المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
اعتداء شرطة الاحتلال على جنازة شيرين أبو عاقلة في القدس المحتلة يوم 13 الجاري.  (شينخوا)
اعتداء شرطة الاحتلال على جنازة شيرين أبو عاقلة في القدس المحتلة يوم 13 الجاري. (شينخوا)

منذ الدقائق الأولى للإعلان عن استشهاد مراسلة قناة "الجزيرة، الأربعاء الماضي، اتهمت إسرائيل عبر سياسيها وعسكرييها وحتى الكثير من صحافييها فورا المسلحين الفلسطينيين بالمسؤولية عن إطلاق الرصاص الذي أصاب شيرين وزميلها عليّ السمودي، ونفى المتحدثون الرسميون والمعلقون بدءا من رئيس الحكومة الإسرائيلية وصولا إلى استوديوهات الأخبار وعناوين الصحافة العبرية بشكل قاطع مسؤولية الجيش عن إطلاق الرصاص على الطواقم الصحافية خلال العملية العسكرية في مخيم جنين.

لكن هذه الرواية بدأت ساعة فساعة بالتراجع من الإنكار التام بداية، إلى القول إنه من الصعب تحديد مصدر الرصاصة التي أصابت شيرين، ثم ترجيح إمكانية أن تكون الرصاصة أطلقت من قبل الجنود الإسرائيليين، مع الإبقاء على هامش واسع للشك في الرواية عبر الادعاء بصعوبة تحديد مصدر إطلاق الرصاصة التي أصابت شيرين. اللافت للنظر أن موقع 0404 اليميني نشر بعد أقل من ساعة على مقتل شيرين أبو عاقلة خبرا يقول: "قواتنا أطلقت النار وأصابت عددا من المخربين في منطقة جنين"، ولم تقع أي إصابات في المخيم صباح ذلك اليوم سوى شيرين وعلي السمودي.

بينيت: ادعاءات لا أساس لها

في كلمة أمام الكنيست في اليوم ذاته الذي قتلت فيه شيرين، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت: "خلال عملية للجيش أطلق مسلحون فلسطينيون النار بشكل غير دقيق وعشوائي وغير منضبط، وردت قواتنا على مصادر النيران بشكل دقيق ومنضبط وبمسؤولية، خلال تبادل إطلاق النار أصيبت وقتلت بشكل مؤسف الصحافية في ’الجزيرة’ شيرين أبو عاقلة، في السلطة الفلسطينية سارعوا إلى اتهام إسرائيل ووجه رئيس السلطة اتهامات لا أساس لها حتى قبل إجراء تحقيق، وحسب المعطيات الأولية لدينا فإن هناك احتمالا كبيرا أن تكون الصحافية أصيبت برصاص المسلحين الفلسطينيين".

وأشار بينيت إلى أن إسرائيل عرضت على الجانب الفلسطيني إجراء تحقيق مشترك لمعرفة الحقيقة لكن الفلسطينيين رفضوا ذلك.

لكن صحيفة "هآرتس" كشفت عن أن إسرائيل أعلنت أنها عرضت التحقيق المشترك على الفلسطينيين وأن الفلسطينيين رفضوا العرض، حتى قبل أن يعلموا به وقبل أن يصلهم العرض أصلا، وحسب تقرير لكل من مراسلي "هآرتس" ينيف كوبوفيتش وجاكي خوري ونوعا شبيغل فإن الناطق باسم الجيش ران كوخاف كان المسؤول الإسرائيلي الأول الذي عرض على الفلسطينيين إجراء تحقيق مشترك، ثم قال بينيت إن الفلسطينيين رفضوا هذا العرض. ونقلت "هآرتس" عن مسؤول فلسطيني قوله "لم يتوجه إلينا أحد، من يريد تحقيقا مشتركا يعرف العنوان الذي يجب التوجه إليه".

كما أكد وزير الشؤون المدنية الفلسطيني حسين الشيخ ادعاءات بينيت وكتب على تويتر: "ننفي ما أعلنه رئيس حكومة الاحتلال عن توجههم للسلطة الفلسطينية بإجراء تحقيق في اغتيالها. ونؤكد ان السلطة الفلسطينية ستحول هذا الملف إلى محكمة الجنايات الدولية".

غانتس: جنودنا لا يطلقون النار على الصحافيين عن قصد!

من على منصة الكنيست أيضا، نفى وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس مسؤولية الجيش عن إطلاق النار على أبو عاقلة، وقال "إن جنود الجيش لا يعتدون أبدا على الصحافيين بشكل مقصود، وكل محاولة للتلميح إلى ذلك لا أساس لها، وكل اتهام لهيئات الإعلام الإسرائيلية خاصة المتحدث باسم الجيش من قبل أعضاء كنيست وغيرهم ليست صحيحة"، وأضاف غانتس يوم مقتل أبو عاقلة أن "المعطيات الأولية من تحقيق أجراه الجيش في الساعات الأخيرة تظهر أنه لم يتم تحديد إطلاق نار باتجاه الصحافية، لكننا سنواصل التحقيق، بالمقابل شاهدنا مقاطع فيديو من المنطقة تظهر إطلاق نار كثيف وعشوائي من قبل إرهابيين فلسطينيين".

بداية التراجع..

بعد ظهر اليوم ذاته، وبعد تمسك إسرائيل سياسيا وعسكريا وحتى صحافيا بالرواية التي تبرئ جنود الاحتلال من إطلاق النار على أبو عاقلة، بدأت الرواية الرسمية الإسرائيلية بالتراجع، وظهر رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي في مقطع فيديو قال فيه بعد مقدمة عن "إطلاق نار كثيف على قواتنا وعشوائي ودون تمييز على كافة الاتجاهات" إنه "بعكس الفلسطينيين أطلق جنودنا نارا دقيقة ومحددة، المراسلة التي قتلت آنذاك كانت في منطقة تبادل إطلاق نار، وفي هذه المرحلة لا يمكن تحديد مصدر الرصاصة التي قتلتها (...) وللتوصل للحقيقة أقمنا طاقما خاصا ليستوضح الوقائع ويعرضها بشكل كامل في أسرع وقت ممكن".

وذكرت صحيفة "هآرتس" نقلا عن تحقيق الجيش الإسرائيلي، أن أبو عاقلة كانت على بعد 150 مترا من القوات الإسرائيلية لحظة استهدافها بالرصاص. وقالت الصحيفة إنه "لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت قتلت بنيران إسرائيلية أو برصاص مسلحين فلسطينيين بحسب تحقيق أولي أجراه الجيش الإسرائيلي".

وأشارت الصحيفة إلى أن التحقيق أظهر أن جنودا من "وحدة دوفدوفان" أطلقوا عشرات الرصاصات خلال اقتحام جنين، و"لكن حتى الآن لا يمكن تحديد إن كان إطلاق نار إسرائيلي أو فلسطيني هو الذي قتل مراسلة ’الجزيرة’".

وأفادت الصحيفة أن الرصاصة التي أصابت أبو عاقلة هي من عيار 5.56 ملم وأطلقت من بندقية "إم 16". وأضافت "أن هذه البنادق يستخدمها كل من الجيش الإسرائيلي والمسلحون الفلسطينيون، لذلك فإن هذه المعلومات غير كافية لتحديد مصدر الرصاصة، وإن فحص المقذوفات الجنائي (الباليستي) للرصاصة سيلقي الضوء على ذلك".

كما ذكرت صحيفة "هآرتس" أن خلاصة تحقيق غير نهائي للجيش أكدت أنه لا يمكن تحديد مصدر الرصاصة التي أصابت أبو عاقلة. وحسب التحقيق الذي أجري في قيادة المنطقة الوسطى في الجيش، فإن هناك إمكانيتين لمصدر النيران، إما أن مسلحين فلسطينيين أطلقوا النار بشكل عشوائي باتجاه مركبات عسكرية وهو الاتجاه ذاته الذي كانت فيه الصحافية، أو أن جندياً أطلق النار من داخل جيب عسكري باتجاه مشتبه به كان قرب أبو عاقلة. الجيش قال إن المسافة بين الجيب وبين شيرين كانت نحو 200 متر. وتم تقديم خلاصة هذا التحقيق لرئيس أركان الجيش افيف كوخافي.

خلال نقاش في هيئة الأركان: رصاصة إسرائيلية هي احتمال مرجح

مساء اليوم ذاته، ذكرت القناة 12 العبرية أنه و"خلال نقاش داخلي لهيئة الأركان جرى الخميس، بين قادة كبار في الجيش بينهم رئيس الأركان كوخافي، ذكر أن الإمكانية الارجح هي أن يكون الجيش هو الذي نفذ عملية إطلاق النار الذي أدى الى مقتل مراسلة ’الجزيرة’ شيرين ابو عاقلة". وقال مسؤولان شاركا في النقاش إن الفرضية هذه طرحت خلال النقاش، بالمقابل فان الفلسطيني المطلوب الذي اعتقل اليوم في جنين (محمود الدبعي) "قد يكون هو نفسه الذي ظهر وهو يطلق الرصاص في الزقاق في مخيم جنين في يوم مقتل ابو عاقلة".

وأشار تقرير القناة 12 العبرية إلى أن الأميركيين تلقوا نتائج التحقيق الفلسطيني وسيتم نقلها لإسرائيل.

تركيز على الرصاصة وتجاهل للشهادات والتحقيقات الميدانية

لوحظ أن الهم الإسرائيلي الأول يتركز حول ضرورة حصول إسرائيل على الرصاصة التي استخرجت من رأس أبو عاقلة لفحصها. وكذلك التركيز على شخص الشاب الذي ظهر وهو يطلق النار في أحد أزقة مخيم جنين، مع محاولة إلصاق مقتل شيرين به، ففي بداية الحدث نشرت صور شيرين إلى جانبها صور المسلح وهو يطلق النار. وصباح الجمعة اقتحمت قوة من جيش الاحتلال المنطقة ذاتها، ونفذت حسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" مهمتين في وقت واحد، قوة توجهت إلى موقع إصابة شيرين أبو عاقلة وزميلها علي سمودي للمساعدة في التحقيق في الحادثة، وقوة حاصرت منزلا وقصفته بالصواريخ واعتقلت المطارد محمود الدبعي وعلى الأرجح استولت على بندقيته.

صحيفة "يديعوت أحرونوت" لمحت مساء الجمعة إلى أن "الهدف من الغارة على جنين هو مطلق النار في حادثة الصحافية". ونشرت مع الخبر صورتين واحدة قديمة للمطارد وأخرى من مقطع فيديو إطلاق النار، مع التركيز فيها على حذاء الشاب المتشابه في الصورتين، وتشابه الملابس والهيئة العامة والبندقية.

ويبدو أن إسرائيل سعت إلى اعتقال الدبعي حيا، بعكس العمليات السابقة التي كانت تهدف إلى اغتيال المطاردين، إذ نفذت ما تسمى سياسة "طنجرة الضغط" العسكرية التي تجبر المطارد على تسليم نفسه في النهاية. وحسب شهادات نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لوالد محمود الدبعي، فإن الجيش تمكن من اعتقال نجله بعد ساعات من الاشتباك، إثر نفاد رصاص سلاحه.

هل يمكن أن تزور إسرائيل سلاح الجريمة وتلصقها بالفلسطينيين؟

الآن قد تكون بحوزة الجيش الإسرائيلي بندقية الشاب الفلسطيني الذي اثبتت تحقيقات حقوقية وصحافية عدة استحالة أن تكون رصاصاته هي التي قتلت شيرين أو أصابت زميلها السمودي. مع كل هذا التحرك ومع إصرار إسرائيل على الحصول على الرصاصة القاتلة، ومع تحديدها الجندي الذي يرجح أنه هو الذي قتل شيرين، فقد يعمد الجيش إلى تزوير هذه الأدلة، بحيث تصبح بندقية الدبعي هي مصدر هذه الرصاصة في عملية تزوير للأدلة.

إن انعدام أخلاقيات النظام السياسي والعسكري الذي يحاول أن يبرئ نفسه من جريمة قتل شيرين أبو عاقلة واقتحمت قواته منزلها يوم مقتلها، وهاجم بكل وحشية المشيعين في جنازتها، وتقريبا أسقط نعشها أرضا، وأقر بأنه "تمكن من الحصول على صور التصوير الطبقي الخاصة بجثة شيرين"، لن يردعه شيء عن تزوير الأدلة لتبرئة جنوده وإلصاق التهمة بالفلسطينيين، عبر الدليل المادي الوحيد الذي باتت إحدى أدواته لديهم وهي البندقية التي كانت تخص الأسير الدبعي.

تجاهل تام للشهود ولتحقيقات متطابقة

 بدا واضحا أن سلطات الاحتلال تتجاهل بشكل تام كافة الروايات والشهادات والتحقيقات الصحافية التي تشير إلى أن الجيش هو مصدر الرصاص القاتل. فطاقم الصحافيين الذين وصلوا الموقع قالوا إنهم نزلوا من مركباتهم مقابل جنود الاحتلال، وقال الصحافي الجريح عليّ السمودي لـ بي بي سي إن الصحافيين كان يرتدون الستر الواقية الصحافية والخوذ، وبقوا نحو خمس دقائق حتى يرى الجنود أنهم صحافيون، لكن لحظة تقدمهم أطلق الجنود الرصاص عليهم، فطلب من شيرين التراجع وأدار ظهره للجنود فأصابته رصاصة بالظهر، وكانت شيرين تصرخ "علي تصاوب، علي تصاوب". وكذّب السمودي رواية الاحتلال حول وجود أي مسلح في الموقع أو وجود اشتباك مسلح في موقعهم مؤكدا أن الذين كانوا موجودين هم إضافة إليه طاقم "الجزيرة" وثلاثة صحافيين يعملون مع مؤسسات أخرى. وأكد أن مصدر الرصاصة كان الموقع الذي تواجدت فيه مركبات الجيش الإسرائيلي.

وفي تقرير للصحافي عميد شحادة في قناة "التلفزيون العربي" تتبع شحادة مسارا من الموقع الذي كان المسلح يطلق منه النار في الزقاق، وصولا إلى موقع الجنود ومن ثم موقع إصابة شيرين أبو عاقلة، وأظهر تحقيقه الميداني أن هناك أزقة ومسارات بزاويا حادة ومبنى مدرسة مرتفعة تجعل إمكانية إصابة شيرين برصاص المسلح أمرا مستحيلا. كما بين اتجاه الرصاص الذي اخترق أغصان الشجرة التي سقطت تحتها شيرين أنه جاء من ناحية الموقع الذي كان فيه الجنود، ما يتطابق تماما مع رواية السمودي.

كما كشف تحقيق للجزيرة عبر تحليل بيانات موقع الاغتيال وجود أبو عاقلة في مرمى قوات الاحتلال، وفنّد التحقيق الرواية الإسرائيلية الأولية التي تحدثت عن احتمال استهدافها برصاص فلسطيني.

ونقلت "الجزيرة" عن صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية تصريحات لمسؤول عسكري إسرائيلي قال فيها إنه لا يمكن استبعاد أن تكون الرصاصة التي قتلت مراسلة الجزيرة صادرة من الجانب الإسرائيلي.

وقال المسؤول العسكري إن الجيش الإسرائيلي حدد حالة إطلاق نار جرت يوم الأربعاء من قبل الجانب الإسرائيلي، يعتقد أنها تسببت في مقتل صحافية "الجزيرة".

وأشار المسؤول الإسرائيلي إلى أن تحديد المسؤول عن مقتل أبو عاقلة سيكون صعبا من دون الحصول على الرصاصة القاتلة، على حد تعبيره.

كما أكد أنه كان لدى الجنود الإسرائيليين مجال رؤية واضح، لكن الرصاصة ربما ارتطمت بأرض أو حائط، ثم أصابت شيرين، وفق قوله.

استذكار استشهاد محمد الدرة.. وتدمير برج الجلاء

أثارت عملية قتل شيرين أبو عاقلة تمسك الجيش الإسرائيلي بروايات فندتها الوقائع وعمليات التوثيق، فحتى الآن ترفض إسرائيل الإقرار بمسؤوليتها عن قتل الطفل محمد الدرة مع انطلاق انتفاضة الأقصى العام 2000، والذي وثق لحظات إطلاق النار عليه مصور قناة فرانس2 في قطاع غزة. وادعى جيش الاحتلال أن الدرة أصيب برصاص فلسطيني خلال تبادل لإطلاق النار بين قواته ومسلحين فلسطينيين. وفي اليوم التالي اقتحمت جرافات الاحتلال المنطقة وجرفتها، مدمرة كافة الأدلة التي قد تكشف عن مصدر الرصاص عبر فحص الجدار الذي كان يحاول الطفل محمد الدرة ووالده الاحتماء من الرصاص عنده.

حتى أن هذه الرواية تعرضت للتضييق في فرنسا، ففي العام 2004 رفع المحلل الإعلامي الفرنسي فيليب كارسينتي قضية ضد قناة فرانس2 متهما إياها بالتلاعب بالشريط المشهور لمحمد الدرة، ومدعيا أن القناة فبركت التصوير، ما أدى إلى إطلاق حملة مناهضة للسامية ضد اليهود في العالم. واستمرت المحاكم الفرنسية تدين وتنقض أحكامها في القضية حتى العام 2013 حين دانت محكمة الاستئناف في باريس كارسينتي بتهمة التشهير بالقناة الفرنسية، وفرضت المحكمة عليه غرامة مالية قدرها سبعة آلاف يورو.

كما أعادت محاولات الاحتلال قلب الرواية في قتل أبو عاقلة، قصف الاحتلال وتدميره برج الجلاء في قطاع غزة حيث كانت مقار قناة "الجزيرة" ووكالة الأنباء الأميركية أسوشيتد برس وغيرهما. وادعت سلطات الاحتلال في روايات متناقضة وجود مقار عسكرية لحركة "حماس" في الموقع، الأمر الذي لم تتمكن إسرائيل من إثباته بالمطلق.

سعي لتحميل أبو عاقلة مسؤولية مقتلها حتى لو كان الرصاص إسرائيلياً!

المحلل العسكري في "هآرتس" عاموس هرئيل كتب عن حرب الرواية هذه، منتقدا سلوك المسؤولين الإسرائيليين. وقال هرئيل: "فور وفاة شيرين أبو عاقلة في جنين، شرع قادة إسرائيل والمتحدثون الرسميون بممارسة ’رقصة الصالحين التقليدية’ (عبر الادعاء بأن الجيش هو الأكثر أخلاقية في جيوش العالم). وسارع كبار المسؤولين والمعلقين والعديد من الصحافيين المتطوعين إلى نفي الاتهامات والتلميحات حول المسؤولية الإسرائيلية عن الحادث المأساوي. وأوضحوا أن الفلسطينيين هم المسؤولون عن مقتل مراسلة الجزيرة، بسبب الإرهاب الذي يقومون به، والذي يجبر الجيش الإسرائيلي على الدخول إلى أعماق الضفة الغربية. كما أن الفلسطينيين مذنبون بإطلاق النار لأن الجيش يطلق الرصاص بشكل منضبط ودقيق. بل كان هناك من ذهب إلى حد اتهام أبو عاقلة بالمسؤولية عن وفاتها، بالقول إنها ’ناشطة مدفوعة الأجر تعمل لصالح أعدائنا’... ومنذ اللحظة التي اختارت فيها الدخول إلى منطقة القتال فإنها وضعت دمها على كفها"!

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات