المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

يدرس رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ومستشاروه اقتراحا يقضي بالموافقة على تمديد تجميد أعمال البناء في المستوطنات لمدة ثلاثة شهور في مقابل قيام الولايات المتحدة بالإفراج عن الجاسوس جوناثان بولارد، الذي أدين بالتجسس لإسرائيل قبل 25 عاما، ورفضت الولايات المتحدة مطالب إسرائيلية متكررة للإفراج عنه.

وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي، أمس الاثنين، أن المبادرين إلى هذه الخطوة يقدرون أن الكثيرين من الوزراء في حكومة اليمين الإسرائيلية سيمكنهم "ابتلاع الحبة المرة"، في إشارة إلى صفقة كهذه وموافقتهم على تمديد التجميد. ونقلت الإذاعة عن مسؤول سياسي إسرائيلي قوله إنه تم طرح صفقة كهذه على إسرائيل "كفكرة بين عدة أفكار".

وأضافت الإذاعة أن شخصا إسرائيليا ليس لديه صفة رسمية حاليا لكنه قام بأبحاث كثيرة تتعلق بالصراع الإسرائيلي - الفلسطيني ولديه علاقات مع مسؤولين فلسطينيين وأميركيين، قال إنه قبل عدة أيام توجه إليه أحد المقربين من نتنياهو وطلب منه إجراء تدقيق سري وغير رسمي من خلال إجراء اتصالات مع مسؤولين في الإدارة الأميركية حول ما إذا كان بالإمكان تنفيذ صفقة كهذه. وقد نقل هذا الشخص الطلب إلى واشنطن، لكن ليس معروفا ما إذا رد الأميركيون عليه وماذا كان الرد.

إضافة إلى ذلك فإن مكتب نتنياهو طرح خلال استطلاعات الرأي، التي يجريها بين حين وآخر وتبقى نتائجها داخلية، سؤالا على المستطلعين من المواطنين الإسرائيليين جاء فيه "هل ستؤيد تمديد التجميد في مقابل تحرير بولارد؟".

ورأت إذاعة الجيش الإسرائيلي في حقيقة أن نتنياهو لم يجر مداولات في الحكومة أو المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية حول تجميد الاستيطان أنها تدل على أن ثمة شيئا ما يحدث وراء الكواليس وبهدوء. ورجحت الإذاعة أن وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، الذي يزور الولايات المتحدة في هذه الأثناء ويعقد لقاءات مع مسؤولين أميركيين، قد يبحث في صفقة كهذه.

وعقب مكتب نتنياهو على تقرير إذاعة الجيش الإسرائيلي بالقول إنه "لا علم لنا بأي توجه إلى الأميركيين بهذا الخصوص. ورئيس الحكومة لم يغير رأيه، ومثلما قال نتنياهو فإن التجميد سينتهي يوم الأحد القريب 26 أيلول".

من جانبه عقب رئيس مجلس المستوطنات، داني ديان، على الموضوع بالقول إن "هذا ابتزاز بشع ويشبه تسليم هضبة الجولان في مقابل شاليت" في إشارة إلى الجندي الإسرائيلي الأسير في قطاع غزة غلعاد شاليت. وأضاف أنه "لا يوجد أحد يريد تحرير بولارد أكثر منا. لكننا نفهم أن الاستسلام لهذا الابتزاز الفظ بإمكانه أن يضر بالمصالح الهامة لدولة إسرائيل".

ليبرمان يطالب بتبادل

أراض وسكان!

وأكد نتنياهو، أمام وزراء حزب الليكود الحاكم، أول من أمس، على عدم حدوث تغير في موقفه بشأن استئناف البناء الاستيطاني، الأسبوع المقبل. فيما كرر وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، الطلب بإجراء تبادل أراض وسكان بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن نتنياهو قوله إنه "لا يمكنني إعطاء تفاصيل حول مضمون المحادثات بسبب حساسية الأمر. وفيما يتعلق بالتجميد فإنه لم يطرأ أي تغيير على موقفنا". وأضاف "أنا أصر على الاحتياجات الأمنية من أجل ألا يتكرر إطلاق الصواريخ على مواطني إسرائيل مثلما حدث بعد انسحابنا من لبنان وغزة".

من جانبه اعتبر ليبرمان في تصريحات صحافية أن "المبدأ الذي ينبغي أن يوجهنا في المفاوضات هو ليس الأراضي مقابل السلام وإنما تبادل أراض وسكان". وقال إن "مسألة مواطني إسرائيل العرب يجب أن تكون إحدى القضايا المركزية المطروحة على طاولة المفاوضات، وذلك على ضوء الرفض الفلسطيني بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، وهذه مسألة تهربنا منها حتى اليوم ولا يمكن الاستمرار في ذلك".

وأضاف ليبرمان أن "ظاهرة مثل (عضو الكنيست التي شاركت في أسطول الحرية) حنين زعبي التي تتعاطف مع الجانب الآخر، هي ظاهرة لا يمكن الهروب من مواجهتها. وهذا مثل أن يبيعك أحد منزلا ويطلب أن تبقى حماته للسكن فيه". وتابع أن "أي مواطن إسرائيلي يحصل على مواطنته باعتزاز بإمكانه أن يشغل أي منصب. لكن أشخاصا مثل حنين زعبي عليهم أن يكونوا مواطنين فلسطينيين وأن يذهبوا ليتم انتخابهم في غزة وعند حماس".

ويذكر أن البرنامج السياسي لحزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة ليبرمان بنى شعبيته على العداء للأقلية العربية في إسرائيل والمطالبة بتبادل أراض وسكان بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بحيث يتم نقل بلدات عربية إلى مناطق السلطة مقابل ضم المستوطنات في الضفة الغربية إلى إسرائيل. وتأتي تصريحات ليبرمان هذه في وقت حرج يتهدد استمرار المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين بسبب رفض إسرائيل مطالب فلسطينية ودولية بتمديد تجميد البناء في المستوطنات.

وشدد ليبرمان، وهو نفسه مستوطن، خلال محادثة هاتفية مع نظيره البريطاني وليام هيغ في نهاية الأسبوع الماضي، على رفضه تمديد تعليق البناء في المستوطنات بعد تاريخ 26 أيلول الحالي، وهو موعد انتهاء مدة العشرة شهور لتعليق البناء في المستوطنات في الضفة الغربية. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن ليبرمان قوله إن "الفلسطينيين أهدروا تسعة شهور وحتى في الشهر العاشر لم يأتوا إلى المحادثات بنية حسنة".

عامي أيالون: على حكومة نتنياهو انتهاج سياسة جديدة تدمج بين الحوار والانفصال غير المشروط

على صعيد آخر أكد عامي أيالون، الذي أشغل في السابق مناصب قائد سلاح البحرية ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) وعضو كنيست، وهو أحد المبادرين لإقامة حركة "مستقبل أزرق- أبيض"، أن إسرائيل تقف الآن أمام لحظة الحقيقة، ولا بد لها من اتخاذ قرار يخلق الثقة ويشجع الفلسطينيين على المضي قدما في طريق سياسي لن يكون سهلا بالنسبة لهم.

وأضاف في مقال نشره في الموقع الإلكتروني التابع لصحيفة يديعوت أحرونوت مؤخرًا أنه يتعين على حكومة نتنياهو أن تعلن عن انتهاج سياسة جديدة، تدمج بين الحوار والمفاوضات إلى جانب الانفصال غير المشروط، والذي لا يستند إلى خلافات الماضي، وإنما إلى نظرة صادقة شجاعة ومتبصرة نحو المستقبل. ومثل هذه السياسة يجب أن تشمل مكونين: مواصلة المفاوضات السياسية على أساس مبادئ الرئيس كلينتون في أواخر العام 2000، وفي المقابل، تشجيع عودة مستوطنين يهود يعيشون شرقي جدار الفصل إلى إسرائيل ويرغبون في العودة الآن. مثل هذه المبادرة يجب أن يكون في صلبها مشروع قانون حكومي، يمكن تسميته "قانون العودة". فمثل هذا القانون من شأنه أن يشجع عودة المستوطنين الراغبين في العودة، مقابل تعويض ملائم، وأن يشكل بداية عملية إسرائيلية مستقلة تؤدي في النهاية إلى واقع تقوم فيه دولتان من دون أية مجازفة أمنية، وسوف تحظى مثل هذه العملية بتأييد غالبية الجمهور الإسرائيلي، إضافة إلى تشجيع ومساعدة من المجتمع الدولي.

وفي رأيه فإنه في إطار هكذا سياسة، ستتمكن حكومة إسرائيل من الإعلان منذ الآن عن مواصلة البناء في كتل المستوطنات الواقعة غربي جدار الفصل وفي الأحياء اليهودية في القدس (الشرقية)، على أن يتوقف البناء كليا إلى الشرق من الجدار وفي الأحياء العربية في القدس. ويخاطب القانون (المقترح) ثلاث فئات، أولها جمهور المستوطنين في الضفة الغربية، والذين سيوجه إليهم القانون عدة رسائل أهمها:

· لن تكون هناك سيادة إسرائيلية إلى الشرق من جدار الفصل.

· نحن ندعوكم للعودة إلى داخل إسرائيل، فمهمتكم انتهت.

· لستم رهائن في أيدي متطرفين- من الجانبين- يقودون إلى مستقبل تقوم فيه دولة واحدة.

· لقد تعلمنا من أخطاء الماضي، فلن نفرض إخلاء من دون تسوية سياسية، كما أننا لن نفرض جدولا زمنيا ملزما مدته ستة أشهر لجلاء عائلات المستوطنين كما حصل في الانفصال عن قطاع غزة بل سيكون كل شيء بالاتفاق.

· نقر بأهمية مهمتكم ورسالتكم حتى الآن، فبفضلكم اعترفت الدول العربية بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي.

ووفقا لاستطلاعات حديثة، ثمة بين المستوطنين القاطنين شرقي الجدار نسبة تتراوح بين 20% و30% توافق حاليا على حزم أمتعتها والعودة إلى داخل حدود الخط الأخضر والإجماع الصهيوني، مقابل تعويضات مالية.

والفئة الثانية هي الجمهور الفلسطيني الذي نوجه إليه رسالة من المصداقية والاستعداد للحوار إلى جانب التأكيد على أن تسوية تقوم على دولة واحدة للإسرائيليين والفلسطينيين ليست خيارا، وتأكيدا على ذلك ستعيد إسرائيل فعليا مستوطنين بدلا من إرسالهم للاستيطان شرقا. هذه الرسالة ما زالت مفقودة حتى الآن في مصداقية تصريحاتنا، حتى في فترة أوسلو.

كذلك فإننا ندعو الفلسطينيين للتحدث والحوار، لكننا لا نرهن بذلك جهودنا والتحكم بمصيرنا: فإذا أتيتم للحوار فسوف تمر الحدود على مسار متفق عليه. وإن لم تأتوا فإن العالم سيعترف بعد 40 سنة من الوقائع التي ستنشأ على الأرض، بجدار الفصل الأمني كحدود شرقية لإسرائيل، مثلما انتقل العالم من قرار التقسيم من العام 1947 إلى الاعتراف بخطوط العام 1967.

الجمهور الثالث هو المجتمع الدولي والدول العربية المعتدلة. فسوف يبين القانون أن إسرائيل مسؤولة عن مستقبلها، وأنها تخلق على الأرض واقعا يقوم على دولتين لشعبين بموجب قرارات الأمم المتحدة.

وختم: على حكومة إسرائيل أن تتخذ قرارا بانتهاج سياسة من الوضوح، وأن تقودنا إلى مستقبل يمكن دولة الأمة اليهودية من البقاء والديمومة. إن من شأن قانون يقوم على المبادئ والمحددات المذكورة أعلاه أن يشكل بداية لطريق صحيح غير مرهون بالآخرين.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات