المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

صادق الكنيست الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية، يوم الأربعاء 13 تشرين الأول الحالي، على مشروع قانون يجيز استخدام الماريغوانا (القنّب) لأغراض طبية. وقد برزت القائمة العربية الموحدة برئاسة النائب منصور عباس خلال عملية التصويت، باعتبارها حزبا إسلاميا قام بدعم مشروع القانون بعد أن عرضه على مجلس الشورى التابع له وحصل على موافقته، فصفق له أعضاء الكنيست الحاضرون. في خلفية مشروع القانون، نقاشات حادة تتعلق بأخلاقيات استخدام السموم، خصوصا نبتة الماريغوانا الطبية. لكن الأهم، وهو ما تحاول المقالة أن تستعرضه، أن ثمة

سوقاً اقتصادية نامية داخل إسرائيل، تعمل فيها العديد من شركات إنتاج الماريغوانا والتي تتطلع إلى دخول السوق العالمية. واليوم، يعتبر تصدير الماريغوانا الطبية من أكثر مجالات الاستثمار إغراء ويعود بأرباح هائلة على الدولة التي تتقدم وتنافس على الصعيد العالمي.
مشروع القانون الذي مر في القراءة التمهيدية يسعى إلى تنظيم سوق الماريغوانا المستخدمة لغايات طبية في إسرائيل ويسمح بزراعة الماريغوانا وإنتاجها، وتوزيعها وتسويقها وحيازتها، بشرط الحصول على إذن رسمي من وزارة الصحة الإسرائيلية.أي سي إي، الطريق لشرعنة الكنابيس (القنب): القانون مرّ بقراءة تمهيدية، أي سي إي، 2021. أنظر الرابط التالي: https://www.ice.co.il/consumerism/news/article/832583 والائتلاف الحكومي الحالي بزعامة بينيت- لبيد، يعتبر الحكومة الأولى في إسرائيل التي تدرج عملية شرعنة الماريغوانا ضمن بنود الاتفاقيات الائتلافية التي تشكلت الحكومة بموجبها. ومن المتوقع أن تستمر مقترحات القوانين في الأعوام القادمة إلى أن يتم تحويل الماريغوانا إلى منتج قانوني يباع في الأسواق. وهناك سببان يقفان خلف مشروع قانون الماريغوانا ولا بد من استعراضهما لفهم السياق الذي يحكم النقاشات حول هذا السم داخل الكنيست.

السبب الأول والذي يبدو أنه أقل أهمية، هو الاهتمام بالمرضى في إسرائيل. اليوم، هناك حوالي 100 ألف مريض يستخدم الماريغوانا لأغراض طبية. قبل حوالي 4 سنوات، قدمت وزارة الصحة إصلاحات فيما يخص استخدام الماريغوانا الطبية، بيد أن الإصلاحات كانت معقدة لغاية الأمر الذي صعب على المريض الحصول على إذن طبي، وسمح للجهات الرقابية أحيانا بمعارضة توصيات الأطباء الذين يسمحون لمرضاهم بتعاطي الماريغوانا. وبالتالي، ارتفعت تكلفة الماريغوانا من 370 شيكل إلى حوالي 4000 شيكل شهريا لكل مريض.معاريف، قانون الكنابيس، معاريف، 13 تشرين الأول 2021. أنظر الرابط التالي: https://www.maariv.co.il/news/politics/Article-870619 وما تزال وزارة الصحة ترفض اعتبار الماريغوانا منتجا طبيا، وتتعامل معها باعتبارها سما خطيرا. وهذا أدى إلى عدم السماح للصيدليات ببيع الماريغوانا، والاكتفاء بنقاط بيع محدودة العدد. بعد أن فشلت عضوة الكنيست، شيران هسكيل، من حزب "أمل جديد"، في إلغاء القانون الذي يجرم الماريغوانا قبل شهرين، عادت الأسبوع الماضي وقدمت مشروع قانون معدلا، هو الذي مرّ بالقراءة التمهيدية. بيد أن هذا السبب الذي ينظر إلى مصلحة المرضى لا يبدو أنه المحرك الأساس من خلف طرح مشروع القانون.

السبب الثاني والذي يعتبر أكثر أهمية، لكنه يحتل نقاشات أقل في الإعلام الإسرائيلي، هو مساعي إسرائيل لاجتياح السوق العالمية للماريغوانا. في العام 2016، كانت المبيعات العالمية من الماريغوانا القانونية تصل إلى حوالي 14 مليار دولار. اليوم ارتفعت المبيعات إلى حوالي 63 مليار دولار.غالي يونراب، تم ازالة موانع التصدير، إذن ما الذي يعيق حاليا صناعة الكنابيس الطبي في إسرائيل، غلوبس، 5 آب 2021. أنظر الرابط التالي: https://www.globes.co.il/news/article.aspx?did=1001380651 هذا يعني أن سوق الماريغوانا العالمية هي سوق صاعدة وواعدة، وتعتبر أحد الوجهات الأكثر إغراءً للمستثمرين والرياديين؛ خصوصا وأن الدول الغربية ماضية في شرعنة الماريغوانا. وبالإضافة إلى هولندا، فإن الماريغوانا تباع قانونيا في 13 ولاية أميركية، وفي كل من أوروغواي، وكندا، والبيرو، وإسبانيا، وجنوب أفريقيا وغيرها من الدول. لكن ثمة مشكلة في استيراد وتصدير الماريغوانا، وهي التي تهم الشركات الإسرائيلية.

حتى الآن، لا تجيز وزارة الصحة الإسرائيلية تصدير الماريغوانا الطبية إلى خارج إسرائيل. حتى لو أن هناك دولا أوروبية مستعدة لاستيراد الماريغوانا الإسرائيلية، الا أن وزارة الصحة الإسرائيلية ترفض تصدير منتج يعتبر غير قانوني داخل إسرائيل. وإن شرعنة الماريغوانا وتحويلها إلى عقار طبي، من شأنه أن يساهم في فتح الأسواق العالمية أمام الشركات الإسرائيلية. حتى الآن فإن حوالي كيلو واحد من أصل كل ستين كيلو يتم تصديرها إلى خارج إسرائيل، على ما يبدو عن طريق مالطا وباستخدام طرق غير مباشرة.

في العام 2008، كان هناك فقط 8 شركات إسرائيلية تعمل على زراعة الماريغوانا وبيعها داخل إسرائيل وفق إجراءات رقابية مشددة. اليوم هناك عشرات الشركات والتي سوية تنتج ما مقداره 40 طناً من الماريغوانا سنويا. وللمقارنة، فإن ألمانيا تنتج فقط 8 أطنان، بينما بريطانيا تنتج 1.5 طن سنويا. ويمكن الادعاء بأن سماح إسرائيل بتسويق معظم إنتاجها داخل إسرائيل يأتي بهدف حث الصناعة الإسرائيلية على تطوير جودة الماريغوانا من خلال البحث والتطوير والتجريب على السكان تحت بند الوصفات الطبية. وتهتم إسرائيل حاليا بإنتاج ماريغوانا ذات تركيز عال من مادة THC وهي المادة المسؤولة عن "التسطيل" أو من مادة CBD وهي التي تدخل في صناعة السم كعقار طبي ويتم تطويرها داخل معامل متطورة.

وتقدر وزارة الصحة الإسرائيلية بأن مبيعات أكبر 12 شركة ماريغوانا في إسرائيل وصلت في العام 2020 إلى حوالي 340 مليون شيكل. وتنتج هذ الشركات حوالي 40 ألف طن، لكنها تبيع إلى المرضى الاسرائيليين حوالي 28 ألف طن فقط. الباقي يبقى في المخازن، الأمر الذي يزيد من كمية المخزون غير القابل للتصريف، وبالتالي يزيد خسائر الشركات. وسبب الإنتاج المرتفع هو التخطيط الاستراتيجي لدى الشركات الإسرائيلية والتي تسعى إلى اجتياح السوق الأوروبية بسرعة لأن الدول الكبرى التي تنتج الماريغوانا، مثل الولايات المتحدة، ما تزال تحظر تصديرها.

إحدى أكبر الشركات في إسرائيل تدعى أنتركيور، ويترأس مجلس إدارتها ايهود باراك، رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق. وصلت مبيعات هذه الشركة في العام 2020 إلى حوالي 65 مليون شيكل، وهي تستعد للمزج مع شركة space الكندية في صفقة تقدر بحوالي 300 مليون دولار، وبالتالي ستتمكن من مداولة أسهمها في بورصة ناسداك في نيويورك.شيلي أفلبيرغ، المخزون الكبير في سوق الكنابيس من شأنه أن يلحق خسائر، ذي ماركر، 6 نيسان 2021. أنظر الرابط التالي: https://www.themarker.com/markets/.premium-1.9682745 لكن باقي الشركات الكبرى، بما فيها شركة BOL لإنتاج الماريغوانا لا تفصح عن مجالس إدارتها وطاقم العمل بداخلها، لكنها تقيم فرقاً بحثية بالتعاون مع معظم جامعات إسرائيل، وتساهم بشكل ملموس في تطوير البحث العملي المتعلق بإنتاج الماريغوانا على الصعيد العالمي.

من المتوقع أن تتحول إسرائيل إلى رائدة في صناعة وإنتاج الماريغوانا بسبب تفوقها في مجال الزراعة الحيوية، وتقنيات التهجين. ولا توجد معلومات واضحة حول اختراق شركات الماريغوانا هذه لأراضي الضفة الغربية، لكن من الواضح أن القيود الموجودة على زراعة الماريغوانا في إسرائيل ترفع من تكلفة الإنتاج وتدفع هذه الشركات إلى التفكير في استخدام أراضي الضفة الغربية بأشكال غير قانونية لبناء مزارع ماريغوانا بهدف تقليل التكاليف الباهظة. وواضح أن هناك مصالح اقتصادية لشركات ومعامل تطوير ومهندسين زراعيين، وكل هؤلاء لديهم نفوذ قادر على التأثير على عملية صناعة القرار السياسي في إسرائيل أكثر بكثير من مجتمع المرضى.

المصطلحات المستخدمة:

الكنيست, باراك, رئيس الحكومة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات