المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.


*مهرجان الانطلاقة في غزة مهم جدًا لأنه

يشير إلى تعزز مكانة فتح وقيادتها*

كتب بلال ضـاهر:

لا يزال رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، يرفض وقف الاستيطان ليتسنى استئناف المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية. وفي موازاة إقرار مشاريع استيطانية مكثفة، مؤخرا، بزعم أنها رد إسرائيل على الخطوة الفلسطينية في الأمم المتحدة والاعتراف بفلسطين دولة مراقبة وغير عضو في المنظمة الدولية، أطلق أعضاء كنيست من حزب الليكود، الذي يتزعمه نتنياهو، تصريحات تعهدوا من خلالها بالعمل على فرض القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية وضمها لإسرائيل. وحتى أن زعيم الجناح اليميني المتطرف في الليكود، موشيه فايغلين، المرشح في مكان مضمون في قائمة حزبه للكنيست، عاد ليطرح فكرة الترانسفير بحق الفلسطينيين من الضفة الغربية، من خلال دفع نصف مليون دولار لكل عائلة فلسطينية لتشجيع الفلسطينيين على الرحيل عن وطنهم.

وعلى خلفية ذلك، كما يبدو، قال نتنياهو في مقابلات إذاعية، أول من أمس الأحد، إنه يدعو الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إلى العودة إلى طاولة المفاوضات "من دون شروط مسبقة". وصرح وزير الخارجية السابق، أفيغدور ليبرمان، في اليوم نفسه، بأن "مبادئ" الخطاب الذي ألقاه نتنياهو في جامعة بار إيلان، في منتصف العام 2009، ستشكل الخطوط العريضة للحكومة المقبلة فيما يتعلق بالعملية السياسية، في حال شكل نتنياهو هذه الحكومة، بعد الانتخابات العامة في 22 كانون الثاني الحالي. وقال نتنياهو في خطاب بار إيلان إنه يوافق على حل الدولتين، بحيث تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح ولا تشمل الكتل الاستيطانية وأن يتم نشر قوات الجيش الإسرائيلي على طول الحدود بين الضفة الغربية والأردن.

ووجه رئيس جهاز "الشاباك" السابق، يوفال ديسكين، في مقابلة أجرتها معه صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوم الجمعة الماضي، انتقادات شديدة لنتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، وإلى ليبرمان أيضا، ومن بين ما قاله أن نتنياهو لم يقصد فعلا العمل وفق ما قاله في خطاب بار إيلان. وتبعت انتقادات ديسكين في هذا السياق، تصريحات أطلقها الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريس، ورد حزب الليكود عليها بالقول إن بيريس "منعزل عن الشعب".

وأجرى "المشهد الإسرائيلي" مقابلة مع الباحث في "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، شلومو بروم، تناولت هذه المواضيع وغيرها.

(*) "المشهد الإسرائيلي": دعا نتنياهو الرئيس الفلسطيني إلى العودة إلى المفاوضات، مشددا على أن ذلك يجب أن يتم "بدون شروط مسبقة"، أي من دون تجميد البناء في المستوطنات. هل يدل هذا على أن لم يتغير شيء ولن يتغير شيء في المستقبل؟

بروم: "أولا، هذا يدل على أنه توجد مصلحة لدى نتنياهو لقول ذلك الآن، خلال حملته الانتخابية، كي يظهر أمام الناخبين أنه ليس رافض سلام، مثلما يصفه منافسوه من أحزاب الوسط واليسار. لذلك لا أنظر إلى هذا التصريح على أنه أكثر من مجرد خدعة انتخابية. والوضع بعد الانتخابات سيكون منوطا بتركيبة الحكومة المقبلة. وإذا كانت تركيبتها مشابهة لتركيبة الحكومة الحالية فإنني لا أتوقع أن يكون هناك أي تغيير".

(*) لكن المثير هو أنه في موازاة تصريح نتنياهو، صرح وزير خارجيته المستقيل، والرجل الثاني في قائمة "الليكود بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، بأن مبادئ خطاب بار إيلان ستشكل الخطوط العريضة للحكومة المقبلة في حال شكلها نتنياهو و"الليكود بيتنا". ماذا يعني هذا التصريح؟

بروم: "هذا يقول الشيء نفسه. وعلى ما يبدو توصلا إلى الاستنتاج بأن منافستهم ضد (رئيس كتلة "البيت اليهودي" اليمينية المتطرفة) نفتالي بينيت، التي يطرحان خلالها مواقف تزداد تطرفا نحو اليمين، من شأنها أن تعيق تزايد شعبية الليكود بيتنا في أوساط الناخبين الذين لم يقرروا بعد لمن سيمنحون أصواتهم. وهؤلاء يتواجدون في غالب الأحيان في وسط الخريطة السياسية. وعلى ما يبدو أن نتنياهو وليبرمان نسقا التصريحات فيما بينهما لإظهار موقف معتدل نسبيا من محاولة جذب هؤلاء الناخبين. لكني أقول مرة ثانية إن هذه ليست الأمور التي ستحسم، وإنما تركيبة التحالف المقبل هي التي ستحسم. وإذا اختار نتنياهو تحالفا يمينيا جدا فإني لا أعتقد أنه من المتوقع حدوث تغيّر. وإذا فضل أن يضم إلى تحالفه أحزابا من الوسط واليسار المعتدل، فإن هذا قد يكون مؤشرا إلى أنه يعتزم إحداث تغيير في سياسته".

(*) صعد الاتحاد الأوروبي انتقاداته تجاه إسرائيل فيما يتعلق بالاستيطان، وبضمن ذلك الاستيطان في القدس الشرقية. هل ستتأثر طبيعة تركيبة الحكومة المقبلة من هذه الانتقادات الأوروبية؟

بروم: "أعتقد أننا قريبون جدا من توجه سيدعم الاتحاد الأوروبي من خلاله تصريحاته بأفعال، وخاصة فيما يتعلق بالتمييز بين منتجات مصنوعة في إسرائيل ومنتجات مصنوعة في المستوطنات. وستفرض الدول الأوروبية على منتجات المستوطنات جمارك بشكل كامل، من دون الامتيازات التي تمنح على استيراد المنتجات الإسرائيلية بموجب اتفاقية الجمارك بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي. وأعتقد أن هذا يقلق الحكومة الإسرائيلية بشكل كبير ويفرض عليها ضغوطا".

(*) يبدو أن حكومة إسرائيل تهتم بتسويق منتجات المستوطنات أكثر من تسويق منتجات مصنوعة داخل إسرائيل؟

بروم: "ما كنت أعرض الموضوع بهذا الشكل. إن ما لا تريد هذه الحكومة أن يحدث، لأن هذه ستكون سابقة خطيرة بالنسبة إليها، هو أن يتم التمييز بين نوعي المنتجات. وعلينا أن نتذكر أن اليمين عارض في حينه بناء الجدار الفاصل، لنفس السبب، لأن الجدار يفصل بين المستوطنات وإسرائيل. والحكومة الحالية مستعدة لأن تدفع الثمن جراء سياستها".

(*) وجه الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، يوفال ديسكين، انتقادات شديدة لنتنياهو وباراك، فيما يتعلق بسياسة الحكومة تجاه الفلسطينيين. كذلك وجه الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريس، انتقادات لنتنياهو وليبرمان. ووجه رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق ورئيس معهد دراسات الأمن القومي، عاموس يادلين، انتقادات مشابهة. كيف تنظر إلى كل هذه الانتقادات لسياسة نتنياهو؟

بروم: "واضح جدا أن شخصيات رفيعة المستوى في جهاز الأمن الإسرائيلي، وخاصة شخصيات أمنية سابقة، لا توجد لديها ثقة بالحكومة. والسؤال هو، هل هذه الانتقادات التي قيلت في فترة الانتخابات سيكون لها تأثير على الناخب؟ وأنا لست واثقا من أنه سيكون لها تأثير على الناخب، لأنه مريح لحزب الليكود ونتنياهو أن يستعرضوا هذه الانتقادات على أنها مقارعة سياسية وليست وجهة نظر مهنية حيال وضع إسرائيل. وعلينا أن ننتظر لنرى مدى تأثير هذه الانتقادات، لأنه يصعب تقييم ذلك الآن".

(*) هل تعتقد أن إسماع هذه الانتقادات في هذا التوقيت، خلال المعركة الانتخابية، هو أمر عفوي؟

بروم: "ديسكن يعتقد بكل تأكيد أن نتنياهو خطير ولذلك هو يحاول منع انتخابه. ومن هنا فإن لا شيء عفويا".

(*) كيف تنظرون في إسرائيل إلى مهرجان حركة فتح في غزة، الذي شارك فيه حشد كبير للغاية؟

بروم: "هذا يعكس أمرين في آن واحد، وهما أن هناك تأييدا لفتح واستياء من حماس. ولا أعتقد أن بالإمكان الفصل بين هذين الأمرين. ويبدو أنه توجد زيادة في التأييد لفتح في غزة أكثر من الضفة الغربية، لأن الفلسطينيين في الضفة الغربية لم يعانوا من حكم حماس. بينما في غزة، فإن الأشخاص الذين يحملون أفكارا مختلفة عن أفكار حماس ويميلون إلى الناحية العلمانية في القومية الفلسطينية، يعانون من حكم حماس وكان هذا المهرجان فرصة بالنسبة لهم لإظهار معارضتهم لها. وأعتقد أن هذا المهرجان كان حدثا هاما لأنه يعزز بشكل كبير مكانة فتح ومكانة قيادتها بمن فيهم الرئيس عباس. وأرى أن هذه حقنة منشطة هامة جدا".

(*) يتحدثون في إسرائيل دائما عن الحرب المقبلة. لماذا؟ هل حقا لا يوجد أفق للسلام بالنسبة لإسرائيل؟

بروم: "أولا وقبل أي شيء لأن هذه هي طبيعة اليمين الإسرائيلي. فاليمين ينجح في دفع أهدافه السياسية فيما هو يقنع الجمهور الإسرائيلي بوجود تهديدات على إسرائيل وأنه الوحيد القادر على مواجهتها، أي أن هذا الأمر نابع من اعتبارات سياسية. وفيما عدا الاعتبار السياسي، فإني أعتقد أنه توجد تخوفات حقيقية على ضوء انعدام اليقين في العالم العربي والانقلابات التي حدثت خلال الربيع العربي، وأيضا على ضوء عدم التوصل إلى حل بشأن البرنامج النووي الإيراني والتخوف من احتمال معالجة أمر هذا البرنامج بطرق عسكرية وأن يؤدي ذلك إلى اشتعال الوضع، وألا يبقى ذلك محصورا بين إسرائيل وإيران وربما حزب الله أيضا، وإنما أن يؤدي إلى نشوب حرب إقليمية. لهذا فإن هذا الوضع يثير القلق في إسرائيل. وصحيح أنه في إسرائيل لا يرون أفقا للسلام. ففي ظل عدم وجود حل سياسي، فإن ما يمكن السيطرة عليه، ربما، هو طول المدة بين جولة حربية وأخرى. وبالإمكان منع مواجهات عسكرية وحروب فقط من خلال التوصل إلى حل سياسي".

(*) الأمر المثير هو إلى أي حد يستطيع الجمهور الإسرائيلي تحمل وضع كهذا؟

بروم: "آمل أن يقرر الجمهور الإسرائيلي أنه لن يتحمل وضعا كهذا، وأن يغير هذا الوضع من خلال تغيير الحكومة، وهذا يحدث من خلال الانتخابات وحسب. لكن لا يبدو أن الوضع سيتغير الآن وفقا لما يظهر في استطلاعات الرأي العام".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات