المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

تعقد الهيئة العامة للكنيست يوم الثلاثاء من الأسبوع المقبل، 28 الجاري، جلسة استثنائية لإقرار إقامة لجنة الكنيست (اللجنة الإدارية) ولجنة خاصة للبحث بطلب بنيامين نتنياهو والوزير حاييم كاتس الحصول على الحصانة البرلمانية منعا لمحاكمتهما طالما هما في الكنيست. وبذلك يكون رئيس الكنيست يولي إدلشتاين قد استغل صلاحياته الى أقصى ما يمكن لتأجيل الجلسة، تواطئاً مع ضغوط نتنياهو وحزب الليكود.

وأثار تصرف إدلشتاين، تجاه كتل الأغلبية البرلمانية التي طلبت تشكيل اللجنة التي ستبت بطلب نتنياهو للحصانة، غضب هذه الكتل، وحتى ثمة منها من هدد بخلعه عن رئاسة الكنيست، كي يتم التقدم في عملية بحث طلب الحصانة لنتنياهو وكاتس. وحسب التقارير، فإن إدلشتاين تعرض لضغوط كبيرة من بنيامين نتنياهو وحزبه الليكود، والأحزاب الحليفة، كي يستنفد الحد الأقصى الممكن لتأخير عقد جلسة الهيئة العامة. في حين ذكّرته المعارضة بأنه، إدلشتاين، سارع قبل انتخابات أيلول، لعقد جلسة استثنائية للهيئة العامة، في غضون 48 ساعة، بطلب من نتنياهو، لبحث قانون الكاميرات، الذي رفضته الأغلبية، بينما الآن يعظ بأخلاقيات العمل البرلماني، ويتلكأ في التجاوب مع طلب غالبية أعضاء الكنيست لعقد جلسة للهيئة العامة.

وعلى الرغم من أن ادلشتاين تلكأ فعلا، حتى تعيين موعد لاجتماع الهيئة العامة، مقارنة بقرارات أخرى تتعلق بعقد اجتماعات استثنائية بادر لها الليكود، إلا أنه لم ينج من حملة مضادة ضده من الليكود، بما في ذلك التهديد بالتوجه الى المحكمة العليا لعرقلة عقد الهيئة العامة، رغم أنه لا أمل لهم في المحكمة العليا.

وكان نتنياهو قد أعلن في اليوم الأخير من العام الماضي، أنه سيطلب الحصانة البرلمانية، بصفته عضو كنيست، كي يؤجل محاكمته في قضايا فساد، إلى ما بعد إنهاء عضويته البرلمانية، ما يعني إلى أجل غير محدود. وكان نتنياهو يطمئن إلى حقيقة أنه لم تكن في الكنيست لجنة الكنيست بمعنى اللجنة الإدارية، صاحبة الصلاحية للبت بطلبات الحصانة البرلمانية، إذ أنه كان اتفاق بين الليكود وكتلة "أزرق أبيض" على عدم تشكيل لجنة الكنيست، إلا بعد تشكيل الحكومة الثابتة. وحسب القانون، فإن الحصانة البرلمانية لا تسري على عضو الكنيست في مواجهة القضاء، إلا إذا تقدم بطلب سريان الحصانة ومنع محاكمته، إلى لجنة الكنيست، التي تبت بالطلب، وفي حال المصادقة عليه، ينقل الطلب إلى الهيئة العامة للبت به. وعادة فإن القرار الذي يتخذ في لجنة الكنيست يقر مباشرة في الهيئة العامة، لأن تركيبة لجنة الكنيست مشتقة من التركيبة البرلمانية العامة.

وكان نتنياهو في طلبه مطمئنا إلى أن البحث في طلبه سيتأخر عدة أشهر، إلى ما بعد انتخابات الثاني من آذار، وبعد أشهر قليلة حتى تشكيل الحكومة، على أمل منه أن تكون له أغلبية في الكنيست، لمنحه الحصانة، ومعه الوزير المستقيل حاييم كاتس، المتورط هو أيضا بقضايا فساد.

إلا أن نتنياهو فوجئ مرتين، الأولى، أن أفيغدور ليبرمان أعلن مجددا، وبشكل حازم، بأن حزبه الذي له 8 نواب، لن يمنح نتنياهو الحصانة البرلمانية، وهو القرار الذي حسم الأغلبية لمنع الحصانة، إذ أن الكتل الأخرى، هي "كحول لفان" (33 مقعدا) وحزب العمل (6 مقاعد) وميرتس (5 مقاعد)، وبطبيعة الحال القائمة المشتركة (13 مقعدا). ولكن يشار إلى أن ليبرمان كان قد فاجأ بموقفه هذا قبل أسابيع طويلة، ومنذ أن صدر القرار النهائي بتوجيه لوائح اتهام ضد نتنياهو.

والمفاجأة الثانية التي صدمت نتنياهو، هي أن الكتل المعارضة له قررت إقامة لجنة للكنيست، وتنبثق عنها لجنة خاصة لفحص طلب الحصانة لنتنياهو ووزير الرفاه السابق حاييم كاتس. وكل المحاولات لعرقلة عمل لجنة الكنيست باءت بالفشل، وبشكل خاص بعد أن صدر موقف واضح من المستشار القانوني للكنيست، يؤكد فيه أن أنظمة وقانون الكنيست تسمح بإقامة اللجان.

كما صدّت المحكمة العليا مرتين في الأيام الأخيرة التماسين من حزب الليكود، لمنع المستشار القانوني للكنيست، إيال يانون، من عرض وجهة نظره القضائية، بدعوى أن زوجة يانون تقاضي نتنياهو كرئيس حكومة. في حين لم يبق مفر أمام إدلشتاين إلا استغلال صلاحياته للمماطلة في عقد اجتماع الهيئة العامة، لتقر توصية تشكيل لجنة الكنيست، واللجنة الخاصة التي ستبحث في مسألة طلب الحصانة.

وبعد أن تقر الهيئة العامة للكنيست إقامة اللجنتين، ستبدأ جلسات الاستماع إلى محامي نتنياهو، بشأن طلبه، وهذا سيكون المشهد الخلفي للانتخابات البرلمانية، بمعنى أن تجري حملة الانتخابات بالتزامن مع بحث حصانة نتنياهو، وبذا تبقى قضايا الفساد التي تلاحق رئيس الحكومة في صدارة جدول الأعمال.

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال هو إلى أي مجال سيؤثر هذا على الرأي العام، وعلى أنصار نتنياهو؟ فقضايا فساد نتنياهو برزت في انتخابات نيسان العام الماضي، وخف الحديث عنها في انتخابات أيلول العام الماضي، ولكنها استمرت تلوح في أجواء الانتخابات، ولم تؤثر كثيراً على نتائج حزب الليكود.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات