المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

وجه أعضاء في مؤتمر اللوبي اليهودي الأميركي الليبرالي "جي ستريت" انتقادات شديدة إلى رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، على خلفية تفوهاته العنصرية ضد المواطنين العرب في يوم الانتخابات وعلى خلفية رفضه فكرة قيام دولة فلسطينية.

ونقلت صحيفة "هآرتس"، أمس الاثنين، عن أحد أعضاء مؤتمر "جي ستريت"، المنعقد في واشنطن حاليا، قوله إن "الجميع تقريبا قالوا إن تصريحات نتنياهو هي بمثابة الخط الفاصل لعلاقتهم مع إسرائيل. وحتى أن أحدهم أضاف أنه يفكر بألا ينهض على رجليه خلال الصلاة من أجل سلامة إسرائيل".

وأشارت الصحيفة إلى أن موعد انعقاد المؤتمر تقرر قبل إعلان نتنياهو عن تقديم موعد انتخابات الكنيست، وأن منظمة "جي ستريت" تأمل بأن تستغل تفوهات نتنياهو والغضب الذي أثارته في صفوف اليهود الأميركيين من أجل زيادة قوتها وتوسيع صفوفها وتقويض لوبي "إيباك" الذي يعتبر مركز الرأي العام اليهودي الأميركي.

وقال رئيس "جي ستريت"، جيرمي بن عامي، في خطابه أمام المؤتمر "إننا نقول لرئيس الحكومة نتنياهو، الذي يدعي أنه يتحدث باسم الشعب اليهودي كله، إنه لا، سيدي رئيس الحكومة أنت لا تتحدث باسمنا".

وأضاف بن عامي أنه على الرغم من أن أعضاء "جي ستريت" يشعرون بخيبة أمل من نتائج انتخابات الكنيست التي فاز فيها نتنياهو لكن هذا ليس سبب عاصفة المشاعر في المؤتمر، موضحا أن السبب هو "الغضب والألم الذي نشعر به عندما نرى رئيس حكومة إسرائيلي يستخدم أساليب تخويف موبوءة بالعنصرية من أجل الوصول إلى 23% من الأصوات في الانتخابات".

وأردف بن عامي أن "هذا هو الغضب الذي نشعر به عندما نرى رئيس حكومة، في محاولة لإنقاذ جلده السياسي، يقر بما يعرفه الكثيرون، بمعارضته لدولة فلسطينية، وبعد ذلك يحاول بلا خجل التراجع عنها خلال أيام معدودة".

وأعلن أن حركته ستمارس ضغوطا على الإدارة الأميركية من أجل أن تعرف المستوطنات بأنها غير قانونية، ولنشر معالم اتفاق دائم بين إسرائيل والفلسطينيين وتأييد قرار لمجلس الأمن الدولي يرسم السبل للتوصل إلى اتفاق.

وقالت الصحيفة إن الكثيرين في "جي ستريت" يعتقدون أن تصريحات نتنياهو ضد الدولة الفلسطينية والتراجع عنها لاحقا مسّت بمصداقيته لدى صناع القرار الأميركيين، كما أن تفوهات نتنياهو العنصرية ضد المواطنين العرب تثير غضبا في أوساط اليهود الأميركيين الليبراليين ومن شأنها أن تزيد قوة وتأثير "جي ستريت".

وأشارت الصحيفة إلى أن طابع مؤتمر "جي ستريت" هذا العام تغلب عليه الوجوه الشابة، بسبب مشاركة 1100 طالب جامعي "مليئين بالحماس والنشاط" في المؤتمر، الذي يشارك فيه 3000 ناشط. وقالت الصحيفة إن هؤلاء الطلاب متأثرون أقل من باقي أعضاء المؤتمر بتصريحات نتنياهو، لكن نشاطهم الأساس هو مناهضة مدير عام منظمة "هيلل" أريك فينغرهوت. وهذه المنظمة تضم طلابا في الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وطلب فينغرهوت إلقاء خطاب في مؤتمر "جي ستريت" من أجل شكر الطلاب الذين ينضوون تحت منظمته في النشاط ضد حركة المقاطعة ضد إسرائيل في الجامعات الأميركية، لكنه ألغى خطابه بعد ضغوط مارستها جهات يمينية تتبرع لمنظمته.

وقالت الصحيفة إن "جي ستريت" تسعى إلى الاستفادة من طلاب الجامعات المؤيدين لها ليشكلوا رأس الحربة في حملة جديدة تخوضها المنظمة وغايتها أن تفرض على المنظمات اليهودية الأميركية "إعادة الخط الأخضر" إلى الخرائط التي يستخدمها أعضاء هذه المنظمات. وفي المرحلة المقبلة ستسعى "جي ستريت" إلى مطالبة المنظمات اليهودية هذه بالكشف عن حجم الأموال التي تحولها إلى المستوطنات في الضفة الغربية.

تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أكد أن إدارته تتعامل بمنتهى الجدية مع التصريحات التي أدلى بها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عشية الانتخابات التي جرت في إسرائيل الأسبوع الفائت، وقال فيها إنه يعارض فكرة قيام دولة فلسطينية.

وجاء تأكيد أوباما هذا في سياق مقابلة أجراها معه موقع "هافينغتون بوست" الإخباري (الأحد)، وقال فيها أيضاً إنه في ضوء تصريحات نتنياهو هذه بدأت الإدارة الأميركية بدرس السبل الكفيلة بمنع نشوء فوضى في الشرق الأوسط.

كما انتقد أوباما تحذير نتنياهو خلال يوم الانتخابات من إقبال الناخبين العرب على صناديق الاقتراع، وأكد أن هذه الأقوال تتناقض مع القيم الديمقراطية التي تعتمد عليها دولة إسرائيل.

من ناحية أخرى رجح الرئيس الأميركي ألا تؤثر نتائج الانتخابات في إسرائيل على قدرته على إقناع الكونغرس والجمهور الأميركي العريض بقبول الاتفاق الآخذ بالتبلور حول البرنامج النووي الإيراني.

وقال أوباما إنه يتفهم الشكوك التي تبديها إسرائيل حيال هذا الاتفاق مع إيران ولا سيما على خلفية التصريحات ذات الطابع المعادي للسامية التي أطقتها القيادة الإيرانية وأكد أنه لهذا السبب بالذات يعارض فكرة امتلاك إيران أسلحة نووية.

وأوضح أوباما أن إيران لم تقدم بعد التنازلات اللازمة لإنجاز اتفاق نهائي، لكنه في الوقت عينه أشار إلى حدوث تقدم معين يعزّز احتمال التوصل إلى اتفاق.

في المقابل نفى سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة رون ديرمر أن تكون إسرائيل غيرت موقفها من حل الدولتين مع الفلسطينيين.

وأكد ديرمر في مقابلة أجرتها معه شبكة التلفزة الأميركية "إن. بي. سي" الليلة قبل الماضية، أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لم يُدْلِ بالأقوال التي ينسبها له الرئيس الأميركي وآخرون ولم يُبدِ معارضة مبدئية لإقامة دولة فلسطينية.

في الوقت عينه أوضح ديرمر أن الظروف في الشرق الأوسط تغيرت في السنوات الأخيرة وأن إسرائيل لا تؤيد إقامة دولة فلسطينية تقوم بمحاربتها وإنما تسعى لحل يضمن أمنها.

وكان نتنياهو في مقابلة أجرتها معه شبكة التلفزة الأميركية نفسها يوم الخميس الفائت قد نفى أن يكون تخلى عن التزامه إقامة دولة فلسطينية في نهاية مطاف أي عملية سياسية بين إسرائيل والفلسطينيين، وأكد أنه لم يغيّر سياسته المتعلقة بالنزاع مع الفلسطينيين ولم يتراجع أبداً عن الخطاب الذي ألقاه في جامعة بار إيلان قبل ست سنوات ودعا فيه إلى إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح تعترف بإسرائيل كدولة يهودية. لكن نتنياهو شدّد في الوقت ذاته على أن ما تغيّر منذ ذلك الوقت هو الواقع، مشيراً على نحو خاص إلى رفض السلطة الفلسطينية الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية واستمرار حركة "حماس" في السيطرة على قطاع غزة وإطلاق الصواريخ على إسرائيل. وأضاف نتنياهو: "لا أريد حلاً على أساس قيام دولة واحدة وإنما أريد حلاً سلمياً دائماً على أساس قيام دولتين، لكن لتحقيق ذلك يجب أن تتغيّر الظروف."

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات