المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

يتناول بحث جديد لكل من د. شلومو سبيرسكي ود. يارون هوفمان بيشون من مركز "أدفا" حول المساواة والعدالة الاجتماعية في إسرائيل، مسألة مهمة في مجال حقوق السكن. وجاء البحث تحت عنوان "الإمكانية الشعبية في الإسكان- إسكان شعبي عام كحل لضائقة السكن في إسرائيل". وهما يعرفان البحث على أنه "عرض لمواجهة أزمة السكن بواسطة إنتاج امكانية شعبية، وفي مركزها مبادرة حكومية لبناء دور سكن مخصصة للتأجير لأمد طويل وبأسعار في متناول يد جميع السكان". ويقولان إن اقتراحهما يقوم على التقييم بأن المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى أزمة السكن الحالية ستتواصل في المستقبل المنظور أيضا، مما يعني أن نموذج السكن في دار بملكية ساكنها، وهو النموذج السائد منذ إقامة دولة إسرائيل، لا يمكنه أن يظل أساسا لسياسة الإسكان العامة.

 

يواجه البحث خطتين حكوميتين أساسيتين بالحجة والنقد، وهما "سعر للساكن" و"شقة للإيجار". ويقولان إنه لن يكون بمقدور هاتين الخطتين مواجهة أزمة السكن بنجاح. فنموذج خطة "سعر للساكن"، على الرغم من أنها تخفض بعض الشيء سعر الدور المعروضة للمستحقين، لكنها لا توفر حلا للأزمة. لأنه حتى لو بوجود الأسعار المنخفضة يظل قسم كبير من الدور المعروضة خارج متناول يد الأسر من العُشر السابع فما تحت (ضمن تقسيمة 10 أعشار متدرجة من الأقوى اقتصاديا نحو الأضعف). أما الخطة الثانية "شقة للإيجار" فعلى الرغم من أنها تعرض تأجيرا للمدى البعيد، فبسبب أسعار الإيجار العالية في المناطق المطلوبة، ليس بمقدورها توفير حل لمعظم الأسر في البلاد. كذلك، فحتى الآن وبسبب نطاقها الضئيل وحقيقة أن غالبية الدور في إطار الخطة يتم تأجيرها بالأسعار المتداولة في السوق، ليس بمقدور هذه الخطة التأثير على أسعار التأجير في السوق الخاصة.

دور ناشط مباشر للدولة في سوق الإسكان

يتلخص الاقتراح في أن تقوم الدولة بلعب دور ناشط مباشرة في سوق الإسكان بهدف تأسيس إمكانية سكن شعبي للتأجير لأمد طويل، ويكون مخزون الدور معروضاً إلى جانب إمكانية اقتناء الدور وإمكانية التأجير في القطاع الخاص. ويؤكد الباحثان أن ما يقترحانه سيشكل حلا لدى من ليس باستطاعتهم أو برغبتهم اقتناء دار وفي نفس الوقت ستشكل هذه الخطة عاملا يعدل الأسعار في سوق الإيجار عموما.

النموذج المقترح يقوم على عدة أسس:
1- إنتاج وخلق حقوق سكن ذات نوعية عالية وفي مناطق الطلب أو بمحاذاتها، بما يشمل المصاريف المرافقة مثل ضرائب السكن، دفعات ومدفوعات الكهرباء والماء وما شابه بحيث لا يزيد هذا كله عن 30% من مجمل مدخول الأسرة الواحدة المستأجرة فيها.

2- عمل وتدخل مباشر للحكومة بدلا من التعلق الدائم باعتباراتها لربح لدى المبادرين والمستثمرين في القطاع الخاص الذين يسعون لاستعادة استثمارهم بالإضافة إلى الربح.
3- تظل الدور بملكية عامة وتظل جزءاً من مخزون الدور للتأجير الشعبي، بدون أية حاجة لبيعها لملكية خاصة بعد فترة ما. تخصيص الدور في هذه الخطى يتم وفقا لمعايير موسعة بحيث يكون استحقاق الاستئجار متوافراً للأسر التي ليس بحوزتها دار حتى لو افترضنا أن الطلب الأساس سيأتي من الأسر الواقعة في الأعشار الستة المنخفضة.

5- فيما يمكن اعتباره عدالة اجتماعية تاريخية فإن الأسر التي تستحق اليوم سكنا شعبيا تكون أول من يتلقى الدور التي يتم بناؤها وفقا لهذا المخطط. ولكن يجب التشديد على أن الاقتراح الحالي يدعو إلى حل في السكن لطبقات وشرائح أوسع، بما يشمل الطبقة الوسطى ويجب الإشارة إلى أن الحل لا يجب أن يأتي بالضرورة بدلا من تدخل الدولة في مساعدة السكان في الإسكان بوسائل أخرى، بما في ذلك الخطط المختلفة للمساعدة في اقتناء دور مثل تقديم قروض مُسبسدة بكفالة الدولة.

يؤكد البحث أنه لا يدعو إلى الغاء سوق التأجير الخاصة، وإنما إجراء تنظيم يجعلها أمام منافسة الإسكان الشعبي، كما هو مقترح في البحث. ويشير إلى أن استعراضا للوضع على المستوى الدولي يظهر أن التنظيم الأفضل لسوق التأجير الخاص يتم بالأساس في الحالات التي تتوفر فيها إلى جانب التأجير الخاص إمكانية الاستئجار الشعبي القائم على الحفاظ على إيجار معقول وظروف تأجير لائقة وصيانة نوعية للمباني.

اتجاهات اقتصادية واجتماعية تكرّس رفع أسعار الدور

يطرح البحث السؤال التالي: ما هي المؤشرات والاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى رفع أسعار الدور ومن شأنها تكريس هذا الواقع الذي تظل فيه الدار اللائقة للسكن خارج متناول قسم كبير من السكان بالمستقبل ايضا؟
السبب الأول هو ما سبقت الإشارة اليه، أي تركيز متزايد للثراء في أيدي قلائل. وهو ما تفرضه السياسية النيوليبرالية المعتمدة اليوم والتي تؤدي إلى زيادة انعدام المساواة، سواء بواسطة سياسة أجور متشددة أو سياسة ضرائب مباشرة منخفضة. السبب الثاني هو المصلحة المتأصلة للطبقة الثرية وبالأحرى جميع أصحاب الدور وأصحاب مصالح العقارات الذين يبيعون الدور والبنوك التي تمول البناء وتوفر الاعتماد المالي للقروض – فمصلحة هؤلاء جميعا تتمثل في منع خفض الأسعار بشكل جدي. ويجب التذكير بأن الإسكان والأرض التي يقوم عليها تشكل جزءاً هاماً من رأس المال المتراكم في إسرائيل.

ويضاف إلى ما سبق عاملان آخران: الأول هو زيادة تركيز النشاط الاقتصادي الريادي في مركز البلاد، حيث تتركز هناك معظم النشاطات الاقتصادية ويتم توجيه معظم أموال الاستثمار إلى هذه المنطقة. ومن يدفع الثمن هو بالطبع المناطق الطرفية حيث تخشى الكثير من الجهات الذهاب للاستثمار المالي هناك. وهذا أنتج منطقة طلب ضيقة جداً ومحدودة لأن الاستثمارات والصرف يوجّهان إلى المناطق التي تتركز فيها النشاطات الاقتصادية ونجد بالتالي ان مدينة مثل حيفا تعتبر منطقة طرفية، والقدس التي تضم معظم مؤسسات الحكم تظل مفتقرة لبنية اقتصادية جدية ومثلها بئر السبع ومناطق أخرى.

وهناك عنصر آخر يؤثر وهو مستوى الخدمات التعليمية، فالأسر تفضل أن تسكن قرب مؤسسات تعليم جيدة ولائقة. وهنا أيضا فإن جهاز التعليم الإسرائيلي يزداد انعدام المساواة فيه فيزدهر في المناطق الثرية ويتدنى في المناطق المستضعفة وهذا مع أن جهاز التعليم المعتمد هو جهاز تعليم عام في الاساس أي يفترض به عرض مستقبل متساو للجميع. لكنه جهاز يتميز بفجوات كبيرة من حيث المؤسسات التعليمية التي تتمتع بجودة عالية في مناطق المركز بالأساس.

الاستنتاج بناءً على ما ورد أعلاه هو ان هاتين السيرورتين تحددان أيضا ما يتعلق بسوق السكن لأن التفضيل هو لموقع تزداد فيه فرص العمل المربحة وفرص التعليم الأكثر جودة ليجتمع هذان العنصران في إنتاج أزمة سكن، أي أن هذه الأزمة هي مجموعة عوارض ناجمة عن تجذر خطوط الفصل الطبقية أكثر مما هي نتيجة لسيرورات اقتصادية منقطعة عن السياق الاجتماعي.

وترجمة للفرضية أو التحليل السابق يقدم الباحثان المعطيات التالية:

بين السنوات 2008- 2016 تضاعفت أسعار السكن في إسرائيل وأدى هذا إلى انخفاض نسبة الأسر التي تسكن في دور بملكيتها وخصوصا الأزواج الشابة من الطبقة الوسطى. فبين أبناء 20- 29 عاما تراجعت نسبة من يسكنون في دور بملكيتهم من 8ر55% عام 1997 إلى 1ر39% عام 2015 ولدى أبناء 30- 39 تراجعت النسبة في تلك السنوات من 3ر47% إلى 3ر60%.

ولذلك، يقول الباحثان، يأتي هنا دور الدولة لكي تمارس صلاحيتها وتستخدم مواردها من أجل صد سيرورة تركيز الثراء والامتيازات، أو العمل على الأقل للجم آثار انعدام المساواة الطبقية على إمكانيات السكن لمواطنيها. ويؤكد البحث أن هذا ليس خيالا جامحاً، لأن الدولة تعرف تماماً كيف تقوم بهذا. وسبق أن قامت به في سنوات الهجرة الكبيرة في الخمسينيات وفعلت ذلك مرة أخرى مطلع التسعينيات حين هاجر مئات الآلاف من الاتحاد السوفييتي السابق واثيوبيا. ولكن المفارقة أن الدولة اليوم تعمل بشكل مناقض تماماً وتواصل التنصل وإزالة المسؤولية عن عاتقها في كل ما يخص توفير سقف لائق للمواطنين وتنقل هذا إلى السوق الحرة. ويؤكد البحث أن هذا مناقض تماماً لرؤية وزارة الإسكان التي وضعتها في تشرين الثاني 2006 والتي عرفت وظيفة الوزارة على أنها "لضمان شقة لائقة لكل أسرة بسعر معقول وفي حي ملائم.. في دار نوعية تلائم احتياجات الأسرة في حي آمن، مريح، مع عدد كافٍ من المباني العامة، مساحات الترفيه والاستجمام وما شابه، وكل هذا بسعر قابل للتحقيق يمكن الحصول عليه بواسطة جزء معقول من مدخول العائلة". ولكن السياسة الحكومية عملياً لا تقوم بأي شيء لترجمة هذه الرؤية التي تظل على الورق فقط.

اقتناء دار في منطقة مطلوبة- حق يقتصر على الأثرياء

يطرح البحث بين ما يطرحه نوعية الدور المتوفرة للاقتناء أمام كل شريحة اجتماعية – اقتصادية ويفيد التقدير الذي اجراه الباحثان، والذي يأخذ بالاعتبار حجم اعادة القرض السكني شهريا وتكاليف الإسكان المرافقة على فرض أن هذه كلها يجب أن لا تشكل أكثر من 30% من المدخول المالي الصافي للأسرة، أن مسألة اقتناء دار في منطقة مطلوبة تحول إلى حق يقتصر على الأعشار العليا فقط.

هذا التقدير يقوم على فرضية أن القرض السكني يُستخدم لتمويل 75% من سعر الدار وفقا للقيد الذي وضعه بنك إسرائيل على من يقتنون دارا أولى حيث أن القرض يعطى بفائدة ثابتة لمدة 25 سنة. وتلك التخفيضات جاءت للحفاظ على تلك النسبة المشار اليها اعلاه، 30%. ولكن في الواقع تتألف القروض من مسارات مختلفة بما فيها أجزاء بفوائد متغيرة ومتعلقة بجداول الغلاء المختلفة.

وهكذا تشير التقديرات إلى أن الأسر في العشر الخامس اذا قامت بتقييد مصاريفها على الإسكان بما لا يزيد عن 30% من مجمل مدخولها، فبإمكانها أن تسمح لنفسها بإعادة نحو 2800 شيكل شهريا من القرض. ومثل هذه الدفعات تمكنها من شراء دار بمبلغ لا يزيد عن 718 ألف شيكل وأي حساب مشابه للأسر في العشر السابع يشير إلى أن السعر الأقصى المتوفر لها يصل إلى مليون شيكل. هذه المقارنة تشير إلى أن الأسر في الأعشار الأربعة الأكثر انخفاضا غير قادرة أصلا على اقتناء دار مؤلفة من ثلاث غرف اذا أرادت البقاء في إطار صرف لا يزيد عن 30% من مدخولها على الإسكان. ومعنى هذه المعطيات أنه بالنسبة لـ 60% من السكان في إسرائيل، اقتناء دار في مناطق مطلوبة بدون رأسمال ذاتي جدي سيؤدي إلى مساس في مستوى حياتها بسبب الصرف العالي على دفعات القرض السكني. والأسر التي في الأعشار السابع حتى التاسع أيضا إذا لم يكن لديها رأسمال خاص بنسبة تزيد عن 25% من سعر الدار ستستصعب شراء دار في مناطق مطلوبة في مركز البلاد ومنطقة القدس. وعمليا فالعائلات المحسوبة على العشر الأعلى وحدها يمكنها شراء دار مؤلفة من ثلاث غرف في تل أبيب او دار مؤلفة من غرفتين في محيط تل أبيب وفي القدس.

وفي هذا الاطار كما سبق أن أشرنا لا توفر الخطط الحكومية المقترحة اليوم حلولا لهذه الاوضاع والمعطيات الصعبة جدا لتبقى قادرة على مساعدة الاعشار العليا أي الشرائح الأقوى اقتصاديا. ويشير البحث أيضا إلى إن البناء في هذه المشاريع يشمل دوراً كبيرة تزيد عن ثلاث أو أربع غرف مما يزيد المسألة صعوبة، فمثلا في إطار سعر للساكن كان سعر الدار الواحدة في شهر تموز 2017- 4ر1 مليون شيكل وعلى الرغم من أن هذا السعر أرخص قليلا من سعر السوق فإنه لا يزال سعرا عاليا وفي خارج متناول يد كل الأسر في غالبية الأعشار ليستفيد منه العشران التاسع والعاشر فقط.

الخلاصات الأساسية التي تتضمّنها الوثيقة

يلخّص معدا التقرير أنه في ضوء محدوديّة خطتَي الإسكان اللتين طرحتهما الحكومة "سعر للساكن" و"شقة للإيجار"، نقترح بأن تحيد الحكومة عن اعتمادها الحصري على مبادئ "السوق الحرة" وأن تُطْلق خطة بناء حكومية لإقامة شقق للإيجار طويل الأمد، بملكية القطاع العام وبأسعار تقل عن أسعار السوق. بكلمات أخرى، نحن نقترح إجراء توسيع مكثَّف وتحسين جوهري لمجال السكن الشعبي، بحيث تستفيد منه الطبقة الوسطى أيضا، ولا سيما الأزواج الشابة الراغبة بالحصول على بيت يؤويها في ظروف توفّر لعائلاتها أطرَ تعليمٍ جيد وعملاً يتيح لها العيش الكريم.

ويضيف التقرير: يستند اقتراحنا على تقييمنا بأن الاتّجاهات الاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى أزمة السكن الحالية، والتي تقودها قوى سوق قوية مثل "المستثمِرين"، سوف تتواصل في المستقبل المنظور أيضا، ما يعني أن نموذج الإسكان في شقة مملوكة – النموذج المهيمن منذ إقامة الدولة - لم يعد ممكنا اعتماده أساسا وحيدا لسياسة الإسكان العام.

الفرضية السائدة في الكثير من البلدان تقوم على أن الإنفاق على السكن يجب ألا يتجاوز الـ30% من مجمل دخل الأسرة. فالإنفاق، في حالة تجاوزه النسبة المذكورة، قد يقود إلى المساس بقدرة الأسرة على تمويل احتياجاتها المعيشيّة الأساسية، ويزيد من المخاطر الاقتصادية التي تقف في وجهها، وقد يُلحِق ضررا بالغا بمستوى حياتها. من الناحية العملية، يشدد البحث، فإن العديد من الأسر في إسرائيل، سواء تلك التي تقيم في بيوت مستأجَرة، أو تلك التي تسدّد قروض الرهن العقاري (المَشكنتا) عن الشقة التي تملكها، تنفق مبالغ تتجاوز النسبة المذكورة: ففي عام 2014 مثلا، بلغ الإنفاق على السكن لدى 5ر33% من مجمل الأسر أكثر من 30% من دخلها. تشمل هذه المصروفات دفعات استئجار الشقة أو سداد المشكنتا، فضلا عن نفقات السكن ذات الصلة، بما في ذلك فواتير الخدمات البيتية، وصيانة المنزل، وضريبة البلدية – الأرنونا.

الوضع لدى الأسر المستأجرة أسوأ من ذلك، ففي عام 2015 مثلا بلغ متوسط الإنفاق لدى الفئات العشرية الأدنى الخمس من الأسر التي تسكن في بيوت مستأجرة أكثر من 30% من دخلها، عِلْماً بأن متوسط الإنفاق على السكن المستأجَر لدى الفئة العشرية الدنيا بلغ 62% من دخلها الصافي، فيما بلغ متوسط الإنفاق لدى الفئات العشرية الأربع التالية: 45%، 37%، 35%، و33% على التوالي.

التقييم الذي أجراه "مركز أدفا" يشير بوضوح الى أن اقتناء الشقق اليوم في مناطق الطلب هو امتياز محفوظ للفئات العشرية الأعلى فقط، للأكثر ثراء. في واقع الأمر فإن شراء الشقق في مناطق الطلب لقرابة 60% من سكان إسرائيل، دون أن يتوفّر في جعبتها رأس مال ذاتي يزيد عن 25% من سعر الشقة، يقود إلى إلحاق الضرر بمستوى معيشتها نتيجة الإنفاق المرتفع الذي يفرضه سداد قرض المشكنتا.

وبناء عليه فالتوصية التي يقدمها البحث هي اعتماد خِيار السكن الشعبي عوضاً عن مختلف نماذج الإيجار الخاص، وهي تستند إلى جملة من الوقائع، ومنها المعطيات التي تبيّن بأن سوق الإيجار الخاص هو في المقام الأول وسيلة لنقل الرأسمال من الشرائح ذات الدخل المنخفض إلى جيوب الشرائح القوية اقتصادياً؛ فقد تحوّلت هذه الوسيلة إلى عامل هام في صياغة خريطة عدم المساواة في المجتمع. 71% من مجمل المبالغ التي يدفعها المستأجرون لأصحاب الشقق تصل إلى جيوب الفئات العشرية الأعلى. وفي عام 2015 جرفت الفئة العشرية العليا وحدها حوالي 3ر6 مليار شيكل عن تأجيرها الشققَ التي تملكها، ما شكّل نحو 45% من مجمل الدخل الذي وصل إلى جيوب الأسر التي أجّرت شققا تملكها.

طبقا للنموذج الذي يقترحه البحث، تظل الشقق بملكية عامة وتبقى جزءاً من بنك الشقق المخصَّصة للإيجار الشعبي، ولا تُعرَض مع مرور الزمن للبيع بملكية خاصة. إضافة إلى ذلك، يخضع رصد المساكن الشعبية لمعايير موسَّعة توفّر الاستحقاق للأسر التي لا تملك شقة من مجمل السكان، حتى إن كان يفترض بأن معظم الطلب سوف يصل من الأسر المحسوبة على الفئات العشرية السِتّ المنخفضة. إن المقترح هو بأن تتحوّل الحكومة إلى طرف يعمل مباشرة في سوق الإسكان بهدف إرساء خِيار للإسكان الشعبي يقوم على الإيجار لأمد طويل، وهو خيار يكون متوفّراً جنباً إلى جنب مع خيار الملكية وخيار الإيجار الخاص. طبقا للاقتراح، يكون خيار الإيجار الشعبي بمثابة حل للسكن لمَن يتعذّر عليه اقتناء شقة أو لا يرغب بذلك، ويكون في الوقت نفسه عاملا يساهم في خفض أسعار سوق الإيجار عموماً.

المصطلحات المستخدمة:

دورا

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات