المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

طرح وزير القدس والتراث الإسرائيلي، زئيف إلكين (الليكود)، مؤخرا، مشروعين يتعلقان بالفلسطينيين، ضمن خطة ترمي إلى أسرلة الفلسطينيين المقدسيين وما وصفه بتعزيز "السيادة" الإسرائيلية في القدس الشرقية.

ويقضي المشروع الأول بإدخال المنهاج الدراسي الإسرائيلي إلى المدارس، ويشجع المشروع الثاني انخراط الشبان المقدسيين في "الخدمة المدنية" الموازية للخدمة العسكرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وذكرت تقارير نُشرت في الصحافة الإسرائيلية، قبل أسبوعين، أن وزارة إلكين رصدت للمشروع الأول مبلغ 20 مليون شيكل، بهدف تنفيذ أعمال ترميم وتطوير في المدارس العربية في القدس الشرقية. واشترطت الوزارة هذه الأعمال، التي تشمل ترميم مبان وإدخال صف حواسيب ومختبرات ومكيفات هوائية وما إلى ذلك، بأن يُدرس المنهاج الدراسي الإسرائيلي فيها، وهو منهاج لا يعترف بالحقوق الفلسطينية والعربية والإسلامية في هذه المدينة.

يشار إلى أن معظم المدارس في القدس المحتلة تُدرس المنهاج الفلسطيني ويتقدم خريجوها لامتحانات التوجيهي. لكن في السنوات الأخيرة، تطرح بعض هذه المدارس على تلاميذها تعلم المنهاج الإسرائيلي، والتقدم لامتحانات البجروت، الموازية في إسرائيل لامتحانات التوجيهي، بادعاء تسهيل قبولهم في الجامعات الإسرائيلية. ويُدرس المنهاج الإسرائيلي في عشر مدارس فقط في القدس الشرقية من أصل 180 مدرسة في جهاز التعليم الحكومي وجهاز التعليم الخاص، الذي يحصل على ميزانيات جزئية من وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية. وتتوقع السلطات الإسرائيلية أن يرتفع عدد هذه المدارس إلى 14 في العام الدراسي المقبل 2016 - 2017.

وتبلغ نسبة التلاميذ الفلسطينيين في القدس الذين يتقدمون لامتحانات البجروت 3%. وصادقت وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، العام الماضي، على "برنامج تربوي" لمدارس القدس المحتلة وشمل تفضيل المدارس التي تُدرس المنهاج الإسرائيلي. لكن تبين من مداولات بين وزارة التربية والتعليم ووزارة القدس والتراث الإسرائيليتين أن الميزانيات ليست مخصصة لساعات دراسية وإنما لتطوير وترميم مدارس، بهدف إغراء هذه المدارس بتدريس المنهاج الإسرائيلي.

واعتبر إلكين أنه من شأن تدريس المنهاج الإسرائيلي في مدارس الفلسطينيين في القدس أن يعزز "السيادة الإسرائيلية" في القدس المحتلة، علما أن سلطات الاحتلال ملزمة بتوفير خدمات للمدارس في القدس الشرقية من دون اشتراط ذلك بتدريس المنهاج الإسرائيلي.

وفي إطار المشروع الثاني، تشجيع شابات فلسطينيات مقدسيات على الانخراط في "الخدمة المدنية"، تجري محاولات لإغراء المدارس الفلسطينية على تشجيع هذه الخدمة من خلال منح هذه المدارس امتيازات أيضا. وتأتي هذه المحاولات الإسرائيلية في الوقت الذي يتزايد فيه الشعور في إسرائيل، في السنوات الأخيرة وخاصة منذ اندلاع الهبة الشعبية الفلسطينية الحالية، منذ خريف العام الماضي، بأن القدس "ليست موحدة"، وانعكاس ذلك من خلال امتناع غالبية الإسرائيليين عن زيارتها.

وكان مشروع "الخدمة المدنية" في القدس الشرقية قد بدأ في العام 2011، وانخرطت فيه 10 شابات. لكن بحسب معطيات جديدة، نشرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الأسبوع الماضي، فإن هناك قرابة 100 شابة فلسطينية منخرطات في "الخدمة المدنية" في القدس المحتلة، بعد أن أنهين دراستهن الثانوية. وتنفذ الشابات ذلك في المدارس ورياض الأطفال وصناديق المرضى.

واعتبر إلكين أنه بالإمكان زيادة عدد الشابات والشبان من القدس الشرقية الذين سينخرطون في "الخدمة المدنية". وادعى أن "وزارة القدس والتراث تعمل بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم من أجل تحسين نوعية التعليم في القدس الشرقية، بواسطة تعزيز المنهاج الإسرائيلي والمدارس التي يُدرس فيها". وأضاف أنه "أنظر إلى الخدمة المدنية على أنها عامل الاندماج الأهم للأقلية السكانية عموما وسكان القدس الشرقية خصوصا... ومن شأن ذلك خفض مستوى التوتر وتشجيع التشغيل المحلي وتعزيز السيادة الإسرائيلية في المدينة".

ومن أجل إغراء الشابات والشبان الفلسطينيين على الانخراط في "الخدمة المدنية"، تزعم السلطات الإسرائيلية أن من يؤدي هذه الخدمة سيحصل على امتيازات يحصل عليها اليهود الذين يؤدون "الخدمة الوطنية" كبديل للخدمة العسكرية. وقال إلكين إن انخراط فلسطينيات في "الخدمة المدنية" هو "مصلحة إسرائيلية عليا" إلى جانب "وجود أهمية خاصة للمدارس التي تسمح لتلاميذها باختيار المنهاج الدراسي الإسرائيلي. ومثل هذه الخطوات من شأنها أن تبدد التوتر وإحلال الهدوء والأمن في العاصمة في الأمد البعيد".

وجاء طرح إلكين هذا بعد صدور دراسة جديدة حول الأوضاع في القدس الشرقية حملت عددا من التوصيات بهذا الشأن (أقرأ عن الدراسة على هذه الصفحة).

لكن إلكين لم يأخذ من هذه التوصيات سوى التلويح باستمرار الوضع القائم في القدس الشرقية إذا لم يتم تدريس المنهاج الدراسي الإسرائيلي وانخراط الشبان الفلسطينيين في "الخدمة المدنية" وهي مشروع صهيوني لا علاقة لفلسطينيي القدس به بتاتا. ولم يتطرق إلكين وحكومته إلى توصيات أحرى مثل وقف عزل القدس عن الضفة.

وطالب مركز عدالة لحقوق الأقلية الفلسطينية في إسرائيل إلكين والمستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، بإلغاء اشتراط تحويل ميزانيّات لترميم المدارس في القدس الشرقية بتدريس المنهاج الإسرائيلي في هذه المدارس.

وأكدت المحامية سوسن زهر، من مركز عدالة، في رسالة بعثت بها إلى إلكين ومندلبليت قبل أسبوعين، على أن الشرط الذي تفرضه الوزارة غير قانوني، مشددة على أن "التشريعات القانونية تمنع تخصيص الميزانية بشكلٍ غير متساوٍ وتمييزي بين المؤسسات المُموّلة من قبل الوزارات ومن قبل السلطات المحليّة، وتؤكد هذه التشريعات أن الميزانيّات الحكوميّة والبلديّة لا بد أن تُخصص بشكلٍ متساوٍ وعلى أساس معايير واضحة ومكتوبة".

كذلك أكدت المحاميّة زهر أن وزارة شؤون القدس لا تملك الصلاحية لاتخاذ هكذا قرار، وأن "قرار اشتراط التمويل غير قانوني لأنه خارج صلاحية وزارة شؤون القدس. ليس من صلاحيّة هذه الوزارة أن تتدخّل في مضامين مناهج التعليم في المدارس، إذ يخضع هذا المجال إلى صلاحيات وزارة التربية والتعليم، كما أن وزارة شؤون القدس ليست مخولة، بأي حال، بالمس بحقوقٍ دستوريّة دون قانون يحدد لها هذه الصلاحية بشكل واضح".

المصطلحات المستخدمة:

زئيف إلكين, الليكود, يديعوت أحرونوت

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات