المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
"دفن" وقائع النكبة والمجازر في خلفية حجب الأرشيفات الإسرائيلية وعرقلة الوصول إلى محتوياتها. الصورة لاقتلاع اهالي عراق المنشية في آب 48، ومصدرها "أرشيف الدولة" عن تحقيق نشرته "هآرتس" تحت عنوان "طمس النكبة" يوم 5/7/2019.

تشمل الأرشيفات الرسمية الإسرائيلية عدداً ضخماً من الوثائق والمواد التي ما زال حق الجمهور في الاطّلاع عليها مُصادَراً، على الرغم من انقضاء المدة الزمنية التي يحدد القانون منع النشر خلالها، وفقا لتصنيفها كمواد حسّاسة ينبغي إبقاؤها طيّ الكتمان.

هذه القضية مثار جدل كبير، يشارك فيه باحثون وصحافيون وجهات أكاديمية ورسمية أيضاً. وفي الفترة السابقة فحص مكتب مراقب الدولة الإسرائيلي جوانب في هذه القضية، ومما اتضح في فصل تضمّنه تقريره السنوي، أن هناك تأخيرات في الكشف عن المستندات التي انتهت فترة وجوب إخفائها عن الرأي العام، علماً بأن أنظمة الاطلاع على المواد تنص على أن الإفصاح عن المواد الأرشيفية المقيّدة التي انتهت مدة حجبها، يجب أن يتم في نهاية الفترة المحددة في تلك الأنظمة.

ويقول التقرير الرسمي: تبين أن أرشيف الدولة وأرشيف الجيش الإسرائيلي لم يكشفا عن العديد من الملفات التي تحتوي على مواد عُرّفت بأنها "سرّية" وقد انتهت فترة تقييدها، وأن مسؤولية الكشف عنها تقع على عاتق مسؤولي الأرشيفين الرسميين. وهو يصف الوضع القانوني الراهن بالقول: إن كل دولة لديها معلومات يجب أن تمنع إفشاءها لمواطنيها وللأطراف الأخرى، وخاصة الأطراف المعادية، الذين قد يسيئون استخدامها، وبالتالي الإضرار، من بين أمور أخرى، بأمن البلاد وعلاقاتها الخارجية. ويشار إلى هذه المعلومات في قوانين مختلفة على أنها، من بين أمور أخرى، "معلومات سرية" أو "معلومات حسّاسة". ويعرّف قانون العقوبات 5737-1977 "المعلومات السرية" على أنها "المعلومات التي يتطلب أمن الدولة الحفاظ عليها سرية"، أو "المعلومات التي يشير محتواها أو شكلها أو ترتيبات حيازتها أو مصدرها أو ظروف استلامها، إلى واجب إبقائها سريّة". معظم المعلومات السرية في دولة إسرائيل موجودة في مواد أرشيفات الأمن: الجيش الإسرائيلي، وزارة الدفاع، وجهاز الأمن العام (الشاباك) وجهاز "الموساد" وما إلى ذلك؛ وتوجد معلومات سرية أيضاً في الوزارات الحكومية، وبشكل رئيس في مكتب رئيس الحكومة وفي وزارة الخارجية.

الجدير بالذكر أن تقريراً تناول سياسات الأرشفة الرسمية صدر عن إدارة أرشيف الدولة نفسه، ونُشر في كانون الثاني 2018، سبق أن كشف عن حيازة أرشيف الدولة على حوالي 300 ألف ملف لمواد ووثائق سرية قد حان تاريخ نشرها بالفعل، لكن بالرغم من هذا لم يتم الكشف عنها بعد. وأضاف أنه سمح في كل عام بإعادة تصنيف ونشر لحوالي 10000 ملف. أما أرشيف الجيش الإسرائيلي فقد أبلغ مكتب مراقب الدولة أثناء المراجعة أنه في السنوات 2000-2016، كشف عن حوالي 113 ألفا و940 ملفاً، وحتى كانون الثاني 2019، كان يحتوي الأرشيف على 981 ألفاً و156 ملفاً حان تاريخ كشفها للجمهور العام بالفعل، لكن لم يتم الكشف عنها بعد.

خلاف بين مختلف الأطراف

يتحدث التقرير بشأن هذه المماطلة في النشر عن وجود خلاف بين مختلف الأطراف فيما يتعلق بالتزام الجهة الرسمية المؤرشِفة بالكشف الفوري وغير المشروط عن المواد الأرشيفية التي انتهت فترة التقادم بشأنها. وقد كتب المستشار القانوني لأرشيف الدولة إلى مكتب مراقب الدولة في كانون الثاني 2018، فيما يشكل إقراراً، أن أنظمة الاطلاع على المواد السرية من قبل الجمهور تفيد "أن المادة التي مرت فترة سريّتها يجب أن يتم الكشف عنها فوراً في نهاية الفترة". أي أنه يتحتم الكشف عن هذه المواد بمبادرة الجهة المؤرشفة نفسها ومن دون انتظار تقديم طلب من أيّ طرف خارجي كان لكشفها وإتاحتها.

المراقب يضيف أنه تم طرح مسألة موعد الكشف عن المواد الأرشيفية التي انتهت فترة حجبها، أيضاً في مؤتمر لمنظمة الأرشفة والمعلومات الإسرائيلية عقد في عام 2018، حيث كان بين المشاركين، وهم أعضاء المنظمة أيضاً، ممثلون عن الوزارات الحكومية وأرشيف الجيش الإسرائيلي. تناول المؤتمر المواد المؤرشفة التي فُرض تقييد على نشرها لمدة 15 عاماً، وكان السؤال المركزي الذي تناولته المناقشات هو ما إذا كان المشرّع قصد أن تبدأ إجراءات الكشف عن هذه المواد بعد نهاية الخمسة عشر عاماً، أم أن المواد ستتاح بالكامل للجمهور فور انتهاء الخمسة عشر عاماً. فلو كان القصد هو الكشف الفوري سيتعيّن على إدارة الأرشيف الاستعداد مسبقُا وتحضير جميع المواد للنشر قبل الوصول إلى نهاية الفترة المنصوص عليها، بينما في الحالة الثانية ستبدأ بعملية وإجراءات الكشف فقط مع انتهاء الفترة. ومما يمكن استنتاجه أن أرشيف الجيش الإسرائيلي، وربما ليس وحده، قد اختار الإمكانية المتاحة الثانية ضمن ضبابية في تفسير قرار المشرّع، وهو ما يترك فائضاً من الزمن الذي يصعب تحديده وحسمه لغرض النشر.

هذه الضبابية البيروقراطية تسود على الرغم من اعترافات الجهات الرسمية ذات الصلة بأن التأويل الصحيح للقانون هو الأول: الكشف الفوري مع انتهاء فترة الحظر. فقد كان هذا مدير أرشيف الدولة السابق نفسه الذي أقرّ في رده على تقرير المراقب السابق في حزيران 2019، وأشار إلى أنه من وجهة نظره، فإن أي تأجيل في الكشف عن المواد بعد تاريخ انتهاء التقييد المنصوص عليه، يشكل انتهاكاً للقانون. وبالمثل، ذكر مكتب رئيس الحكومة في تعقيبه على مسوّدة تقرير المراقب سابقاً أنه من وجهة نظره، "كانت نية المشرّع أنه في نهاية فترة التقييد يجب أن يتم الكشف عن المواد، وذلك بعد أن تكون قد خضعت للفحص".

حق الجمهور يصطدم بذريعتين!

بعد شهر واحد فقط من تلك الردود الواضحة، جاء موقف الجهات الأمنية والعسكرية مختلفاً. فالمستشار القانوني للجهاز الأمني، في تطرّقه إلى مسودة تقرير المراقب في تموز 2019، أشار إلى أنه "على الرغم من أن القانون ينص على إجراء الكشف في نهاية فترة التقييد، إلا أنه لا يشترط إجراء الكشف عن المواد فور انتهاء فترة الحظر". وأضاف هذا المستشار القانوني ذريعة لذاك التفسير بواسطة إعلانه أنه بسبب ضخامة حجم المواد الموجودة في أرشيف الجيش الإسرائيلي، لا يمكن أن يجري الكشف عن المواد "في ساعة الصفر". وتحدث أيضاً عن إجراءات تم البدء بتنفيذها في أرشيف الجيش الإسرائيلي "وفقاً للأولويات المحددة هناك"، على حد وصفه.

أرشيف الجيش الإسرائيلي كان قد قال خلال رده في حزيران 2019 على مسودة تقرير المراقب حينذاك، إنه من غير الممكن القيام بالمبادرة إلى الكشف الفوري عن الوثائق التي انتهت صلاحيتها، ويرجع ذلك أساساً إلى أن لدى الأرشيف فريق عمل صغير يتولى، من بين أمور أخرى، أيضاً الكشف عن المواد التي لم تنته فترة الحظر الخاصة بها بعد.

يقف الجمهور العام، بما يشمل المعنيّين بكشف المواد من مؤرخين وباحثين وصحافيين ومهتمّين، أمام وضع يتم فيه لَيّ عنق القانون بقبضات بيروقراطية، ويصطدم بذريعتين تكمّل إحداهما الأخرى، الأولى "ضخامة حجم المواد الموجودة في أرشيف الجيش الإسرائيلي" والثانية وجود "فريق عمل صغير". أي أنه ليس هناك نفي للتفسير القانوني الذي يلزم بفوريّة الكشف، بل يجري الالتفاف على هذا بذرائع تشكل هي نفسها مثالب ومدعاة للنقد، بل للمساءلة. فمسؤولو الأرشيف يعرفون ويعترفون مسبقاً بهاتين الإشكاليتين اللتين يقع واجب معالجتهما عليها.

مراقب الدولة لخّص الأمر في تقريره الحالي بالقول إنه بكون الكشف عن المواد الأرشيفية بعد نهاية فترة الحظر يُعد أمراً مهماً نظراً لحق الجمهور في الاطلاع على هذه المواد، ففي ضوء الخلاف حول وجوب القيام بالكشف المبادَر إليه فور انتهاء فترة الحظر ودون انتظار طلبات من جهات مختلفة، بحثية أو إعلامية أو مدنيّة فردية وجماعية، يجب أن يُطلب من الأرشيفات الرسمية، أرشيف الدولة والجيش الإسرائيلي وغيرهما، توضيح هذا الأمر، على أن يجري ذلك بالتعاون مع المستشارين القانونيين لأرشيف الدولة والمستشارين القانونيين لمكتب رئيس الحكومة والجهاز الأمني بمختلف أذرعه.

ضلوع الرقابة في أرشيف الدولة والمؤسسات التابعة له

تحت هذا العنوان الفرعي، يتناول مراقب الدولة في تقريره الراهن تأثير نهج عمل مؤسسة الرقابة العسكرية وسطوتها على تحرير ملفات مواد ووثائق تعرّفها السلطات المختلفة بأنها سريّة، ومن ثم وضعها أمام الجمهور العام كجزء من حقه المنصوص عليه في القانون بالاطلاع على هذا "الخير المعرفي العام" لو صح التعبير.

يقول المراقب في هذا البند، أنه، مثلما شدّد في مواقع أخرى، فوفقاً للأنظمة المكتوبة يجب أن يتم توفير المواد التي تم تقييد الاطلاع عليها أمام الجمهور العام بعد إجراء الفحص (عملية الكشف). هنا يجدر التمعّن في سير العمل الإداري البيروقراطي الجاري: فهناك جهة تسمى دائرة الكشف عن المواد المنتهية فترة حفظها سريّةً، وتعمل ضمن مؤسسة أرشيف الدولة، وتشكل الجهة التي تملك صلاحية ومرجعية الكشف عن المادة الأرشيفية، وذلك وفق المعايير التي تحددها اللجنة الوزارية الخاصة لمنح إذن النشر والاطلاع المتعلق بالمواد الأرشيفية المصنفة سريّة.

وفقاً لتقرير المراقب فإن ما يقف في صلب المعايير المعمول بها هو عدم الكشف عن المواد التي قد تتسبب معرفتها في "الإضرار بأمن الدولة أو علاقاتها الخارجية أو الإضرار بخصوصية الفرد". وعندما تستوفي المواد المعنيّة جميع هذه الإجراءات بمختلف محطاتها الإدارية، عند اكتمال عملية الكشف، يتم تحميل المواد الأرشيفية التي تم الكشف عنها على موقع الإنترنت الخاص بالأرشيف.

تجدر الإشارة إلى أنه عادة ما يتم اليوم الاطلاع على الوثائق المكشوف عنها على موقع الإنترنت الخاص بالأرشيف، بينما كان الاطلاع على المواد يتم في الماضي قبل العصر الرقمي المحوسب في القاعات المخصصة للقراءة في مقرّ الأرشيف. ويقول تقرير مراقب الدولة إنه وفقا لما نقله أرشيف الدولة، متوسط العدد الشهري للمستخدمين أي الأشخاص الذين دخلوا على موقع أرشيفات الدولة في الفترة من كانون الثاني حتى تشرين الأول عام 2019 كان حوالي 27 ألفا و637 مستخدماً.

أنظمة الطوارئ التعسفيّة تطبَّق أيضا على سياسة الكشف

هنا تدخل مؤسسة الرقابة العسكرية التي "توجد لها سلطة حظر نشر المعلومات التي قد تضر بأمن الدولة، وذلك بموجب أنظمة الدفاع (الطوارئ) لعام 1945"، وهي أنظمة الدفاع التي سنتها سلطات الانتداب البريطانيّة في فلسطين العام 1945، وقد واصل العمل بها الجهاز القضائي الخاصّ بدولة إسرائيل. ويقول مركز "عدالة" الحقوقي في مقال منشور على موقعه الشبكي: يشمل النظام القانوني الإسرائيليّ عدّة آليّات خاصّة بقانون الطوارئ، تتداخل فيما بينها مع العلم أنّها مستقلّة بعضها عن بعض. والنتيجة هي وضع قانونيّ معقد ومتشابك ومليء بالتناقضات الداخلية. بخلاف تصوّر النظرة التي ترى بهذا الوضع بمثابة تراكم غير مقصود لردود فعل ضروريّة على تهديدات عينية، وأنه تمّ سنها خلال فترات عينيّة، ورغم ذلك، ففي الإمكان فهمها بشكل أوضح كوسيلة حكم مشتركة يوفّر غموضها البنيويّ مرونةً مريحة للسلطات.

ويتابع المراقب قائلا إنه بموجب المعايير التي تم تحديدها ضمن قرار مبدئي صادر عن المحكمة العليا، لا يجوز للرقابة حظر النشر إلا إذا كان ذلك سيؤدي بما يقترب من اليقين إلى ضرر فعلي لأمن الدولة. في هذا الصدد، فيما يتعلق بموضوع البحث، تقوم الرقابة بفحص المواد السريّة الموجودة في أرشيف الدولة، والتي سُمح بنشرها، قبل تحميلها ورفعها على موقع شبكة الأرشيف. ولكن هذه السلطة التي تملك صلاحية تحديد وجود أو انعدام ضرر ما ناجم عن كشف المواد، ليست شريكة في قرار تحديد مادة أو وثيقة ما على أنها تستدعي وضعها تحت طائلة الكتمان والسريّة لأنه خلاف ذلك "سيؤدي الكشف بما يقترب من اليقين إلى ضرر فعلي لأمن الدولة".
الأرشيفات تتباين في تطبيق سياسة إخضاع مواد للرقابة

سياسة إخضاع كشف المواد لمصفاة الرقابة، كجهة إضافية، تراكم عملياً مدماكاً جديداً وجدياً من العقبات، مما يؤدي إلى زيادة التلكؤ في وضع وثائق في متناول الجمهور العام كما يحق له وفق القانون.
ويورد تقرير المراقب مواقف الأرشيفات الرسمية فيما يتعلق باعتماد هذه السياسة، كما يلي:

أرشيف الدولة: في العام 2010، صرح مستشار قانوني في مكتب رئيس الحكومة بأنه "أيضا حين كان الأرشيف معنيا بنشر الوثائق التي كشف عنها، سواء على موقع الأرشيف أو في الكتب التي ينشرها، فإن نشرها العام يتطلب الموافقة المسبقة للرقابة".

أرشيف الجيش الإسرائيلي: يعمل أرشيف الجيش الإسرائيلي وفقاً لوجهة نظر قانونية من العام 2016، قال فيها المدعي العام إن "الهيئة التشريعية تفترض أن الحكومة تعرف ما تنشره. ولا ينبغي أن يكون الاحتفاظ بأسرار الحكومة مجالاً لسلطة وإجراءات جهاز الرقابة"، لذلك يقوم أرشيف الجيش الإسرائيلي بتحميل المواد على موقعه على الإنترنت دون فحص مسبق للرقابة.

أرشيف جهاز الأمن العام (الشاباك): يتيح الموقع تصفح المواد الأرشيفية. وفقاً لإجراء الشاباك فيما يتعلق بالكشف عن مواد أرشيفية، فإن أي نشر لمواد أرشيفية يتم بموافقة الهيئة المعتمدة في الجهاز عند انتهاء عملية الرقابة الداخلية. لا يتطلب الإجراء فحصاً من قبل الرقيب قبل نشر المواد الأرشيفية وبالتالي لا يتم إجراء مثل هذا الفحص.

أرشيف بن غوريون: المواد السرية مودعة أيضاً في أرشيف بن غوريون على الرغم من أنه غير مصنّف رسمياً كأرشيف لمواد سريّة. وقد أبلغ مدير هذا الأرشيف مكتب مراقب الدولة في تشرين الأول 2018 أن الأرشيف لا يقيم علاقات عمل مع الرقيب، على الرغم من أنه يقوم بتحميل المستندات على موقعه الشبكي.

نقد بالتلميح للفحص المزدوج

ينوّه تقرير مراقب الدولة إلى أن إجراءات ما قبل الكشف عن مواد انتهت فترة سريّتها في الأرشيف، يهدف إلى منع الكشف عن المواد التي قد يتسبب الكشف عنها في إلحاق الضرر بأمن الدولة أو علاقاتها الخارجية أو المساس بخصوصية الفرد. ونظراً لأن معظم المواد الأرشيفية تتعرض الآن للتدقيق العام عن طريق تحميلها مباشرةً على موقع الإنترنت الخاص بالأرشيف، فإن السؤال الذي يُطرح هو ما إذا كانت هناك حاجة إلى القيام بالمراجعة قبل الكشف من قبل هيئتين – الهيئة المسؤولة عن الكشف العاملة داخل الأرشيف، وجهاز الرقابة العسكرية أيضاً.

وهو يقول إنه في تموز 2018، أبلغت رئيسة الرقابة العسكرية مكتب مراقب الدولة أنه في رأيها ما زال الإجراء القائم ساري المفعول. وفي ردها بعد سنة من ذلك، في تموز 2019، ذكرت الرقيبة أنه بموجب أنظمة الطوارئ، الرقابة مخولة بفحص المواد الأرشيفية المتعلقة بأمن الدولة قبل إتاحتها وقبل تحميلها على مواقع الإنترنت. وتشدد الرقيبة على أن نشر المواد المتعلقة بأمن الدولة دون موافقة مسبقة من الرقابة العسكرية محظور بموجب أنظمة الطوارئ، وهذا صحيح أيضاً فيما يتعلق بتوفير المعلومات وتحميلها على الإنترنت.

وعقّب أرشيف الدولة أنه بالرغم من مواصلته العمل بالتنسيق مع الرقابة العسكرية التي تطّلع على المواد قبل كشفها، فهو يختلف معها في شكل وحجم تطبيق هذا الإجراء. وهو يقيم فرقاً بين إتاحة إمكانية التصفّح على الموقع الشبكي وبين النشر ضمن مقال أو كتاب. هذا بينما قال المستشار القانوني لمنظومة أجهزة الأمن إن أنظمة الطوارئ لا تنطبق على الأجهزة الأمنية ما يعني أنه لا دور للرقابة العسكرية في أرشيفاتها، والتي تضم أصلا هيئات مخوّلة ومعتمدة للقرار والفصل في شأن كشف المواد ونشرها وتحديد ما إذا كان ذلك ينطوي على خطورة وأضرار أم لا.

يخلص التقرير إلى ما يلي: يحتوي أرشيف الدولة والأرشيفات الرسمية على مواد سرية. تجري إجراءات الرقابة على الوثائق التي تم الكشف عنها في أرشيف الدولة قبل تحميلها على الإنترنت، في حين أن أرشيفات الجيش الإسرائيلي وأرشيفات جهاز الأمن العام وأرشيف بن غوريون لا تفعل ذلك. في الواقع التكنولوجي اليوم، حيث تُرفع الوثيقة الأرشيفية المكشوفة إلى الموقع الخاص بالأرشيف، فإن الحدود بين "تصفح" المواد الأرشيفية المكشوفة و "النشر" غير واضحة. وهذا يثير مسألة مجرّد الحاجة إلى اختبار نفس المادة بواسطة معيارين منفصلين. يجب على الأرشيف، بالتعاون مع الرقيب العسكري ومدير أرشيف الجيش الإسرائيلي، أن يبحث مع المدعي العسكري العام مسألة الجدل حول سلطة الرقابة في تصنيف مواد أرشيفية سرية، من أجل اتخاذ قرار، مشيراً إلى وجوب كشف مواد لا تنطوي على ضرر، واعتماد معايير للكفاءة لغرض تجنّب هدر الموارد العامة، وهو ما يشكّل نقداً ولو بالتلميح إلى إجراءات الفحص المزدوج، داخل كل أرشيف بحد ذاته، ومن قبل الرقابة العسكرية بعده.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات