المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

نشرت وزراة الداخلية الاسرائيلية، (الأربعاء 2/4) قائمة بالسلطات المحلية المرشحة للدمج. وتشمل القائمة حوالي 150 سلطة محلية من أصل 266 - من بينها مدن، وقرى ريفية وعشرات السلطات المحلية العربية - التي دُمجت في سبعة أقسام، بحسب المناطق الجغرافية.وتشكل خطة الدمج فصلاً من الخطة الاقتصادية الجديدة، وتستلزم خطوات تشريعية. وهذا مطلوب، من ضمن الاعتبارات، لزيادة إمكانيات تنفيذها.

وأعلن وزير الداخلية، أفرهام بوراز، (الاربعاء 2/4)، أن الخطة ستُقدم للقراءة الأولى في الكنيست في الأسبوع القادم.

ومن بين عمليات الدمج الأبرز في اسرائيل: كريات أونو، سفيون، "غاني يهودا"، "غاني تكفاه" و"نفيه مونسون" ستُوحد كلها في مدينة واحدة. وستُدمج أيضًا هرتسليا و"جليل يام" ومدينة أخرى ستؤلف من "رمات غان"، "رمات إفعال" و"كفار أيزر".

وفي منطقة الشمال ستُدمج عشرات السلطات – غالبيتها عربية - إلى 32 سلطة محلية جديدة. وقد أعدّت قائمة السلطات المعدة للدمج في الأيام الأخيرة في نقاشات مستعجلة في وزارة الداخلية. وأعلن بوراز أنه ستُمنح لكل سلطة مرشحة للدمج – ولسكانها - الفرصة للاستئناف، عن طريق لجان خاصة ستُقام لهذا الشأن.

والتقدير هو أن العشرات من الاستئنافات ستُقدم، وأن النزاع سيصل أيضًا إلى الجهاز القضائي.

ويطلبون في الحكومة إتمام الخطوات التشريعية في أقصر وقت ممكن، من أجل إجراء إنتخابات للسلطات الجديدة في موعد الانتخابات البلدية القريبة، في نهاية أكتوبر 2003. لكن التقدير هو أنه لن يكون من الممكن إتمام هذه الخطوات في الوقت المضروب، ولذلك فستكون حاجة لتأجيل موعد هذه الانتخابات لعدة شهور على الأقل.

وبعد وقت قليل من نشر القائمة، وُجه إليها إنتقاد شديد من عدد من السلطات المحلية المرشحة للدمج. وأعلن رؤساء هذه السلطات أنهم سيواجهون هذه الخطة بلا هوادة، التي أعدت بحسب ادعاءاتهم من دون تفكير وتفوح منها رائحة الضغوطات السياسية.

واحد من المنتقدين الأشداء هو يتسحاق بوخوبازا، رئيس بلدية "أور يهودا"، التي من المتوقع، بحسب الخطة، أن تُدمج مع "رمات بنكاس". وبحسب إدعاءاته، فإن عملية الدمج المنطقية لـ "أور يهودا" هي بالذات مع "نفيه مونسون"، وهي في الواقع "جزيرة" داخل مدينته. وتفاجأ بوخوبازا عندما علم بأن "نفيه مونسون" ستُدمج مع "سفيون"، و"كريات أونو" و"غاني تكفاه"، المعدودة كسلطات غنية إقتصاديًا. وبحسب أقواله، "فإن هذا الدمج يفوح بالضغوطات الاقتصادية. دمج سلطات قوية مع قوية هو أمر غير محتمل".

وبحسب إدعاء بوخوبازا، فإن دراسة الخطة تدل على أنها لم تُحضر بدافع من تفكير مهني خالص. هكذا، مثلا، عدًد غياب "كفار شمرياهو" عن الخطة، التي كانت مرشحة للدمج مع هرتسليا، كإثبات آخر على أنه "يبدو أن أحدًا ما شغل ضغوطاته".

كما أن جهات مهنية كانت شريكة في تحضير القائمة ذكرت أن ضغوطًا شُغّلت في الأيام الأخيرة أدت إلى إدخال تغييرات غير قليلة في اللحظة الأخيرة، على خارطة الدمج. مثلا، تقرر ألا يُدمج بين "مفسيرت تسيون" والقدس، أو بين "غفعتايم" و"رمات غان".

وهناك معرضات أخريات للخطة، وهي السلطات المحلية الصغيرة، مثل "كتسير حريش"، "منحميا" و"كنيرت". وقال دوبي سندروف، رئيس مجلس "كتسير - حريش"، ورئيس منتدى رؤساء السلطات الصغيرة، إن الخطة تشهد على قلة الفهم الأساسي في الجغرافيا والديمغرافيا وبأهداف الحكم المحلي في إسرائيل.

وبحسب أقواله، إذا تحققت الخطة فإنها ستؤدي إلى ضرر عظيم لسكان السلطات الصغيرة في كل ما يتعلق بخدمات الرفاه، التربية والثقافة. ومن المتوقع أن تندمج "كتسير- حريش" مع المجلسين الاقليميين، "ألونا" و"منشيه".

وقال أوري نعماتي، رئيس مجلس "إشكول" الاقليمي، الذي من المفترض أن يندمج مع المجلسين الاقليميين "بني شمعون" و"مرحافيم"، إنه لن يكون من الممكن أن يقدر المجالس الثالثة على توفير مستوى ملائم من الخدمات للسكان، لأنها تجمع حوالي مئة بلدة موزعة على مساحة كبيرة.

منذ العام 1997 يحاولون تطبيق الدمج، من دون نجاح

الفكرة التي تتمركز خطة دمج السلطات المحلية الاسرائيلية ليست بجديدة، وكانت عُرضت في السنوات الأخيرة، في صيغ مختلفة، من قبل وزارتي المالية والداخلية، كوسيلة ضرورية للتوفير وتنجيع الأجهزة البلدية. وقد اصطدمت الفكرة دائمًا بمعارضة قوية، خاصةً من جانب السلطات، التي شغّلت ضغوطات سياسية لعرقلتها.

في تشرين الأول 1997 أوصت لجنة برئاسة بروفيسور أرييه شاحر بإجراء إصلاحات في مبنى الحكم المحلي، هدفها الأساسي دمج السلطات وإلغاء سلطات محلية تقل عن 3000 شخص. وعرض تقرير "شاحر" التشويهات التنظيمية التي في صلب العدد المبالغ به للسلطات (266)، هذا التشويه الذي يزيد من تكلفة الخدمات المقدمة للسكان. وتبنى وزير الداخلية آنذاك، إلياهو سويسا، القرارات وحتى أنه حاول أن يبدأ في تنفيذها - من دون نجاح.

وقد إختير نموذج دمج البلدتين الصغيرتين، "كوخاف يئير" و"تسور يغآل". وقد وصلت النزاعات إلى محكمة العدل العليا. ومن بين الادعاءات، ادعت "كوخاف يئير" أن سكانها إستثمروا عشرات الملايين من الشيكلات من جيوبهم الخاصة في إقامة مبانٍ جماهيرية وشعبية. كما قدمت "تسور يغآل" دعوى ضدية. في حزيران 2001 أعطت "العليا" ضوءًا أخضرَ لوزارة الداخلية لدمج البلدتين، ولكن من وقتها لم تتم أية خطوات حقيقية في الموضوع.

في أيلول 2000 عيّن وزير الداخلية، نتان شرانسكي، لجنة مختصين لبلورة خطة دمج جديدة. ولكن اللجنة لم تكمل عملها. في تموز 2002 عرضت وزارة المالية خطة لإلغاء 28 سلطة محلية صغيرة. وقد صودق على الخطة في الحكومة في أيلول في نفس السنة، ولكنها "تبخرت" هي أيضًا.

ومن المتوقع هذه المرة أيضًا أن تصطدم الخطة بمعارضة من جانب رؤساء السلطات الصغيرة، المرشحات الأوائل للدمج. وبحسب هذه السلطات، فإن الدمج مضلل، ولن يؤدي إلى التوفير وسيمس بالنسيج الاجتماعي والتاريخي الخاص في السلطات المحلية الصغيرة.

وفي التوضيحات للخطة الجديدة ورد أن حوالي 140 سلطة محلية من أصل 266 يقل تعداد سكانها عن 10000 نسمة، وأن 66 منها يقل تعداد سكانها عن 5000 نسمة، مما يؤدي إلى تبذير الموارد، وقلة النجاعة، وإعاقات في توفير الخدمات الملائمة للسكان. ويُقدّر التوفير في أعقاب الدمج المتوقع بحوالي 1.5- 2 مليار شيكل في السنة، في السنوات القادمة. وفي ضوء تجربة الماضي، تقرر هذه المرة تطبيق الدمج عن طريق التشريع. هذا إنطلاقًا من الأمل في أن يمنع التشريع إلغاءً آخر للفكرة.

المصطلحات المستخدمة:

الكنيست, هرتسليا

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات