المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في سياق تقرير لمراسلها إلى مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ رونين برغمان، أنه في هذا المؤتمر الذي يعدّ الأهم في العالم للعلاقات الخارجية والاستخبارات والأمن لم يحاول أحد الادعاء أن لإسرائيل علاقة بالفوضى العارمة - تنظيم داعش، العدائية الروسية في أوكرانيا وفي سورية وأزمة اللاجئين- التي تهدد النظام العالمي، ما أعطى الانطباع بأن صلة إسرائيل بهذه التهديدات هامشية إن لم تكن معدومة.

وأضافت الصحيفة أن القضية الفلسطينية لم تًطرح في أي جلسة من جلسات المؤتمر الذي أنهى أعماله أول من أمس الأحد، كما لم تُذكر بتاتاً سوى في خطاب وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون.

وتابعت: إذا كان مؤتمر ميونيخ مؤشراً لما يحدث في العالم الدبلوماسي والعلاقات الدولية، يمكن القول انه في سنة 2016 لم يعد أحد معنياً بالفلسطينيين. فأوروبا تواجه مشكلات أخرى أصعب وأكثر أهمية بكثير. ومن الصعب افتراض أنه في العالم الجديد سيكون على الكرة الأرضية أحد لديه الوقت والموارد أو الرغبة من أجل ممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل.

بموازاة ذلك أكدت الصحيفة أن الأجواء الصعبة الناتجة عن الفشل الذريع للسياسة الخارجية الأوروبية والأميركية حيال روسيا في سورية، أدت إلى أمر سيئ لإسرائيل، حيث أن هذا الفشل تولّدت منه حاجة لتسليط الضوء على النجاحات، أو لمزيد من الدقة على ما اعتبر وقدم على أنه النجاح الباهر لأوروبا والولايات المتحدة وهو الاتفاق النووي مع إيران.
وأضافت أن جميع المتحدثين (باستثناء يعلون والسيناتور الأميركي جون ماكين) اعتبروا الاتفاق انتصاراً للحوار على الحرب، وخطوة دبلوماسية ناجحة من جانب عدد كبير من الدول التي بذلت جهداً غير مسبوق لمنع المواجهة ونجحت في ذلك.

وخلصت من ذلك قائلة إنه يبدو أن المشروع النووي الإيراني الذي لا تزال أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تعتبره تهديداً أساسياً لسلام الدولة، لم يعد يهم العالم. فقد أصبح من الماضي. كان وانتهى.

وبرأيها هذا الأمر له دلالتان متعارضتان: الأولى تتعلق بالقلق العميق الذي يثيره الموضوع في إسرائيل، فقد دلّ المؤتمر على أنه إذا أرادت إسرائيل الدخول في مواجهة مع إيران بطريقة أو بأخرى فإنها ستكون وحدها. أما الدلالة الثانية، فإن عدم اهتمام الغرب بالبرنامج النووي الإيراني يشكل دليلاً على الفجوة الآخذة في الاتساع بين التهديدات التي يخشاها القادة في إسرائيل (حزب الله، "حماس"، إيران)، وما يقلق نظراءهم في الغرب (روسيا، داعش، واللاجئون).

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون ألقى كلمة أمام مؤتمر ميونيخ (الأحد) قال فيها إن إسرائيل مستعدة لتطوير إستراتيجية مشتركة مع عدد من الدول العربية السنية في ما يتعلق بسورية. وأعرب عن تشاؤمه إزاء احتمال تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في هذا البلد، والذي تم إعلانه في هذا المؤتمر في نهاية الأسبوع الفائت، مشيراً إلى أن تقسيمه طائفياً يبدو شبه حتمي وربما يكون الخيار الأفضل.

وأضاف يعلون أنه إذا استمر الوجود الإيراني في سورية فلن تعود هذه الأخيرة إلى ما كانت عليه وستجد صعوبة في تحقيق الاستقرار حتى كدولة مقسمة إلى جيوب طائفية، نظراً إلى أن القوى السنية هناك لن تسمح بذلك.

وأكد يعلون أن إسرائيل ستظل ملتزمة بسياسة عدم التدخل في الحرب الأهلية السورية باستثناء تقديم المساعدات الإنسانية، لكنه في الوقت عينه شدّد على أن الحكومة الإسرائيلية وضعت خطوطاً حمراء لن تسمح بتجاوزها من قبل أي طرف وفي مقدمها عدم المساس بسيادتها.

وأشار وزير الدفاع إلى أن هناك مصالح مشتركة لإسرائيل ولبعض الدول في الخليج وفي شمال أفريقيا، لكن لا يمكن إجراء اتصالات علنية مع هذه الدول في الوقت الراهن.

على صعيد آخر، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن إسرائيل اتفقت مع الاتحاد الأوروبي على إعادة العلاقات بين الجانبين إلى المسار السليم، وأعرب عن ارتياحه لهذا الاتفاق.

وأشار نتنياهو في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية (الأحد)، إلى أنه خلال المكالمة الهاتفية التي أجراها في نهاية الأسبوع الفائت مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني سمع منها أن الاتحاد الأوروبي يرفض مقاطعة إسرائيل بأي شكل من الأشكال، كما أنها وصفت وسم منتجات المستوطنات في المناطق المحتلة بأنها خطوة غير ملزمة لا تعكس الموقف الأوروبي حيال الحدود النهائية لدولة إسرائيل والتي يمكن تحديدها فقط من خلال المفاوضات المباشرة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.

وأضاف نتنياهو: "إن إسرائيل بوصفها دولة تمثل القيم الديمقراطية تستحق أن تحظى بدعم أوروبا وليس بانتقاداتها فقط، وأعتقد أن هذه الخطوة مرحب بها. وبطبيعة الحال هذا لا يعني أنه لن تحدث احتكاكات مع دول معينة داخل الاتحاد الأوروبي نظراً إلى وجود أشياء لا نتفق عليها مع هذه الدول مثلما أنه توجد دول أوروبية تدعمنا وهي ليست قليلة. ولا شك في أن قيام وزيرة الخارجية الأوروبية برفض إجراءات الـBDS (الحركة العالمية الداعية إلى مقاطعة إسرائيل) ورفض فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل خطوة في الاتجاه الصحيح".

وكان بيان صادر عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية يوم الجمعة الفائت ذكر أنه جرى مساء الخميس اتصال هاتفي بين نتنياهو وموغريني تمّ خلاله التداول في التحديات المشتركة التي تواجه الجانبين في مكافحة "الإرهاب" وقرار الاتحاد الأوروبي وسم منتجات المستوطنات.

وأضاف البيان أن نتنياهو أكّد وجوب التصدي للتحريض الفلسطيني الذي يشجع الأعمال "الإرهابية" ضد السكان الإسرائيليين، وأشار إلى عدم موافقة إسرائيل على أعمال البناء في المنطقة ج من أراضي الضفة الغربية من دون الحصول على التراخيص اللازمة. وأشاد بموقف موغريني على خلفية معارضة الاتحاد الأوروبي لمقاطعة إسرائيل.

ووفقاً للبيان، أعربت المسؤولة الأوروبية عن تضامنها مع الشعب الإسرائيلي حيال الاعتداءات "الإرهابية" الأخيرة وكررت التزام الاتحاد بأمن إسرائيل.

وقال الناطق بلسان وزارة الخارجية الإسرائيلية إن هذه المكالمة بدّدت التوتر بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي وإن العلاقات بينهما عادت جيدة ومتينة.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات