المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

دلّ تقرير جديد صادر عن مكتب الخبير الرئيسي في وزارة المالية الإسرائيلية على أن تغييرا في احتساب البطالة من شأنه أن يضاعف النسبة الرسمية التي احتفلت بها إسرائيل في الأسابيع القليلة الماضية، وهي 7ر4%، إذ أن احتساب البطالة في مكتب الاحصاء المركزي يرتكز على أسئلة عالمية، لا تعكس بشكل حقيقي الواقع الميداني. كما يشار إلى أن قانون الخدمة العسكرية الالزامية يساهم هو أيضا في تخفيض نسب البطالة. وتتجاهل كل هذه التقارير واقع سوق العمل في المجتمع العربي، الذي فيه إقصاء لـ 70% من النساء عن سوق العمل، بفعل سياسة التمييز العنصري.

ويقول تقرير الخبير الرئيسي في وزارة المالية، إن معطيات البطالة الإسرائيلية منخفضة مقارنة مع البطالة العالمية، وأيضا مقارنة مع البطالة الإسرائيلية في الماضي. ولكن إذا جرى احتساب أولئك الذين يئسوا من البحث عن مكان عمل، وهم يعملون في وظائف جزئية، بخلاف إرادتهم، فإن البطالة الرسمية المعلنة ستتضاعف.

ويطرح تقرير الخبير عدة سيناريوهات لاحتساب البطالة، منها ما يقلل النسبة الرسمية المعلنة، ومنها ما يزيدها. فاحتساب البطالة في إسرائيل، هو بحسب من عمل ولو ساعة واحدة في الأسبوع الذي يجري فيه مكتب الاحصاء المركزي الاستطلاع. في حين يقول الخبير إنه إذا ما جرى احتساب من لم يعمل على مدى الأسابيع الـ 14 الأخيرة، قبل اجراء الاستطلاع، فإن نسبة البطالة قد تنخفض إلى نسبة 9ر1% بدلا من 7ر4%. ولكن في المقابل، إذا تم شمل من يئسوا من البحث عن العمل خلال الأشهر الـ 12 الأخيرة قبل اجراء الاستطلاع، فإن البطالة ستقفز إلى 1ر8%. ويؤكد التقرير أن 10% من المواطنين في إسرائيل موجودون بشكل دائم في هامش احتساب البطالة، نظرا ليأسهم من احتمال العثور على مكان عمل. والقسم الأكبر من هؤلاء هم من أبناء 45 عاما وحتى جيل التقاعد، الذي هو للرجال 67 عاما، وللنساء 62 عاما.

ويقول التقرير إنه إذا ما جرى احتساب اليائسين من العثور على مكان عمل، ومعهم أيضا من يئسوا ولكنهم يعملون بغير إرادتهم في وظائف جزئية، فإن نسبة البطالة ستقفز إلى 6ر10%، بدلا من البطالة الرسمية المعلنة- 7ر4%. وفي هذه الشريحة بالذات، تظهر الفجوة الأكبر بين النساء والرجال، إذ أن ظاهرة اليأس من العثور على مكان عمل، أو الاضطرار للعمل في وظائف جزئية، منتشرة أكثر بين النساء، إذ تبين في المسح أن البطالة في هذه الحالة بين النساء ستقفز إلى 3ر12%، مقابل نسبة 3ر9% بين الرجال، علما أن الفارق بين النساء والرجال في البطالة الرسمية المعلنة هامشي.

وكانت إسرائيل قد أجرت قبل ثلاث سنوات تغييرات في احتساب جمهور العاملين، إذ تم شمل الجنود ضمن الخدمة الالزامية والجيش النظامي ضمن جمهور العاملين. ويسري قانون التجنيد الالزامي على كل شاب وشابة من اليهود بلغ سن 18 عاما. وتمتد فترة التجنيد لدى الشبان إلى 36 شهرا، ولدى الشابات إلى 24 شهرا، ما يعني أن فترة التجنيد الالزامي، غير الموجود في عدد كبير من الدول المتطورة، تُخرج عشرات آلاف الشبان والشابات من دائرة البطالة، رغم أنهم عمليا لا يعملون، ومخصصاتهم المالية هامشية وبالكاد تكفي لمصروف الجيب الشهري.

المشكلة ليست البطالة بل معدلات الرواتب

تقول المحللة الاقتصادية في صحيفة "ذي ماركر" طالي حاروتي سوفر، إنه معروف منذ زمن أن نسبة البطالة في إسرائيل منخفضة، وهذا ليس بسبب التعريف القائم للبطالة، وإنما بسبب تدفق جمهور عاملين ليس مهنيا، ويعملون في وظائف ذات مداخيل شهرية متدنية، وبكلمات أخرى، إنهم عمال شركات القوى العاملة، الذين عملهم لا يخرجهم من دائرة الفقر، ومن المجدي للسياسيين وخبراء وزارة المالية أن يفحصوا إذا كان هؤلاء قادرين على تسديد التزاماتهم الشهرية الأساسية.

وتؤكد حاروتي سوفر أن القضية في سوق العمل ليست البطالة، وإنما معدل الرواتب الفعلي، الذي لا يفحص مكتب الاحصاء المركزي إلى أي مدى هذا المعدل من الرواتب قادر على تسديد احتياجات العائلة. والمعدل الفعلي للرواتب يقل بنسبة الثلث، على الاقل، عن معدل الرواتب الرسمي، إذ أن معدل الرواتب الرسمي يجمع كافة الرواتب الشهرية، ويقسمها على عدد العاملين في الفترة التي يجري فيها احتساب معدل الرواتب. أما معدل الرواتب الفعلي، فإنه يجري احتسابه بشكل مختلف كليا، إذ يأخذ بعين الاعتبار أساسا، نسبة وأعداد العاملين في كل واحد من مستويات الراتب، علما أن أكثر من ثلث العاملين في سوق العمل الإسرائيلية يتقاضون الحد الأدنى من الرواتب وما دون، في حين أن 75% من العاملين يتقاضون ما دون المعدل الرسمي للرواتب.

وقال آخر تقرير للرواتب وكان عن شهر حزيران الماضي، إن معدل الرواتب ارتفع إلى مستوى 10235 شيكلا (2693 دولارا)، بزيادة 746 شيكلا عن الشهر الذي سبقه، وكما يبدو أن هذا الارتفاع ناجم عن دفع مخصصات النقاهة السنوية للعاملين. بينما معدل الرواتب الفعلي بلغ حوالي 6650 شيكلا (1750 دولارا).

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات