المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

قررت الشرطة الإسرائيلية استخدام القناصة ضد المواطنين العرب في مناطق القرى العربية غير المعترف بها في النقب، بحجة وقوع عدة أحداث جرى فيها إلقاء حجارة باتجاه سيارات مارة في مناطق ديمونا وشقيب السلام ورهط.

ونقلت صحيفة "هآرتس"، أمس الاثنين، عن مصادر في الشرطة ووزارة العدل الإسرائيلية قولها إن قرار الحكومة باستخدام القناصة ضد راشقي الحجارة في القدس الشرقية المحتلة سيسري على النقب.

ووفقا لتقارير إعلامية فإن الشرطة الإسرائيلية استخدمت القناصة في القدس خلال الأيام الماضية. ويطلق القناصة أعيرة نارية حية من نوع "روغر" باتجاه المتظاهرين، وتدعي أن هذا النوع من الأعيرة النارية ليس قاتلا، ويستخدم بشكل واسع ضد المتظاهرين الفلسطينيين في الضفة الغربية. رغم ذلك أدى استخدام هذه الأعيرة إلى استشهاد عدد من الفلسطينيين في الماضي.

وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قد طلب مصادقة المستشار القانوني للحكومة، يهودا فاينشتاين، على تغيير تعليمات إطلاق النار الموجهة لأفراد الشرطة في القدس، في أعقاب تصاعد التوتر الأمني، الأسبوع الماضي.

وقد اعترض فاينشتاين، خلال مداولات عقدها نتنياهو أول من أمس، على توسيع تعليمات إطلاق النار ضد راشقي الحجارة والزجاجات الحارقة. وقال إن المصادقة مؤخرا على استخدام أعيرة "روغر" كافية وثبتت نجاعتها.

ويشار إلى أن قوات الأمن الإسرائيلية بدأت باستخدام أعيرة "روغر" قبل أكثر من عشرين عاما، من أجل تكسير الإضاءة في الشوارع في بداية الأمر وتمكين قوات سرية بالتسلل إلى مواقع المواجهات وبعد ذلك تم استخدامها ضد المتظاهرين.
وفي العام 2001، قرر المدعي العام الإسرائيلي في حينه، مناحيم فينكلشتاين، أنه ينبغي اعتبار هذه الأعيرة بأنها أعيرة نارية حية بكل ما يعني ذلك، وذلك في أعقاب مقتل فلسطينيين.

وطرحت الشرطة خلال المداولات الأخيرة حول الوضع في القدس موضوع إلقاء الحجارة في النقب، وأنها تعاملت مع هذا الأمر من خلال استخدام أسلحة لتفريق مظاهرات، لكن تقرر أن تستخدم منذ الآن أعيرة "روغر".

وستبدأ الشرطة بتنفيذ خطوات فعلية في هذا السياق وستعمل على تأهيل أفراد شرطة لاستخدام بنادق القناصة التي تطلق أعيرة "روغر".

وذكرت الصحف الإسرائيلية الصادرة أمس، أن فاينشتاين اعترض على تحديد حد أدنى صارم من العقوبات على راشقي الحجارة والزجاجات الحارقة من خلال القانون، واقترح استخدام أمر طوارئ لمدة عام يسمح بفرض مثل هذه العقوبات.

وأضاف أن استخدام أمر الطوارئ سيسمح بوجود فترة اختبار سيكون بالإمكان خلالها البحث في ما إذا كانت هناك حاجة لوضع حد أدنى من العقوبات وما إذا كانت عقوبات كهذه ستكون رادعة. واعتبرت وزيرة العدل، أييليت شاكيد، أن تحديد أمر طوارئ لمدة عام ليس كافيا وطالبت بتمديده لثلاثة أعوام.
ويتوقع أن تحسم الحكومة الإسرائيلية في هذا الأمر خلال اجتماع ستعقده بعد غد الخميس.

وقالت شاكيد، وهي من حزب "البيت اليهودي" اليميني المتطرف، إنها ستحضر إلى الاجتماع بعد غد حاملة مذكرة قانونية جاهزة تحدد الحد الأدنى من العقوبات على راشقي الحجارة والزجاجات الحارقة لمدة ثلاث سنوات سجن.
من جانبه، قال نتنياهو إنه يريد تحديد حد أدنى للعقوبات.
وأضاف: "نريد أن يستوعب هذا الأمر كل مواطني إسرائيل وسكان إسرائيل وقضاة إسرائيل. ورغم الاحترام الذي أكنّه للمحكمة إلا أنه من حقنا وواجبنا أن نحدد هذه المعايير مثلما فعلنا فيما يتعلق بالمخالفات الجنسية. وسنحدد الحد الأدنى من العقوبة على راشقي الحجارة".

وكان نتنياهو قد أعلن يوم الأربعاء الماضي، أن حكومته تعتزم اتخاذ قرارات تقضي بتشديد التعامل مع الفلسطينيين الذين يتصدون لاقتحام غلاة المستوطنين وعناصر اليمين المتطرف للمسجد الأقصى، على خلفية المواجهات المستمرة منذ بداية الأسبوع الماضي، وأنه ستصدر توجيهات إلى أجهزة الأمن بعدم التردد في إطلاق النار على المشاركين في المواجهات.
وقال نتنياهو، خلال جولة في شارع رقم 443 (القدس - موديعين - تل أبيب) وفي القدس الشرقية، "نحن بصدد تغيير السياسة، والوضع الحالي ليس مقبولا علينا. وسنمنح الأدوات للجنود وأفراد الشرطة من أجل العمل بحزم بالغ جدا ضد من يلقون الحجارة والزجاجات الحارقة".

وزار نتنياهو المكان الذي لقي فيه ألكسندر ليفلوفيتش، من سكان مستوطنة "هار حوماه" في جبل أبو غنيم في جنوب القدس الشرقية، مصرعه بحادث طرق قرب بلدة صور باهر، وتدعي السلطات الإسرائيلية أنه أصيب بنوبة قلبية بعد أن أصاب حجر ألقاه فلسطينيون سيارته.

وقال نتنياهو إنه "لا يمكن التمييز بين حجر يُلقى على سيارة رُجمت هنا وقتل فيها مواطن إسرائيلي وبين حجر يتم إلقاؤه داخل الخط الأخضر. ونعتزم تبني تغييرات في التعليمات بشأن إطلاق النار وفي الحد الأدنى من العقوبات على من يلقون الزجاجات والحجارة".

وأضاف "أعتزم تشديد الغرامات على القاصرين وعائلاتهم بشكل كبير، من أجل التسبب بردع شديد. وليس مقبولا أن يحدث أمر كهذا (إلقاء حجارة) في إسرائيل. أنا لا أتحدث عن الطرق الموصلة إلى القدس أو في القدس نفسها فقط، وإنما عن الجليل والنقب أيضا... إننا نعلن الحرب ضد من يلقون الحجارة والزجاجات".

وتطرق نتنياهو إلى الوضع في الحرم القدسي، حيث تزايدت خلال ولايته اقتحامات المتطرفين اليهود وتزايدت القناعة بأن حكومته تسعى إلى تقسيم زماني للحرم كما هي حال الحرم الإبراهيمي في الخليل، فزعم أنه "نؤيد الحفاظ على الوضع القائم. لكن يتم اختراقه طوال الوقت من جانب المشاغبين الذين يتحصنون في جبل الهيكل ويتعرضون للزوار اليهود. وهذا ليس مقبولا علينا ونحن نعالج هذا الأمر أيضا، من خلال التعاون والحوار مع الأردن، ولكن ليس معه فقط".

وفيما يتحدث نتنياهو عن "تعاون" و"حوار" مع الأردن حول الأحداث في الحرم القدسي، فإن الملك الأردني عبد الله الثاني أصدر بيانا، يوم الاثنين الماضي، حذر فيه إسرائيل من "استفزازات أخرى" وأن من شأن ذلك أن يؤثر على العلاقات بين الأردن وإسرائيل، وأن الأردن سيكون مضطرا للقيام بخطوات. كما عبر الملك عن قلقه وغضبه الشديدين "من التدهور في القدس وخصوصا في المسجد الأقصى".

من جهة أخرى، ذكرت "هآرتس"، يوم الخميس الماضي، أن إسرائيل بعثت في الأيام الأخيرة برسائل تهدئة إلى الأردن بصورة مباشرة وبواسطة الإدارة الأميركية، على خلفية التصعيد في الحرم القدسي.

ونقلت الصحيفة عن موظفين حكوميين قولهم إن إسرائيل أوضحت في هذه الرسائل أنه ليست لديها نية لتغيير الوضع القائم في الحرم، وادعوا أن جهات في السلطة الفلسطينية تنشر "أكاذيب" حول الموضوع.

رغم ذلك، يبدو أن نتنياهو يعمل باتجاه تغذية التصعيد الأمني الحاصل في القدس.

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن نتنياهو ضغط على المستشار القانوني للحكومة، يهودا فاينشتاين، من أجل المصادقة على استخدام قناصة من الشرطة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين المشاركين في المواجهات ويلقون الحجارة، مثلما تستخدم إسرائيل قناصة الجيش في الضفة الغربية.
ووفقا للتقارير الإعلامية الإسرائيلية، تبين خلال مداولات عقدها نتنياهو لبحث الوضع في القدس، أن هناك فرقاً بين تعليمات إطلاق النار لدى الجيش الإسرائيلي في الضفة وبين تعليمات كهذه لدى الشرطة، وأنه يحظر على الشرطة استخدام القناصة.

وأشارت "هآرتس" إلى أن "لجنة أور" الرسمية الإسرائيلية، التي حققت في أحداث هبة أكتوبر العام 2000، التي سقط فيها 13 شهيدا من المواطنين العرب في إسرائيل بنيران الشرطة، أكدت في تقريرها أن "إطلاق النار الحية، بما في ذلك إطلاق نيران قناصة، ليس وسيلة لتفريق حشد على أيدي الشرطة. إطلاق النار الحية هو وسيلة للتعامل مع أوضاع خاصة، مثل وضع يوجد فيه خطر حقيقي وداهم على الحياة أو أثناء إنقاذ رهائن".

المطالبة بعدم ترقية قضاة "يتساهلون" مع ملقي الحجارة

وجرى في بداية الأسبوع الماضي سجال بين رئيسة المحكمة العليا الإسرائيلية، مريم ناؤور، ووزير الأمن الداخلي، غلعاد إردان، الذي طالب بعدم ترقية قضاة وصفهم بأنهم "يتساهلون" في قرارات الحكم التي يصدرونها على معتقلين بشبهة إلقاء حجارة خلال المواجهات.

ونقلت القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي عن إردان اعتباره أنه في الوقت الذي ينص فيه القانون على فرض عقوبة السجن لمدة قصوى تصل إلى عشرين عاما على من يدانون بإلقاء حجارة، وأن "قوات الأمن تبذل جهودا من أجل اجتثاث هذه الظاهرة، فإن الحلقة الأخيرة في السلسلة، المحاكم، تمس بمحاولة ردع من يلقون الحجارة".

واقترح إردان تحويل قرارات المحاكم بشأن من يلقون الحجارة إلى اعتبار يؤخذ في الحسبان لدى اتخاذ قرار بترقية قاضٍ من محكمة الصلح إلى المحكمة المركزية.

وردت ناؤور على أقوال إردان، وقالت في بيان خاص إن "الأقوال المنسوبة للوزير إردان تلائم دولاً ما كنا نريد أن نتشبّه بها، ولا تتشبه بها دولتنا كدولة يهودية وديمقراطية".

وأضافت أن الأفكار التي يطرحها إردان "تتناقض مع مبدأ الاستقلالية الشخصية للقاضي، الذي هو عنصر مركزي في أي نظام ديمقراطي، وتتناقض مع المبدأ الماثل في قانون أساس: القضاء، الذي بموجبه لا سلطة تعلو على من يمسك بصلاحية القضاء باستثناء سلطة القانون. وإذا بدا للسلطة التنفيذية أن قرار حكم كهذا أو ذاك مخفف أكثر مما ينبغي، فإن الطريقة المناسبة لمواجهته هي الاستئناف عليه".
واعترضت ناؤور على "محاولة تحذير القضاة من أنه إذا لم يحكموا وفقا لاعتقاد السلطة التنفيذية، فإنهم لن يترقوا"، وشددت على أن "قضاة إسرائيل سيستمرون في القيام بعملهم بإخلاص، ولن يهابوا أحدا".

ورد إردان على ناؤور بالقول "لست بحاجة إلى مواعظ أخلاقية في موضوع الحفاظ على القانون والدفاع عن المحكمة... وثمة أهمية كبيرة لأن يعرف مندوبو لجنة تعيين القضاة من يتساهل ومن يتشدد قبل تصويتهم على القضاة القلائل الذين ستتم ترقيتهم من بين عشرات المرشحين".

وأضاف إردان "أنا أحترم جدا رئيسة المحكمة العليا، ورغم ذلك فإن التزامي الأعلى كوزير للأمن الداخلي هو العثور على أية طريقة من أجل ضمان أمن مواطني إسرائيل".
ووفقا للقناة الثانية، فإن إردان يعتزم الاجتماع مع وزيرة العدل، أييليت شاكيد، من حزب "البيت اليهودي" اليميني المتطرف، والتي ترأس لجنة تعيين القضاة، كي يستعرض أمامها قرابة ثلاثين قرار حكم صدرت في السنوات الأخيرة وفرضت "أحكاما مخففة" على مدانين قاصرين وبالغين بشبهة إلقاء حجارة.

من جانبه، طالب رئيس نقابة المحامين في إسرائيل، المحامي إيفي نافيه، إردان بالتراجع عن مبادرته. وقال إنه "إذا كان المشرع يعتقد أنه ينبغي تشديد العقوبة فليتفضل ويغيّر القانون وسقف العقوبة التي ينص عليها، وبعدها سيكون الجهاز القضائي والقضاة ملزمين بالعمل بموجب القانون".
وأضاف نافيه "إننا نحترم رغبة وزير الأمن الداخلي بإعادة النظام والأمن الشخصي إلى مواطني الدولة، لكننا نعتقد أنه ينبغي القيام بذلك بواسطة سن قوانين مناسبة وليس من خلال معاقبة قضاة".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات