المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

اتهم عدد من رؤساء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، أمس الاثنين، رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، بأنهما "ينويان خرق تعهداتهما لهم بشأن البناء في المستوطنات"!

وقال هؤلاء، على لسان رئيس مجلس مستوطنة "إفرات"، عوديد رفيفي، إنه "خلافا لوعودهما وتعهداتهما، يعتزم رئيس الحكومة ووزير الدفاع مواصلة تجميد البناء في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) حتى نهاية العام الجاري 2017"، مضيفا أن "قراءة بسيطة للواقع تثبت أن رئيس الحكومة يحاول كسب الوقت وأنه لا ينوي تطبيق تعهداته لرؤساء المستوطنات، مطلقا".

وأوضح رفيفي أن رؤساء المستوطنات في الضفة الغربية توصلوا إلى هذه القناعة على خلفية القرار المفاجئ بشأن تأجيل جلسة للجنة التنظيم والبناء التابعة للإدارة المدنية كان مقررا عقدها هذا الأسبوع للبحث في "خطة البناء الجديدة في يهودا والسامرة"، وذلك "استجابة لطلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب"، وفق ما نُسب إلى "مصدر سياسي رفيع".

وأضاف رفيفي أن هذا التأجيل كان هاجساً تخوف منه رؤساء المستوطنات منذ لقائهم برئيس الحكومة، نتنياهو، قبل ثلاثة أشهر، بعد أن "لم تُعرض للبيع والتسويق أية وحدة سكنية جديدة في المستوطنات"، إذ "تظاهر (نتنياهو) بأنه متفاجئ من ذلك (عدم تسويق وحدات سكنية جديدة) وادعى بأن الأمر لا يعدو كونه خللا عابراً". وفي نهاية ذلك اللقاء، الذي عقد في منزل رئيس الحكومة في القدس، تعهد نتنياهو لرؤساء المستوطنات ـ كما قال رفيفي ـ بإتاحة تسويق شقق سكنية جديدة كثيرة في المستوطنات خلال شهر أيلول 2017، بل "تعهد (نتنياهو) ببناء 300 وحدة سكنية جديدة في (مستوطنة) بيت إيل وحدها".

وقال رفيفي إنه "أصبح من الواضح تماما الآن أن نتنياهو وليبرمان لا ينويان تطبيق تعهداتهما لرؤساء المستوطنات، بل سيواصلان كسب الوقت بحجج وذرائع مختلفة حتى نهاية عام 2017، التي التزموا أمام الأميركان بتجميد البناء (الاستيطاني) خلالها، رغم نفيهما وإنكارهما المتكررين".

أما رئيس مجلس مستوطنات "جبل الخليل"، يوحاي دماري، فقال: "ننتظر ونتابع التطورات بقلق شديد ونأمل أن يكون التأجيل مؤقتا فقط وأنه لا يخفي خطوات أخرى تم الاتفاق عليها سراً".
وقال رئيس مجلس مستوطنات "غوش عتصيون"، شلومو نئمان، إن التأجيل "يثير قلقنا في سياق واحد فقط هو ـ أن له رائحة تقديم تنازلات سياسية ولم أقابل في حياتي من قبل تنازلات كهذه كانت، في المحصلة، لصالح الاستيطان ودولة إسرائيل".

"التأجيل بناء على طلب ترامب"

وكان رئيس الحكومة، نتنياهو، ووزير الدفاع، ليبرمان، قررا الأسبوع الماضي تأجيل الجلسة التي كان مقررا أن تعقدها لجنة التنظيم والبناء التابعة للإدارة المدينة هذا الأسبوع للنظر في "خطة البناء الجديدة في يهودا والسامرة". ومع قرار التأجيل، مُنع نشر الخطط والخرائط التي كان مقررا نشرها الأربعاء الفائت ضمن "جدول أعمال المجلس الأعلى للتخطيط".

وتشمل مخططات البناء الاستيطاني الجديد، من بين ما تشمل، بناء 30 وحدة سكنية جديدة في "الحي اليهودي" في قلب مدينة الخليل، إضافة إلى بناء المستوطنة الدائمة الجديدة "ميغرون". ويهدد مستوطنو "ميغرون" بأنه إذا لم تصدر جميع التصاريح المطلوبة واللازمة لإنشاء مستوطنتهم الجديدة هذه، فسيطالبون وزيرة العدل، أييلت شاكيد، بدفع مشروع القانون الذي تقدم به رئيسا "لوبي أرض إسرائيل في الكنيست"، عضوا الكنيست يوآف كيش (ليكود) وبتسلئيل سموتريتش (البيت اليهودي)، والذي يلزم الحكومة بتطبيق تعهداتها بشأن البناء في المستوطنات في الضفة الغربية.

وقال مستوطنو "ميغرون"، في بيان خاص أصدروه على خلفية هذه التطورات: "يتولد لدينا الانطباع بأن رئيس الحكومة يلجأ إلى اللف والدوران والمماطلة مرة أخرى وينوي تركنا في الكرافانات (البيوت المتنقلة) لسنوات أخرى عديدة، لكننا لن نسمح له بذلك".

ونقل موقع (nrg) الإسرائيلي، أمس الأول الأحد، عن "مصدر سياسي رفيع" تأكيده على أن تأجيل جلسة لجنة التخطيط التابعة للإدارة المدنية جاء "استجابة لطلب أميركي"، موضحاً أن "رئيس الحكومة، نتنياهو، قرر أخذ الطلب الأميركي بعين الاعتبار، لأنه لا يرغب في إحراج الإدارة الأميركية الجديدة، وخاصة على خلفية المحاولات الجدية التي يبذلها البيت الأبيض مؤخرا لتحريك عملية المفاوضات مع الفلسطينيين".

لكن الأنباء التي غطت لقاء نتنياهو وترامب الأخير، الأسبوع الماضي، أكدت أن مسألة الاستيطان في الضفة الغربية عموما، ومسألة البناء الجديد في المستوطنات، لم تُطرح للنقاش ويبدو أن "الطلب الأميركي ورد في الأيام الأخيرة، بعد عودة نتنياهو إلى إسرائيل".

في المقابل، قال بعض زعماء المستوطنين في تصريحات نقلها الموقع نفسه أمس إن "التجميد في الكتل الاستيطانية الكبيرة أمر واقع وهو نتيجة تفاهم سياسي مع الأميركيين" وأن هذا "التجميد سيبقى على حاله حتى نهاية 2017".

أما "المصدر السياسي الرفيع" المذكور فأوضح أن الحديث يجري عن "تعهد بعدم البناء في المدن (المستوطنات التي تعتبر مدنا) بينما يستمر البناء كالمعتاد في المستوطنات ذات الطابع القروي. وقد قطعت القيادة السياسية تعهدا بأن لا يتجاوز البناء الجديد الحدود التي حددتها الخرائط الهيكلية للمستوطنات القائمة، أو لصقها تماما".

ونفي "مصدر سياسي" آخر هذه التصريحات بشدة مؤكدا، للموقع نفسه، أن "لا تعهدات إسرائيلية بالامتناع عن البناء أو تجميده، بل العكس تماما هو الصحيح". وحول تأجيل جلسة لجنة التخطيط في الإدارة المدنية، قال "المصدر السياسي" نفسه إن "هذه الجلسة ستعقد بالتأكيد، ولو بتأخير معين، وستطرح خلالها خطط مركزية للبناء، بما فيها خطة البناء في ميغرون وبيت إيل".

حجم البناء الاستيطاني ووتيرته ـ الأعلى منذ العام 2000

وكان وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، قد قال في مقابلة أجرتها معه صحيفة "مكور ريشون" اليمينية إنه "لا ينبغي تصديق فلان أو علان، بل كل ما يلزم هو التحديق بالأرقام فقط. فما تم الانطلاق ببنائه فعليا هو 1400 وحدة سكنية جديدة. هنالك مقاولون يعملون في الميدان ويواصلون العمل كالمعتاد. وهنالك نحو عشرة آلاف بيت جديد في مراحل التخطيط المختلفة... وإذا ما نظرنا إلى البناء في المستوطنات منذ العام 2000 وحتى اليوم، فلن نجد مثيلا لحجم ووتيرة البناء اليوم".

وردا على سؤال عما إذا كانت الإدارة الأميركية هي التي "تتحكم بوتيرة البناء في المستوطنات وتقررها"، قال ليبرمان: "نحن نقوم بكل شيء بشفافية تامة، حتى مقابل الأميركان. لكن ينبغي العمل بحكمة. وعلى اليمين، أيضا، أن يقرر ماذا يريد: الشعارات أو النتائج؟ وثمة شعارات كثيرة يتم تداولها في الشارع وفي الإعلام".

وأضاف ليبرمان: "حقا، لا يمكن عمل أكثر مما عملناه ونعمله. ثمة محدوديات للقوة أيضا. أنا أعرف كم يمكننا شد الحبل. هل الأميركيون راضون عن كل ما يجري في مجال البناء (الاستيطاني) في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)؟ ـ بالطبع، لا. ولكن، هنالك قواعد للعبة ولن تكون هنالك حكومة أكثر التزاما من الحكومة الحالية حيال مشروع البناء في المستوطنات وحيال جمهور المستوطنين في يهودا والسامرة، لكننا لا نعيش ولا نعمل في فراغ... هنالك "الرباعية" وهنالك مجلس الأمن وهنالك جهات أخرى".

 

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات