلاث جولات انتخابية عامة متتالية في غضون أقل من سنة واحدة وتزامن ظهور وباء كورونا مع بلوغ هذه الأزمة ذروتها التي بدا تشكيل "حكومة الطوارئ الوطنية" وكأنه مخرج من متاهتها، لتثبت الشهور الماضية من عمر هذه الحكومة أنه لم يكن سوى وهم وسراب.
وافق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مساء أمس الأحد على دحرجة أزمة حكومته لأكثر من ثلاثة أشهر، رغم أنه بات يلعب بأوراق مكشوفة، فهو معني بانتخابات مبكرة، تقلب تركيبة حكومته، بما يسمح له في الاستمرار بالإمساك بخيوط الحكم، في حال فرضت عليه المحكمة تجميد صلاحياته، مع بدء الجلسات المكثفة لمحاكمته في الشهر الأول من العام المقبل، ولأسابيع طويلة. إذ يتخوف نتنياهو من أنه في ظل تجميد كهذا، سينقل صلاحياته لشريكه في الائتلاف بيني غانتس، ما يعني بداية النهاية السياسية لنتنياهو، على الأقل كما يبدو حتى الآن.
الصفحة 167 من 344