المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

*العجز المالي سيتراوح ما بين 3ر3% إلى 6ر3% من الناتج العام، بدلا من 9ر2% كما كان مخططا*تقديرات بأن يسجل العام الجاري أيضا عجزا بنسبة 6ر3%*

قالت تقارير شبه نهائية إن العجز المالي في العام الماضي 2018 سيتراوح ما بين 3ر3% إلى 6ر3% من حجم الناتج العام، رغم أن السقف الذي حددته الحكومة كان 9ر2%. وهذه السنة الأولى منذ ثماني سنوات الذي تخرق فيه الحكومة هدف العجز المالي؛ لا بل إن كل السنوات الثماني التي سبقت كانت تنهي الحكومة السنة بعيدا عن سقف العجز، لذا كانت تسارع في صرف ميزانيات استباقية، وتستغل الفائض في جباية الضرائب بمعدل 6% زيادة سنويا لخفض الدين العام.

وتقول تقارير اقتصادية إن زيادة العجز في العام 2018 إلى أكثر مما هو متوقع، سيقود إلى رفع العجز أيضا في العام الجاري. وهناك تقديرات بأن يصل هذا العام أيضا إلى حوالي 6ر3% من إجمالي الناتج العام، ما يعني قرابة 5ر13 مليار دولار. وكل نسبة عجز في الموازنة تتجاوز نسبة النمو في الاقتصاد، ستقود بالتالي إلى زيادة حجم الدين العام، ونسبته من إجمالي الناتج العام.

ويرى المحللون أن العجز في العام الجاري سيرتفع بسبب جملة النفقات التي لم تؤخذ بالحسبان بعد، مثل الاتفاق الائتلافي الذي ستوقعه الحكومة التالية بعد الانتخابات القريبة، وعلاوات الرواتب والتقاعد لعناصر الشرطة، والعلاوة لميزانية وزارة الدفاع.

ويقول المحلل الاقتصادي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، سيفر بلوتسكر، إنه كان يفترض بالحكومة أن تجري بحثا شاملا عن السياسة الاقتصادية والمالية للعامين المقبلين. وبدلا منه اكتفت بتبادل قصير للكلام، وانتقلت إلى بنود أخرى في جدول أعمالها. وهذا دليل آخر على نهجها غير المسؤول الذي يستخف بالمخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد الإسرائيلي بذنبها.

وتابع بلوتسكر أن الرد المالي الموسع على الأزمة، والذي يمنع البطالة الجماهيرية وضياع ناتج محلي بحجوم كبيرة، لا يمكنه أن يستمر إلى الأبد. وفي الواقع الاسرائيلي مرغوب جدا التقليص التدريجي للميزانية الحكومية إلى عجز صفري. إلى هذا اتجهت سياسة وزير المالية يوفال شتاينيتس، غير أن جهوده قطعت قبيل انتخابات 2013. وقبل نحو سنة تم حل الضوابط الأخيرة، وحكومة نتنياهو الحالية بدأت بحملة "الإحسان للشعب" هنا والآن على حساب جاهزية الاقتصاد للأزمة التالية.
ويقول بلوتسكر إنه من جهة تمت زيادة الدعم الحكومي العلني والخفي، ورفعت مخصصات (دوما ردا على مظاهرات الاحتجاج)، وأقرت علاوات سخية لجهاز الأمن ولرواتب العاملين في الخدمة العامة. ومن جهة أخرى خفضت معدلات الضرائب والدفعات الإلزامية الأخرى وأعطيت امتيازات ضريبية بمليارات عديدة للمداخيل من المال. والنتيجة: العجز المالي الحقيقي، بعد حسم المناورات الحسابية، اتسع جدا خلال السنة الماضية، ومن المتوقع أن يتسع أكثر هذا السنة. فقد تعمق رغم نسبة العمالة شبه الكاملة، والاستهلاك المرتفع، والأجر المرتفع، والفائدة شبه الصفرية. وهي فترة من المتوقع فيها للعجوزات المالية ان تختفي تماما تقريبا.

وحسب بلوتسكر فإن حكومة مسؤولة تستغل سنوات الصعود كي تعد نفسها وتعد الاقتصاد لسنوات الإبطاء ولاحتمالات الأزمة، الاقتصادية أو الأمنية. وعليه، فبالذات عندما تكون احتفالات الشراء في ذروتها على الحكومة ان ترفع الرسوم، وترفع الدفعات للتأمين الاجتماعي، وترفع سن التقاعد وتطبق إصلاحات تلغي الامتيازات الضريبية غير المبررة، اقتصاديا واجتماعيا. أما حكومة نتنياهو- كحلون المنصرفة فقد فعلت العكس بالضبط: فهي تخلف وراءها اقتصادا مكشوفا أمام الأزمات ومخزن أدوات مالي يعتبر فارغاً. هذا نهج سائب وخطير، كان ينبغي أن يحتل مكانا محترما في حملة الانتخابات. لكن كيف ستتحدث الأحزاب عن الاقتصاد حين لا تتحدث إلا عن الأشخاص الذين سيقفون على رأسها؟.

وقالت صحيفة "هآرتس" إن الحكومة قررت عدم استخدام احتياطي الميزانية لتقليص التجاوز الكبير في العجز في 2019، وأجلت القرار إلى حزيران، إلى ما بعد الانتخابات. وأضافت أن الحفرة التي يخلفها للاقتصاد وزير المالية موشيه كحلون ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عميقة ومخيفة أكثر من ذلك لأن التجاوزات آخذة في الاتساع في ميزانيات الأعوام 2020 إلى 2022.

وأضافت "هآرتس": لقد فشل كحلون كوزير للمالية في الحفاظ على ميزانية مسؤولة، لكن مسؤولية نتنياهو لا تقل، فقد أقر كل خطوات كحلون التبذيرية. وبينما يسكت نتنياهو في موضوع الاقتصاد ويحاول إلقاء كل الذنب على كحلون، يحاول كحلون الدفاع عن سياسته.

المصطلحات المستخدمة:

يديعوت أحرونوت, هآرتس, بنيامين نتنياهو

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات