المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

أكدت "المؤسسة العربية لحقوق الإنسان" في الناصرة أن تعهد إسرائيل المزعوم باحترام حقوق الإنسان، ليس إلا كلاماً فارغاً عندما يتعلق الأمر بالأقلية العربية الفلسطينية في الداخل. وقدمت قرائن جديدة على ذلك.

وأضافت المؤسسة في بيان توثيقي صادر عنها بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان مؤخراً أنها تدعو إلى أن يكون احتفال هذا العام تحت شعار "حقوقنا حرياتنا دائما".

وجاء في البيان:
يحتفل المجتمع الدولي هذا العام باليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يصادف الذكرى الـ67 لاعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، بإطلاق حملة للاحتفال بالذكرى الـ50 لوثيقتين بارزتين لحقوق الإنسان هما "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" "والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية". وهذه الوثائق الثلاث معاً تشكل الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، التي وضعت كأساس لبناء المجتمع العالمي العادل والسلمي.

موضوع احتفال هذا العام هو: "حقوقنا حرياتنا دائماً"، مع التركيز بشكل خاص على الحريات التالية: حرية التعبير، وحرية العبادة، والحرية من الفقر، والحرية من الخوف. ولكن نظرة للواقع تؤكد أن الالتزام بهذه الحريات يبدو أسهل من القيام به وتنفيذه.

من الجدير بالذكر أن بلدان العالم اليوم تستغل مخاوف مواطنيها لتقييد وقمع حقوق الإنسان التي لا يمكن الاستغناء عنها في أي التزام حقيقي للعدالة والكرامة الإنسانية. ولقد عملت المؤسسة العربية لحقوق الإنسان على إظهار أن تعهد إسرائيل المزعوم باحترام حقوق الإنسان، ليس إلا كلاماً فارغاً عندما يتعلق الأمر بالأقلية العربية الفلسطينية في الداخل.

لقد أكد هذا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، عشية انتخابات الكنيست في شهر آذار الماضي، عندما حذر أن "العرب يخرجون بأعداد كبيرة إلى صناديق الاقتراع". وأكد هذا أيضاً رئيس بلدية القدس، نير بركات، في شهر تشرين الأول الماضي، عندما شجع الإسرائيليين على حمل الأسلحة النارية الشخصية ضد "الإرهابيين" الفلسطينيين، قائلاً: "إنها مثل خدمة الاحتياط العسكرية". وأكد هذا أيضاً رئيس مكتب وزير الإسكان، ديفيد سويسا، عندما تجمع هو ونحو 200 يهودي إسرائيلي للاحتجاج على مناقصات الإسكان التي فاز بها العرب الفلسطينيون لبناء منازل في مدينة العفولة، وهم يحملون لافتات كتب عليها: "العفولة- حماية بيوتنا ووطننا".

لا بد من النظر اليوم أكثر من أي وقت مضى، في كيفية انتهاك الدولة لحقوق وحريات الأقلية العربية الفلسطينية، وذلك بالمقارنة مع الحريات الأساس التي يقوم عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية الأساسية.

وأشار البيان إلى ما يلي:

أولا، يستمر قمع حرية التعبير للعرب الفلسطينيين، باعتقال النشطاء بتهم وهمية، غالباً لمجرد نشرهم لرسائل انتقادية على شبكات التواصل الاجتماعي. وتجرم التشريعات والقوانين الإسرائيلية الإعراب عن الرأي مثل التعبير عن دعم حركة المقاطعة أو إحياء ذكرى النكبة، ويستمر وزراء الحكومة بتقديم اقتراحات قوانين جديدة لإسكات المجتمع المدني من خلال فرض ضرائب على التبرعات التي تُقدم لجمعيات حقوق الإنسان واصفة إياهم "بهيئات دول أجنبية". وقد جرمت الدولة مؤخراً جزءاً لا يتجزأ من النسيج السياسي العربي، حيث تم إخراج الجناح الشمالي للحركة الإسلامية عن القانون، وبهذه الذريعة أغلقت 17 منظمة وجمعية خيرية.

ثانياً، لا تزال الحقوق الدينية للعرب الفلسطينيين تداس، بقيود مفروضة على الوصول للحرم القدسي الشريف. وفي وقت سابق من هذا العام، تم حرق الكنيسة التاريخية في الطابغة من قبل متطرفين يهود، كجزء من ظاهرة واسعة الانتشار من هجمات المتطرفين ضد الأقلية العربية الفلسطينية وتراثهم الديني. وقد اعتبرت الولايات المتحدة مثل هذه الجرائم والاعتداءات التي توصف بـ"تدفيع (جباية) الثمن"، بعمليات إرهابية؛ ولكن بدلاً من استئصال هذه الظاهرة الإجرامية، قامت الدولة بالتساهل مع هذا الإرهاب اليهودي المتصاعد.

ثالثاً، يعاني الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأقلية العربية الفلسطينية من التمييز المؤسساتي، مما يؤثر سلباً على البنية التحتية والتنمية والإسكان والتعليم والعمل، لم الشمل، الحقوق الاجتماعية والهوية الثقافية. ووفقاً للتقرير السنوي الأخير للتأمين الوطني، بلغ معدل الفقر لدى الأقلية العربية الفلسطينية أكثر من 50%، مع زيادة بنسبة 8% في عمق الفقر وزيادة بنسبة 7% في شدته من العام السابق. في الآونة الأخيرة، قطعت الدولة بحدة مخصصات الميزانية للمدارس الأهلية العربية التي تخدم جزءا كبيراً من الطلاب العرب الفلسطينيين، في الوقت الذي توفر فيه التمويل الكامل للمدارس اليهودية الدينية الأرثوذكسية. وقد انتهجت الحكومة سياسات لحجب المنافع والمخصصات الاجتماعية عن الآباء والأمهات لجرائم ارتكبها أولادهم، وسياسات التهديد بإلغاء المواطنة أو الإقامة للأفراد وأسرهم، وهدم منازل عائلات عرب فلسطينيين بتهمة "الإرهاب". كما ترفض الدولة بصورة منتظمة مخططات بناء الفلسطينيين العرب، بينما تسهل بناء مستوطنات يهودية في القدس الشرقية والضفة إضافة للاستيطان في النقب، وفي كثير من الأحيان على أراضي السكان العرب الذين يتم هدم قراهم وطردهم.

وأخيراً، شهدت الفترة الأخيرة عمليات قتل لأشخاص مشتبه بهم في ارتكاب جريمة، بطرق أقرب إلى الإعدام خارج إطار القانون بدلاً من تنفيذ القانون، بينما يواجه المحتجون العرب والمتظاهرون بوحشية من قبل سلطات الشرطة. وقد خلقت التصريحات التحريضية من قبل السياسيين الإسرائيليين جواً من الخوف والعداء، وعزز العنف والتحريض الذي تقره وتشجعه الدولة موجة من العنف الغوغائي، مما أدى إلى شن هجمات واعتداءات على العرب الفلسطينيين، وقد أرست ثقافة الإفلات من العقاب وانعدام المساءلة رسالة واضحة ضد الأقلية العربية الفلسطينية التي تتعرض حقوقها للانتهاكات والخطر على نحو متزايد.

لقد مر 67 عاماً ليس فقط على إقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولكن أيضاً على إعلان دولة إسرائيل لحالة طوارئ دائمة ومستمرة. ومنذ ذلك الحين، استخدم "الأمن" كذريعة أو غطاء لانتهاك واسع لنص وروح القانون الدولي لحقوق الإنسان. وفي حالات أخرى، دفع الازدراء والعنصرية الأقلية العربية الفلسطينية المهمشة إلى هامش الهامش. ولكن فترات تصاعد العنف هي التي تكون فيها حاجة ماسة إلى حقوق الإنسان. وهي تذكرنا أيضاً بالحاجة إلى التأكيد الدائم على أهمية إيجاد نظام حقيقي لحماية حقوق الإنسان، يكون مانعاً أمام الاستبداد والعداء والكراهية التي تسمح للعنف والعنصرية والتمييز أن ينتشر.

وختم البيان:
في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، يتوجب على المجتمع الدولي التأكيد على أهمية حماية حقوق الإنسان، وحماية أصوات المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يواجهون باستمرار تهديدات لإسكاتهم من قبل أجهزة الدولة. وتشارك المؤسسة العربية لحقوق الإنسان في التضامن مع المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم، وتدعو المجتمع الدولي للانضمام إلى الجهود للضغط على إسرائيل للامتثال بصدق للقوانين الدولية لحقوق الإنسان.

المصطلحات المستخدمة:

بنيامين نتنياهو, الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات