المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

تُظهر بيانات وتقديرات مصلحة الأرصاد الجوية والهيئات الرسمية التي تتعامل مع الطبيعة والبيئة في إسرائيل، ارتفاعاً في مخاطر الحرائق بسبب زيادة الغطاء النباتي والكثافة السكانية وبسبب تغير المناخ. في خطة وزارة "الأمن القومي" للعامين 2023-2024 تمت الإشارة إلى هذا التهديد، مع تحديد الأهداف المتعلقة بتكييف الاستجابة والقدرات من قبل سلطة المطافئ لسيناريوهات محدّثة لاشتعال الحرائق. مع هذا، ما تزال الحكومة متخلّفة عن مواجهة حجم الخطر، من خلال تخصيص ما يكفي من ميزانيات للمركبات الأساسية في الردّ والاستعداد لواقع الأمور المقلق. هذا ما جاء في تقرير عن بحث وبحث مكمّل أجراهما معهد الأبحاث والمعلومات التابع للكنيست، الشهر الفائت، بعنوان "مسائل في منظومة الإطفاء" والثاني "منع الحرائق بواسطة مناطق وخطوط عازلة".

يذكّر البحث بآخر الحرائق الكبرى، في 2010 و2016، حيث اندلع حريقان كبيران في جبال الكرمل، مما أدى إلى خسائر في الأرواح والممتلكات وتسبب بأضرار جسيمة للبيئة. في أعقاب الحرائق، تم نشر تقريرين لمراقب الدولة أشارا إلى أوجه قصور مختلفة في انتشار القوات والجهات المسؤولة ذات الصلة، في الإجراءات المتخذة فور اندلاع الحرائق، وفي أوامر القيادة والقدرة على التنسيق بين منظمات الأمن والإنقاذ.

وفقاً لبيانات خدمة الأرصاد الجوية، كما جاء في تقرير أخير لصحيفة "كلكاليست"، حدثت زيادة في مؤشر انتشار الحرائق في العشرين عاماً الماضية وزيادة بمقدار ثلاثة أضعاف في عدد الأيام التي يكون فيها احتمال انتشار الحرائق كبيراً. حوالي 15% من المناطق الطبيعية والغابات على ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​في البلاد تم حرقها مرة واحدة على الأقل في الأعوام 2015-2021.

وفقاً لتقرير في العام 2021 وضعه د. أمير جفعاتي، خبير المناخ من قسم العلوم البيئية في جامعة تل أبيب، لهيئة الإطفاء والإنقاذ، فبين العامين 1986 و2019، كانت هناك زيادة بنسبة 22% تقريباً في احتمال انتشار الحرائق في جبال القدس بسبب التغيرات المناخية.

موسم حرائق طويل وخطير من آذار إلى نهاية تشرين الثاني

تتطلب الزيادة المتوقعة في الحرائق الاستعداد الجدي، ومن أكثر الطرق فعالية للتعامل مع الخطر محاولة منع الحرائق قبل أن تبدأ. في العام 2017، وضعت وزارة حماية البيئة خطة عمل قطرية تضمنت تقليص المساحات المتعاقبة في الغابات عبر إنشاء مناطق عازلة تقطع تعاقب الغطاء النباتي وتفصلها أيضاً عن المستوطنات والمرافق المختلفة.

بموجب المبادئ التوجيهية التي وضعتها هيئة الإطفاء لحماية البلدات المتاخمة للغابات وحرائق الغابات (وفقاً لأحكام قانون 2017)، يتم تعريف المنطقة العازلة بأنها "المنطقة التي تكون فيها المسافة بين الأشجار أو الشجيرات الموجودة على حافة الغابة وبين منازل البلدة أو المنطقة الزراعية المجاورة لها 76 متراً أو أقل". تنص المبادئ على أن المسؤولين عن الممتلكات لديهم تعليمات مفصلة وشاملة لإنشاء الخطوط العازلة في أراضيهم وموافقتهم. ويتبيّن في البحث أن حالة تنفيذ أحكام قانون وتعليمات إنشاء خطوط عازلة في الأراضي تحت سيطرة "الصندوق القومي الإسرائيلي" في حالة متقدمة من التنفيذ والصيانة، في حين أن الفجوة الرئيسة في التنفيذ تتعلق بالمناطق تحت صلاحية السلطات المحلية.

يوضح د. شاي ليفي، رئيس فرع المناطق المفتوحة والتغير المناخي وحرائق الغابات في هيئة الإطفاء والإنقاذ، أنه يتم بذل جهود كبيرة اليوم لسد الفجوات الموجودة بشتى الطرق. هناك زيادة محسوسة في الأيام القصوى السنوية، حيث يزداد خطر انتشار الحرائق التي تهدد الحياة. وينجم عن عدم الاستقرار المناخي موسم حرائق طويل وخطير من آذار إلى نهاية تشرين الثاني، وهو تحد تشغيلي كبير لهيئة الإطفاء. الغالبية العظمى من الحرائق في إسرائيل ناتجة عن فعل بشري، سواء أكان ذلك إهمالاً أم متعمداً، ولكن الجمع بين العامل البشري وظروف الأرض - نباتات جفت وتراكمت، ونظام رياح وحرارة شديدة - يؤدي إلى سرعة انتشار الحرائق.

ارتباطاً بالتغيّر المناخي وشكل استجابة الحكومة للتحديات التي يفرضها، أشار تقرير لمراقب الدولة في العام 2021 إلى أنّ التغيير في المفاهيم والتصورات لم يحصل بعد في دولة إسرائيل؛ وأن الأجسام التي اتخذت إجراءات من أجل تحسين عملية التهيؤ للأزمة المناخية قليلة؛ وأنّ إسرائيل من الدول القليلة في العالم التي لم تشرع بعد بالعمل على أساس خطة تهيّؤ قوميّة مموّلة ومصادق عليها، على الرغم من أنّها تقع في منطقة هي عرضة لمخاطر كبيرة، وعليه فهي معرّضة لمزيد من مخاطر التغيرات المناخية. وتابع أنه لم يجر بعد في إسرائيل تذويت المخاطر الكامنة في التغيير المناخيّ وتأثيراتها على الاقتصاد وعلى الجهاز الماليّ؛ وما زالت إسرائيل تقبع في أسفل القائمة من بين الدول التي قمنا باستعراضها في مجال التجديد والابتكار المُناخيّ. الجدير بالذكر أن التقارير الرسمية والبحثية المختلفة منذ ذلك التأخير لم تُشر إلى تغيير للأفضل في الأداء، لا بل حذّر بعضها من تراجع فيه.

عشرات آلاف التوجهات سنوياً لمواطنين بلّغوا عن حرائق

حتى العام 2012، كان نظام مكافحة الحرائق في إسرائيل عبارة عن نظام بلدي يتكون من 24 سلطة إطفاء تابعة للسلطات المحلية. كجزء من الدروس المستفادة من الحريق في العام 2010، تم تأسيس سلطة المطافئ والتي بدأت العمل في مطلع 2013 بموجب "قانون الهيئة الوطنية للإطفاء والإنقاذ 2012-2013". وتتمثل مهام الهيئة الوطنية للإطفاء والإنقاذ في العمل لإطفاء الحرائق ومنعها، وتعامل مع حوادث المواد الخطرة والعمل كمنظمة إنقاذ.

توجد لهذه الهيئة ذراعان مركزيان: ذراع عملياتي يتعامل مع الاستجابة للحوادث التشغيلية التي تشمل إطفاء الحرائق والتعامل مع المواد الخطرة والإنقاذ؛ وذراع حماية من الحريق يعمل في مجالات التنظيم والرقابة والإشراف والتنفيذ. ينقسم جهاز الهيئة إلى سبع مناطق، ويوجد اليوم 123 محطة إطفاء مقسمة إلى 33 محطة إقليمية وتحتها 10 محطات لوائية و 80 محطة فرعية. كذلك تعمل وحدات خاصة، مثل وحدة الإنقاذ الخاصة ووحدات المواد الخطرة.

في كل عام من الأعوام 2020-2023، تم استقبال حوالي 128000 مكالمة بالمعدل في قسم الاستقبال الهاتفي لهيئة الإطفاء، وتعاطت أطقم الإطفاء مع حوالي نصف المكالمات، بينما كان نصف المكالمات كاذبة ومُلغاة وما شابه. على المستوى القطري، 66% من المكالمات والاستغاثات التي تم تسلمها كانت حول حوادث حريق والبقية تم تصنيفها على أنها حوادث إنقاذ (27%) أو مواد خطرة (7%).

في كل عام تندلع آلاف الحرائق في المناطق المفتوحة

وفقاً لمعطيات "البرنامج الوطني لتقييم حالة الطبيعة"، تندلع آلاف الحرائق في إسرائيل كل عام في المناطق المفتوحة. مرة كل بضع سنوات، تندلع حرائق تلتهم مساحات كبيرة لعدة أيام. كذلك، كجزء من اتجاه عالمي، يتزايد تواتر الحرائق في إسرائيل. ومن المتوقع أن تتفاقم وتيرة الحرائق وشدتها في إسرائيل لثلاثة أسباب:

(1) زيادة في الغطاء النباتي الذي يعتبر وقوداً للاحتراق في المناطق المفتوحة؛ (2) زيادة في النشاط البشري في المناطق المكشوفة كالتدريبات العسكرية والحرائق المقصودة وكذلك الكثافة السكانية العالية، مما يزيد من تفاعل الناس مع المساحات المفتوحة، ونتيجة لذلك يزداد خطر الحرائق؛ (3) الظروف التي نشأت منذ الثمانينيات- - تغير المناخ وإطالة فترات الجفاف والأيام الخمسينية المصحوبة بالرياح – حيث تزداد محفّزات اندلاع الحرائق الشرسة الكبيرة.

تتضمن خطة وزير الأمن القومي للعامين 2023-2024 إشارة إلى موضوع الاستعداد للتغيير المناخي ولحالات حريق هائلة وحالات طارئة. ومن بين أمور أخرى، تم تحديد الأهداف التالية:

1) تكييف استجابة وقدرات فرقة الإطفاء مع السيناريو المحدث للحرائق مع تقليل وقت الاستجابة، تقوية فرق الإطفاء الوطنية، الاستجابة ليلاً واستنفاد التقنيات.

 2) التمكين وتحسين القدرات لمكافحة الحرائق والإنقاذ من بنى وأحواز مختلفة ومتطورة، مع التركيز على المباني الشاهقة، الأنفاق والحيّز البحري.

3) تكثيف جهود الوقاية والحماية من الحرائق، بما في ذلك تعزيز الخطوط العازلة بين الغابات والبساتين والبلدات، جنباً إلى جنب مع تقليل أعباء البيروقراطية والتخفيف منها.

نقص وتوزيع غير ملائم لمحطات الإطفاء في البلدات العربية

تناول المركز التابع للكنيست في البحث "الجوانب المتعلقة بمكافحة الحرائق والإنقاذ في القرار الحكومي 550 بشأن تقليل الفوارق في المجتمع العربي"، وكتب أن البند 22 من قرار الحكومة رقم 550 في تشرين الأول 2021 سعى إلى معالجة ثلاث ثغرات رئيسية تم تحديدها في مجال مكافحة الحرائق والإنقاذ:

*التوزيع غير الملائم لمحطات الإطفاء في البلدات العربية، ففي وقت صدور القرار كان حوالي 10% فقط من إجمالي محطات الإطفاء في البلدات العربية، مما أدى إلى متوسط ​​وقت استجابة مرتفع للغاية. القاعدة التي تم قياسها في العام 2021 كانت 9.74 دقيقة في المناطق الحضرية في جميع أنحاء البلاد، مقارنة بـ 13.31 دقيقة في البلدات العربية. الهدف الذي حدده قرار الحكومة هو الوصول إلى 11.5 دقيقة للرد حتى العام 2026.

* قلة تمثيل أفراد المجتمع العربي في هيئة الإطفاء. فحتى وقت اتخاذ القرار، كانت نسبة العرب من بين جميع العاملين في الهيئة، بما يشمل عناصر الإطفاء ولكن ليسوا وحدهم، تبلغ 9% فقط .

* ضرورة الزيادة والتوسيع في أنشطة التوعية المخصصة للمجتمع العربي من أجل جعل المعلومات والإجراءات متاحة في متناول الجمهور وبالتالي تحقيقها لتقليل حوادث الحريق.

في حين نصّ القرار الحكومي على بناء 8 محطات إطفاء جديدة في بلدات عربية، لم يتم التبليغ سوى عن 3 بلدات حتى الآن، ولم يبدأ العمل الأولي الفعلي سوى في بلدة واحدة فقط.

فجوة كبيرة بين تكلفة الخطوط العازلة المطلوبة والميزانية المخصصة

في العام 2022، صدر قراران حكوميان (قرار الحكومة رقم 1091 وقرار الحكومة رقم 1884 المعدل) لهدف تعزيز إنشاء خطوط عازلة في مناطق السلطات المحلية وتقديم إجابة لمشكلة التمويل بمساعدة تخصيص الميزانية. الطاقم الذي عمل استعدادا لقرار الحكومة قدّر تكلفة إنشاء خطوط عازلة بمبلغ 155 مليون شيكل وهذا مشمول في قرار الحكومة. لكن قرار الحكومة يحدد مصادر الميزانية للتنفيذ بمبلغ 65 مليون شيكل (موزعة على خمس سنوات)، مما يخلق فجوة كبيرة بين التكلفة المقدرة لإنشاء الخطوط العازلة المطلوبة، والميزانية المخصصة لتنفيذه. بالإضافة إلى ذلك، لا توفر قرارات الحكومة حلاً في الميزانية، ولا حتى جزئياً، لصيانة المناطق العازلة القائمة والتي لا يقل أهمية عن إنشاء مناطق جديدة. في إطار قرارات الحكومة، قدرت تكلفة الصيانة بـ 80 مليون شيكل في السنة الثانية بعد إنشاء الخطوط العازلة (ينوّه معدو البحث: لم نجد تقديرات لتكلفة الصيانة في السنوات التالية للسنة الثانية).

وبحسب التقرير، فإن إنشاء المناطق العازلة لم يتقدم على الإطلاق: في 583 مكاناً (تم أخذ عينات منها كجزء من قرار الحكومة)، لم يتم بعد إنشاء مناطق عازلة. تم اختيار ثلاث مناطق في حيفا كهدف أول من أجل إنشاء مناطق عازلة، ولكن حتى مرحلة التخطيط لم تنته بعد، حتى اليوم. وكشف التقرير أنه لم يتم جمع معلومات شاملة حول إنشاء مناطق عازلة، وهي مسؤولية الجهات الحكومية المختلفة.

تم أيضاً تجاهل مسودة اللوائح التي كتبتها خدمة الإطفاء والإنقاذ والتي يمكن أن تسرع في إنشاء مناطق عازلة ووضعها على الرف منذ العام 2017، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الوزارات الحكومية المعنية لم تتوصل إلى اتفاقيات بشأن مصدر الميزانية لإنشاء مناطق عازلة وتنفيذ المبادئ التوجيهية التي وضعتها الهيئة القومية للحريق والإنقاذ.

بالتزامن، فإن نطاق القوى العاملة في خدمات الإطفاء والإنقاذ يعاني هو أيضاً من النقص إلى حد كبير. في الآونة الأخيرة، على الرغم من تلقي معيار إضافي يبلغ 250 من رجال الإطفاء، إلا أن هذا أبعد ما يكون عن أن يكون كافياً لحالة الاستعداد. في العام 2021، حذر مراقب الدولة من وجود نقص كبير بنحو 1695 رجل إطفاء مقارنة بالهدف الذي حددته هيئة الإطفاء والإنقاذ. وتغطي 126 محطة إطفاء منتشرة في جميع أنحاء البلاد حوالي 50% فقط من المنطقة الحضرية مع وقت استجابة يبلغ 11 دقيقة.

المصطلحات المستخدمة:

شاي, مراقب الدولة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات