المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

يركّز تقرير مراقب الدولة الأخير في إسرائيل، الصادر قبل أسبوع، على ما يصفه بالسعي للتفوّق والتجديد قاصداً الالتزام بمعايير أخلاق العمل والإدارة السليمة في الجانب المهني لمؤسسات الدولة. وهو يرى أن هذه المقاييس تمكّن من التعمّق في الفحص والتدقيق والرقابة خلال تناول شتى الظواهر في الإدارة العامة. ويرى أن قوّة الرقابة تكمن في القدرة على تناول ظاهرة واحدة أو قضية واحدة من خلال تعدّد المنظومات والأجهزة المُخضعة للفحص المرتبطة بها.

هذا التقرير فحص بالإضافة إلى القضايا الدائمة الممتدة على قطاعات ومجالات مختلفة، عدداً من المسائل العينيّة. ففحص على نحو خاص مسألة الحفاظ على الخصوصية في بنوك المعلومات، ووجد خللا في هذا الشأن يرتبط بعدم الحفاظ على خصوصية المواطنين في بنوك معلومات ضمن القطاع العام. ويتم أحيانا جمع معلومات شخصية في وزارتي التعليم والصحة من دون التشديد على مبدأ احترام خصوصية أصحابها.

مسألة أخرى هي معالجة الجرائم الجنسية ضد قاصرين، إذ يوجد خلل في استنفاد استخدام مراكز الحماية المتوفرة الى جانب غياب جهاز شامل لمنع تلك الجرائم وتطبيق القانون بشأنها.


هناك خلل أيضاً في ضمان حقوق أصحاب المحدودية في الإجراءات القانونية.

ثم يتناول التقرير تقصير أجهزة الدولة في معالجة مبان سكنية غير مستخدمة وفرض ضرائب عقارات بنسب مضخّمة. فوسط أزمة سكنية متفاقمة لم يتم استخدام ما بات يُعرف بـ"بيوت الأشباح"، أي البيوت المخصصة للسكن لكنها خاوية.

أخيراً تناول التقرير مشاكل ومخاطر الحماية من هجمات السايبر. وهو يقول: على الرغم من المفاخرة بالقدرات في هذا المجال في إسرائيل، فإن هناك فجوات جدية من ناحية الحماية المتوفرة في هيئات حكومية. وهذا الفصل نُشر جزئياً فقط بسبب حساسيته الأمنية، كما يشير التقرير.

"الوزارات والمكاتب الحكومية لا تطبق التعليمات فيما يخص حماية السايبر"

رئيس الكنيست يولي يولي إدلشتاين قال بعد تسلمه تقرير مراقب الدولة: "من خلال التقرير يمكن أن نتعلم أن المواطنين لا يقومون بتقديم بلاغات للشرطة حول مخالفات الأملاك وسرقة بيوتهم. أمن المواطنين يجب أن يكون مفهوما ضمنا. الأمر الآخر الذي يمكن استنتاجه من التقرير هو أن الوزارات والمكاتب الحكومية لا تقوم بتطبيق قرارات الحكومة والتعليمات فيما يخص حماية السايبر. كلي ثقة وأعتقد أن لجنة رقابة الدولة ستعالج كل ما جاء في التقرير بصورة كاملة وشاملة". وادعى أن لجنة رقابة الدولة ستبدأ مزاولة أعمالها بأسرع وقت ممكن وأنها "ستبحث التقرير بصورة شاملة كما فعلت حتى الآن".

مراقب الدولة يوسف شابيرا قال خلال مداخلته حين سلّم التقرير لرئيس الكنيست: "هذا التقرير واسع وشامل ويتضمن 40 فصلا من الرقابة على الوزارات الحكومية والهيئات القانونية العامة. وكما في التقارير السابقة فإن التقرير يعكس عمل الرقابة حسب تعليمات من شأنها تذويت سياسة الرقابة حسب مبادئ التميز والتجديد إلى جانب الحفاظ على قواعد مهنية وإدارية سليمة واتباع طرق مهنية وحديثة. هذه السياسة تثبت نفسها من خلال تنفيذ عمليات فحص ورقابة واضحة ومؤثرة تعالج الظواهر من جذورها". واختتم مراقب الدولة قائلا: "أشيد بعمل الكنيست وبتعاونها طول فترة عملي. المداولات كانت جوهرية وهي تساهم في تعزيز مكانة التقرير وتأثيره".

الجهاز الصحي غير مستعد وغير مجهز لمواجهة حالات طوارئ

في فصل خاص يقول المراقب إن الجهاز الصحي غير مستعد وغير مجهز لمواجهة حالات طوارئ وتنقصه طواقم طبية كثيرة وسيارات إسعاف. هناك نقص بمئات سيارات الإسعاف، ويُتوقع نقص بنسبة 53% في الطواقم الطبية والمسعفين والسائقين لسيارات الإسعاف. ووزارة الصحة وفقاً للتقرير تعتمد سياسة المماطلة في تنظيم مجال طب الطوارئ في البلاد، وتفتقر إلى التوجيه.

فحص المراقب جهاز الإسعاف في الوضع العادي وحالة الطوارئ وسبل مراقبة جهاز الإسعاف من قبل وزارة الصحة، واتضح أن الوزارة لم تقم منذ سنوات بتحديث التأهب لحالات الطوارئ والحرب. كما أنها لم تقم بمراجعة وفحص استعداد جهاز الإنقاذ والإسعاف في البلاد، ولم تعمل على السماح باستخدام سيارات الإسعاف الخاصة أثناء الطوارئ، وذلك بغرض مضاعفة عدد السيارات والقوى العاملة بمجال الإسعاف.

وفقا لتوصيات وزارة الصحة نفسها هناك حاجة إلى 1351 سيارة إسعاف تعمل بشكل متواصل وعلى مدار الساعة، لكن هناك 1091 سيارة إسعاف فقط، وعلى الرغم من التوصيات السابقة، فإن وزارة الصحة لم ترتب سُبُل التعاون بين نجمة داوود الحمراء وشركات الإسعاف الخاصة، التي لديها 480 سيارة إسعاف. مراقب الدولة حذر في تقريره من أنه في حالة الطوارئ، فإن النقص بنسبة 53% بالمسعفين والسائقين لسيارات الإسعاف، والطواقم المختلفة، سيتسبب باستعمال 50% من سيارات الإسعاف فقط في حالة الطوارئ.

كذلك، لم تقم وزارة الصحة ومنذ 30 عاما بتحديث أوقات انتظار سيارات، ولم يتم تحديد أية أهداف في هذا المجال، ووجد المراقب أن سيارات الإسعاف تتأخر لمدة نصف ساعة بالمعدل في غرف الطوارئ بسبب الضغط والاكتظاظ في المستشفيات ولا يمكنها الاستمرار في مهامها التالية، مما يصعّب توفر سيارات الإسعاف، حيث لم تقم وزارة الصحة بترتيب الموضوع وتنظيم العمل بهذه القضية.

وزارة الصحة حاولت صياغة خطط لرفع كفاءة التعامُل مع المصابين في سيارات الإسعاف، إلا أن الخطة كانت جزئية وغير كاملة، إذ لم يتم تحديد مصادر التمويل للمشروع، ولم تعالج الخطة مختلف الحالات الطبية.

ويبين التقرير أن وزارة الصحة لا تشرف بشكل صحيح على العاملين في مجال طب الطوارئ، إذ لا يوجد ترخيص لأخصائي الإسعافات الأولية، وليس هناك أي إشراف على الدورات في هذا المجال، وعليه فمن المستحيل ضمان كفاءة المشاركين في هذا المجال، علما أنه لا توجد قاعدة بيانات للمسعفين في البلاد، التي تمكن وزارة الصحة والجيش الإسرائيلي من الاتصال والتواصل بجميع المسعفين في حالات الطوارئ.

نقاط منتقاة تلقي الضوء على الصورة العامة

تناول مراقب الدولة مواضيع متعلّقة بالمجتمع والرفاه. فمثلا، حظيت قضيّة غلاء المعيشة باهتمام كبير ومن ضمن ذلك أسعار الموادّ الغذائيّة. ويتضمّن هذا التقرير فصلاً حول موضوع نشاطات الحكومة لتشجيع التنافس في سوق الفواكه والخضروات وتقليص فجوات الوساطة. ويتبيّن من نتائج الفصل أنّ نشاطات الحكومة في هذا المجال تتقدّم ببطء ولا تبلغ مرحلة النهاية. على مدار 17 عاماً لم تتمكّن الحكومات من تنفيذ قراراتها بشأن إنشاء سوق للفواكه والخضروات بالجملة، وتعكس معالجة هذا الموضوع نشاطا حكوميّا يمتاز بسلسلة من الضعف المهنيّ والأدائي.

مسألة أخرى: الطلاق، الذي يعتبر حدثاً ينطوي على أزمة وذا تأثير كبير على الأطراف فيه، وقد يتسبّب في أضرار خطيرة ومؤلمة لأُسَر الأزواج التي تمرّ بإجراءات الطلاق والانفصال. لم تبلور وزارة الرفاه التي من واجبها تقديم المساعدة في إجراءات الطلاق سلسلة متواصلة من الأدوات العلاجيّة الهادفة لهذه الأسر، وبالذات الأدوات الموجّهة للأطفال. أهملت الوزارة هذا المجال على مدار السنين، ونتيجة لذلك يضّطرّ العديد من الأسر الانتظار لأشهر طويلة - قد تمتدّ لمدّة عام أو أكثر من ذلك – لتلقي التقارير من العمّال الاجتماعيّين للإجراءات القانونيّة، وهذا الأمر يتسبّب في استمرار النزاعات وحتّى تصعيدها.

أما نتائج الرقابة المتعلّقة بإجراءات إنفاذ القانون في وزارة حماية البيئة والسلطات المحلّيّة ضدّ من يلحقون الأضرار بالبيئة، فتشير إلى صعوبات شاملة تتعلّق بغياب نظريّة إنفاذ القانون بصورة منتظمة، درجة كفاءة إجراءات إنفاذ القانون، وكذلك ضعف الجهات المسؤولة عن إنفاذ القانون في مجال البيئة بشكل مستقلّ، حازم وناجع وذلك بسبب اعتمادهم على جهات التنظيم المهنيّة في الوزارة. وهناك نقص في إنفاذ القانون في مجال البيئة بشكل عامّ في معظم السلطات المحلّيّة: في بعض هذه السلطات ليس هناك مفتّشون بيئيّون، وفي غالبيّة السلطات التي يوجد فيها مفتّشون بيئيّون فإنّ إنفاذ القانون ضئيل. وحجم نشاطات التحقيق والملفّات الجنائيّة يكاد لا يُذكر، وقسم لا يُستهان به من السلطات لا يفرض الغرامات لغرض إنفاذ القانون.

 

 

المصطلحات المستخدمة:

مراقب الدولة, الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات