المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

سجل العجز في الموازنة الإسرائيلية العامة، في الأشهر الـ 12 الماضية، نسبة 6ر3% من إجمالي حجم الناتج العام، وسط مؤشرات إلى أن العجز سيتجاوز في نهاية العام الجاري 2018، هذه النسبة، إذا لم تسارع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات كابحة، خاصة وأن نسبة العجز التي على أساسها تم اعداد ميزانية 2018، كانت 9ر2%.

في غضون ذلك قال محللون إنه لو شنت إسرائيل حربا على قطاع غزة، لتفاقم العجز أكثر بكثير، وقاد إسرائيل إلى أزمة مالية أكبر، كانت ستتبعها تقليصات في الموازنة، أو اتساع المديونية.

وكان الهدف الأساس للعجز في الموازنة العامة في العام الجاري 2018، نسبة 1%، وفق مخطط اقتصادي سابق، إلا أن الحكومة الحالية رفعت السقف إلى 9ر2% من الناتج العام. وقد ابتعدت إسرائيل في السنوات الأخيرة، وبالذات ابتداء من العام 2012، عن سقف العجز في الموازنة العامة، وكانت كل واحدة من الحكومة تزيد صرفها في الشهرين الأخيرين، كي تصل إلى العجز المحدد، وقسم كبير من الميزانيات كانت تتحول أساسا إلى وزارة الدفاع، بمعنى إلى ميزانية الجيش الشرهة التي تطلب سنويا إضافات بمليارات الشيكلات.

وحسب تقارير وزارة المالية، فإن عاملين مركزيين قادا إلى هذا العجز في الموازنة، أولهما، زيادة الصرف في الوزارات، وغالبيتها صرفت 100% من الميزانية المخططة، حتى نهاية تشرين الأول (جزئيا من الموازنة). وثانيا، هو أن جباية الضرائب لم تحقق إضافات تذكر، ففي السنوات الخمس الماضية، سجلت مداخيل سلطة الضرائب، زيادة سنوية بنسبة 6% بالمعدل، عما هو مخطط، وكان هذا الفائض يتجه بمعظمه لتسديد الديون، وتقليص حجم المديونية من الناتج العام، ما عمل على تحسين درجة اعتماد إسرائيل في المؤسسات المالية العالمية، ما من شأنه أن يخفض عنها الفوائد، ويشجع الاستثمارات الأجنبية على الدخول أكثر في الاقتصاد الإسرائيلي.

ويتضح من تقرير سلطة الضرائب أن الفائض في جباية الضرائب، حتى نهاية تشرين الأول الماضي، بلغ 2%، مقارنة بـ 6% في ذات الفترة من العام الماضي، وفي كل واحدة من السنوات الخمس الأخيرة. ويحذر مسؤولون من أن هذا الفائض في مداخيل الضريبة هو هش، وقد يتلاشى حتى نهاية العام الجاري.

وقالت صحيفة "هآرتس"، في مقال لهيئة التحرير، إن "من تابع السلوك الاقتصادي للحكومة لن يتفاجأ على الاطلاق. فعندما يزيد وزير المالية موشيه كحلون الإنفاق دون حساب على مدى كل سنوات ولايته، ويخفض الضرائب ويوزع الهدايا في كل مناسبة، فليس مفاجئا على الاطلاق أن ينشأ عجز مالي".

وحسب "هآرتس"، فإن "كحلون زاد النفقات في الميزانية بشكل غير مسبوق وفي كل المجالات: في الوزارات الاجتماعية، في وزارة الدفاع، في القطاع العام، في عدد العاملين في القطاع العام وفي المخصصات. وإن حقيقة أن إسرائيل لم تصل بعد إلى أزمة لا يجب أن تهدئ روع أحد. فالمداخيل من الضرائب ارتفعت بشكل شاذ، سواء بسبب بيع شركات تكنولوجيا عليا، أم لاستباق توزيع الأرباح. ولكن هذا لا يضمن الحصانة: إسرائيل تندفع نحو هوة، صندوق فارغ مع عجز كبير ومهدد".

وألقت الصحيفة المسؤولية على كحلون ومعه أيضا على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ولكن أيضا على أعضاء الكنيست، الذين بادروا إلى قوانين وإجراءات اجتماعية كلفت الخزينة العامة. واستنتجت الصحيفة "أن كحلون ليس مناسبا لأن يكون وزير مالية، وأن نتنياهو يخون مهمته كرئيس للوزراء حين يسمح بمثل هذا التسيب الاقتصادي. ومن يتضرر في نهاية المطاف هم مواطنو إسرائيل".

في المقابل، رأى محللون أن وقف إطلاق النار مع قطاع غزة، الذي اتفق عليه في الأسبوع الماضي، أنقذ الخزينة الإسرائيلية من عجز مالي أكبر مما هو حاصل حتى الآن.

ويقول المحلل الاقتصادي عومري ميلمان، في مقال له في صحيفة "كالكاليست"، إنه لو تم شن حرب في الأيام الأخيرة، فإلى جانب الخسائر المحتملة في الأرواح، ستكون خسائر في الميزانية العامة. وقال "إن العمليات العسكرية هي ليست أمرا مفاجئا للاقتصاد الإسرائيلي. فأيضا شركات تدريج الاعتمادات المالية الدولية، تأخذ هذا الأمر بالحسبان، في ما يتعلق بالاقتصاد الإسرائيلي، وعلى الرغم من هذا، فإن هذه الشركات تمنح إسرائيل مكانة محترمة في التدريج".

وتابع ميلمان "إن الأداتين اللتين تستخدمها الحكومة لمواجهة حالات الحرب، تآكلتا كليا في هذا العام: الاحتياطي في الميزانية، الذي بات مصروفا منذ الآن، وزيادة العجز المالي، الذي تجاوز النسبة المحددة له، حتى الآن". ما يعني أن شن حرب كان سيقود إسرائيل إلى عجز أكبر بكثير مما هو قائم حتى الآن.

ويعدّد المحلل حجاي عميت، في صحيفة "ذي ماركر"، بعض جوانب كلفة الحرب، فعلى سبيل المثال، يقول إن كل صاروخ تطلقه منظومة "القبة الحديدية" لصد القذائف الصاروخية من قطاع غزة، تبلغ كلفته ما بين 50 ألفا إلى 100 ألف دولار. وفي ليلة واحدة تم إطلاق 100 صاروخ كهذا. كذلك هناك كلفة الغارات الجوية، حتى قبل أن تطلق صاروخا واحدا، فكل "طلعة" جوية تكلف 20 ألف دولار. وقال إن كلفة الحرب على غزة في العام 2014، بلغت 8 مليارات شيكل، ما يعادل حاليا 17ر2 مليار دولار. ثم يقول إن ما كان ينقص الخزينة العامة، هو شن حرب كهذه في هذه المرحلة.

وتقول المحللة الاقتصادية ميراف أرلوزورف، في مقال لها في صحيفة "ذي ماركر"، إن الإدارة اللامسؤولة لميزانية الدولة، بيد وزير المالية كحلون ورئيس الحكومة نتنياهو، جعلت إسرائيل تقف على شفا حرب من دون الفائض المطلوب في الميزانية. وحسب التقديرات، فإن العجز مع نهاية العام سيصل إلى 1ر3% وحتى 3ر3% من الناتج العام، وهذا أعلى من السقف المحدد 9ر2%.

وأضافت أرلوزوروف أنه لو تم شن حرب، فإن العجز في الموازنة العامة كان سيقفر إلى أكثر من 4% من حجم الناتج العام، ما من شأنه أن يثقل على ميزانية الدولة، وبالتالي سيشوش صورة الاستقرار الاقتصادي، التي برزت في السنوات الأخيرة، بعد أن انخفض حجم الدين العام إلى ما دون نسبة 60% من الناتج العام.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات