المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
حادث سير قرب تل أبيب.  (أرشيفية)
حادث سير قرب تل أبيب. (أرشيفية)

تبنت الحكومات الإسرائيلية، في السنوات الخمس عشرة الماضية، عدة برامج في مجال مواجهة وخفض حوادث الطرق ووضعت أهدافاً طويلة المدى وقصيرة المدى لتقليل الوفيات الناجمة عن الحوادث. إلا أنها لم تحقق الأهداف الكمية المحددة في جميع الخطط المختلفة. هذا ما يكشفه بحث جديد صادر عن مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست. وهو ينوّه إلى أنه بالرغم من كون العام 2020 عاماً استثنائياً مقارنة بسوابقه، فإن ذلك يرجع جزئياً إلى تفشي فيروس كورونا في إسرائيل وإغلاقها لفترات متطاولة، مما كان له تداعيات على حوادث الطرق وخصائصها.

جاء البحث بناء على طلب لجنة الاقتصاد في الكنيست، قبل جلسة حول مكافحة جرائم القتل على الطرق، لهدف "وقف الزيادة في عدد الحوادث وصياغة خطة وطنية للسلامة على الطرق".. وهو يشمل بيانات حوادث الطرق للأعوام 2018-2021 في إسرائيل وفقاً لشرائح مختلفة. ويتناول بالتحليل بيانات العام 2020، بعد اندلاع وباء كورونا، إذ فُرضت قيود مختلفة في إسرائيل من حين لآخر للحماية من الفيروس، مثل القيود على الحركة، وتقليل العمل في الاقتصاد وغير ذلك، وكذلك التغييرات في طابع المرور والسفر برا. وهو يقول: ربما كانت لهذه القيود أيضاً آثار على بيانات إصابات حوادث الطرق في العام 2020.

عدد الحوادث انخفض، ولكن الحوادث المميتة ازدادت بـ 7.5%

أبرز النتائج الرئيسة التي نشرتها "السلطة الوطنية للأمان على الطرق" فيما يتعلق بخصائص الإصابات في العام 2020 كانت كالتالي:
* أبلغت الشرطة عن 10836 حادث طرق مع إصابات، بانخفاض قدره 14.5% مقارنة بالعام 2019.
* كان هناك انخفاض بنسبة 10.3% في عدد الحوادث المميتة نتيجة انخفاض هذه الحوادث في الحيز بين المدن. من ناحية أخرى، كان هناك انخفاض في عدد الحوادث الخطيرة والصغيرة داخل المناطق البلدية، ولكن كانت هناك زيادة بنسبة 7.5% في عدد الحوادث المميتة.
* وقع 70% من الحوادث على الطرق الداخلية و30% منها على الطرق بين المدن، على غرار العام 2019.
* في العام 2020، قُتل 305 أشخاص في حوادث الطرق، مقارنة بـ 355 قتيلا في 2019. وسُجّل انخفاض بنسبة 13.5% في عدد المصابين بجروح خطيرة.
* ارتفع عدد وفيات الحوادث في المناطق البلدية بنسبة 5% في العام 2020 (142 حالة وفاة مقابل 135 في العام 2019)، وانخفض عدد الوفيات بين العرب في العام 2020 بنسبة 11.5% (100 مقابل 113 في العام 2019)، وانخفض عدد وفيات اليهود بنسبة 14.8% (173 مقابل 203 في العام 2019).
* 29% من الضحايا في حوادث الطرق العام 2020 كانوا من العرب (فيما نسبتهم نحو خُمس السكان).
* كان هناك انخفاض في جميع الفئات العمرية، لعدد الوفيات، باستثناء كبار السن الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً فأكثر، حيث لوحظت زيادة في الوفيات بنسبة 3% في العام 2020. ويشير عدد وفيات المشاة حسب الفئة العمرية إلى أن بين السكان المسنين الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر، كانت هناك زيادة بنسبة 27% في معدل الوفيات في العام 2020 (حيث قُتل 38 من المشاة الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً مقابل 30 حالة وفاة في العام 2019).

معدلات تقليل السفر وصرف الوقود في إغلاقات كورونا

عند تقسيم عدد الوفيات حسب نوع مستخدمي الطرق والمركبات، يمكن ملاحظة أنه في العام 2020 كانت هناك زيادة بنسبة 5% في عدد راكبي الدراجات النارية الذين لقوا حتفهم في الحوادث، وزيادة بنسبة 26% في عدد الوفيات في "السكوتر" والدراجات الكهربائية. في المقابل، كان هناك انخفاض ملحوظ بنسبة 72% في عدد القتلى من راكبي الدراجات غير الكهربائية.

المعطيات مصدرها التغيير في نشاط المؤسسات التعليمية والثقافية والانخفاض في النشاط الاقتصادي. وحدثت تغييرات في وتيرة عمل وسائل النقل العام، فضلاً عن القيود المفروضة على الدخول والخروج من إسرائيل. فكانت هناك قيود على حركة السكان في الأماكن العامة وتغيرت أنماط تنقل الكثيرين بسبب الزيادة الكبيرة في عدد العاملين في المنازل. ونتيجة لذلك، تغيرت أنماط حركة المرور على الطرق الرئيسة وبين المدن، فضلاً عن انخفاض مؤشر السفر وحجم حركة المرور على الطرق.

على سبيل المثال، وفقاً لبيانات "سلطة الأمان" كان هناك انخفاض بنسبة 18.3% في سفر جميع السيارات من نيسان إلى كانون الأول 2020، مقارنة بتلك الأشهر في العام 2019. وطرأ انخفاض بنسبة 20.2% في سفر السيارات الخاصة وانخفاض بنسبة 5.1% في سفر الشاحنات وانخفض عدد الإصابات في الحوادث خلال هذه الفترة بنسبة 19.6% وانخفض عدد الحوادث المميتة بنسبة 7.4%، وانخفض عدد الوفيات بنسبة 11.7%.

يشير البحث إلى أنه ليس من المعروف في هذه المرحلة ما هو معدل السفر الذي كان بالضبط خلال فترة الإغلاق، ومدى حجمه مقارنة بالفترة المماثلة في السنوات السابقة. بيانات متوسط استهلاك الوقود في الفترات المقابلة في السنوات الخمس السابقة (2015-2019) كانت مرتفعة. في فترة الإغلاقات خلال الوباء كان هناك انخفاض بنسبة 18% في استهلاك البنزين و8% في استهلاك الديزل، ولكن كان هناك زيادة بنسبة 4% في عدد الوفيات، وانخفاض بنسبة 4% في عدد المصابين بجروح خطيرة خلال هذه الفترة، بالرغم من الانخفاض الملحوظ في حركة المرور على الطرق خلال الإغلاق. علاوة على ذلك، في أيلول 2020، عندما تم الإغلاق الثاني في إسرائيل في ظل ارتفاع معدلات الإصابة بكورونا، لوحظ ارتفاع بنسبة 12.5% في عدد الوفيات في الحوادث (27 حالة وفاة في أيلول 2020 مقارنة مع 24 حالة وفاة في الشهر الموازي في العام 2019).

إسرائيل في أسفل تدريج برامج خفض ضحايا الحوادث!

تدلّ البيانات الرسمية المختلفة على أن جميع خطط الحكومة لخفض عدد ضحايا الحوادث لم تتحقق. فقد فحص تقرير "المجلس الأوروبي للسلامة على الطرق" نشاط الدول في مجال السلامة على الطرق وفقاً لمعدل النجاح في تقليل عدد الوفيات في الحوادث، في الفترة الممتدة بين 2010-2020، وبحسب هذا المؤشر، تحتل إسرائيل المرتبة 30 من بين 32 دولة، محققة بذلك انخفاضاً بمعدل 18.7% مقارنة بـ 37% في أوروبا. مع أنه في العام 2005، تبنت الحكومة خطة وطنية متعددة السنوات للسلامة على الطرق (تقرير شاينين)، وضمن هذا تم تحديد هدف أنه في غضون عشر سنوات سيكون مستوى السلامة على الطرق في إسرائيل مشابهاً لمستوى 22 دولة رائدة في هذا المجال. وتحقيقاً لهذه الغاية، تم تحديد هدف كمي، وهو أنه بحلول العام 2010 عدد الوفيات في حوادث الطرق لن يتجاوز 360 شخصاً سنوياً، وبحلول العام 2015 يجب أن ينخفض إلى أقل من 300 حالة وفاة.

وفي العام 2013، وضع وزير المواصلات هدفاً جديداً، وهو أنه بحلول العام 2020 ستكون دولة إسرائيل واحدة من الدول الخمس الرائدة في مجال السلامة على الطرق حسب مؤشر عدد الوفيات لكل مليار كيلومتر. ولكن اعتباراً من العام 2017، كانت إسرائيل في الموقع الخامس عشر من حيث عدد الوفيات بين دول أخرى في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD.

وأعلنت "سلطة الأمان على الطرق" في تشرين الثاني 2019، عن "برنامج وطني متعدد السنوات لاحتواء حالات القتل على الطرق (من 50 إلى 30)"، أحد أهدافه الرئيسة هو تقليل عدد الوفيات في الحوادث في إسرائيل بنسبة 50% بين الأعوام 2019 و2030.

وفي 8 تشرين الثاني 2020، قدمت وزيرة المواصلات خطة لعقد اجتماع لمجلس الوزراء مع فريق من المديرين العامين في الوزارات برئاسة مكتب رئيس الحكومة ووزارة المواصلات لوضع خطة العمل الوطني للسلامة على الطرق خلال 120 يوماً وعرضه على الحكومة. في نفس الوقت توجهت الوزارة إلى وزارة المالية للمطالبة بتخصيص الميزانية المطلوبة لتنفيذ توصيات هيئة الموظفين المزمع إنشائها.

في آذار 2021، تم الانتهاء من صياغة الخطة متعددة السنوات وتم وضعها على طاولة سكرتاريا الحكومة. وبعد تشكيل الحكومة الأخيرة، السادسة والثلاثين، تم تقديم النقاط الرئيسة للخطة إلى وزيرة المواصلات الجديدة، لكن الخطة لم تعرض على كامل هيئة الحكومة بعد. وذكرت وزارة المواصلات أن الفحص الشامل لجميع أقسام الخطة ضروري للاندماج في خطط الوزارة طويلة المدى. فالميزانية الحالية تتضمن عناصر من الخطة، ولكن ليس الخطة ككل. وتشمل هذه العناصر إعطاء الأولوية لمعالجة مراكز المخاطر، وإعداد ميزانية للمواصلات العامة، وتعزيز السلامة على الطرق في المجتمع العربي، وعناصر إضافية اخرى.

الشرطة تلقّت الميزانيات لكنها قصّرت في الإنفاذ لدى المواطنين العرب!

لاحظ البحث أنه على الرغم من تخصيص العديد من الميزانيات في السنوات الأخيرة للسلامة على الطرق، فقد عادت إلى الظهور في مناسبات مختلفة قضية نقص الميزانية المخصصة تحديداً لتنفيذ مشاريع مختلفة. وتمت الإشارة لذلك خلال المناقشات في اللجنة الفرعية للسلامة على الطرق التابعة للجنة الاقتصاد في الكنيست، وفي ردود مختلف الوزارات الحكومية التي قدمتها لمركز المعلومات والأبحاث في الكنيست. تم التأكيد على هذه المسألة بشكل أكبر في السنوات 2019-2020، حيث لم تتم المصادقة على ميزانية الدولة ولم يتم تحويل الميزانيات المطلوبة لمختلف المشاريع، ولا سيما لإصلاحات البنية التحتية في المناطق البلدية وبين المدن، مما أدى إلى تجميد العديد من المشاريع. على سبيل المثال، البيانات التي تم الحصول عليها من وزارة المواصلات فيما يتعلق بمعالجة مراكز المخاطر التي وقعت فيها العديد من الحوادث، وفيما يتعلق بالترويج لخطة بناء مواقف سيارات للراحة ووقف للمركبات الثقيلة.

كما برزت قضية نقص الميزانية في سياق مشروع "حراس الطريق" التابع لسلطة الأمان، حيث قيل إن هناك حاجة إلى زيادة في الميزانية لزيادة الإنفاذ على أساس التقارير الواردة من متطوعي المشروع. وفي هذا السياق، قال البحث منتقداً، تجدر الإشارة إلى أن شرطة المرور أفادت بأنها لم تواجه حواجز أو صعوبات في تحويل الميزانيات إلى مشاريع قسم المرور في العام 2020. ومع ذلك، تظهر البيانات التي تم الحصول عليها من الشرطة أنه في العامين الماضيين كان هناك انخفاض في نشاط الإنفاذ. كما أن عدد مراكز الشرطة التي تم إنشاؤها في تجمعات المجتمع العربي كان ضئيلاً بالنسبة إلى عدد المحطات المخطط لها.

ويضيف البحث: لم تقدم العديد من الهيئات الرسمية تقارير منتظمة إلى لجنة الشؤون الاقتصادية فيما يتعلق بتنفيذ خطط العمل ذات الصلة بقضية حوادث الطرق الواقعة تحت مسؤوليتها. كما أن الجهات المختلفة لم تقدم تقارير دورية عن تنفيذ أقسام القرارات الحكومية المنوطة بها. سلطة الأمان تراقب تنفيذ خطط العمل في بعض المجالات، ولكن ليس من الواضح ما إذا كانت هذه آلية مراقبة مستمرة وتشمل تنفيذ التوصيات والمبادئ التوجيهية وخطط العمل في مجال السلامة على الطرق. وأخيراً، ذكر مركز البحوث والمعلومات في الكنيست أنه بعد تحويل الميزانيات إلى السلطات المختلفة، لم تكن هناك رقابة على طريقة استخدام الميزانية من قبل سلطات المرور ولا على إجراء التعديلات الفعلية المرتبطة.

المصطلحات المستخدمة:

الكنيست, لجنة الاقتصاد, رئيس الحكومة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات