المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

يفتقر حوالي 13 ألف تلميذ يتعلمون في مدارس مهنية تابعة لوزارة الاقتصاد الإسرائيلية إلى اهتمام بهم. وانعدام الاهتمام بهؤلاء التلاميذ ليس مفاجئا، إذ أن معظمهم جاؤوا من الشرائح الاجتماعية الضعيفة في إسرائيل. فهؤلاء أبناء شبيبة جرى دفعهم إلى التسرب من المدارس التابعة التي تشرف عليها وزارة التربية والتعليم، بادعاءات تتعلق بـ"صعوبات تعليمية" من شأنها أن تمس بمعدل علامات امتحانات البجروت، أي امتحانات التوجيهي. والتسرب من المدارس بالنسبة إلى قسم من هؤلاء التلاميذ هو أمر يصعب إيقافه، إذ أنهم يتسربون من المدارس المهنية الخاضعة لإشراف وزارة الاقتصاد أيضا.

وصدر مؤخرا تقرير رسمي، تم إعداده في السلطة القطرية للقياس والتقييم التربوي، التابعة لوزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، وسلط الضوء لأول مرة على المميزات الاجتماعية والتحصيل الدراسي لتلاميذ التربية المهنية بإشراف وزارة الاقتصاد، ومقارنتها مع تلاميذ المدارس بإشراف وزارة التربية والتعليم.

ويتضح من المعطيات الكثيرة وجود مجموعة ثالثة من التلاميذ الذين تسربوا من كافة الأطر التعليمية. وعلى مدار سنوات طويلة، كان يتم تعريف التسرب بأنه التلميذ الذي غادر إطارا تابعا لوزارة التربية والتعليم، وذلك انطلاقا من مفهوم أن المدارس العادية هي المسؤولة عن تعليم جميع الأولاد في إسرائيل، من مرحلة روضة الأطفال وحتى الصف الثاني عشر. قبل ستة أعوام، تقرر في وزارة التربية والتعليم تعديل هذا المفهوم، بحيث أن التلميذ الذي انتقل إلى مدرسة خاضعة لإشراف وزارة الاقتصاد لا يعتبر كمن تسرب من الدراسة. رغم هذا التعديل، فإن هؤلاء هم تلاميذ تخلت عنهم وزارة التربية والتعليم، وفقا لمقال نشرته صحيفة "هآرتس"، يوم الجمعة الماضي.

ويوجد مساران للتعليم المهني في إسرائيل. المسار الأول هو جزء من مسار التعليم التكنولوجي بإشراف وزارة التربية والتعليم، ويتعلم فيه حوالي 7400 تلميذ ويشكلون 24% من الذين يتعلمون في المسار التكنولوجي. والمسار الثاني يشمل 70 مدرسة مهنية بإشراف وزارة الاقتصاد. وتُدرس هذه المدارس قرابة 50 فرعا مهنيا، مثل ميكانيكيات السيارات والكهرباء والالكترونيكا والتجميل وغيرها. ويتعلم التلاميذ فيها ثلاثة أيام ويعملون يومين أو ثلاثة. ويشمل البرنامج الدراسي مواضيع عامة ومواضيع مهنية نظرية وعملية.

ويحاول التقرير متابعة المسار الذي مرّ فيه تلاميذ الصف الثامن في المدارس الحكومية اليهودية والعربية واليهودية الدينية، في العام 2008، وحتى وصولهم إلى الصف الثاني عشر، في العام 2012. ويتضح من المعطيات أن 85% من تلاميذ وزارة الاقتصاد هم بنون، بينما نسبة البنين في المدارس بإشراف وزارة التربية والتعليم هي 50%، وأن 45% من تلاميذ مدارس وزارة الاقتصاد هم عرب، بينما نسبة التلاميذ العرب في مدارس وزارة التربية والتعليم 25%. ويتبين أيضا أن 50% من تلاميذ مدارس وزارة الاقتصاد جاؤوا من خلفية اجتماعية – اقتصادية متدنية، بينما هذه النسبة في مدارس وزارة التربية والتعليم 25%. كذلك فإن قرابة 20% من الناطقين بالعبرية في مدارس وزارة الاقتصاد لم يولدوا في إسرائيل، أي أنهم مهاجرون جدد، بينما هذه النسبة في مدارس وزارة التربية والتعليم 10%.

وتؤكد هذه المعطيات على أن وزارة التربية والتعليم تقوم بتصفية التلاميذ الضعفاء من مدارسها. والمعطى الأخطر، هو أن أبناء الشبيبة العرب يشكلون 60% بين التلاميذ الذين تسربوا بشكل كامل وليسوا موجودين في أي إطار تعليمي، ونسبة التلاميذ من شرائح اجتماعية ضعيفة 66%. ويتبين أن 10% من تلاميذ مدارس وزارة التربية والتعليم لم يشتركوا في امتحانات "ميتساف" (مؤشرات النجاعة والنمو المدرسي) عندما تعلموا في الصف الثامن. لكن نسبة غير المشاركين في هذه الامتحانات في مدارس وزارة الاقتصاد هي 27%، ونسبة غير المشاركين فيها بين التلاميذ المتسربين كليا من المدارس هي 53%، وغالبيتهم من خلفية اجتماعية – اقتصادية متدنية.

وكتب معدو التقرير في هذا السياق أنه ربما هذه المعطيات هي أحد "مميزات ظاهرة التسرب الخفي، التي يتم التعبير عنها بمشاركة ضئيلة في عملية التعليم في المدرسة". وهناك تفسير محتمل آخر، وهو أن إدارات المدارس شجعت أو ألمحت لهؤلاء التلاميذ الضعفاء، وهم في سن 14 عاما فقط، أنه من الأفضل ألا يشاركوا في امتحانات "ميتساف" كي لا ينخفض معدل علامات المدرسة.

والفروق لا تنحصر في نسبة المشاركة في هذه الامتحانات فقط، وإنما بالعلامات أيضا. فتلاميذ مدارس وزارة الاقتصاد سجلوا علامات في امتحانات الرياضيات واللغة الانجليزية والعلوم أدنى بما بين 100 إلى 125 نقطة عن علامات تلاميذ مدارس وزارة التربية والتعليم.

وفيما يتعلق بنتائج إنهاء الصف الثاني عشر والاستحقاق للحصول على شهادة إنهاء، تبين أن 67% من تلاميذ مدارس وزارة التربية والتعليم استمروا في الدراسة وأنهوا المدرسة الثانوية باستحقاقهم لشهادة بجروت، و28% أنهوا دراستهم الثانوية من دون شهادة بجروت، و5% تسربوا من الدراسة.

أما في مدارس وزارة الاقتصاد، فإن 49% استمروا بالتعليم وحصلوا على استحقاق لشهادة مهنية وشهادة إنهاء الصف الثاني عشر، و23% استمروا في الدراسة ولكن من دون الاستحقاق لشهادة، و28% تسربوا ولم يكملوا المدرسة الثانوية.

على ضوء هذه النتائج، كتب معدو التقرير أن "القرار بشأن الإطار التعليمي في المرحلة الدراسية العليا التي ينبغي أن يتعلم فيها التلاميذ الذين يواجهون مصاعب تعليمية كثيرة في المرحلة الإعدادية، ينطوي على أهمية كبيرة فيما يتعلق باحتمالات الاستمرار في التعليم والحصول على شهادة" ما يعني أن نقل التلميذ إلى مدرسة مهنية لا يعني أنه سيستمر في دراسته والحصول على شهادة. إضافة إلى ذلك، فإن فائدة التعليم المهني في المدارس محل شك. والأمر الآخر هو أن نقل تلاميذ إلى مدارس وزارة الاقتصاد "تمنح الشرعية" لوزارة التربية والتعليم لدفع تلاميذ إلى التسرب من مقاعد الدراسة.

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات